الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
النقد عند اليونان
المؤلف:
د. عبد الرسول الغفاري
المصدر:
النقد الأدبي بين النظرية والتطبيق
الجزء والصفحة:
ص:145-147
22-3-2018
22060
ظهرت بوادر النقد عند أقوام سبقت العرب بمئات السنين، منهم اليونان والرومان، وقد تأثر العرب بنتاجهم كما أنهم ترجموا كتابي ارسطو في الشعر والخطابة.
أما متى ظهر النقد عند اليونان، فذلك ما يذكره مؤرخو النقد، اذ نقلوا لنا عبر كتاباتهم ان اول بادرة كانت هي عند ((هوميروس)) حيث ابدى ملاحظته النقدية على الالياذة، وبشكل عفوي، اي لم يكن في قرارة نفسه ان يكون ناقداً محترفاً أو ان يؤسس فناً جديداً... إلّا أن المؤرخين من النقاد جعلوا تلك الملاحظة اول بادرة للانسان في هذا الفن.
اما الفترة الزمنية لنشوء النقد اليوناني فليست محدّدة، بل على وجه التقريب كانت بين القرن الحادي عشر والقرن السابع قبل الميلاد، وقد نضج النقد العلمي في القرن الخامس قبل الميلاد على أثر تطور الحياة الأدبية والفنّية والعلمية عند اليونان، بل بعدما تكاملت عندهم النظريات السياسية وظهور المسرحية.
تعلقت نظرتهم الى الحياة والمجتمع من خلال الديمقراطية التي سادت قروناً عديدة، حتى مجيء سقراط وظهور فلسفته والذي يعد مؤسس الفلسفة اليونانية.
لم يقتصر النقد اليوناني على اشعار هوميروس بل تناول اشعار هزيود ونتاجات ادبية اخرى لشعراء وكتّاب وفنّانين، ثم لنضوج الفلسفة وانتشار الفكر الالحادي ورواج الاساليب الادبية والبلاغية وتعلّمها، دفع بالنقد الأدبي الى الأمام. فالكاتب المسرحي اليوناني (ارسطو فان) سجّل عدّة ملاحظات نقدية مهمة تسعى لتطوير المسرح لذا كتب مسرحيته (الضفادع) منتقداً فيها كلّاً من الكاتب المأساوي (آسخيلوس) و (يوربيدس).
وقد تكلّم ارسطوفان بوجوب اختيار الموضوعات ذات العواطف السامية في المأساة والتعبير عنها باسلوب راق براق.
ثم يصوّر كاتب المسرحية الجدال العنيف الذي دار بين ((يوربيدس)) الكاتب المسرحي "واَسخيلوس " حول ميزان المأساة الجيدة، بل يحكي عنهما فيسجل ما قالوه من احكام نقدية بحق المسرحية، وكيف ينبغي أن تكون، غير ان تلك الأحكام انما هي تمثل في الحقيقة راي ((ارسطوفان)) في نقد كل من الكاتبين بل انها تمثّل وجهة نظر المجتمع أنذاك.
انظر الى هذا المقطع من الحوار الذي يصوغه ارسطو فان على لسان
)) آسخيلوس)) و((يوربيدس)).
آسخيلوس يوجه سؤاله الى يوربيدس:
ارجوك اخبرني: اي الاسس يحق للشاعر ان يطالب بها ليحكم عليه بها؟
فيجيب يوربيدس بعد مقاطع:
(ان يكون ادبه واقعياً ورأيه صائباً، وان يساعد الامة وأن يجعل الناس أحسن مما هم عليه بطريقة ما).
إلا انك ترى ارسطو فان يسخر من يوربيدس لأنه كان متمرّداً على الدين والاخلاق وطالب باطلاق الحرية ساعياً لترويج التيار الحديث واشتراك المرأة كعنصر فعّال في المسرح، ويحكي ارسطو فان بسخرية عن لسان حال يوربيدس فيقول: (اني اضع على المسرح الاشياء التي تنبع من الحياة والمشاغل الاَنيّة).
وفي مقطع آخر من المسرحية يقول عن لسانه:
((دعونا نستعمل لغة الناس)).
هكذا يسخر ارسطو فان من يوربيدس، وهذا في الحقيقة رأي نقدي مارسه بعد استعراض بعض اساليب أدباء اليونان وشعرائهم.
اما افلاطون فقد اهتم كثيراً بالأدب وجعله ظاهرة ثقافية للمجتمع وتحدّث في كتابه "الجمهورية" عن الشعر وانتقص منه لأنه يخلق عدم الثبات ويلوّث القلب ويبعده عن الفضيلة ويزداد الانسان به تسافلاً ورعونة لهذا فهو لا يقبل الشعراء ويرفضهم في جمهوريته، وإذا كان لابدّ منهم، فعليه ان يكون الشاعر ذا التزام واستقامة، اضافة إلى هذا يقول إنَّ الادب لابدّ ان يساير الحياة الدينية، وعلى الشاعر ان ينظم في الأغاني الوطنية ومدح الاَلهة وتمجيد عظماء الرجال.
واظهر افلاطون احكامه النقدية القاسية على الشعر من خلال حديثه
في المحاكاة، بل تطاول حتى شمل حديثه الادب والفن، ونظريته في المحاكاة الفنية قائمة على ان كل ما يقدمه الاديب أو الفنان أو الشاعر المأساوي انما هو محاكاة للشكل في الطبيعة والصورة الأولى.
لقد اصبحت نظريات افلاطون النقدية فيما بعد محل نقاش لما فيها من تعسّف وتزمت ممّا خلق تياراً مضاداً له، حتى انتهى الأمر بظهور ارسطو 383- 322 ق- م إذْ بدأ النقد الموضوعي الذي قوامه الاستقراء والتجرّد عن النزعات الذاتية، وقد اهتم ارسطو كثيراً بالشعر حتى افرد له كتاباً وخصّ الحديث به عن المأساة والملهاة، وبحث عن جذور الفن المسرحي وتطرّق الى خصائصه ودوره في المجتمع واثره في تطور الثقافة وخلق جيلا يتذوّق الفن وختم حديثه- في كتابه الشعر- عن الملحمة الشعرية، اذ سجّل هنا جملة من الملاحظات النقدية التي تمثّل عهداً جديداً، وتياراً مناهضاً لتيار افلاطون السابق.
أما الحديث عن النقد عند الرومان، فيكاد يكون حاكياً لنظريات اليونان ومقتفياً لأثرهم، لذا لم توجد لهم نظريات مستقلة بحيث تستحق الذكر، كما ان العرب لم يتأثروا بهم، لذا لا طائل من الحديث عن اثر الرومان في الأدب والنقد.
الاكثر قراءة في النقد القديم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
