أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-9-2017
1055
التاريخ: 22-9-2017
1019
التاريخ: 20-3-2018
1207
التاريخ: 20-3-2018
2671
|
القضاء على ثورة الخُرَّمية (201هـ ـ222هـ)
تمثلت قضية المعتصم الأولى في وضع نهاية لثورة بابك الخُرَّمي مهما ترتب على ذلك من تضحيات. وقد ازدادت هذه الثورة خطورة في نفس العام الذي تولي فيه المعتصم وذلك
بانضمام عدد كبير إِليها من همذان وأصبهان وما حولهما من مدن حيث أصبحوا يمثلون تهديدًا حقيقًا للخلافة (1). تجمع هؤلاء المارقين، وكوَّنوا لأنفسهم مذهبًا تعصبوا له ودافعوا عنه بقوة السلاح، وزعيم هو بابَك الخُرَّمي.
تسمي هذه الطائفة(الخُرَّمية) إلى مدينة بفارس اسمها(خُرَّمة) وقد تسمي (الحُرَّمية) بالحاء المهملة لأنها تحرِّم القتل والغصب والحروب الممُثْلةَ (التنكيل والتعذيب)، وهذه الطائفة وجُدت قبل بابك بزمن طويل فهي امتداد لأفكار مزدك، وكانت بتقول بالتناسخ، وتغري باللذات والانعكاف على الشهوات والاختلاط والمشاركة في الحُرَم والأهل، ولكنها - كما سبق - تحرم القتل والحروب والمثلة، وفي عهد بابَك أحلَّ هذا ما حرمته الحرمية، فأضاف إِلى القول بالتناسخ والإغراء بالذات... القتل والغصب والمثلة، ولذلك غلبت النسبة لهذه الطائفة بالخاء المعجمة لا بالحاء المهملة إذ لم يعد للتحريم مجال. وقد انتهز بابَك المشكلات التي سبقت عهد المأمون وعاصرت سنيه الأولى فظهر سنة 201هـ في أذربيجان وقوي أمره وعز جانبه حتى أوشك أن يعزل المقاطعات الفارسية عن العرب (2).
استعد المعتصم استعدادًا كبيرًا للقضاء على هذا الثائر العنيد، فوجه المعتصم للخُرَّمية عدة جيوش كان آخرها جيشًا بقيادة (إسحاق بن إبراهيم بن مصعب) فكانت له معهم ملحمة عظيمة في أواخر سنة 218هـ، سقط خلالها من الخُرَّمية ستون ألفًا كما يذكر الطبري، وهرب منهم عدد كبير إلى الروم. عين المعتصم (حيدر بن كابوس المعروف بالأفشين) لقب لملوك أشروسنة، القائد التركي للعمليات ضد بابك في سنة 220هـ، فأستطاع أن يُنْزِل ببابَك الهزيمة الأخيرة سنة 221هـــ، وقد خاض الأفشين ضد بابك معارك ظافرة، ثم كانت المعركة النهائية معه في شهر رمضان سنة 222هــ (837م) حيث أنزل به هزيمة ساحقة وفرَّق جمعه واستولي على مدينته التي تسمي" البذ" (3).
وهرب بابك بعد هذه الموقعة الفاصلة إلى بلاد الروم عن طريق أرمينيا، ولكنه وقع في قبضة أحد بطارقة أرمينيا المتعاونين مع الخلافة، واسمه (سهل بن سنباط) حيث سلمه للأفشين، فتوجه به الأفشين إلى المعتصم وهو بمدينة" سَامَرَّا" الذي كان قد أنشأها حديثًا واتخذها عاصمة له، ودخل الأفشين ومعه بابَك وبعض آل بيته أسري مُكبَّلون مدينة سامرا في صفر سنة 223هــ(838م).
وأمر المعتصم بقطع يدي بابَك ورجليه، ثم قتله وصلبه بسامراء، وقتل أخيه عبد الله وصلب ببغداد، وقد أخذت المدينة زخرفها وازَّينت ابتهاجًا بالانتصار على بابَك، وكان يومًا لم ير الناس مثله ولا مثل تلك الزينة) (4).
فما كان من المعتصم إلا أن أعْلي منزلة الأفشين وألبسه وشاحين بالجوهر ووصله بعشرين مليون درهم وولاه السند وأدخل عليه الشعراء يمدحونه (5).
ولا شك أن القضاء على بابَك يُعد أعظم إنجاز للمعتصم في خلافته، بل من أعظم الإنجازات العباسية؛ فقد أشرف بابَك" على إزالة ملك وقلب ملة وتبديلها، فقد قضي عليه بعد جهاد استمر أكثر من عشرين عامًا (6).
____________
(1) معجم البلدان، ياقوت الحموي، أصبهان: مدينة مشهورة وهي اسم مركب من (الأصب، هان) وتعني بلاد الفرسان، وهي اسم للإقليم بأسره، م 1 حرف الهمزة ص 206، همذان: سميت بهمذان بن الفلّوج ابن سام بن نوح، والبعض قال معناها المحبوبة، فاتح همذان المغيرة بن شعبة في سنة 24 من الهجرة، م 5 حرف الهاء ص 409، وتاريخ الدولة العباسية، الدكتورة نبيلة حسن محمد، ص 224، الفهرست، ابن النديم (ت 380هـ)، ص 529.
(2) تاريخ الشعوب الإسلامية، كارل بروكلمان ج 2 ص 35، والمختصر لأخبار البشر لعماد الدين إسماعيل أبي الفدا صاحب حماه، ص 34، العصر العباسي الأول، عبد المنعم ماجد، ص 401، الدولة العباسية (من التخلي عن سياسيات الفتح إلى السقوط)، د/ نادية محمود مصطفى، ص32.
(3) ياقوت الحموي، معجم البلدان: بذ بتشديد الذال المعجمة كورة بين أذربيجان وأرَّان بها كان مخرج بابَك الخُرَّمي في أيام المعتصم "جـــ 1 ص 429، والأخبار الطوال للدينوري تحقيق عبد المنعم عامر، مراجعة الدكتور جمال الدين الشيال، ص 405، مرآة الجنان وعبرة اليقظان، للإمام أبي محمد عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعي، ج2ص 60.
(4) تاريخ الطبري، ج 8، ص 52ـ55، وعصر المأمون، أحمد فريد رفاعي، ص821.
(5) الخلافة العباسية قيامها وازدهارها وعوامل انهيارها، د/عبد الرحمن سالم، ص150.
(6) العباسيون الأقوياء، محمد إلهامي، ج1، وذكر أيضًا تاريخ مختصر الدول، للعلامة غريغوريوس أبي الفرج بن اهرون الطبيب الملطي المعروف بابن العبري، صححه الأب أنطون صالحاني اليسوعي، ص139، والدولة العربية الإسلامية، د/محمد جمال الدين سرور، ص299.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|