أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-5-2017
20798
التاريخ: 2023-08-21
1524
التاريخ: 2023-05-27
1409
التاريخ: 9-1-2021
4054
|
إن العدالة لا يضيرها إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الإعتداء على حريات الناس وإلقاء القبض عليهم بغير وجه حق (1) ، ولهذا السبب فقد حرصت معظم الدول على تنظيم هذا الإجراء الخطير في دساتيرها فالمادة ( 11 ) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003 نصت على أن " الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مكفولة لا تمس "، كما نصت الفقرة الثانية من هذه المادة على أنه " لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر قضائي وفقًا لأحكام القانون ، ويحدد القانون مدة الحبس الإحتياطي، ولا يجوز الحجز أو الحبس في غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون" (2) كما نصت المادة ( 13 ) من نفس القانون على أنه " لا يجوز إخضاع أحد لأي إكراه أو تعذيب، ويعامل سائر المتهمون وسائر المحرومون من حرياتهم معاملة لائقة ". ويرى الباحث أن القانون الأساسي الفلسطيني يعتبر بحق حاميًا لحقوق وحريات الأفراد، حيث أحاط هذا القانون إجراء القبض بالكثير من الضمانات التي تكفل تطبيقه على النحو السليم بدون أي إعتداء على الحرية الشخصية، كما يرى الباحث أن هذا القانون جاء منسجمًا في تنظيمه لإجراء القبض مع ما نصت عليه الإعلانات والمواثيق الإقليمية والدولية التي تحمي حقوق الإنسان. وإذا كان القبض يثير صراعًا بين إحترام الحرية الفردية وبين حماية المجتمع وحق الدولة في العقاب، فإحترام الحرية الفردية يتطلب عدم جواز القبض على المتهم قبل أن يصدر حكم بات بإدانته، غير أن عدم القبض على المتهم الذي تدور حوله الشبهات وتتوافر دلائل كافية على إتهامه بجريمة معينة، يتناقض مع مقتضيات حماية المجتمع، وذلك أن الجريمة حدث خطير يزلزل أركان المجتمع ويثير الخوف بين أفراده، ولذلك تدخل المشرع لإيجاد نوع من التوازن بين مقتضيات إحترام الحرية الفردية وبين المحافظة على أمن المجتمع عن طريق إحاطة القبض . بعدة ضمانات من شأنها التخفيف من آثاره السلبية على الحرية الشخصية (3) وتتمثل هذه الضمانات في:
• الجهة التي تملك سلطة القبض.
• الأحوال التي يجوز فيها القبض.
• حق الفرد في أن يعلم بأسباب القبض عليه.
• الإستماع إلى أقوال المقبوض عليه.
1 – الجهة التي تملك سلطة القبض
إن تحديد المشرع للجهة التي تملك سلطة القبض يعتبر من أهم ضمانات المتهم ، فالمشرع الفلسطيني في قانون الإجراءات الجزائية أوجب إتخاذ هذا الأمر بمعرفة النيابة العامة أو بأمر منها، وإستثناءً من ذلك أجاز المشرع لعضو الضابطة القضائية سلطة الأمر بالقبض على المتهم في حالات محددة على سبيل الحصر (4) فالنيابة العامة هي صاحبة الإختصاص الأصيل بإصدار أوامر القبض بإعتبار أن القبض هو من إجراءات التحقيق وهذا ما نص عليه قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني(5)
2- تحديد الأحوال التي يجوز فيها القبض
تتمثل هذه الأحوال: في التلبس (الجرم المشهود)، وأثناء التحقيق الإبتدائي.
أ- القبض في حالة التلبس (الجرم المشهود)
وفقًا لنصوص قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني فإنه يجوز القبض في أحوال التلبس بالجنايات أو الجنح المعاقب عليها بالحبس لمدة تزيد على ستة أشهر إذا كان المتهم حاضرًا، أما إذا لم يكن حاضرًا فيجوز لمأمور الضبط القضائي أن يصدر أمرًا بالقبض عليه وإحضاره (6) وقد بين المشرع الفلسطيني في قانون الإجراءات الجزائية صور التلبس وهي على النحو التالي (7)
• في حالة إرتكاب الجريمة أو عقب إرتكابها ببرهة وجيزة.
• إذا تبع المجني عليه فاعلها أو تبعته العامة بالصياح أو الصخب إثر وقوعها.
• إذا وجد فاعلها بعد وقوعها بوقت قريب حاملا آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقا أو أشياء أخرى يستدل منها على أنه فاعلها أو شريك فيها، أو إذا وجدت به في هذا الوقت أثار أو علامات تفيد ذلك.
ب - حالات القبض أثناء التحقيق الإبتدائي
طبقًا لنصوص قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني يجوز للمحقق أن يصدر أمرا بالقبض في الحالات التالية:
• إذا لم يحضر المتهم بعد تكليفه بالحضور دون عذر مشروع (8)
• إذا لم يكن له محل إقامة ثابت أو معروف في فلسطين (9)
وفي هذه الحالة الأخيرة فإنه يشترط عدم وجود مكان إقامة ثابت ومعروف للمتهم في فلسطين فإذا كان للمتهم مكان ثابت ومعروف وأصدر المحقق أمرًا بالقبض على المتهم فإن الأمر يعد باطلا بطلانًا مطلقًا وهذا ما قضت به محكمة النقض الفرنسية ، حيث قالت هذه المحكمة " إذا أصدر قاضي التحقيق أمرًا بالقبض على متهم له محل إقامة ثابت ومعروف في فرنسا، فإنه يعد أمرًا باطلا بطلانًا مطلقًا" (10)
3 – حق الفرد في أن يعلم بأسباب القبض عليه
لقد كفل القانون الأساسي الفلسطيني لكل من يقبض عليه أو يوقف، الحق بأن يبلغ بأسباب القبض عليه (11)، فهذا القانون جاء منسجمًا مع ما نصت عليه التشريعات الدولية وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تضمنت هذا الحق (12) على الرغم من أن مشرعنا الفلسطيني في قانون الإجراءات الجزائية لم ينص على هذا الحق صراحة، إلا أنه يمكن فهمه ضمنًا من نص المادة ( 110 ) التي إشترطت أن تتضمن مذكرة . القبض الجريمة المتهم بها الشخص المطلوب القبض عليه (13) ومن التشريعات العربية التي تضمنت هذا الحق، قانون الإجراءات الجنائية المصري ، الذي نص في المادة ( 139 ) منه على أن " يبلغ فورًا كل من يقبض عليه أو يحبس إحتياطيًا بأسباب القبض عليه أو حبسه، ويكون له الحق بالإتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع، والإستعانة بمحاٍم، ويجب إعلامه على وجه السرعة بالتهم الموجهة إليه " (14). ويرى الباحث أن المشرع المصري كان أكثر توفيقًا من مشرعنا الفلسطيني عندما نص على هذا الحق صراحة .
4- الإستماع إلى أقوال المقبوض عليه
القبض إجراء مؤقت قصير المدى، لأنه إن طالت مدته يفتح الباب للتسلط والإعتداء على الحرية الشخصية (15) ، وتطبيقًا لذلك نصت المادة ( 34 ) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني على أنه " يجب على مأمور الضبط القضائي أن يسمع فورًا أقوال المقبوض عليه فإذا لم يأت بمرر إطلاق سراحه يرسله خلال أربع وعشرين ساعة إلى وكيل النيابة المختص ". فالمشرع الفلسطيني فرض على مأمور الضبط القضائي الإستماع إلى أقوال المتهم حالا، فإذا لم يأت بما يثبت براءته، يجب عليه في هذه الحالة إرساله إلى النيابة العامة في مدة أربع وعشرين ساعة (16) كما أوجب المشرع الأردني في قانون أصول المحاكمات الجزائية على مأمور الضبط القضائي أن يسمع حالا أقوال المتهم، فإذا إتضح من أقوال المتهم أنه بريء يجب في هذه الحالة على المأمور أن يطلق سراحه، وإلا عليه إرساله إلى النيابة العامة خلال ثمان وأربعين ساعة من لحظة إلقاء القبض عليه (17) أن ما منحته هذه التشريعات لمأمور الضبط القضائي هو مجرد سماع أقوال المقبوض عليه فقط دون إستجوابه، وذلك على إعتبار أن الإستجواب هو أحد إجراءات التحقيق ويتم بمعرفة سلطة التحقيق، ويقصد بسماع الأقوال، سؤال المقبوض عليه عن التهمة المسند ة إليه وإجابته عنها دون مناقشة تفصيلية في أدلة الإتهام (18) ويرى الباحث أن هذه التشريعات كانت موفقة في تنظيمها لإجراء القبض، ووضعت لهذا الإجراء العديد من الضمانات التي تكفل تطبيقه بشكل قانوني دون أي إعتداء على الحريات الفردية.
_____________
1- صوان، مهند عارف عوده: القبض في التشريع الجزائي الفلسطيني (دراسة مقارنة)، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة النجاح الوطنية. نابلس. فلسطين، 2007 ، ص 51
2- وقد نصت على هذا الحق أيضًا المادة ( 41 ) من دستور جمهورية مصر العربية الصادر عام، 1971 ، حيث جاء فيها " الجريمة الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقًا لأحكام القانون"، انظر الدكتور طارق محمد الديراوي، ضمانات وحقوق المتهم في قانون الإجراءات الجنائية (دراسة مقارنة )، دن، دم، ط 2005 ، ص 95
3- سعيد، رفاعي سيد: ضمانات المشتكى عليه في التحقيق الابتدائي (دراسة مقارنة)، منشورات، ال البيت، عمان، ط 1، 1997ص 190
4- تنص المادة ( 30 ) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني على " لمأمور الضبط القضائي أن يقبض بلا مذكرة على أي شخص حاضر توجد دلائل على إتهامه في الأحوال التالية:
1. حالة التلبس في الجنايات أو الجنح التي تستوجب عقوبة الحبس مدة تزيد على ستة أشهر.
2. إذا عارض مأمور الضبط القضائي أثناء قيامه بواجبات وظيفته أو كان موقوفًا بوجه مشروع أو فر أو حاول الفرار من مكان التوقيف.
3. إذا إرتكب جرمًا او اتهم امامه بإرتكاب جريمة، ورفض إعطاءه أسمه أو عنوانه، أو لم يكن له مكان سكن معروف أو ثابت في فلسطين. "
5- نص المادة( 31/ 2) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني.
6- نص المادة ( 30 ) والمادة ( 31/1) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني.
7- انظر نص المادة ( 26 ) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني
8- تنص المادة ( 106/2) إذا لم يحضر المتهم وخشي فراره، جاز لوكيل النيابة أن يصدر بحقه مذكرة إحضار ".
9- تنص المادة ( 117/1/ب) ....." أنه إرتكب جنحة وليس له محل إقامة معروف أو ثابت في فلسطين ".
10- الغريب، محمد عيد: شرح قانون الإجراءات الجنائيه (الدعوى الجنائية – الدعوى المدنية التبعية – الاستدلال والتحقيق الابتدائي)، الجزء الاول، دن، جامعة المنصور ة، ط 2 ،1997 ، هامش رقم ( 1)، ص 844
11- تنص المادة( 12 )من القانون الأساسي الفلسطيني على أن "يبلغ كل من يقبض عليه أو يوقف بأسباب القبض عليه أو إيقافه ويجب إعلامه سريعًا بلغة يفهمها بالإتهام الموجه إليه، وأن يمكن من الإتصال بمحام ، وأن يقدم للمحاكمة دون تأخير".
12- نصت الفقرة الثانية من المادة التاسعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن " لكل شخص الحق بأن يعلم أسباب القبض عليه عند إجراء القبض، وله الحق في أن يعلم التهمة المسنودة إليه بالسرعة الممكنة "، أنظر في ذلك، د. السيد أبوالخير، مرجع سابق، النص الكامل للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ص 65
13- تنص المادة ( 110 ) من قانون الإجراءات الجزائية الفلسطيني على أن " توقع مذكرات الحضور والإحضار والتوقيف من الجهة المختصة قانونيًا بذلك وتختم بختمها الرسمي وتشمل ما يلي:
• إسم المتهم المطلوب إحضاره وأوصافه وشهرته.
• الجريمة المتهم بها ومادة الإتهام.
• عنوانه كاملا ومدة التوقيف إن وجد.
14- انظر في ذلك: السعيد، كامل: شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية (دراسة تحليلية مقارنة في القوانين الأردنيه والمصريه والسوريه وغيرها)، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2008، ص 499 ، وكذلك: محمد عيد الغريب، مرجع سابق، ص 8878
15- الديراوي، طارق محمد: ضمانات وحقوق المتهم في قانون الإ جراءات الجنائي ة(دراسة مقارنة)، دن، طبعة، 2005، ص 100
16- جاء المشرع المصري بنص مماثل فنص في المادة ( 36 ) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه " يجب على مأمور الضبط القضائي أن يسمع فورًا أقوال المتهم المضبوط وإذا لم يأت بما يبرئه، يرسله في مدة أربع وعشرين ساعة إلى النيابة العامة المختصة "، أنظر كذلك د. رفاعي سيد سعد، مرجع سابق هامش ( 2)، ص 208 ، وكذلك د. سلامة، مأمون محمد: الإجراءات الجنائية في التشريع المصري، دار الفكر العربي، القاهرة، دط، 1988 ، ص 646
17- انظر نص المادة ( 100 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني.
18- انظر د. رفاعي سيد سعيد، مرجع سابق، ص 209-210وكذلك: طارق محمد الديرواي، مرجع سابق، ص 101
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|