المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



لا يعرف موضعها الا نبي أوصي نبي  
  
3559   02:00 مساءً   التاريخ: 7-01-2015
المؤلف : ابي الحسن علي بن عيسى الأربلي
الكتاب أو المصدر : كشف الغمة في معرفة الائمة
الجزء والصفحة : ج1,ص490-493.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / التراث العلوي الشريف /

 لما توجه (عليه السلام) إلى صفين و احتاج أصحابه إلى الماء فالتمسوه يمينا و شمالا فلم يجدوه فعدل بهم أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الجادة قليلا فلاح لهم دير في البرية فسار و سأل من فيه عن الماء فقال بيننا و بين الماء فرسخان وما هنا منه شيء.

وإنما يجلب لي من بعد و أستعمله على التقتير و لو لا ذلك لمت عطشانا .

فقال أمير المؤمنين اسمعوا ما يقول الراهب فقالوا تأمرنا أن نسير إلى حيث أومأ إلينا لعلنا ندرك الماء وبنا قوة .

فقال (عليه السلام) لا حاجة بكم إلى ذلك ولوى عنق بغلته نحو القبلة و أشار إلى مكان بقرب الدير أن اكشفوه فكشفوه فظهرت لهم صخرة عظيمة تلمع .

فقالوا يا أمير المؤمنين هنا صخرة لا تعمل فيها المساحي .

فقال هذه الصخرة على الماء فاجتهدوا في قلعها فإن زالت عن موضعها وجدتم الماء فاجتمع القوم و راموا تحريكها فلم يجدوا إلى ذلك سبيلا و استصعبت عليهم .

فلما رأى ذلك لوى رجله عن سرجه و حسر عن ساعده و وضع أصابعه تحت جانب الصخرة فحركها و قلعها بيده و دحا بها أذرعا كثيرة فظهر لهم الماء فبادروه و شربوا فكان أعذب ماء شربوه في سفرهم و أبرده و أصفاه .

فقال تزودوا و ارتووا ففعلوا ثم جاء إلى الصخرة فتناولها بيده و وضعها حيث كانت و أمر أن يعفى أثرها بالتراب و الراهب ينظر من فوق ديره فنادى يا قوم أنزلوني فأنزلوه فوقف بين يدي أمير المؤمنين ( عليه السلام) فقال يا هذا أنت نبي مرسل قال لا قال فملك مقرب قال لا قال فمن أنت قال أنا وصي رسول الله محمد بن عبد الله خاتم النبيين .

قال ابسط يدك على يدي أسلم على يدك فبسط أمير المؤمنين يده .

وقال له اشهد الشهادتين .

فقال أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله و أشهد أنك وصي رسول الله و أحق الناس بالأمر من بعده فأخذ عليه شرائط الإسلام وقال له ما الذي دعاك إلى الإسلام بعد إقامتك على دينك طول المدة .

فقال يا أمير المؤمنين إن هذا الدير بني على طلب قالع هذه الصخرة و مخرج الماء من تحتها و قد مضى على ذلك عالم قبلي لم يدركوا ذلك فرزقنيه الله عز و جل إنا نجد في كتبنا و نأثر على علمائنا أن في هذا الموضع عينا عليها صخرة عظيمة لا يعرفها إلا نبي أو وصي نبي و أنه لا بد من ولي الله يدعو إلى الحق آيته معرفة مكان هذه الصخرة و قدرته على قلعها و لما رأيتك قد فعلت ذلك تحققت ما كنا ننتظره و بلغت الأمنية و أنا اليوم مسلم على يدك و مؤمن بحقك و مولاك .

فلما سمع أمير المؤمنين ذلك بكى حتى اخضلت لحيته من الدموع و قال الحمد لله الذي لم أكن عنده منسيا الحمد لله الذي كنت في كتبه مذكورا ثم دعا الناس فقال اسمعوا ما يقول أخوكم المسلم فسمعوا و حمدوا الله و شكروه إذ ألهمهم أمير المؤمنين ( عليه السلام) و سار و الراهب بين يديه و قاتل معه أهل الشام و استشهد فتولى أمير المؤمنين الصلاة عليه و دفنه و أكثر من الاستغفار له وكان إذا ذكره يقول ذاك مولاي.

وفي هذا الخبر ضروب من المعجز أحدها علم الغيب و القوة التي خرق بها العادة و تميزه بخصوصيتها من الأنام مع ما فيه من ثبوت البشارة به في كتب الله الأولى و في ذلك يقول إسماعيل بن محمد الحميري المعروف بالسيد في قصيدته البائية :

ولقد سرى فيما يسير بليلة                     بعد العشاء بكربلاء في موكب

حتى أتى متبتلا في قائم                         ألقى قواعده بقاع مجدب

فدنا فصاح به فأشرف ماثلا                    كالنسر فوق شظية من مرقب

هل قرب قائمك الذي بوأته                     ماء يصاب فقال ما من مشرب

إلا بغاية فرسخين و من لنا                    بالماء بين نقا وقي سبسب

فثنى الأعنة نحو وعث فاجتلى                ملساء تلمع كاللجين المذهب

قال اقلبوها إنكم إن تقلبوا                     ترووا ولا تروون إن لم تقلب

فاعصوصبوا في قلبها فتمنعت               عنهم تمنع صعبة لم تركب

حتى إذا أعيتهم أهوى لها                     كفا متى يرد المغالب تغلب

فكأنها كرة بكف حزور                        عبل الذراع دحا بها في ملعب

فسقاهم من تحتها متسلسلا                  عذبا يزيد على الألذ الأعذب

حتى إذا شربوا جميعا ردها                  ومضى فخلت مكانها لم يقرب.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.