المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

جعفر بن عبد اللّه رأس المذري
29-8-2016
دعاء الاستسقاء
14-4-2016
Poincaré,s Theorem
25-8-2018
الصيانة - المادة الخمسون - شروط المقاولة لأعمال الهندسة المدنية
2023-04-03
Prochymosin
25-9-2019
RNA primer excision and replacement by DNA
21-12-2021


سياسة آل البيت (عليهم السلام) بعد الطف  
  
2947   05:08 مساءً   التاريخ: 1-11-2017
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : الامام علي بن الحسين زين العابدين
الجزء والصفحة : ص44-54.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / قضايا عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-4-2016 2994
التاريخ: 30-3-2016 3335
التاريخ: 7-4-2016 3058
التاريخ: 4-03-2015 3068

كانت سياسة آل البيت (عليهم السلام) بعد واقعة الطف مبنية على اساسين هما : كشف الحقائق وإرشاد الناس , وتصدى لذلك ثلة من آل محمد (صلى الله عليه واله) : الإمام زين العابدين (عليه السلام) وثلاث نساء هنّ : عمتاه : زينب بنت علي (عليها السلام) وأم كلثوم بنت علي (عليها السلام) ؛ واخته : فاطمة الصغرى بنت الحسين (عليها السلام) . 
ويمكننا تلخيص تلك السياسة بالنقاط التالية :
1 ـ إدانة الناس على تخاذلهم وغدرهم .
2 ـ تذكيرهم برسول الله (صلى الله عليه واله) والإسلام والقرآن وعلاقة أهل البيت (عليهم السلام) بالنبي (صلى الله عليه واله) ورسالة السماء .
3 ـ مواجهة الأمراء الطغاة بصلابة الحق وقوته ومقارعة الحجة بالحجة .
وكانت تلك السياسة منسجمة ومتماسكة وذات أهداف محددة وكانت موجهة إلى جمهور المسلمين الذين خذلوا أهل البيت (عليهم السلام) في مبادئهم واهدافهم .
ففي الكوفة قام أهل البيت (عليهم السلام) بوظيفتهم الاستثنائية تلك بنوعية الناس عبر خطابات في غاية البلاغة والفصاحة ولها مدلولات عميقة في حياة المسلمين , والظاهر ان خطب أهل البيت (عليهم السلام) قد تمت في الكوفة خلال فترة تبديل أو استراحة الحرس المكلّف بالأسرى قبل ان ينقلوا إلى قصر الإمارة حيث عبيدالله بن زياد أمير الكوفة من قبل يزيد بن معاوية . فاستثمر زين العابدين (عليه السلام) وأم كلثوم بنت علي وفاطمة بنت الحسين وزينب بنت علي (عليها السلام) تلك الفترة فخاطبوا الناس .
والكوفة ليست مدينة غريبة على أهل البيت (عليهم السلام) فقد عاشوا فيها في منتصف العقد الثالث من الهجرة أي قبل حوالي نيف وعشرين سنة من واقعة الطف .
خطابات آل البيت (عليهم السلام) :
أولاً : هذه زينب بنت علي (عليها السلام) لم ير خفرةً (1) أنطق منها تخطب الناس في الكوفة فتقول : الحمد لله والصلاة على أبي : محمد وآله الطيبين الأخيار .
أما بعد .
يا أهل الكوفة . يا أهل الختل والغدر أتبكون فلا رقأت الدمعة ولا هدأت الرنة إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثاً تتخذون إيمانكم دخلاً بينكم . ألا وهل فيكم إلا الصلف النطف والصدر الشنف وملق الإماء وغمز الأعداء أو كمرعى على دمنة أو كفضة على ملحودة , ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون. أتبكون وتنتحبون أي والله فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً وأنّى ترحضون . 
قتل سليل خاتم النبوة ومعدن الرسالة وسيد شباب أهل الجنة وملاذ حيرتكم ومفزع نازلتكم ومنار حجتكم ومدرة سنتكم ألا ساء ما تزرون وبعداً لكم و سحقاً , فلقد خاب السعي وتبت الأيدي وخسرت الصفقة وبؤتم بغضب من الله وضربت عليكم الذلة والمسكنة . 
ويلكم يا أهل الكوفة أتدرون أي كبد لرسول الله (صلى الله عليه واله) فريتم وأي كريمة له أبرزتم وأي دمٍ له سفكتم وأي حرمة له انتهكتم . 
لقد جئتم بها صلعاء عنقاء سوداء فقماء خرقاء شوهاء كطلاع الأرض أو كملئ السماء . 
أفعجبتم إن مطرت السماء دماً ولعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تنصرون فلا يستخفنكم المهل فإنه لا يحفزه البدار ولا يخاف فوت الثأر وإن ربكم لبالمرصاد .
ورى المؤرخون ان الناس كانوا يومئذٍ حيارى يبكون وقد وضعوا أيديهم على أفواههم . ويبكي أحدهم حتى اخضلّت لحيته وهو يقول : (بأبي أنتم و أمي كهولكم خير الكهول وشبابكم خير الشباب ونسائكم خير النساء ونسلكم خير نسل لا يخزى ولا يبزى ) (2) .
ثانياً : فاطمة الصغرى بنت الحسين (عليها السلام) خطبت فقالت : الحمد لله عدد الرمل والحصا وزنة العرش إلى الثرى أحمده وأؤمن به وأتوكل عليه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله (صلى الله عليه واله) وإن أولاده ذبحوا بشط الفرات بغير ذحل (3) ولا ترات (4) . 
اللهم إني أعوذ بك أن أفتري عليك بالكذب أو أن أقول عليك خلاف ما أنزلت عليه من أخذ العهود لوصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) المسلوب حقه المقتول من غير ذنب كما قتل ولده بالأمس في بيت من بيوت الله فيه معشر مسلمة بألسنتهم تعساً لرؤوسهم ما دفعت عنه ضيماً في حياته ولا عند مماته حتى قبضته إليك محمود النقيبة طيب العريكة معروف المناقب مشهور المذاهب لم تأخذه فيك اللهم لومة لائم ولا عذل عاذل , هديته اللهم للإسلام صغيراً وحمدت مناقبه كبيراً ولم يزل ناضحاً لك ولرسولك (صلى الله عليه واله) حتى قبضته إليك زاهداً في الدنيا غير حريص عليها راغباً في الآخرة مجاهداً لك في سبيلك رضيته فاخترته فهديته إلى صراط مستقيم .
أما بعد :
يا أهل الكوفة . يا أهل المكر والغدر والخيلاء . فإنا أهل بيت إبتلانا الله بكم وإبتلاكم بنا فجعل بلائنا حسناً وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا فنحن عيبة علمه ووعاء فهمه وحكمته وحجته على الأرض في بلاده لعباده أكرمنا الله بكرامته وفضلنا بنبيه محمد (صلى الله عليه واله) على كثير ممن خلق تفضيلاً بيناً فكذبتمونا وكفرتمونا ورأيتم قتالنا حلالاً وأموالنا نهباً كأننا أولا ترك وكابل كما قتلتم جدنا بالأمس وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت لحقد متقدم قرّت لذلك عيونكم وفرحت قلوبكم على افتراء الله ومكراً مكرتم والله خير الماكرين .
فلا تدعونكم أنفسكم إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا ونالت أيديكم من أموالنا فإن ما أصابنا من المصائب الجليلة والرزايا العظيمة في كتاب من قبل ان نبرئها ؛ إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور . 
تباً لكم فانتظروا اللعنة والعذاب فكأن قد حل بكم وتواترت من السماء نقمات فيسحتكم بعذاب ويذيق بعضكم بأس بعض ثم تخلدون في العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا ألا لعنة الله على الظالمين . 
ويلكم أتدرون أية يد طاعنتنا منكم وأية نفس نزعت إلى قتالنا أم بأية رجل مشيتم إلينا تبغون محاربتنا , والله قست قلوبكم وغلظت أكبادكم وطبع على أفئدتكم وختم على سمعكم وبصركم وسوّل لكم الشيطان وأملى لكم وجعل على بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون , فتباً لكم يا أهل الكوفة أي تراث لرسول الله (صلى الله عليه واله) قبلكم وذحول له لديكم بما غدرتم بأخيه علي بن أبي طالب جدي وببنيه وعترته الطيبين الأخيار فافتخر بذلك مفتخر فقال : نحن قتلنا علياً وبني علي بسيوف هندية ورماح وسبينا نسائهم سبي ترك ونطحناهم فأي نطاح بفيك أيها القائل الكثكث والأثلب إفتخرت بقتل قوم زكاهم الله وطهرهم الله وأذهب عنهم الرجس فاكظم وأقع كما أقعى أبوك قائماً لكل امرئ ما كسب وما قدمت يداه . 
أحسدتمونا ـ ويلكم ـ على ما فضلنا الله .
فما ذنبنا إن جاش دهراً بحورنا ـ وبحرك ساج ما يوارى الدعا مصا ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور ) (5) .
ثالثاً : أم كلثوم بنت علي (عليها السلام) خطبت أهل الكوفة من وراء كلتها فقالت : يا أهل الكوفة سوأة لكم ما لكم خذلتم حسيناً وقتلتموه وأنتهبتم أمواله وورثتموه وسبيتم نسائه ونكبتموه فتباً لكم وسحقاً . 
ويلكم أتدرون أي دواه دهتكم وأي وزر على ظهوركم حملتم وأي دماء سفكتموها وأي كريمة أصبتموها وأي صبية سلبتموها وأي أموال إنتهبتموها .
قتلتم خير رجالات بعد النبي (صلى الله عليه واله) ونزعت الرحمة من قلوبكم ألا إن حزب الله هم الفائزون وحزب الشيطان هم الخاسرون ثم قالت (6) : قتلتم أخي صبراً فويل لامكم ستجزون ناراً حرها يتوقد , سفكتم دماء حرم الله سفكها وحرمها القرآن ثم محمد , ألا فابشروا بالنار إنكم غداً لفي سقر حقاً يقيناً تخلدوا , وإني لأبكي في حياتي على أخي , على خير من بعد النبي سيولد , بدمع عزيز مستهل مكفكف على الخد مني دائماً ليس يحمد .
رابعاً : ثم نادى زين العابدين (عليه السلام) بالناس بعد أن حمد الله وأثنى عليه : أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين بن علي أبي طلاب . 
أنا ابن من انتهكت حرمته وسلبت نعمته وانتهب ماله وسبي عياله . 
أنا ابن المذبوح بشط الفرات من غير ذحل ولا ترات . أنا ابن من قتل صبراً وكفى بذلك فخراً.
أيها الناس ناشدتكم الله هل تعلمون أنكم كتبتم الى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهود والمواثيق والبيعة وقاتلتموه . 
فتبّاً لما قدمتم لأنفسكم وسوأة لرأيكم بأية عين تنظرون الى رسول الله (صلى الله عليه واله) إذ يقول لكم : قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمتي ...
رحم الله امرأً قبل نصيحتي وحفظ وصيتي في الله وفي رسوله وفي أهل بيته فإن لنا في رسول الله (صلى الله عليه واله) أسوة حسنة .
فصمتوا وهم يستمعون إلى هذا القول العطر , ثم قالوا : نحن يا بن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك فمرنا بأمرك يرحمك الله فأنا حرب لحربك وسلم لسلمك نبرأ ممن ظلمك وظلمنا .
وقولهم هذا لا يمكن أن يفسر إلا بأحد تفسيرين :
إما ان الحضور كان من الذين لم يدخلوا الحرب مع الحسين (عليه السلام) ولم تصلهم أخبار الحرب إلا بوصول السبايا وهو بعيد ؛ لأن جواب السجاد (عليه السلام) لهم يكشف عن كونهم مخادعون ماكرون .
وإما انهم كانوا يخادعون السجاد (عليه السلام) للتمويه على الموقف الاسلامي العام , وهذا أقرب الى الصواب ؛ فقد كانوا يحاولون إلتماس الأعذار على خذلهم ابن رسول الله (صلى الله عليه واله) . وقد صدق الفرزدق حينما قال للحسين (عليه السلام) قبل الطف وهو يصف أهل الكوفة : يا ابن رسول الله قلوب الناس معك وسيوفهم عليك , ولو كانوا صادقين في قولهم : انا حرب لحربك وسلم لسلمك , لما تركوا ا لحسين (عليه السلام) وأهل بيته يقتلون بين ظهرانيهم قبل أيام قليلة .
فأجابهم الإمام زين العابدين (عليه السلام) : هيهات هيهات أيها الغدرة المكرة حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم أتريدون ان تأتوا إلي كما أتيتم إلى أبي من قبل كلا ورب الراقصات (7) فإن الجرح لما يندمل , قتل أبي بالأمس وأهل بيته ولم ينس ثكل رسول الله (صلى الله عليه واله) وثكل أبي وبني أبي .
إن وجده والله بين لهاتي ومرارته بين حناجري وحلقي وغصص تجري في فراش صدري (8).
وهكذا عرض أهل البيت (عليهم السلام) على أهل الكوفة ما يرشدهم إلى آخرتهم . 
ولخطبة الإمام السجاد (عليه السلام) دلالات نعرضها عبر الكلمات التالية :
كشفت خطبة السجاد (عليه السلام) في الكوفة عن أمور أهمها :
1 ـ انها ساهمت في كشف الحقائق التي حاول بنو أمية سترها , وأخطرها التقليل من أهمية العلاقة الرسالية والرحمية برسول الله (صلى الله عليه واله) , ولذلك كان التأكيد على قول : من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فانا ... .
2 ـ شرح الوقائع التي وقعت في العاشر من محرم الحرام وكان محورها قتل الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه وهتك حرمة النبي (صلى الله عليه واله) .
3 ـ الإدانة الواضحة لأولئك الذين دعوا الحسين (عليه السلام) الى العراق وتخلوا عنه وحاربوه ووصمهم بالغدر والمكر والخيانة .
وكان للسجاد (عليه السلام) كلامٌ قاله خلال أسر بني أمية له وهو : أيها الناس أن كل صمت ليس فيه فكر فهو عي وكل كلام ليس فيه ذكر فهو هباء ألا وأن الله تعالى أكرم أقواماً بآبائهم فحفظ الأبناء بالآباء لقوله تعالى : {....وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا....} [الكهف: 82] فأكرمهما , ونحن والله عترة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأكرمونا لأجل رسول الله لأن جدي رسول الله كان يقول في منبره : احفظوني في عترتي وأهل بيتي فمن حفظني حفظه الله ومن آذاني فعليه لعنة الله ألا لعنة الله على من آذاني فيهم حتى قالها ثلاث مرات , ونحن والله أهل بيت أذهب الله عنا الرجس والفواحش ما ظهر منها وما بطن ونحن والله أهل بيت أختار الله لنا الآخرة وزوي (9) عنا الدنيا ولذاتها ولم يمتعنا بلذاتها (10) .

 

 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) خفر الإنسان خفراً فهو خفر ( من باب تعب ) والأسم الخفارة : الحياء والوقار ( المصباح المنير ـ مادة خفر , ج 1 , ص 213.
(2) اللهوف , ص 86 ـ 88.
(3) الذحل : الثأر.
(4) التراث : جمع ترة وهي ايضاً الثأر.
(5) اللهوف , ص 88 ـ 90.
(6) اللهوف , ص 91.
(7) الراقصات : مطايا الحجيج.
(8) مثير الأحزان لابن نما , ص 89 . واللهوف في قتلى الطفوف , ص 68.
(9) زوي الشيء : نحاه .
(10) ناسخ التواريخ ـ من أحواله (عليه السلام) , ج 2 , ص 44 . والمنتخب للطريحي , ج 2 , ص 2.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.