المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



الرزق وفساد الأوضاع  
  
1871   09:34 صباحاً   التاريخ: 26-10-2017
المؤلف : محمد جواد مغنية
الكتاب أو المصدر : تفسير الكاشف
الجزء والصفحة : ج3, ص94-96
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / النظام المالي والانتاج /

قال تعالى :

{وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}[المائدة:66]. إقامة التوراة والإنجيل العمل بهما، والمراد بما أنزل إليهم التعاليم التي كانوا يسمعونها من الأنبياء، وهي المعروفة عند المسلمين بالأحاديث النبوية، ومن فوقهم ومن تحت أرجلهم كناية عن السعة في الرزق ، تماما كما تقول: فلان غارق في النعم من قرنه إلى قدمه .

وفي معنى هذه الآية آيات كثيرة ، منها {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[الأعراف:96]. {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11] .

{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم: 41] :

{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى:30]. وترشدنا هذه الآيات إلى أمرين :

1- ان ظهور الفساد، ومنه الفقر والمرض والجهل، إنما هو من حكم الأرض، لا من حكم السماء، ومن أيدي الناس الذين أماتوا الحق، وأحيوا الباطل، لا من قضاء اللَّه وقدره ، وان أية جماعة عرفوا الحق، وعملوا به عاشوا في سعادة وهناء.

2- ان التعبير في الآيات الكريمة بقوم وبالناس يدل على ان الشقاء يستند إلى فساد الأوضاع ، وان مجرد صلاح فرد من الأفراد لا يجدي شيئا ما دام بين قوم فاسدين ، بل يجر صلاحه عليه البلاء والشقاء ، قال تعالى : {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] ، أي ان الآثار السيئة لمجتمع سئ تعم جميع أفراده الصالح والطالح .. وليس من شك ان الشعب الكسول الخانع الخاضع للعسف والجور لا بد أن يعيش أفراده في الذل والهوان .

وعلى هذا يكون المراد بالإيمان الموجب للرزق هو الإيمان باللَّه مع العمل بجميع أحكامه ومبادئه ، لا إقامة الصلاة فقط ، بل وأداء الزكاة ، وجهاد المستقلين والمحتكرين ، وإقامة العدل في كل شيء ، وليس من شك ان العدل متى عم وساد صلحت الأوضاع ، وذهب الفقر والشقاء، وهذا ما يهدف إليه القرآن .

لقد كشف الإسلام عن الصلة الوثيقة بين فساد الأوضاع، وبين التخلف وآلام الانسانية بشتى أنواعها، وسبق إلى معرفة هذه الحقيقة كل عالم من علماء الاجتماع، وكل قائد من قادة الاشتراكية والديمقراطية وغيرها.. وإذا كان لدى هؤلاء شيء يذكر فعن الإسلام أخذوا ، ومنه اقتبسوا.. ولكن ما الحيلة فيمن ينفر من كل ما يمت إلى الدين بسبب ، لا لشيء إلا لأن اسمه دين.

{مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ}[المائدة: 66]. الضمير في منهم يعود إلى أهل الكتاب المذكورين في الآية صراحة ، وهم اليهود والنصارى ، والمراد بالأمة الجماعة ، ومعنى مقتصدة معتدلة ، والذين أطلق اللَّه عليهم وصف الاعتدال هم من اعتنق الإسلام من اليهود والنصارى بعد أن ظهرت لهم دلائل الحق ، وبينات الصدق . وقد ذكر أهل التاريخ والسير أسماء كثيرة لمن أسلم من أهل الكتاب ، أما الذين أصروا على الكفر بعد أن استبان لهم الحق فهم المقصودون بقوله تعالى : {وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ} [المائدة: 66].




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.