هناك عدة قصص تروى عن نهي الإمام محمد الباقر وابنه جعفر الصادق (عليهما السلام) لابي حنيفة النعمان عن القياس ، نورد احداهما فيما يلي :

قال ابو حنيفة : اجتمعت مع الامام الباقر (عليه السلام) بمنى ؛ فقال لي : انت صاحب القياس؟ قلت : نعم.

قال : بلغني انك تقيس ما دون العرش الى تُخومِ الارض!

قلت : نعم.

قال : وكيف وجدت السبيل الى ذلك؟

قلت : رويت أحاديث رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) واخبار الصحابة ، فاتسع لي القياس!

قال (عليه السلام): إني اسألك عن مسائل تستعمل فيها قياسك.

قلت : هات.

قال (عليه السلام) أخبرني ايهما أعظم ، القتل ام الزنى؟

قلت : القتل.

قال : فما بال القتل يجزي فيه شاهدان ، والزنى لا يجزي فيه إلا أربعة شهود؟ فسكت.

فقال : ما تتكلم : قلت : لا أجد قياساً.

قال (عليه السلام): فأيما اوجبُ حرمة , الصلاة ام الصيام؟

قلت : الصلاة.

قال : فما بال الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة؟؛ فسكت.

فقال : ما تتكلم!؛ فقلت : لا أجد قياساً.

قال (عليه السلام): فأيما انجس ، البول ام المني؟؛ قلت : البول.

قال : فما بال البول يجزئ فيه الوضوء، والمني لا يجزي فيه إلاّ الغسل؟ فسكت.

فقال : ما تتكلم! قلت : لا أجد قياساً.

ثم اشتغل الإمام الباقر (عليه السلام) عني ، فقلت : يابن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أفتني في هذه المسائل.

قال : على ان تترك القياس ؛ قلت : نعم.

أجوبة المسائل وعللها

____________

قال الباقر (عليه السلام): أما القتل ، فإن فاعله واحد ، فأجزأ فيه شاهدان. وأما الزِنى فمن اثنين ، فعلى كل واحد اثنان.

وأما الصلاة والصيام ، فإن المرأة والرجل يصومان على غير طهر، ولا يصليان إلا على طهر؛ فلذلك تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة.

وأما البول والمني ، فإن البول يخرج من المثانة وحدها ، وأما المني فيخرج من جميع الأعضاء ؛ فلا يجزئ فيه إلا الغسل.

فسلّمت عليه ومضيت(1).

_______________

(1) المصدر؛ الإتحاف بحب الاشراف : للشبراوي ، ص222.