المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17607 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



تفسير الاية (42-62) من سورة النجم  
  
4758   02:52 مساءً   التاريخ: 11-10-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : ......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النجم /

قال تعالى : { وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42) وَأَنَّهُ هُو أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُو أَمَاتَ وَأَحْيَا (44) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (47) وَأَنَّهُ هُو أَغْنَى وَأَقْنَى (48) وَأَنَّهُ هُورَبُّ الشِّعْرَى (49) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (50) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (51) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (53) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (55) هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (56) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (58) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا  } [النجم: 42 - 62].

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه  الآيات (1) :

عطف سبحانه على ما تقدم فقال {وأن إلى ربك المنتهى} يعني وأن إلى ثواب ربك وعقابه آخر الأمر والمنتهى والآخر واحد وهو المصير إلى حيث ينقطع العمل عنده {وأنه هو أضحك وأبكى} أي فعل سبب الضحك والبكاء من السرور والحزن كما يقال أضحكني فلان وأبكاني عن عطاء والجبائي وقيل أضحك أهل الجنة في الجنة وأبكى أهل النار في النار عن مجاهد والضحك والبكاء من فعل الإنسان قال الله تعالى {فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا} وقال تعجبون وتضحكون فنسب الضحك إليهم وقال الحسن أن الله سبحانه هو الخالق للضحك والبكاء والضحك تفتح أسرار الوجه عن سرور وعجب في القلب فإذا هجم على الإنسان منه ما لا يمكنه دفعه فهومن فعل الله والبكاء جريان الدمع على الخد عن غم في القلب وربما كان عن فرح يمازجه تذكر حزن فكأنه عن رقة في القلب وقيل معنى الآية أضحك الأشجار بالأنوار وأبكى السحاب بالأمطار وقيل أضحك المطيع بالرحمة وأبكى العاصي بالسخطة.

 {وأنه هو أمات وأحيا} أي خلق الموت فأمات به الأحياء لا يقدر على ذلك غيره لأنه لو قدر على الموت لقدر على الحياة فإن القادر على الشيء قادر على ضده ولا يقدر أحد على الحياة إلا الله تعالى وخلق الحياة التي يحيا بها الحيوان فأمات الخلق في الدنيا وأحياهم في العقبي للجزاء {وأنه خلق الزوجين} أي الصنفين {الذكر والأنثى} من كل حيوان {من نطفة إذا تمنى} أي إذا خرجت منهما وتنصب في الرحم والنطفة ماء الرجل والمرأة التي يخلق منها الولد عن عطاء والضحاك والجبائي وقيل تمنى أي تقدر وهو أصله فالمعنى تلقى على تقدير في رحم الأنثى {وأن عليه النشأة الأخرى} أي الخلق الثاني للبعث يوم القيامة يعني عليه أن يبعث الناس أحياء للجزاء فإن قيل إن لفظة على كلمة إيجاب فكيف يجب على الله سبحانه ذلك فالجواب أنه سبحانه إذا كلف الخلق فقد ضمن الثواب فإذا فعل فيهم الآلام فقد ضمن العوض فإذا لم يعوض في الدنيا وخلى بين المظلوم والظالم فلا بد من دار أخرى يقع فيها الجزاء والإنصاف والانتصاف وقد وعد سبحانه بذلك فيجب الوفاء به.

 {وأنه هو أغنى وأقنى} أي أغنى الناس بالأموال وإعطاء القنية وأصول المال وما يدخرونه بعد الكفاية عن أبي صالح وقيل أقنى أي أخدم عن الحسن ومجاهد وقتادة وقيل أغنى مؤول وأقنى أرضى بما أعطى عن ابن عباس وقيل أغنى بالقناعة وأقنى بالرضا عن سفيان وقيل أغنى بالكفاية وأقنى بالزيادة وقيل أغنى من شاء وأقنى أي أفقر وحرم من شاء عن ابن زيد (وأنه هورب الشعرى) أي خالق الشعرى ومخترعها ومالكها أي فلا تتخذوا المربوب المملوك إلها وقيل إن خزاعة كانت تعبدها وأول من عبدها أبو كبشة أحد أجداد النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) من قبل أمهاته وكان المشركون يسمونه (صلى الله عليه وآله وسلّم) ابن أبي كبشة لمخالفته إياهم في الدين كما خالف أبو كبشة غيره في عبادة الشعرى.

 {وأنه أهلك عادا الأولى} وهو عاد بن إرم وهم قوم هود أهلكهم الله بريح صرصر عاتية وكان لهم عقب فكانوا عادا الأخرى قال ابن إسحاق أهلكوا ببغي بعضهم على بعض فتفانوا بالقتل {وثمودا} أي وأهلك ثمود {فما أبقى} ولا يجوز أن يكون منصوبا بأبقى لأن ما لا يعمل ما بعدها فيما قبلها لا يقال زيدا ما ضربت لأنها تجري مجرى الاستفهام في أن لها صدر الكلام وإنما فتحت أن في هذه المواضع كلها لأن جميعها في صحف إبراهيم وموسى فكأنه قال أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى بأنه لا تزر وازرة وزر أخرى وبأنه كذا وكذا {وقوم نوح من قبل} أي وأهلكنا قوم نوح من قبل عاد وثمود {إنهم كانوا هم أظلم وأطغى} من غيرهم لطول دعوة نوح وعتوهم على الله في الكفر والتكذيب {والمؤتفكة} يعني قرى قوم لوط المخسوفة {أهوى} أي أسقط أهواها جبرائيل بعد أن رفعها وأتبعهم الله بالحجارة وذلك قوله {فغشاها ما غشى} أي ألبسها من العذاب ما ألبس يعني الحجارة المسومة التي رموا بها من السماء عن قتادة وابن زيد وقيل أنه تفخيم لشأن العذاب الذي نالها من جهة إبهامه في قوله {ما غشى} فكأنه قال قد حل بهم من العذاب والتنكيل ما يجل عن البيان والتفصيل.

 {فبأي آلاء ربك تتمارى} أي بأي نعم ربك ترتاب وتشك أيها الإنسان فيما أولاك أو فيما كفاك عن قتادة وقيل لما عد الله سبحانه ما فعله مما يدل على وحدانيته قال فبأي نعم ربك التي تدل على وحدانيته تتشكك وإنما ذكره بالنعم بعد تعديد النقم لأن النقم التي عددت هي نعم علينا لما لنا فيها من اللطف في الانزجار عن القبيح إذ نالهم تلك النقم بكفرانهم النعم {هذا نذير من النذر الأولى} أشار إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن قتادة والنذر الأولى الرسل قبله وقيل هو إشارة إلى القرآن والنذر الأولى صحف إبراهيم وموسى عن أبي مالك وقيل معناه هذه الأخبار التي أخبر بها عن إهلاك الأمم الأولى نذير لكم عن الجبائي.

 {أزفت الآزفة} أي دنت القيامة واقتربت الساعة وإنما سميت القيامة آزفة أي دانية لأن كل ما هو آت قريب {ليس لها من دون الله كاشفة} أي إذا غشيت الخلق شدائدها وأهوالها لم يكشف عنهم أحد ولم يردها عن عطاء والضحاك وقتادة وتأنيث كاشفة على تقدير نفس كاشفة أو جماعة كاشفة ويجوز أن يكون مصدرا كالعاقبة والعاقبة والواقية والخائنة فيكون المعنى ليس لها من دون الله كشف أي لا يكشف عنها غيره ولا يظهرها سواه كقوله {لا يجليها لوقتها إلا هو}.

{أ فمن هذا الحديث} يعني بالحديث ما قدم من الأخبار عن الصادق (عليه السلام) وقيل معناه أ فمن هذا القرآن ونزوله من عند الله على محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وكونه معجزا {تعجبون} أيها المشركون {وتضحكون} استهزاء {ولا تبكون} انزجارا لما فيه من الوعيد {وأنتم سامدون} أي غافلون لاهون معرضون عن ابن عباس ومجاهد وقيل هو الغناء كانوا إذا سمعوا القرآن عارضوه بالغناء ليشغلوا الناس عن استماعه عن عكرمة {فاسجدوا لله واعبدوا} أمرهم سبحانه بالسجود له والعبادة خالصا مخلصا وفي الآية دلالة على أن السجود هاهنا واجب على ما ذهب إليه أصحابنا لأن ظاهر الأمر يقتضي الوجوب .

___________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9 ، ص304-306.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه  الآيات (1) :

{ وأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى} . هذه الآية وما بعدها هي من جملة الآيات التي ذكر سبحانه انه أنزلها في صحف موسى وإبراهيم ، والمراد بالمنتهى موقف الإنسان بين يدي اللَّه لنقاش الحساب الذي لا منجى منه {وأَنَّهُ هُو أَضْحَكَ وأَبْكى} .

الضحك إشارة إلى فرح أهل الجنة ، والبكاء إلى ترح أهل النار ، ومن الجائز أن يكونا إشارة إلى ما أودعه اللَّه في الإنسان من غريزة اللذة والألم والحزن والفرح ، وقد ذهب جماعة من الفلاسفة إلى أن الإنسان لا يتحرك إلا بتأثير من جذب اللذة كالجنس أومن خوف الألم كالجوع .

المادة والحياة :

{وأَنَّهُ هُو أَماتَ وأَحْيا } . هو سبحانه يهب الحياة ويأخذها ، أما قول من قال : ان المادة أصل الحياة وسببها فهو مجرد ادعاء تكذبه بديهة العقل لأن المادة لا تتحرك بطبيعتها بل بعلة مغايرة لها ، وأي عاقل يقبل القول بأن المادة الصماء أنشأت بنفسها لنفسها أبصارا وأسماعا وأفئدة ، وإذا كانت الحياة صفة تلازم المادة فلما ذا ظهر النمو والحركة والحس والتفكير في بعضها دون بعض ؟ . وان قال قائل : ان لبعض أفراد المادة استعدادا للحياة دون بعض قلنا في جوابه : من أين جاءت هذه التفرقة ؟ هل جاءت من داخل المادة أو خارجها . فإن كانت من الداخل وجب أن تكون كل مادة صالحة لاستقبال الحياة ، وإلا لزم أن يكون الشيء الواحد سببا لوجود الشيء وعدمه في آن واحد ، وان جاءت بسبب خارج عن المادة فهو الذي نقول .

{ وأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ والأُنْثى مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى } . يريق الذكر منيه في رحم الأنثى فيتم التلقيح ، ويتكون الجنين ذكرا أو أنثى ، فمن الذي أوجد الاستعداد في الجسم لهذه النطفة ؟ ومن الذي أوجد فيها ملايين الخلايا الحية ؟ وهل يستطيع العلماء أن يصنعوا خلية واحدة يتكون منها ذكر أو أنثى ؟ بل هل يستطيعون أن يميزوا بين الخلية التي يتكون منها الذكر والتي تتكون منها الأنثى ؟ وإذا استندت النطفة إلى أسباب طبيعية فإن هذه الأسباب تنتهي إلى السبب الأول الذي أوجد الطبيعة {وأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرى} . ضمير عليه يعود إلى اللَّه تعالى ، والمعنى ان البعث حتم لا بد منه { وأَنَّهُ هُو أَغْنى وأَقْنى} . انه سبحانه كفى بعض عباده

وأغناه عن الحاجة إلى غيره ، وأعطى البعض الآخر ما يقتني ويدخر زيادة على ما يكفيه أي هيأ له أسباب الغنى والقنية . وقال أحد العارفين : من ذاق طعم الغنى عن الناس فقد حصل على نصيب وافر من الغنى ، وان في ذلك لشرفا عظيما .

{وأَنَّهُ هُورَبُّ الشِّعْرى} بكسر الشين وتشديدها ، وهي نجم مضيء ، وخصها سبحانه بالذكر لأن بعض أهل الجاهلية كانوا يعبدونها ، وقيل : انها أضخم من الشمس بعشرين مرة ، وانها تبعد عن الشمس مقدار مليون ضعف بعد الشمس عنا {وأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الأُولى} وهم قوم هود ، وتقدم الكلام عنهم مرات ، ووصفهم سبحانه بالأولى بالنسبة إلى من تأخر عنهم من الأمم ، وقال صاحب مجمع البيان : بل لأن ثم عادا أخرى {وثَمُودَ فَما أَبْقى} منهم أحدا ، وهم قوم صالح ، وأيضا سبق الكلام عنهم وعن قوم نوح الذين أشار إليهم سبحانه بقوله : {وقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وأَطْغى} من عاد وثمود {والْمُؤْتَفِكَةَ} قرى قوم لوط {أَهْوى} بها إلى بطن الأرض {فَغَشَّاها ما غَشَّى} من العذاب {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى} . الخطاب لكل إنسان ، والآلاء النعم ، وتتمارى تشك وتجادل .

{هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأُولى} . قال أكثر المفسرين : ان {هذا} إشارة إلى القرآن أو محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) . وليس من شك ان كلا من القرآن والرسول الأعظم هما من النذر الأولى من نوعها وصفاتها . ومع هذا فإن الذي نفهمه ان اللَّه سبحانه أشار ب {هذا} إلى ما ذكره من الدلائل والعظات التي تضمنت أمورا هامة جديرة بالتأمل والدراسة كمسألة ان كل إنسان هو وحده المسؤول عن جرمه وجريرته ، وان اللَّه ينظر إليه من خلال عمله ، وانه لا مصدر للحياة إلا اللَّه ، وان مصير الطغاة إلى الهلاك ، وهذه وما إليها من أهم موضوعات العلوم الكونية والإنسانية ، وإذا ذكرها سبحانه ليستدل الإنسان على وجود اللَّه وعظمته فإن ذكرها بالذات يومئ إلى ان معانيها وأهدافها انما تتجلى للعلماء وانهم أحق الناس بمعرفة اللَّه والايمان به والخوف منه : {إِنَّما يَخْشَى اللَّهً مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ} - 28 فاطر .

{أَزِفَتِ الآزِفَةُ} . أزفت دنت ، والآزفة الدانية ، والمراد بها الساعة ، وانما وصفها سبحانه بالدانية لأنها آتية ، وكل آت قريب . . وكل ما أدبر كأنه ما كان {لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ} ضمير {لها} يعود إلى الآزفة أي الساعة ، ولك أن تفسر الكشف بالعلم كقوله تعالى : {يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُو» - 186 الأعراف .

وأيضا لك ان تفسرها بقوله : {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} - 43 الروم . {أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وتَضْحَكُونَ} ؟ هذا الحديث إشارة إلى قيام الساعة . وقيل إلى القرآن . وكل منهما صحيح لأن الكافرين قد عجبوا من البعث : {فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ أَإِذا مِتْنا وكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} - 3 ق . وأيضا عجبوا من القرآن : {أَوعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ} - 63 الأعراف .

{ولا تَبْكُونَ وأَنْتُمْ سامِدُونَ}  أي لاهون ، وكان الأولى أن تبكوا على أنفسكم التي ظلمتموها بالكفر والبغي : {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا ولْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} - 82 التوبة .

( فَاسْجُدُوا لِلَّهِ واعْبُدُوا ) . قال الحنفية والشافعية والإمامية والحنابلة : يجب السجود عند تلاوة هذه الآية لأن الرسول الأعظم ( صلى الله عليه واله وسلم ) سجد عند تلاوتها ، وسجد من كان معه . وقال المالكية : لا يجب .

___________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج7 ،ص184-187.

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى :  {وأن إلى ربك المنتهى} المنتهى مصدر ميمي بمعنى الانتهاء وقد أطلق إطلاقا فيفيد مطلق الانتهاء، فما في الوجود من شيء موجود إلا وينتهي في وجوده وآثار وجوده إلى الله سبحانه بلا واسطة أو مع الواسطة، ولا فيه أمر من التدبير والنظام الجاري جزئيا أو كليا إلا وينتهي إليه سبحانه إذ ليس التدبير الجاري بين الأشياء إلا الروابط الجارية بينها القائمة بها وموجد الأشياء هو الموجد لروابطها المجري لها بينها فالمنتهى المطلق لكل شيء هو الله سبحانه.

قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (62) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الزمر: 62، 63] وقال: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: 54].

والآية تثبت الربوبية المطلقة لله سبحانه بإنهاء كل تدبير وكل التدبير إليه وتشمل انتهاء الأشياء إليه من حيث البدء وهو الفطر، وانتهاءها إليه من حيث العود والرجوع وهو الحشر.

ومما تقدم يظهر ضعف ما قيل في تفسير الآية أن المراد بذلك رجوع الخلق إليه سبحانه يوم القيامة، وكذا ما قيل: إن المعنى أن إلى ثواب ربك وعقابه آخر الأمر، وكذا ما قيل: المعنى أن إلى حساب ربك منتهاهم، وكذا ما قيل: إليه سبحانه ينتهي الأفكار وتقف دونه، ففي جميع هذه التفاسير تقييد الآية من غير مقيد.

قوله تعالى: {وأنه هو أضحك وأبكى} الآية وما يتلوها إلى تمام اثنتي عشرة آية بيان لموارد من انتهاء الخلق والتدبير إلى الله سبحانه.

والسياق في جميع هذه الآيات سياق الحصر، وتفيد انحصار الربوبية فيه تعالى وانتفاء الشريك، ولا ينافي ما في هذه الموارد من الحصر توسط أسباب أخر طبيعية أو غير طبيعية فيها كتوسط السرور والحزن وأعضاء الضحك والبكاء من الإنسان في تحقق الضحك والبكاء، وكذا توسط الأسباب المناسبة الطبيعية وغير الطبيعية في الإحياء والإماتة وخلق الزوجين والغنى والقنى وإهلاك الأمم الهالكة وذلك أنها لما كانت مسخرة لأمر الله غير مستقلة في نفسها ولا منقطعة عما فوقها كانت وجوداتها وآثار وجوداتها وما يترتب عليها لله وحده لا يشاركه في ذلك أحد.

فمعنى قوله: {وأنه هو أضحك وأبكى} إنه تعالى هو أوجد الضحك في الضاحك وأوجد البكاء في الباكي لا غيره تعالى: ولا منافاة بين انتهاء الضحك والبكاء في وجودهما إلى الله سبحانه وبين انتسابهما إلى الإنسان وتلبسه بهما لأن نسبة الفعل إلى الإنسان بقيامه به ونسبة الفعل إليه تعالى بالإيجاد وكم بينهما من فرق.

ولا أن تعلق الإرادة الإلهية بضحك الإنسان مثلا يوجب بطلان إرادة الإنسان للضحك وسقوطها عن التأثير لأن الإرادة الإلهية لم تتعلق بمطلق الضحك كيفما كان وإنما تعلقت بالضحك الإرادي الاختياري من حيث إنه صادر عن إرادة الإنسان واختياره فإرادة الإنسان سبب لضحكه في طول إرادة الله سبحانه لا في عرضها حتى تتزاحما ولا تجتمعا معا فنضطر إلى القول بأن أفعال الإنسان الاختيارية مخلوقة لله ولا صنع للإنسان فيها كما يقوله الجبري أو أنها مخلوقة للإنسان ولا صنع لله سبحانه فيها كما يقوله المعتزلي.

ومما تقدم يظهر فساد قول بعضهم: إن معنى الآية أنه خلق قوتي الضحك والبكاء، وقول آخرين: إن المعنى أنه خلق السرور والحزن، وقول آخرين: إن المعنى أنه أضحك الأرض بالنبات وأبكى السماء بالمطر، وقول آخرين: إن المعنى أنه أضحك أهل الجنة وأبكى أهل النار.

قوله تعالى: {وأنه هو أمات وأحيا} الكلام في انتساب الموت والحياة إلى أسباب أخر طبيعية وغير طبيعية كالملائكة كالكلام في انتساب الضحك والبكاء إلى غيره تعالى مع انحصار الإيجاد فيه تعالى، وكذا الكلام في الأمور المذكورة في الآيات التالية.

قوله تعالى: {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى} النطفة ماء الرجل والمرأة الذي يخلق منه الولد، وأمنى الرجل أي صب المني، وقيل: معناه التقدير، وقوله: {الذكر والأنثى} بيان للزوجين.

قيل: لم يذكر الضمير في الآية على طرز ما تقدم - أنه هو- لأنه لا يتصور نسبة خلق الزوجين إلى غيره تعالى.

قوله تعالى: {وأن عليه النشأة الأخرى} النشأة الأخرى الخلقة الأخرى الثانية وهي الدار الآخرة التي فيها جزاء، وكون ذلك عليه تعالى قضاؤه قضاء حتم وقد وعد به ووصف نفسه بأنه لا يخلف الميعاد.

قوله تعالى: {وأنه هو أغنى وأقنى} أي أعطى الغنى وأعطى القنية، والقنية ما يدوم من الأموال ويبقى ببقاء نفسه كالدار والبستان والحيوان، وعلى هذا فذكر {أقنى} بعد أغنى من التعرض للخاص بعد العام لنفاسته وشرفه.

وقيل: الإغناء التمويل والإقناء الإرضاء بذلك، وقال بعضهم: معنى الآية أنه هو أغنى وأفقر.

قوله تعالى: {وأنه هورب الشعرى} كان المراد بالشعرى الشعرى اليمانية وهي كوكبة مضيئة من الثوابت شرقي صورة الجبار في السماء.

قيل: كانت الخزاعة وحمير تعبد هذه الكوكبة، وممن كان يعبده أبو كبشة أحد أجداد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من جهة أمه، وكان المشركون يسمونه (صلى الله عليه وآله وسلم) ابن أبي كبشة لمخالفته إياهم في الدين كما خالف أبو كبشة قومه في عبادة الشعرى.

قوله تعالى: {وأنه أهلك عادا الأولى} وهم قوم هود النبي (عليه السلام) ووصفوا بالأولى لأن هناك عادا ثانية هم بعد عاد الأولى.

قوله تعالى: {وثمود فما أبقى{ وهم قوم صالح النبي (عليه السلام) أهلك الله الكفار منهم عن آخرهم، وهو المراد من قوله: {فما أبقى} وإلا فهو سبحانه نجى المؤمنين منهم من الهلاك كما قال: { وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [فصلت: 18].

قوله تعالى: {وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى} عطف كسابقه على قوله: {عادا} والإصرار بالتأكيد على كونهم أظلم وأطغى، أي من القومين عاد وثمود على ما يعطيه السياق لأنهم لم يجيبوا دعوة نوح (عليه السلام) ولم يتعظوا بموعظته فيما يقرب من ألف سنة ولم يؤمن منهم معه إلا أقل قليل.

قوله تعالى: {والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى} قيل: إن المؤتفكة قرى قوم لوط ائتفكت بأهلها أي انقلبت والائتفاك الانقلاب، والأهواء الإسقاط.

والمعنى: وأسقط القرى المؤتفكة إلى الأرض بقلبها وخسفها فشملها وأحاط بها من العذاب ما شملها وأحاط بها.

واحتمل أن يكون المراد بالمؤتفكة ما هو أعم من قرى قوم لوط وهي كل قرية نزل عليها العذاب فباد أهلها فبقيت خربة داثرة معالمها خاوية على عروشها.

قوله تعالى: {فبأي آلاء ربك تتمارى} الآلاء جمع إلى بمعنى النعمة، والتماري التشكك، والجملة متفرعة على ما تقدم ذكره مما ينسب إليه تعالى من الأفعال.

والمعنى: إذا كان الله سبحانه هو الذي نظم هذا النظام البديع من صنع وتدبير بالإضحاك والإبكاء والإماتة والإحياء والخلق والإهلاك إلى آخر ما قيل فبأي نعم ربك تتشكك وفي أيها تريب؟.

وعد مثل الإبكاء والإماتة وإهلاك الأمم الطاغية نعما لله سبحانه لما فيها من الدخل في تكون النظام الأتم الذي يجري في العالم وتنساق به الأمور في مرحلة استكمال الخلق ورجوع الكل إلى الله سبحانه.

والخطاب في الآية للذي تولى وأعطى قليلا وأكدى أو للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من باب إياك أعني واسمعي يا جارة، والاستفهام للإنكار.

قوله تعالى: {هذا نذير من النذر الأولى} قيل: النذير يأتي مصدرا بمعنى الإنذار ووصفا بمعنى المنذر ويجمع على النذر بضمتين على كلا المعنيين والإشارة بهذا إلى القرآن أو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

قوله تعالى: {أزفت الآزفة} أي قربت القيامة والآزفة من أسماء القيامة قال تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ } [غافر: 18].

قوله تعالى: {ليس لها من دون الله كاشفة} أي نفس كاشفة والمراد بالكشف إزالة ما فيها من الشدائد والأهوال، والمعنى: ليس نفس تقدر على إزالة ما فيها من الشدائد والأهوال إلا أن يكشفها الله سبحانه.

قوله تعالى: {أ فمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون} الإشارة بهذا الحديث إلى ما تقدم من البيان، والسمود اللهو، والآية متفرعة على ما تقدم من البيان، والاستفهام للتوبيخ.

والمعنى: إذا كان الله هو ربكم الذي ينتهي إليه كل أمر وعليه النشأة الأخرى وكانت القيامة قريبة وليس لها من دون الله كاشفة كان عليكم أن تبكوا لما فرطتم في جنب الله، وتعرضتم للشقاء الدائم أ فمن هذا البيان الذي يدعوكم إلى النجاة تعجبون إنكارا وتضحكون استهزاء ولا تبكون؟.

قوله تعالى: {فاسجدوا لله واعبدوا} تفريع آخر على ما تقدم من البيان والمعنى: إذا كان كذلك فعليكم أن تسجدوا لله وتعبدوه ليكشف عنكم ما ليس له من دونه كاشفة.

__________________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج19 ، ص41-45.

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه  الآيات (1) :

كلّ شيء ينتهى إليه:

في هذه الآيات تتجلّى بعض صفات الله التي ترشد الإنسان إلى مسألة التوحيد وكذلك المعاد أيضاً.

ففي هذه الآيات وإكمالا للبحوث الواردة في شأن جزاء الأعمال يقول القرآن: {وأنّ إلى ربّك المنتهى}.

وليس الحساب والثواب والجزاء في الآخرة بيد قدرته فحسب، فإنّ الأسباب والعلل جميعها تنتهي سلسلتها إلى ذاته المقدّسة، وجميع تدبيرات هذا العالم تنشأ من تدبيراته، وأخيراً فإنّ إبتداء هذا العالم والموجودات وإنتهاؤها كلّها منه وإليه، وتعود إلى ذاته المقدّسة.

ونقرأ في بعض الرّوايات في تفسير هذه الآية عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «إذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا»(2).

أي لا تتكلّموا في ذات الله فإنّ العقول تحار فيه ولا تصل إلى حدّ فإنّه لا يمكن للعقول المحدودة أن تفكّر في ما هو غير محدود لأنّه مهما فكّرت العقول فتفكيرها محدود وحاشا لله أن يكون محدوداً.

وبالطبع فإنّ هذا التّفسير يبيّن مفهوماً آخر لهذه الآية ولا ينافي ما ذكرناه آنفاً ويمكن الجمع بين المفهومين في الآية.

ثمّ يضيف القرآن في الآية التالية مبيّناً حاكمية الله في أمر ربوبيته وإنتهاء اُمور هذا العالم إليه فيقول: {وانّه هو أضحك وأبكى وأنّه هو أمات وأحيا وأنّه خلق الزوجين الذكر والاُنثى(3) من نطفة إذا تمنى}!

وهذه الآيات الأربع وما قبلها في الحقيقة هي بيان جامع وتوضيح طريف لمسألة إنتهاء الاُمور إليه وتدبيره وربوبيته، لأنّها تقول: إنّ موتكم وحياتكم بيده وإستمرار النسل عن طريق الزوجين بيده، وكلّ ما يحدث في الحياة فبأمره، فهو يضحك، وهو يبكي، وهو يميت، وهو يحيي، وهكذا فإنّ أساس الحياة والمعوّل عليه من البداية حتّى النهاية هو ذاته المقدّسة.

وقد جاء في بعض الأحاديث ما يوسع مفهوم الضحك والبكاء في هذه الآية ففسّرت بأنّه سبحانه: أبكى السماء بالمطر وأضحك الأرض بالنبات(4).

وقد أورد بعض الشعراء هذا المضمون في شعره فقال:

انّ فَصل الربيع فصل جميل *** تضحك الأرض من بكاء السماء

وما يسترعي النظر أنّ القرآن أشار إلى صفتي الضحك والبكاء دون سائر أفعال الإنسان، لأنّ هاتين الصفتين خاصّتان بالإنسان وغير موجودتين في الحيوانات الاُخر أو نادرتان جدّاً.

أمّا تصوير إنفعالات الإنسان عند الضحك أو البكاء وعلاقتهما بالتغيّرات في نفس الإنسان وروحه فانّها غريبة وعجيبة جدّاً، وكلّ هذه الاُمور في مجموعها يمكن أن تكون آية واضحة من آيات المدبّر الحقّ، بالإضافة إلى التناسب الموجود بين الضحك والبكاء والحياة والفناء!

وعلى كلّ حال، فإنتهاء جميع الاُمور إلى تدبير الله وربوبيته لا ينافي أصل الإختيار وحرية إرادة الإنسان، لأنّ الإختيار وحرية الإرادة في الإنسان أيضاً من قِبَلِ الله وتدبيره وتنتهي إليه!.

وبعد ذكر الاُمور المتعلّقة بالربوبية والتدبير من قِبَل الله يتحدّث القرآن عن موضوع المعاد فيقول: {وأنّ عليه النشأة الاُخرى}.

«النشأة»: معناها الإيجاد والتربية، و«النشأة الاُخرى» ليست شيئاً سوى القيامة!

والتعبير بـ «عليه» من جهة أنّ الله لمّا خلق الناس وحمّلهم الوظائف والمسؤوليات وأعطاهم الحرية وكان بينهم المطيعون وغير المطيعون والظلمة والمظلومون ولم يبلغ أي من هؤلاء جزاءه النهائي في هذا العالم، إقتضت حكمته أن تكون نشأة اُخرى لتتحقّق العدالة.

أضف إلى ذلك فإنّ الحكيم لا يخلق هذا العالم الواسع لأيّام أو سنوات محدودة بما فيها من مسائل غير منسجمة، فلابدّ أن يكون مقدّمة لحياة أوسع تكمن فيها قيمة هذا الخلق الواسع، وبتعبير آخر إذا لم تكن هناك نشأة اُخرى فإيجاد هذا العالم لا يبلغ هدفه النهائي!

وممّا ينبغي الإلتفات إليه أنّ الله سبحانه جعل هذا الوعد لعباده وعداً محتوماً على نفسه، وصدق كلام الله يوجب أن لا يخلف وعده.

ثمّ يضيف القرآن في الآية التالية قائلا: {وأنّه هو أغنى وأقنى} فالله سبحانه لم يرفع حاجات الإنسان المادية عنه بلطفه العميم فحسب، بل أولاه غنى يرفع عنه حاجاته المعنوية من اُمور التربية والتعليم والتكامل عن طريق إرسال الرسل إليه وإنزال الكتب السماوية وإعطائه المواهب العديدة.

«وأغنى»: فعل مشتق من غني ومعناه عدم الحاجة.

«وأقنى»: فعل مشتقّ من قنية على وزن جِزيَة، ومعناها الأموال التي يدّخرها الإنسان(5).

فيكون معنى الآية على هذا النحو: هو أغنى أي رفع الحاجات الفعلية، وأقنى معناه إيلاء المواهب التي تدخّر سواء في الاُمور المادية كالحائط أو البستان والأملاك وما شاكلها، أو الاُمور المعنوية كرضا الله سبحانه الذي يُعدّ أكبر «رأس مال» دائم!

وهناك تفسير آخر لأقنى، وهو أنّه ما يقابل أغنى، أي أنّ الغنى والفقر بيد قدرته، نظير ذلك ما جاء في الآية (26) من سورة الرعد: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الرعد: 26].

إلاّ أنّ هذا التّفسير لا ينسجم مع ما ورد عن «أقنى» من معنى في كتب اللغة والآية المذكورة في هذا الصدد لا يمكن أن تكون «شاهداً» على هذا التّفسير.

أمّا آخر آية من الآيات محلّ البحث فتقول: {وأنّه هوربّ الشعرى}.

والتعويل في القرآن على «الشعرى» النجم المعروف في السماء بالإضافة إلى أنّه أكثر النجوم لمعاناً ويطّلع عند السحر في مقربة من الجوزاء ممّا يلفت النظر تماماً .. هذا التعويل والتصريح به لأنّ طائفةً من المشركين العرب كانت تعبده، فالقرآن يشير إلى أنّ الأولى بالعبادة هو الله لأنّه ربّ الشعرى «وربّكم».

وينبغي الإلتفات ـ ضمناً ـ أنّ هناك نجمين معروفين باسم الشعرى أحدهما إلى الجنوب ويُدعى بنجم الشعرى اليماني «لأنّ اليمن جنوب الجزيرة العربية» والآخر نجم الشعرى الشامي الواقع في الجهة الشمالية «والشام شمال الجزيرة أيضاً» إلاّ أنّ المعروف والمشهور هو الشعرى اليماني.

وهناك لطائف ومسائل خاصّة في هذا النجم «الشعرى» سنتحدّث عنه بعد قليل.

وقوله تعالى : {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (50) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (51) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (53) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى} [النجم: 50 - 55]:

ألا تكفي دروس العبرة هذه؟!

هذه الآيات ـ كالآيات المتقدّمة ـ تستكمل المسائل المذكورة في الصحف الاُولى وما جاء في صحف إبراهيم وموسى.

وكانت الآيات المتقدّمة قد ذكرت عشر مسائل ضمن فصلين:

الأوّل: كان ناظراً إلى مسؤولية كلّ إنسان عن أعماله.

الثاني: ناظر إلى إنتهاء جميع الخطوط والحوادث إلى الله سبحانه! أمّا الآيات محلّ البحث فتتحدّث عن مسألة واحدة ـ وإن شئت قلت ـ تتحدّث عن موضوع واحد ذلك هو مجازاة أربع اُمم من الاُمم المنحرفة الظالمة وإهلاكهم، وفي ذلك إنذار لأولئك الذين يلوون رؤوسهم عن طاعة الله ولا يؤمنون بالمبدأ والمعاد(6).

فتبدأ الآية الاُولى من الآيات محلّ البحث فتقول: {وأنّه أهلك عاداً الاُولى} وصف عاد بـ «الاُولى» إمّا لقدمها حتّى أنّ العرب تطلق على كلّ قديم أنّه «عاديّ» أو لوجود اُمّتين في التاريخ باسم «عاد» والاُمّة المعروفة التي كانت نبيّها هود (عليه السلام)تُدعى بـ «عاد الاُولى»(7).

ويضيف القرآن في الآية التالية قائلا: {وثمود فما أبقى}.

ويقول في شأن قوم نوح: {وقوم نوح من قبل إنّهم كانوا هم أظلم وأطغى}.

لأنّ نبيّهم نوحاً عاش معهم زماناً طويلا، وبذل قصارى جهده في إبلاغهم ونصحهم، فلم يستجب لدعوته إلاّ قليل منهم، وأصرّوا على شركهم وكفرهم وعتوّهم وإستكبارهم وإيذائهم نبيّهم نوحاً وتكذيبهم إيّاه وعبادة الأوثان بشكل فظيع كما سنعرض تفصيل ذلك في تفسير سورة نوح إن شاء الله.

وأمّا رابعة الاُمم فهي «قوم لوط» المشار إليهم بقوله تعالى: {والمؤتفكة أهوى}.

والظاهر أنّ زلزلة شديدة أصابت حيّهم وقريتهم فقذفت عماراتهم نحو السماء بعد إقتلاعها من الأرض وقلبتها على الأرض، وطبقاً لبعض الرّوايات كان جبرئيل قد إقتلعها بإذن الله وجعل عاليها سافلها ودمّرها تدميراً .. {فغشّاها ما غشى}(8).

أجل .. لقد أُمطروا بحجارة من السماء، فغشّت حيّهم وعماراتهم المنقلبة ودفنتها عن آخرها.

وبالرغم من أنّ التعبير في هذه الآية والآية السابقة لم يصرّح بقوم لوط، إلاّ أنّ المفسّرين فهموا منه كما فهموا من الآية 70 من سورة التوبة والآية 9 من سورة الحاقة هذا المعنى من عبارة المؤتفكات، وقد إحتمل بعضهم أنّ هذا التعبير يشمل كلّ المدن المقلوبة والنازل عليها العذاب من السماء، إلاّ أنّ آيات القرآن الاُخر تؤيّد ما ذهب إليه المشهور بين المفسّرين!.

وقد جاء في الآية (82) من سورة هود: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ } [هود: 82]!

وجاء في تفسير علي بن إبراهيم أنّ المؤتفكة «المدينة المقلوبة» هي «البصرة»! لأنّه ورد في رواية أنّ أمير المؤمنين علياً خاطب أهلها بالقول: (يا أهل البصرة ويا أهل المؤتفكة ويا جند المرأة وأتباع البهيمة!)(9)

غير أنّه من المعلوم أنّ هذا التعبير في كلام الإمام علي (عليه السلام) هومن باب التطبيق والمصداق، لا التّفسير، لإحتمال أن يكون أهل البصرة يومئذ فيهم شبه بأهل المؤتفكة من الناحية الأخلاقية .. وما اُبتلي به قوم لوط من عذاب الله!

وفي ختام هذا البحث يشير القرآن إلى مجموع النعم الوارد ذكرها في الآيات المتقدّمة ويلمح إليها بصورة إستفهام إنكاري قائلا: {فبأيّ آلاء ربّك تتمارى}؟

فهل تشكّ وتتردّد بنعم الله، كنعمة الحياة أو أصل نعمة الخلق والإيجاد، أو نعمة أنّ الله هذه لا يأخذ أحداً بوزر أحد; وما جاء في الصحف الاُولى وأكّده القرآن؟!

وهل من شاكٍّ بهذه النعمة، وهي أنّ الله أبعدكم عن البلاء الذي عمّ الاُمم السابقة بكفرهم وشملكم بعفوه ورحمته؟!

أوهل هناك شكّ في نعمة نزول القرآن وموضوع الرسالة والهداية؟

صحيح أنّ المخاطب بالآية هو شخص النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ أنّ مفهومها شامل لجميع المسلمين، بل الهدف الأصلي من هذه الآية إفهام الآخرين.

«تتمارى»(10) مشتقّ من تماري ومعناه المحاجة والمجادلة المقرونة بالشكّ والتردّد!

«آلاء» جمع: ألأ، أو إلىء ـ على وزن فعل ـ و الألىء معناها النعمة .. وبالرغم من أنّ بعض ما جاء في الآيات المتقدّمة ومن ضمنها إهلاك الاُمم السابقة وتعذيبهم ليس مصداقاً للنعمة .. إلاّ أنّه من جهة كونه درساً للعبرة «للآخرين» ولأنّ الله لم يعذّب المسلمين وحتّى الكفّار المعاصرين لهم بذلك العذاب يمكن إعتبار ذلك نعمة عظيمة.

قال تعالى : {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (56) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (57) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (58) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 56 - 62].

اسجدوا له جميعاً ..

تعقيباً على الآيات المتقدّمة التي كانت تتحدّث عن إهلاك الاُمم السالفة لظلمهم، تتوجّه هذه الآيات ـ محلّ البحث ـ إلى المشركين والكفّار ومنكري دعوة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فتخاطبهم بالقول: (هذا نذير من النذر الاُولى) أي النّبي أو القرآن نذير كمن سبقه من المنذرين.

وقوله عن «القرآن أو النّبي «هذا نذير من النذر الاُولى» يعني أنّ رسالة محمّد وكتابه السماوي لم يكن (أي منهما) موضوعاً لم يسبق إليه، فقد أنذر الله اُمماً بمثله في ما مضى من القرون، فعلام يكون ذلك مثار تعجّبكم؟

وقال بعض المفسّرين إنّ المراد من (هذا نذير) هو الإشارة إلى الإخبار الوارد في الآيات المتقدّمة عن نهاية الاُمم السالفة، لأنّ هذا الإخبار بنفسه نذير أيضاً، إلاّ أنّ التّفسيرين السابقين أنسب كما يبدو.

ومن أجل أن يلتفت المشركون والكفّار إلى الخطر المحدق بهم ويهتّموا به أكثر يضيف القرآن قائلا: (أزفت الآزفة).

أجل، فقد إقترب وعد القيامة فأعدّوا أنفسكم للحساب، والتعبير بـ «الآزفة» عن القيامة هو لإقترابها وضيق وقتها، لأنّ الكلمة هذه مأخوذة من الأزف على وزن نَجَف. ومعناه ضيق الوقت، وبالطبع فإنّ مفهومه يحمل الإقتراب أيضاً ..

وتسمية القيامة بالآزفة في القرآن بالإضافة إلى هذه الآية محلّ البحث، واردة في الآية 18 من سورة غافر أيضاً .. وهو تعبير بليغ وموقظ، وهذا المعنى جاء بتعبير آخر في سورة القمر (الآية الاُولى) {إقتربت الساعة}، وعلى كلّ حال فإنّ إقتراب القيامة مع الأخذ بنظر الإعتبار عمر الدنيا المحدود والقصير يمكن إدراكه بوضوح، خاصّة ما ورد أنّ من يموت تقوم قيامته الصغرى.

ثمّ يضيف القرآن قائلا: أنّ المهمّ هو أنّه لا أحد غير الله بإمكانه إغاثة الناس في ذلك اليوم والكشف عمّا بهم من شدائد: {ليس لها من دون الله كاشفة}(11).

«الكاشفة» هنا معناه مزيحة الشدائد. إلاّ أنّ بعضهم فسّرها بأنّها العامل لتأخير القيامة، وبعضهم فسّرها بأنّها الكاشفة عن تاريخ وقوع يوم القيامة، إلاّ أنّ المعنى الأوّل أنسب ظاهراً.

وعلى كلّ حال، فالحاكم والمالك وصاحب القدرة في ذلك الحين وكلّ حين هو الله سبحانه، فإذا أردتم النجاة فالتجئوا إليه وإلى لطفه وإذا طلبتم الدّعة والأمان فاستظلّوا بالإيمان به.

ويضيف القرآن في الآية التالية قائلا: {أفمن هذا الحديث تعجبون}.

ولعلّ هذه الجملة إشارة إلى القيامة الوارد ذكرها آنفاً، أو أنّها إشارة إلى القرآن، لأنّه ورد التعبير عنه بـ «الحديث» في بعض الآيات كما في الآية 34 من سورة الطور، أو أنّ المراد من «الحديث» هوما جاء من القصص عن هلاك الاُمم السابقة أو جميع هذه المعاني.

ثمّ يقول مخاطباً: {وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون} أي في غفلة مستمرّة ولهو وتكالب على الدنيا، مع أنّه لا مجال للضحك هنا ولا الغفلة والجهل، بل ينبغي أن يُبكى على الفرص الفائتة والطاعات المتروكة، والمعاصي المرتكبة، وأخيراً فلابدّ من التوبة والرجوع إلى ظلّ الله ورحمته!

وكلمة سامدون مشتقّة من سمود على وزن جمود ـ ومعناه اللهو والإنشغال ورفع الرأس للأعلى تكبّراً وغروراً، وهي في أصل إستعمالها تطلق على البعير حين يرفل في سيره ويرفع رأسه غير مكترث بمن حوله.

فهؤلاء المتكبّرون المغرورون كالحيوانات همّهم الأكل والنوم، وهم غارقون باللذائذ جاهلون عمّا يحدق بهم من الخَطر والعواقب الوخيمة والجزاء الشديد الذي سينالهم.

ويقول القرآن في آخر آية من الآيات محلّ البحث ـ وهي آخر آية من سورة النجم أيضاً ـ بعد أن بيّن أبحاثاً متعدّدة حول إثبات التوحيد ونفي الشرك: {فاسجدوا لله واعبدوا}.

فإذا أردتم أن تسيروا في الصراط المستقيم والسبيل الحقّ فاسجدوا لذاته المقدّسة فحسب، إذ لله وحده تنتهى الخطوط في عالم الوجود، وإذا أردتم النجاة من العواقب الوخيمة التي أصابت الاُمم السالفة لشركهم وكفرهم فوقعوا في قبضة عذاب الله، فاعبدوا الله وحده.

الذي يجلب النظر ـ كما جاء في روايات متعدّدة ـ أنّ النّبي عندما تلا هذه الآية وسمعها المؤمنون والكافرون سجدوا لها جميعاً.

ووفقاً لبعض الرّوايات أنّ الوحيد الذي لم يسجد لهذه الآية عند سماعها هو «الوليد بن المغيرة»

[لعلّه لم يستطع أن ينحني للسجود] فأخذ قبضة من التراب ووضعها على جبهته فكان سجوده بهذه الصورة.

ولا مكان للتعجّب أن يسجد لهذه الآية حتّى المشركون وعبدة الأصنام، لأنّ لحن الآيات البليغ من جهة، ومحتواها المؤثّر من جهة اُخرى وما فيها من تهديد للمشركين من جهة ثالثة، وتلاوة هذه الآيات على لسان النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المرحلة الاُولى من نزول الآيات عن لسان الوحي من جهة رابعة .. كلّ هذه الاُمور كان لها دور في التأثير والنفوذ إلى القلوب حتّى أنّه لم يبق أيّ قلب إلاّ اهتزّ لجلال آيات الله وألقى عنه أستار الضلال وحجب العناد ـ ولو مؤقتاً ـ ودخله نور التوحيد المشعّ!.

وإذا تلونا الآية ـ بأنفسنا ـ وأنعمنا النظر فيها بكلّ دقّة وتأمّل وحضور قلب وتصوّرنا أنفسنا أمام النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي جو نزول الآيات وبقطع النظر ـ عن إعتقادنا الإسلامي ـ نجد أنفسنا ملزمين على السجود عند تلاوتنا لهذه الآية وأن نحني رؤوسنا إجلالا لربّ الجلال!

وليست هذه هي المرّة الاُولى التي يترك القرآن بها أثره في قلوب المنكرين ويجذبهم إليه دون إختيارهم، إذ ورد في قصّة «الوليد بن المغيرة» أنّه لمّا سمع آيات فصّلت وبلغ النّبي (في قوله) إلى الآية: (فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) قام من مجلسه واهتزّ لها وجاء إلى البيت فظنّ جماعة من المشركين أنّه صبا إلى دين محمّد.

فبناءً على هذا، لا حاجة أن نقول بأنّ جماعة من الشياطين أو جماعة من المشركين الخبثاء حضروا عند النّبي ولمّا سمعوا النّبي يتلو الآية: {أفرأيتم اللات والعزّى ومناة الثالثة الاُخرى} بسطوا ألسنتهم وقالوا: تلك الغرانيق العُلى!! ولذلك إنجذب المشركون لهذه الآيات فسجدوا أيضاً عند تلاوة النّبي آية السجدة!

لأنّنا كما أشرنا آنفاً في تفسير هذه الآيات. انّ الآيات التي تلت هذه الآيات عنّفت المشركين ولم تدع مجالا للشكّ والتردّد والخطأ لأي أحد (في مفهوم الآية)

[لمزيد الإيضاح يراجع تفسير الآيتين 19 و20 من هذه السورة].

وينبغي الإلتفات أيضاً إلى أنّ الآية الآنفة يجب السجود عند تلاوتها، ولحن الآية التي جاءت مبتدئةً بصيغة الأمر ـ والأمر دالّ على الوجوب ـ شاهد على هذا المعنى.

وهكذا فإنّ هذه السورة ثالثة السور الوارد فيها سجود واجب، أي هي بعد سورة الم السجدة، وحم السجدة .. وإن كان بعضهم يرى بأنّ أوّل سورة فيها سجود واجب نزلت على النّبي من الناحية التاريخية ـ هي هذه السورة.

______________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج13 ، ص349-361.

2 ـ تفسير علي بن إبراهيم طبقاً لما جاء في نور الثقلين، ج5، ص170.

3 ـ هذه الأفعال وإن جاءت بصيغة الماضي إلاّ أنّها تعطي معنى الفعل المضارع أيضاً والدلالة على الدوام .. (فلاحظوا بدقّة).

4 ـ نور الثقلين، ج5، ص172.

5 ـ راجع المفردات للراغب، مادّة قني.

6 ـ ينبغي الإلتفات بأنّ هذه المسائل أو المواضيع المشار إليها في القرآن في أحَدَ عَشرَ فصلا، كلّها بدأت بأنّ: فأوّلها جاء في الآية 38 ألاّ تزر وازرة وزر اُخرى وآخرها وأنّه أهلك عاداً الاُولى.

7 ـ مجمع البيان وروح المعاني، وتفسير الرازي.

8 ـ «ما» في ما غشّى يمكن أن تكون مفعولا به أو فاعلا نظير والسماء وما بناها إلاّ أنّ الإحتمال الأوّل أكثر إنسجاماً مع ظاهر الآية .. وعلى كلّ حال فإنّ هذا التعبير يأتي للتهويل!

9- تفسير الصافي ، ذيل الايات مورد البحث .

10 ـ بالرغم من أنّ باب التفاعل في اللغة العربية يدلّ على إشتراك طرفين في الفعل، إلاّ أن تتمارى هنا مخاطب به شخص واحد، وهو امّا لتعدّد الحالات أو للتأكيد .. «فلاحظوا بدقّة».

11 ـ الضمير في لها يعود على الآزفة وتأنيث الكاشفة، لأنّها صفة للنفس المحذوفة، وقال آخرون هي تاء المبالغة كالتاء في العلامة.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .