أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-7-2017
1044
التاريخ: 4-7-2017
831
التاريخ:
1187
التاريخ: 4-7-2017
1065
|
لما وصل أبو جعفر إلى (ذات عرق) في منصرفه أتاه نعي الإمام [ أبي العباس ] ، فأقام بمكانه حتى وافاه أبو مسلم، فأخبره بوفاة أبي العباس.
فخنقت أبا مسلم [ العبرة ] (1)، وقال: (رحم الله أمير المؤمنين، إنا لله وإنا إليه راجعون).
فقال أبو جعفر: إني قد رأيت أن تخلف أثقالك ومن معك من جنودك على، فيكونوا معي، وتركب أنت في عشرة نفر البريد حتى ترد الأنبار، فتضبط العسكر، وتسكن الناس.
قال أبو مسلم: أفعل.
فركب في عشرة نفر من خاصته، وسار بالحث الشديد حتى وافى العراق، وانتهى إلى مدينة أبي العباس بالأنبار، فوجد عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس قد دعا الناس إلى بيعته، وخلع ولاية العهد عن أبي جعفر.
فلما رأوا أبا مسلم مالوا معه، وتركوا عيسى.
فلما وافى أبو جعفر اعتذر إليه عيسى، وأعلمه أنه إنما أراد بذلك ضبط العسكر، وحفظ الخزائن، وبيوت الأموال.
فقبل أبو جعفر منه ذلك، ولم يؤاخذه بما كان منه.
واجتمع الناس، وبايعوا المنصور أبا جعفر.
ثم أتاه انتقاض الشام، وقد كان أبو العباس استعمل عليها عمه عبد الله بن علي، فلما بلغه وفاة أبي العباس دعا لنفسه، واستمال من كان معه من جنود خراسان، فمالوا معه.
فلما بلغ أبا جعفر ذلك قال لأبي مسلم (أيها الرجل، إنما هو أنا أو أنت، فإما أن تسير إلى الشام فتصلح أمرها، أو أسير أنا).
قال أبو مسلم، بل أسير أنا.
فاستعد، وسار في اثني عشر ألفا من إبطال جنود خراسان حتى إذا وافى الشام انحاز إليه من كان بها من الجنود جميعهم، وبقي عبد الله بن علي وحده.
فعفا أبو مسلم عنه، ولم يؤاخذه بما كان منه.
وكانت خلافة أبي العباس أربع سنين وستة أشهر.
وإن أبا جعفر عند مسير أبي مسلم نحو الشام وجه يقطين بن موسى في أثر أبي مسلم، وقال: (إن تكن هناك غنائم فتول قبضها).
وبلغ ذلك أبا مسلم، فشق عليه، وقال: (إن أمير المؤمنين لم يأتمنني على ما هاهنا حتى استظهر على بأمين).
ودخلته من ذلك وحشة شديدة.
ولما بلغ المنصور إصلاح الشام كره المقام بمدينة أبي العباس التي بالأنبار، فسار بعسكره إلى المدائن، فنزل إلى المدينة التي تدعى (الرومية) وهي من المدائن على فرسخ، وهي المدينة التي بناها كسرى أنوشروان، وأنزلها السبي الذي سباه من بلاد الروم، فأقام المنصور بتلك المدينة.
وإن أبا مسلم انصرف فأخذ على الفرات حتى وافى العراق على الأنبار، وجاز حتى وافى كرخ بغداد (2)، وهي إذ ذاك قرية، ثم عبر دجلة من بغداد، وأخذ طريق خراسان، وترك طريق المدائن.
وبلغ ذلك أبا جعفر.
فكتب إلى أبي مسلم: أريد مناظرتك في أمور لم يحتملها الكتاب، فخلف عسكرك حيث ينتهي إليك كتابي، فاقدم على.
فلم يلتفت أبو مسلم إلى كتاب المنصور، ولم يعبأ به.
وكان مع المنصور رجل من ولد جرير بن عبد الله البجلي، واسمه (جرير بن يزيد بن عبد الله)، وكانت له خلابة، وتأت في الأمور، ومكيدة.
فقال له أبو جعفر: (اركب البريد حتى تلحق أبا مسلم، فتحاول رده إلي، فإنه قد مضى مغاضبا، ولا آمن إفساده على، وتأت في رده بأفضل التأني).
فسار الرجل حتى لحقه في بعض الطريق، وقد نزل بعض المنازل بعسكره، فدخل عليه مضربه.
فقال: (أيها الأمير، أجهدت نفسك، وأسهرت ليلك، وأتعبت نهارك في نصرة مواليك، وأهل بيت نبيك حتى إذا استحكم لهم الأمر، وتوطد لهم السلطان، ونلت أمنيتك فيهم تنصرف على هذه الحال، فما تقول الناس ؟ ألا تعلم أن ذلك مطعنة عليك، ومسبة، في حياتك، وبعد وفاتك ؟).
فلم يزل به حتى عزم على الانصراف معه إلى المنصور، وخلف عسكره بمكانه ذلك.
وسار منصرفا في ألف فارس من أفاضل من كان معه من جنود خراسان والقواد، وقد كان أبو مسلم يقول: إن المنجمين أخبروني أن لا أقتل إلا بالروم.
[ قتل أبي مسلم الخراساني ]:
حتى وافى أبا جعفر بالرومية، فدخل عليه، فقام إليه أبو جعفر، وعانقه، وأظهر السرور بانصرافه.
وقال له: (كدت تمضي من قبل أن أراك، وأفضي إليك بما أريد، فقم، فضع عنك ثيابك، وانزل حتى يذهب كلال السير عنك.
فخرج أبو مسلم إلى قصر قد أعد له. ونزل أصحابه حوله. فمكث ثلاثة أيام، يغدو كل يوم إلى أبي جعفر، فيدخل على دابته، حتى ينتهي إلى باب المجلس الذي فيه الإمام، فينزل، ويدخل إليه، فيجلس عنده مليا، فيتناظران في الأمور.
فلما كان في اليوم الرابع وطن له أبو جعفر عثمان بن نهيك، وكان على حرسه، وشبث بن روح، وكان على شرطته، وأبا فلان بن عبد الله، وكان على الخيل، وأمرهم أن يكمنوا في بيت إلى جنب المجلس الذي كان فيه.
وقال لهم: إذا أنا صفقت يدي ثلاثا فاخرجوا إلى أبي مسلم، فبضعوه.
وأمر الحاجب إذا دخل أبو مسلم أن يأخذ عنه سيفه.
وأقبل أبو مسلم، فدخل، وأخذ الحاجب سيفه.
فدخل مغضبا، وقال: - يا أمير المؤمنين، فعل بي ما لم يفعل بي مثله قط، أخذ السيف من عاتقي.
قال أبو جعفر: ومن أخذه لعنه الله ؟ اجلس، لا عليك.
فجلس، وعليه قباء أسود خز، ووضع له متكئا، ولم يكن في البيت غيرهما.
فقال أبو جعفر: (ما أردت بمضيك نحو خراسان قبل لقائي ؟) قال أبو مسلم: (لأنك وجهت في أثري إلى الشام أمينا في إحصاء الغنائم، أما وثقت بي فيها ؟).
فأغلظ له أبو جعفر الكلام.
فقال: (يا (أمير المؤمنين، أنسيت حسن بلائي، وفضل قيامي، وإتعابي نفسي ليلي ونهاري ؟ حتى سقت هذا السلطان إليكم).
قال أبو جعفر:
(يا ابن الخبيثة، والله لو قامت مقامك أمة سوداء لأغنت غناك، إنما تأتي لك الأمور في ذلك بما أحب الله، من إظهار دعوتنا أهل البيت، ورد حقنا إلينا، ولو كان ذلك بحولك وحيلتك وقوتك ما قطعت فتيلا، ألست يا ابن اللخناء الذي كتبت إلي تخطب عمتي آمنة بنت علي بن عبد الله ؟ وتزعم في كتابك أنك ابن سليط ابن عبد الله بن عباس، لقد ارتقيت مرتقى صعبا).
فقال أبو مسلم: يا أمير المؤمنين، لا تدخل على نفسك الغم والغيظ بسببي، فإني أصغر قدرا من أن أبلغ منك هذا.
فصفق أبو جعفر بكفيه ثلاثا، وخرج عليه القوم بالسيوف.
فلما رآهم أبو مسلم أيقن بالأمر، فقام إلى أبي جعفر، فتناول رجله ليقبلها، فرفسه أبو جعفر برجله، فوقع ناحية، فأخذته السيوف.
فقال أبو مسلم: أما من سلاح يحامي به المرء عن نفسه.
فضربوه حتى خمد.
وأمر به أبو جعفر، فلف في بساط، ووضع ناحية من البيت.
وقد كان أبو مسلم قبل دخوله على أبي جعفر قال لعيسى بن علي: (ادخل معي إلى أمير المؤمنين، فإني أريد معاتبته في بعض الأمور).
فقال له عيسى: (تقدم فإني على أثرك).
فأقبل عيسى حتى دخل على أبي جعفر، فقال: يا أمير المؤمنين، أين أبو مسلم ؟ قال أبو جعفر: (هاهو ذاك ملفوف في ذلك البساط).
قال عيسى: (أقتلته ؟ أنا لله، فكيف تصنع بجنوده ؟ وهؤلاء قد جعلوه ربا).
فأمر أبو جعفر فهيئت ألف صرة، في كل صرة ثلاثة آلاف درهم.
وأحس أصحاب أبي مسلم بالأمر، فصاحوا، وسلوا السيوف، فأمر أبو جعفر بتلك الصرر، فقذفت إليهم مع رأس أبي مسلم.
وصعد عيسى بن علي إلى أعلى القصر، وقال: يا أهل خراسان، إنما كان أبو مسلم عبدا من عبيد أمير المؤمنين، وجد عليه، فقتله، فليفرخ روعكم، فإن أمير المؤمنين بالغ آمالكم).
فترجل القوم وتناولوا تلك الصرر، كل واحد صرة، وترك الرأس مقذوفا.
ثم إن أبا جعفر وضع لأصحاب أبي مسلم العطاء، ووجه الأموال إلى عسكر أبي مسلم حيت خلفه، فأسنى لهم العطاء، وكتب كتابا، فقرئ عليهم، يبسط فيه آمالهم، وأجزل صلات القواد والأشراف منهم، فأرضاهم ذلك.
واستدفت الخلافة لأبي جعفر المنصور سنة ثمان وثلاثين ومائة، فوجه عماله إلى أقطار الأرض.
__________
(1) رطوبة مؤثرة في الأصل مكان مابين الحاصرتين.
(2) مكان بين المصراة ونهر عيسى، اتخذ سوقا، ورتب فيه كل صنف موضعه، وذلك أن أبا جعفر المنصور لما بني مدينة بغداد أمر أن تجعل الأسواق في طاقات المدينة بإزاء كل باب سوقا، ثم أشير على المنصور بإخراج الأسواق من المدينة حتى لا يوافي الجواسيس من الأطراف بعلة التجارة فيتجسسون الأخبار، فأمر ببناء السوق خارج المدينة، وسمى الكرخ لذلك.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|