المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الجليكوليبيدات  Glycolipids
8-5-2016
آثار الأقدام التحقيق
14-3-2016
مقاربة الناس في اخلاقهم أمنٌ من غوائلهم
5-3-2021
أنواع الحديث الصحفي- حديث الجماعة
2023-06-25
كُمَيل بن زياد
20-8-2016
مشطرات نباتية Mitogens
7-3-2019


أبو سفيان ابن الحارث  
  
10383   02:54 مساءً   التاريخ: 17-6-2017
المؤلف : ابتسام مرهون الصفار
الكتاب أو المصدر : الأمالي في الأدب الإسلامي
الجزء والصفحة : ص37-39
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-04-2015 2039
التاريخ: 25-12-2015 2644
التاريخ: 29-12-2015 2148
التاريخ: 27-1-2016 5257

 من شعراء قريش أيّام شركها أبو سفيان المغيرة بن الحارث. وهو ابن عمّ الرسولo ورضيعه، وكان محبّاً للرسولo قبل الدعوة وأشدّهم عداوة بعد البعثة ظلّ يؤذي الرسولo ويهجوه مدّة عشرين سنة وذكر أنّه كان له شعر قاله في الجاهلية فسقط، ولم يصل إلينا إلّا القليل.

أمّا ما روي من شعره في السيرة النبوية فيرى ابن سلام انّه منحول فيقول: ولسنا نعد ما يروي ابن إسحاق له، ولا لغيره شعراً، ولئن لا يكون لهم شعر أحسن من أن يكون ذلك لهم. [54]

وقد ذكر القرشي بدء مهاجاة حسّان مع أبي سفيان بن الحارث، وذلك انّ حسّاناً جاء إلى الرسولo وقال له: يا رسول الله: أنّ أبا سفيان بن الحارث هجاك وأعانه على ذلك الحارث بن هشام وكفّار قريش. أفتأذن لي أن أهجوه؟ فقال النبي: فكيف تصنع بي؟ فقال: أسلك منهم كما تسلّ الشعرة من العجين. قال: اهجهم، وروح القدس معك، وقولهo له: اذهب إلى أبي بكر فليحدّثك حديث القوم وأيّامهم وأحسابهم، ثمّ اهجهم. وفعلاً هجا حسّان أبا سفيان بن حارث في قصيدة مطلعها:

لقد علم الأقوام أنّ ابن هاشم

 

هو الغصن ذو الأفنان لا الواحد الوغد

 

كان آخرها:

وإنّ امرء كانت سمية أُمّه

 

وسمراء مغلوب إذا بلغ الجهد

 

قال أبو سفيان: هذا شعر لم يغب عنه ابن أبي قحافة ــ يعني أبا بكر ــ ولم يورد ابن سلام لأبي سفيان شعراً إلّا بيتين قالهما يوم أُحد وهما:

شقيتم بها وغيركم أهل ذكرها

 

فوارس من أبناء فهر بن مالك

حسبتم جلاد البيض حول بيوتكم

 

كأخذكم في العير أرطال آنك

 

أمّا ابن إسحاق فرواهما ضمن مقطوعة ختمت ببيت شعري يهجو فيه أبو سفيان بن الحارث حسّان بن ثابت، ويظهر عليه الوضع والانتحال؛ لأنّ معناه لا يمكن أن يصدر عن رجل مشرك بالله؛ لأنّه يرد على فخر حسّان بما غنمه المسلمون من القافلة التي كانت قريش قد حمّلتها أموالاً، ذهباً وفضّة، فيقول له أنت لست من المهاجرين، ولا من الأنصار الذي تحفّهم الملائكة، ولست ممّن يفخر بالنسك والإيمان:

فإنّك لا في هجرة إن ذكرتها

 

ولا حرمات الدين أنت بناسك

 

فكيف يذكر أبو سفيان بن الحارث الهجرة على أنّها مفخرة لا يحقّ لحسّان أن يفخر بها؟ وكذا حرمات الدين والنسك؟ أغلب الظنّ أن تكون المقطوعة التي أوردها ابن إسحاق موضوعة عدا البيتين اللذين ذكرهما ابن سلام. [55]

أمّا أبيات حسّان التي ردّ عليها أبو سفيان فهي (منها):

دعوا فلجات الشام قد حال دونها

 

جلاد كأفواه المخاض الأوارك

بأيدي رجال هاجروا نحو ربّهم

 

وأنصاره حقّاً وأيدي الملائك

إذا سلكت حوران من أرض عالج

 

فقولا لها: إنّ الطريق هنالك

 

وأشار حسّان في قصيدته الهمزية التي سنقف عندها ونحلّلها، إلى هجاء أبي سفيان للنبيo:

هجوت محمّداً فأجبتُ عنه

 

وعند الله في ذاك الجزاء

 

وفي ديوان حسّان قصيدة يهجو بها أبا سفيان بن الحارث، ويبدو أنّها ردّ على قصيدة قالها أبو سفيان لأنّه يخاطبه بقوله:

فلا تفخر بقوم لست منهم

 

ولا تك كاللئام بني هشام

 

ولكن قصيدة أبي سفيان لم يذكرها الرواة.

وذكر ابن سلام بيتين قالهما أبو سفيان بن الحارث في حسّان بن ثابت إلّا أنّه علّق عليهما بأنّ أهل العلم من أهل المدينة أخبروه انّ قدامة بن موسى بن عمر بن قدامة بن مظعون الجمحي قالها ونحلها أبا سفيان، وقريش ترويها في أشعارها، تريد بذلك الأنصار والردّ على حسّان.

وبعد إسلام أبي سفيان، اشترك في الغزوات، حتّى قيل أنّه دافع عن رسول اللهo وهو يرتجز شعراً في وقعة حنين. وفي هذه الوقعة بالذات ذكر ابن سعد أنّه قال شعراً كثيراً، وأنّه تركها لكثرتها. كما قال بعد ذلك أشعاراً. وآخر ما أُشير إليه قصائده التي قالها في رثاء الرسولo. ومع هذه الأوصاف ضاعت معظم أشعاره. أمّا التي قالها أيّام شركه فضياعها بسبب ما فيها من شتم وأقذاع للرسول الكريمo وأصحابه. وأمّا ضياع شعره الإسلامي فلابدّ أن يكون جزءاً من الكمّ الكبير الذي ضاع من الشعر العربي. [56]

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.