المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23
سبب غزوة أحد
2024-11-23
خير أئمة
2024-11-23
يجوز ان يشترك في الاضحية اكثر من واحد
2024-11-23

مصدر المبالغة
2023-03-11
مفاعل مُهَدَّأ بالجرافيت graphite-moderated reactor
28-10-2019
حكم خيار رؤية الاشياء المثلية في القانون
19-3-2017
وقعة بُعاث
4-5-2017
ملف خانق choking coil = choke
17-4-2018
معرفة المصطلحات القرآنية كالمحكم والمتشابه وغيره
2023-08-30


رحلة سياسيّة دينيّة  
  
2705   12:26 مساءً   التاريخ: 7-6-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص324-328.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /

كانت السنة الهجرية السادسة بكل حوادثها المرة والحلوة تقترب من نهايتها عند ما رأى رسول الله (صلى الله عليه واله) في المنام أنه دخل البيت ( الكعبة ) وحلق رأسه، وأخذ مفتاح البيت، وعرّف مع المعرفين، فقصّ (صلى الله عليه واله) هذه الرؤيا على أصحابه وتفاءل به خيرا.

ولم يلبث أن أمر أصحابه بالتهيّؤ للعمرة، ودعا القبائل المجاورة التي كانت لا تزال على شركها وكفرها الى مرافقة المسلمين في هذه السفرة، ولهذا شاع في جميع أنحاء الجزيرة العربية أن المسلمين سيتجهون في شهر ذي القعدة صوب مكة يريدون العمرة.

ولقد كانت هذه السفرة الروحانية تنطوي ـ مضافا إلى العطاء الروحاني والمعنوي ـ على مصالح اجتماعية وأهداف سياسية، فقد عززت مكانة المسلمين في شبه الجزيرة العربية، وتسببت في انتشار دين التوحيد في أوساط المجتمع العربي آنذاك، وذلك :

أولا : لأنّ القبائل العربية المشركة كانت تتصوّر أن النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) يخالف كل عقائد العرب، وتقاليدهم الشعبية، والدينية حتى فريضة الحج، والعمرة التي كانت تعد من ذكريات الاسلاف ومواريثهم.

من هنا كانوا يخافون رسول الله (صلى الله عليه واله) ويتوجسون خيفة من دينه، وعقيدته، ولكن رسول الله (صلى الله عليه واله) استطاع في هذه المناسبة ـ باشتراكه، واشتراك أصحابه في مراسيم العمرة أن يخفف هذا الخوف لدى القبائل المشركة إلى حدّ كبير، وأن يوضح بعمله أنّ رسول الإسلام لا يعارض زيارة بيت الله الحرام، والفريضة المذكورة التي تعد من طقوسهم الدينية، وتقاليدهم المذهبية، بل يعتبرها فريضة مقدسة، فهو مثل والد العرب الاكبر إسماعيل بن إبراهيم الخليل  (عليهما السلام) يعمل على المحافظة على هذه التقاليد الدينية، وبهذا استطاع رسول الله (صلى الله عليه واله) أن يستقطب قلوب من كان يتوهم أن رسالة محمّد  ودعوته، ودينه يعارض جميع شئونهم وتقاليدهم وأعرافهم الدينية، والشعبية، ويخالفها مخالفة مطلقة، ويقلّل من خوفهم، واستيحاشهم.

ثانيا : إذا استطاع المسلمون أن يحرزوا في هذا السبيل نجاحا، ويؤدوا مناسك العمرة في المسجد الحرام بحرية، أمام أعين الآلاف من المشركين، فان عملهم هذا بنفسه سيكون تبليغا ناجحا للإسلام، لأن أخبار المسلمين ستنتشر بواسطة المشركين الذين قدموا مكة من جميع المناطق لاداء مناسك العمرة، فسيحملون أنباء ما رأوه وشاهدوه من أفعال المسلمين الرشيدة، وأخلاقهم الفاضلة، إلى أوطانهم لدى عودتهم من مكة إلى بلادهم، وبهذا ينتشر نداء الإسلام في تلكم المناطق التي لم يستطع رسول الله (صلى الله عليه واله) ان يبعث إليها الدعاة والمبلغين حتى ذلك الحين، ويترك هذا الأمر أثره المطلوب.

ثالثا : إن رسول الله (صلى الله عليه واله) ذكّر الناس في المدينة بحرمة الأشهر الحرم وقال (صلى الله عليه واله) : وأمر المسلمين بأن لا يحملوا معهم من الاسلحة شيئا إلاّ السيف الذي يحمله كل مسافر معه.

ولقد جلب هذا الامر عواطف كثير من الغرباء عن الإسلام نحو هذا الدين، وغيّر من نظرتهم السلبية تجاه دعوة الإسلام، لأنهم شاهدوا بام أعينهم أن رسول الله (صلى الله عليه واله) يحرّم القتال في هذه الاشهر، ويدافع بنفسه عن هذه السنّة الدينية القديمة ويدعو إلى رعايتها خلافا لكل الدعايات التي كانت تبثها قريش عن أن الاسلام لا يحترم هذه الأشهر، ويجيز الاقتتال وسفك الدماء فيها.

لقد فكر القائد الاسلاميّ مع نفسه بانه لو أصاب المسلمون في هذا السبيل أيّ نجاح، فانهم يكونون قد حققوا أملا قديما من آمالهم التي طالما تشوقوا إلى تحقيقها.

كما أنه سوف يستطيع المهاجرون الذي طال بعدهم عن وطنهم، وأهليهم، أن يزوروا ذويهم وأقربائهم.

هذا إذا سمحت قريش لهم بدخول مكة.

وأمّا إذا منعتهم قريش عن الدّخول في الحرم فان مكانة قريش ستتعرض ـ حينئذ ـ لخطر السقوط في العالم العربي، وسيلومهم العرب على ذلك، لأن جميع ممثلي القبائل العربية المحايدة سترى كيف عاملت قريش جماعة مسالمة أرادت دخول مكة لأداء مراسيم العمرة، وزيارة الكعبة المعظمة، ولا تحمل معها أيّ سلاح إلاّ ما يحمله المسافر في سفره عادة، في حين يرتبط المسجد الحرام بالعرب كافة، وانما تقوم قريش بمجرّد سدانته، وادارة شئونه.

وهنا تتجلى حقانية المسلمين بشكل واضح، ويتضح عدوان قريش وينكشف للجميع بطلان مواقفها، فلا تستطيع قريش بعد ذلك أن تواصل تأليبها للقبائل العربية ضدّ الإسلام، وعقد تحالفات عسكرية واتحاد نظاميّ مع قواها المحاربة المسلمين لأنها قد منعت الزوّار المسلمين أمام أعين الآلاف من الحجيج والزائرين من حقهم المشروع.

لقد لا حظ رسول الله (صلى الله عليه واله) كلّ هذه الجوانب وغيرها فامر المسلمين بالتوجّه نحو مكة، وأحرم الف واربعمائه  أو الف وستمائة  أو الف وثمانمائة  في ذي الحليفة  وقلّد سبعين بدنة ( بعيرا ) وبهذا أعلن عن هدفه من تلك الرحلة.

ولقد أرسل رسول الله (صلى الله عليه واله) عينا له ليخبره عن قريش إذا وجدهم في أثناء الطريق.

ولما كان رسول الله بعسفان ( وهي منطقة بين الجحفة ومكة ) أتاه رجل خزاعيّ كان يتقصى الاخبار لرسول الله (صلى الله عليه واله) وقال : يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك، فعاهدوا الله أن لا تدخلها أبدا وهذا خالد بن الوليد  في خيلهم ( وكانوا مائتين ) قد قدّموها الى كراع الغميم. ( وهي موضع بين مكة والمدينة أمام عسفان بثمانية أميال ).

فلما سمع رسول الله (صلى الله عليه واله) بعزم قريش على منعه ومنع اصحابه من العمرة قال : يا ويح قريش، لقد أكلتهم الحرب ما ذا عليهم لو خلّوا بيني وبين سائر العرب، فان هم أصابوني كان الذي أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة، فما تظنّ قريش، فو الله لا أزال اجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله به، أو تنفرد هذه السالفة  ( أي أقتل أو أموت ).

ثم طلب رسول الله (صلى الله عليه واله) من يدلّه على طريق آخر غير الطريق الذي هم بها لكي يتجنب مواجهة طليعة قريش بقيادة خالد بن الوليد.

فتعهّد رجل من بني أسلم بذلك فسلك برسول الله (صلى الله عليه واله) وأصحابه طريقا وعرا كثيرة الحجارة بين شعاب حتى انتهوا إلى منطقة سهلة تدعى بالحديبية، فبركت هناك ناقة رسول الله (صلى الله عليه واله) فقال (صلى الله عليه واله) : ما هذا لها عادة، ولكن حبسها حابس الفيل بمكة .

ثم أمر رسول الله (صلى الله عليه واله) الناس أن ينزلوا في ذلك المكان فنزلوا.

ولما علمت طليعة قريش بمسير رسول الله (صلى الله عليه واله)، لحقت به، حتى اقتربت منه وحاصرت موكبه ورجاله فكان على النبيّ (صلى الله عليه واله) اذا أراد أن يواصل سيره باتجاه مكة ان يخترق صفوف رجال قريش، فيسفك دماءهم، ويعبر على أجسادهم، وحينئذ كان الجميع يرى أن رسول الله (صلى الله عليه واله) لا يهدف العمرة والزيارة بل يريد الحرب والقتال، فكان مثل هذا العمل يسيء إلى سمعة النبي (صلى الله عليه واله) ويضر بهدفه السلميّ.

ثم إن قتل هؤلاء النفر من طليعة قريش لا يزيل جميع الموانع من طريقه، لأن قريشا كانت تبعث بإمدادات مستمرة، ولم يكن لينته إلى هذا الحدّ.

هذا مضافا إلى أن المسلمين ما كانوا يحملون معهم حينذاك ـ إلاّ ما يحمله المسافر العاديّ من السلاح، ومع هذه الحال لم يكن القتال أمرا صحيحا، وحكيما بل كان يجب ان تحلّ المشكلة عن طريق التفاوض.

ولهذا عند ما نزل رسول الله (صلى الله عليه واله) في تلك المنطقة قال : لا تدعوني قريش اليوم إلى خطّة يسألونني فيها صلة الرحم إلاّ أعطيتهم إياها .

ولقد بلغ كلام رسول الله (صلى الله عليه واله) هذا مسامع الناس، وكان من الطبيعي أن يسمع به العدو أيضا، ولهذا بعثوا برجال من شخصيّاتهم إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) ليتعرفوا على هدفه الاصلي من هذا السفر.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.