أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-5-2017
3071
التاريخ: 29-3-2017
3554
التاريخ: 23-3-2022
1352
التاريخ: 28-3-2022
1803
|
ذُكر في التاريخ الإسلاميّ أنّ المهاجرين عندما وفَدوا إلى المدينة، استقبلهم الأنصار انطلاقاً من قاعدة المؤاخاة بحبٍّ وإيثار لم يَعرف تاريخ البشريّة مثلهما، وقد مدح الله - تعالى - الأنصار في محكم كتابه، فقال فيهم: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9].
وكان مما عرَضه الأنصار على المهاجرين أن يَقسموا بينهم أموالهم وأرضهم ودُورَهم، ولكن المهاجرين شكروا لهم كرَمهم، وعمِلوا في شتَّى ميادين الحياة مع إخوانهم الأنصار. وإليك نماذج من هذا الإحياء الاقتصاديّ:
1- إحياء الأرض:
بعد المؤاخاة بدأ المسلمون عمليّة مزارعة كبرى في المدينة، أعقَبتها حركة إحياء للأرض الزراعيّة المهملة، وَفقاً للقاعدة الشرعيّة التي وضعها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله في قوله: "مَن أحيا أرضاً مواتاً، فهي له" 1.
وقد أقطع الرسول صلى الله عليه وآله الإمام عليّ بن أبي طالب عيوناً بيَنبُع، اشتُهرت فيما بعد بوفرة مياهها، وعمِل فيها الإمام عليّ عليه السلام بنفسه.
كما أقطع الزبير بن العوام أرضاً بالمدينة، استثمرها في الزراعة في حياة الرسول صلى الله عليه وآله .
وقد اشتُهرت كثير من الأوْدِية التي انتشرت الزارعة بها في عصر الرسول، منها وادي "العقيق" الذي هو أهم أوْدِية المدينة، وفيه أموال أهل المدينة ومزارعهم.
كذلك من الأودية التي استُفِيد من أرضها بالزراعة "وادي القرى"، وعُرِفت في الطائف كثير من الأودية التي استُفِيد منها بالزراعة، أهمها وادي "وج"، ويقع غرب الطائف، وفيه كثير من المزارع والبساتين، كذلك وادي "ليه" ويقع شرق الطائف وبالقرب منها.
2- نهضة زراعيّة:
ولم يكن المهاجرون والأنصار وحْدهم الذين أقاموا النهضة الزراعيّة في المدينة المنورة، بل كان ضمنَ العاملين بالزراعة في المدنية المنورة (وغيرها من مدن الحجاز) أناس آخرون من القبائل العربيّة المنتشرة في مختلف مناطق الجزيرة، بل كان ثمّة أناس من خارج الجزيرة العربيّة أيضاً.
ومما يدل على وجود العاملين من غير أهل المدينة كثرة الموالي، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله حينما حاصر الطائف وأعلن عِتق مَن ينزل إليه من الموالي، نزَل إليه ثلاثة وعشرون عبداً من الطائف.
3- كفالة المهاجرين وتمكين الدولة الإسلاميّة:
وعندما دخل النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله المدينة وأقام في بيت أبي أيوب الأنصاريّ لمدة سبعة أشهر، قام الأنصار بالتنازل له صلى الله عليه وآله عن كل فضلٍ كان في خططهم، حتى يتمكَّن من تنظيم المدينة تنظيماً يسمح بكفالة إخوانهم المهاجرين، بل إنّهم قالوا للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله : "يا نبيَّ الله، إن شِئت فخُذ منازلنا، فقال لهم خيراً" 2.
4- تنظيم الريّ:
اعتماداً على تفويض الأنصار للنبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله في تنظيم أرض المدينة واقتصادها، بحيث يتحقَّق نسيج متجانس للمجتمع الإسلاميّ الجديد، قام صلى الله عليه وآله بتوجيه التعامل مع "الماء والزرع" تعامُلاً يَكفُل أقصى الفعاليّة في الاستفادة من الماء، فعندما كان رسول الله صلى الله عليه وآله بظريب - مقدمه من غزوة ذي قرد - قالت له بنو حارثة من الأنصار: يا رسول الله، ها هنا مسارح إبلنا، ومرعى غنمنا، ومخرج نسائنا ـ يعنون موضع الغابة ـ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : "من قطع شجرة فليغرس مكانها ودية" 3، فغرست الغابة 4.
وقضى صلى الله عليه وآله ، "في سبيل وادي مهزور أن يحبس الأعلى على الذي هو أسفل منه للنخل إلى الكعب، وللزرع إلى الشراك، ثم يرسل الماء إلى من هو دونه، ثم كذلك يعمل من هو دونه مع من هو أدون منه. قال ابن أبي عمير: المهزور موضع الوادي" 5.
وفيما يتعلق بالأرض ومعادنها أو زراعتها، قام النبيّ صلى الله عليه وآله بتوزيع الأرض المتروكة في المدينة على الصحابة، فأقطَع - عليه السلام - بلال بن الحارث معادنَ بناحية الفروع، أي: أرضاً فيها معادنُ 6.
كان النظام الاجتماعيّ في أرض الحجاز - وخاصة في مكّة - يعاني كثيراً من المشاكل بين الأعراق والأديان، في ظلّ جو من عدم المساواة في النظام الاقتصاديّ وعدم التسامح وحرب القبائل والسلب، وكانت تفصل بين الفقير والغنيّ هوّة كبيرة. فقد حلّت محل العدالة ممارسات غير عادلة، فكان يتمّ سحق الضعيف من قبل الغنيّ والقوي. وكان الإنسان يُظْلَمُ بسبب عرقه ودينه، ويعمل في ظروف قاسية, وبسبب النظام الربويّ في الحياة التجاريّة لم يكن الفقراء يتمكّنون من التمتع بالحياة الاقتصاديّة العادلة. أما الغنيّ فكان يستهلك المنتجات كافّة بشكل مفرط، حتى أنّه عمّت مثل هذه المفاسد في المجتمع، فكان عرب الجاهليّة يسلبون أموال القوافل التجاريّة ويعرضونها في السوق بأبخس الأثمان، وكان ذلك ينعكس على الأسعار في السوق التجاريّة. وكانوا يشكلون السوق السوداء أحياناً بإخفائهم للأموال التي في أيديهم. وقد أعطى القرآن معلومات عن الأعراب قبل الإسلام في أرض الحجاز، وهم الذين كانوا يشكّلون الغالبيّة العظمى قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وآله ، حيث أعلن الله - تعالى - أن هذا المجتمع الجاهليّ لا يفهم حديثاً، حيث يقول - تعالى -: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 97].
5- تطبيق النبيّ صلى الله عليه وآله للعدالة والتسامح:
ردّ النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله في العهد الذي عاش فيه كل المفاهيم الجاهليّة التي تؤمن بفضل اللسان، والعرق، والمستوى الاجتماعيّ والقومية, لأنّه صلى الله عليه وآله يتحلّى بتعاليم الإسلام التي تنهى بشدة عن مثل هذا التمايز بين الناس.
كما أعلن صلى الله عليه وآله لقومه الذين كانت العنصريّة (العصبيّة) منتشرة بينهم أنه لا أهمية للفروق القوميّة بين الناس البتة، وأن جميع الناس متساوون أمام الله، وأنّ المهمّ في الأمر هو صدق الإيمان قلبيّاً مع الله. وفي الوقت الذي كان النبيّ صلى الله عليه وآله يدعو فيه قومه إلى الإيمان بالله كان يأمرهم بعدم التفريق بين الناس بأيّ شكل من الأشكال ويقول: "أيّها الناس، إنّ ربّكم واحد، وإنّ أباكم واحد، لا فضل لعربيّ على عجميّ، ولا لعجميّ على عربيّ، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلّا بالتقوى، قال الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] . 7
________________
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|