اقتصاديات الاستزراع السمكي Economics of a quaculture

لإنتاج منتج بيولوجي مائي بتكليف منافسة وقابل للبيع ليحقق ربحا معقولا، فهناك وقتا متطلبا لبلوغ معارف بحثية علمية مؤدية لتطوير وتحسين التكنولوجيا وتطويع هذه التكنولوجيا لتطبيقها في الصناعة.

تختلف أهمية الأسماك المختلفة للسوق، وبالتالي يختلف سعرها، على أساس نظرية العرض والطلب، ومدى منافسة المنتج المحلي، ومدى دعمه لهذه المنافسة. وتزيد الاربحية من انواع معينة لكنها نادرة، كما تزيد الاربحية لو باع المنتج بنفسه انتاجه سواء كما هو او بعد تصنيعه، كما تزيد الاربحية من الاسماك لو بيعت لإعادة تخزينها في المجاري المائية سواء للهواة لإعادة صيدها، أو للمنتجين لغذاء الإنسان من الأسماك.

ولما كان النقل يؤذي السمك، وينتج عنه امراض وضغوط بيئية تعرض السمك للعدوى، فان السمك المنزلي (المحلي) يكون اكثر امتيازا. وتشكل الرعاية في حد ذاتها جزء او كل الدخل للمزارعين المدربين.

وإن لمن المألوف ألا تربح مزارع السمك في الأحواض الحديثة، بينما إنتاج السمك لإعادة تخزينه يكون مربحا، وهذه حقيقه معروفه. فيجب عمل حساب نسبة كبيرة للمخاطر الناجمة من أمراض السمك، وظروف الطقس، والطفيليات والمفترسات، وظروف المياه، ومتبقيات التسويق. وقد يزيد الربح عند تعدد أنواع السمك في ذات المزرعة، مما يزيد الإنتاج في الحوض.

وأخيرا يجب معرفة أن السمك ليس آلات يمكن توقع أداء معين منها، إذ أن الافتراضات الموضوعة لأداء نموها عادة ما تكون أكثر من متفائلة ، بما يخفض معها ظاهريا من تقدير التكاليف (على أساس كثرة الإنتاج). وعموما فإن نظم رعاية السمك الحديثة تتطلب أشخاصاً ذوى خبرة ومهارات فائقة في ميادين شتى، وحتى الآن لا توجد برامج تدريب مقبولة لإعداد هذه المهارات، بل كل شيء متروك للملاحظات الفردية.

الطلب Demand:

ويقصد به العلاقة بين كميات المنتج والمستهلك الذى سيشترى وهى علاقة تحددها عوامل مثل سعر المنتج ومستوي دخل المستهلك وأسعار المنتجات البديلة وحجم السوق أو العشيرة المستهلكة للمنتج. وهذه العلاقات محددة بذوق وتفضيل المستهلك.

سعر المنتج Price of the product:

هناك علاقة بين الطلب والسعر، إذ يشترى المستهلك كميات أكبر من المنتج ذي الأسعار الأقل عن ذي الأسعار الأعلى، ولذلك فالمدى الذى ينخفض إليه السعر ليزيد الاستهلاك يعد ذا أهمية في صناعة مزارع الأسماك، إذ أن الأنواع التي تنخفض أسعارها ويزيد استهلاكها تعد أصنافا غير حيوية اقتصاديا. فنمو الصناعة بوجه عام يتوقف على امتداد وتوسع الإنتاج الذى يعتمد جزئيا على ارتباطه بالسعر الذى يرتبط بالتالي بالمعروض.

مستوي دخل المستهلك Consumer income level:

هناك من المؤشرات ما يدلل على أنه داخل مدى معين من الدخول فإن الطلب على المنتجات البحرية يقل بزيادة مستويات الدخل وتفسير ذلك ربما ارتفاع سعر المنتجات البديلة الأخرى (والتي قد تكون بحرية كذلك) بما يوافق الزيادة في الدخل وذلك ثابت مثلا لبعض الأنواع كالسالمون المعلب. وإن كان هذا الفرض أو العلاقة ليست مميزة لمعظم المنتجات البحرية.

اسعار الاغذية الاخرى Price of other foods

يتأثر المطلوب من المنتجات المائية بأسعار الأغذية الأخرى البديلة والتي قد تكون مائية الأصل كذلك. ويتوقف الإحلال في هذه السلع على معايير منها القوام والمحتوى الغذائي للمنتج، وتختلف درجة وطبيعة الإحلال على الصور التي يباع عليها المنتج وكذلك على ما إذا كان المنتج يصل في صورة نهائية ليد المستهلك ام هي ضمن مكونات تداخل في منتجات آخري.

عدد المستهلكين Number of consumers:

يزداد عد المستهلكين طبيعيا بزيادة تعداد السكان أو من خلال تغييرات العمر والجنس والنوع لعشيرة ما، ففهم دور هذه العوامل في طلب المستهلك للمنتجات المائية يساعد على توجيه الاقتصاد الحيوي ويفسر نمو صناعة المزارع السمكية. وقد يتحكم المنتج في حجم عشيرة الاستهلاك من خلال عمليات الإعلان والتصدير.

ويمكن تلخيص العوامل الاقتصادية المؤثرة على عائد المزارع السمكية فيما يلى:

تكاليف التغذية (وهى أكبر عامل من عوامل اقتصاديات الإنتاج، إذ تبلغ حوالى ٥٠٪ . من إجمالي تكاليف الإنتاج وأقل تغييرات في سعر العلف وفي كفاءة التحويل الغذائي يكون لها عظيم الأثر في الإنتاج. والبروتين الحيواني والحبوب هي أهم مكونات علف الأسماك، ويتنافس مع السمك فيها الاستخدامات الزراعية الأخرى وفي ظروف معينه كذلك استهلاك الإنسان ذاته)، بالإضافة إلى الفقد الناتج من الأمراض والافتراس، وطرق الإنتاج المثلى، ومشاكل التسويق (التي تمتد من الإنتاج الى الاستهلاك، فهي تتناول عمليات الحصاد والنقل والتجهيز والتخزين حتى البيع للمستهلك وما يتخلل هذه العمليات من تلف وتدهور في الصفات والمفروض أن يصل السمك للمستهلك بنفس الجودة المصاد بها).

وبجانب الأسماك فهناك كثير من الحيوانات الأخرى الهامة للإنسان والغير مستغلة استغلالا كافياً كالإسفنج، القشريات (جمبري ، كابوريا أو أبو جلمبو، استاكوزا) والمحاريات أو الصدفيات (مثل أم الخلول، البصر، السرمباق، الملخ)، هذا بجانب الطيور المائية (كالبط والغر والشطرف والبلاشون واللقاط والبلبول والشرشير والخضيري والبشاروش والسمان) والأصداف واللؤلؤ والطحالب.

إن السمك أكفأ من الإنتاج النباتي واللبن معاً ومن إنتاج الدواجن من حيث قيمة الإنتاج الصافية لوحدة المساحات ومن حيث المكسب (الربح) لكل وحدة سعر في رأس المال الثابت ومن حيث الربح لكل وحدة من المساحة المنتجة، إلا أن السمك قد يتطلب رأس مال ثابت كبير. فقد وجد أن صافي الدخل الفدانى النقدي في المتوسط ۲۱۹ جنيه الفدان من انتاج السمك، بينما متوسط صافي الدخل من الاستغلال النباتي للفدان من الأراضي المستصلحة من نفس البحيرة (المنزلة) حوالى 113 جنيه، كما أن العائد على رأس المال كان أعلى في زراعة السمك (19-50 ٪ حسب مساحة المزرعة) عنه في زراعة الأراضي المستزرعة نباتيا من البحيرة (14 ٪) . إلا أن العائد من الفدان في مناطق هذه البحيرة متباين (٨-٤٨٢ جنيه / فدان / سنه) حسب المنطقة ونوع الإنتاج (في مزارع أو حوش) وغزارة السمك وخصوبة المياه وانتشار التلوث إلى غير ذلك من العوامل. وتتوقف اقتصاديات مزرعة الأسماك على عوامل منها:

1- مساحة الأحواض: فكلما زادت مساحة الحوض تنخفض تكاليف الإنشاء، وينخفض سعر الكيلو من المنتج ويزيد العائد الصافي السنوي لكل وحدة مساحة وتزيد الأربحيه.

٢- كثافة الإنتاج: ففي مثال إسرائيلي وجد أن الأربحيه في المزارع شبه المكثفة كانت أفضل من المزارع التقليدية أو المكثفة لزيادة تكاليف الإنتاج المكثف وإن كان العائد من زراعة المبروك في تشيكوسلوفاكيا قد زاد بزيادة كثافة المزارع، وفي بولندا وجد أن زيادة كثافة الإنتاج تزيد تكاليف التغذية وتخفض بشدة من التكاليف الثابتة مما يزيد الأربحيه والعائد بزيادة كميات العلف المستهلك/ وحدة مساحة أي بزيادة كثافة الإنتاج.

3- مستوى التسميد: فقد وجد في روسيا أن زيادة التسميد تزيد الإنتاج ومعدل الحيوية وتحسن من الكفاءة الغذائية وتخفض من تكاليف التغذية / كجم وزن سمك ، كما في مثال إسرائيلي فإن التسميد يقلل تكاليف التغذية ويزيد الربح وإن اختلف قدر التحسين باختلاف نوع السماد، فكان زرق الطيور أفضلها في العائد الاقتصادي يليه السماد السائل فالسماد الكيماوي.

٤- كثافة الزريعة / وحدة مساحة: وجد في روسيا أن بزيادتها يزيد الإنتاج / وحدة مساحة لكن ينخفض الوزن الفردي للسمك وتنخفض نسبة الحيوية وتقل الكفاءة الغذائية.

الزراعة السمكية تقدم فرص عمل :Aquaculture provides jobs

يمكن خفض البطالة وترك السكان لأراضيهم وهجرتها بتشغيلهم في مشاريع الزراعة المائية المكثفة التي تتطلب عمالة أكثر من عمليات صيد السمك من مصادرة الطبيعية وأكثر من الإنتاج الحيواني الأرضي فالزراعة المائية تتطلب عمالة ماهرة وغير ماهرة. وفي تقرير من تايوان يوضحه الجدول التالي:

الإنتاج السنوي والعمالة المتطلبة سنوياً للزراعات المائية مقارنة بالإنتاج الحيواني:

فإنتاج سمك اللبن في الماء الشروب يعطى أعلى إنتاج / هكتار، وأقل محصول سنوي للعامل، مؤديا إلى أعلى تكاليف إنتاج / كجم سمك. بينما إنتاج المبروك والبلطي من الماء العذب أقل في تكاليف إنتاجه عن سمك اللبن لاحتياجه نصف كمية العمالة. كما أن إنتاج المحار تكاليفها أقل لقلة العمالة المتطلبة. وإنتاج الخنازير يتطلب عمالة أقل من احتياجات المزارع المائية السمكية لكن تكاليف إنتاجه أكبر من أي من طرق الزراعة المائية نتيجة لارتفاع تكاليف التغذية.

والعمالة التي تخلق لها فرص العمل في الإنتاج المائي قد تكون مستديمة أو مؤقتة (في أثناء الحصاد فقط). وفي تقرير الماني عن العمالة والإنتاجات الحيوانية المختلفة يتضح أن إنتاج وحدة الدواجن الألية عشرون ضعف إنتاج الخنازير المكثف في السنة لكل وحدة عمالة. وبالنسبة للإنتاجات المائية كان المحار أعلاها إنتاجا سنويا / عامل، والإنتاج المتواضع من المبروك كان راجعاً لعدم إضافة تغذية صناعية لأحواض الصرف الصحي المربى فيها المبروك فأنتجت 30 طن لحوم / عامل / سنة.

الاحتياجات من العمالة والإنتاج الحيواني في صور مختلفة:

اربحية الزراعة المائية The profitability of aquaculture

لا يمكن عمل حسابات تكاليف وعوائد يمكن تعميمها، لتعدد المتغيرات المأخوذة في الاعتبار عند عمل هذه الحسابات. وهذا يتوقف على طرق الزراعة المائية، أنواع السمك، المؤثرات الاجتماعية والاقتصادية لكل بلد. كما أن نقص الإحصائيات المتاحة تزيد من صعوبة الموضوع. فتختلف كثيراً المصروفات التأسيسية (سعر شراء الأرض، تكاليف بناء الأحواض والحظائر ومباني الخدمات، تغييرات سنوية) وتكاليف الإنتاج (ثمن قطيع السمك والتغذية والأسمدة والوقود والأجور) لزراعة كل كائن مائي ولكل طريقة وفي كل منطقه مما يجعل من الصعب عمل حسابات دقيقة مقدماً. لكن لو تم تسجيل دقيق لأوجه الإنفاقات والإيرادات لكل نظام زراعة مائية تحت الظروف المختلفة لأمكن حساب الأربحية.

وفي أحد مشاريع زراعة السمك في أحواض ماء عذب (مزرعة مختلطة للبلطي مع أحد أنواع أكلات اللحوم) حسبت مكاسب سنوية 32٪ من تكاليف الإنتاج، أو ربح صاف 22٪ من تكاليف الإنشاءات. وإذا كانت أسرة الإنتاج هي المالكة للمشروع فبالطبع ستقل تكاليف الإنتاج ويزيد الربح الصافي. وإذا أضيفت تغذية صناعية يزيد الربح الصافي لأعلى من 50٪ من تكاليف الإنشاء (خاصة لو كانت التغذية رخيصة ومن مخلفات متوفرة كما حدث في السلفادور بالتغذية على لب بذور البن Coffee pulp بنسبة 30٪ من العليقة). فأدت التغذية الإضافية وجودة الاستفادة منها في البلطي إلى زيادة الإنتاج. كما يزيد الإنتاج بتوحيد الجنس عند زراعة هجن البلطي المذكرة فقط ، حيث لها استفادة عالية من الغذاء ونمو أسرع.

وفي دراسة لمنظمة الأغذية والزراعة لتقدير أربحية زراعة البلطي منفرداً أو مع خنازير في أفريقيا الوسطى، اتضح أن الربح الصافي شكل 5٪ من تكاليف الإنشاء، أو 20 ٪ من الدخل الكلى. وزيادة الإنتاج بمعدل طن / هكتار تزيد الربح إلى ٨٪ من تكاليف الإنشاءات أي ٢٨٪ من تكاليف الإنتاج.

وهذه الدراسات القليلة توضح صعوبة تعميم وتطبيق التقديرات المختلفة، لتباين العوامل المحددة لهذه الدراسة. فالمتغيرات عديدة (مثل وضع السوق، وأسعار الأرض والغذاء والسماد) وهامة عند اختيار أكثر أنظمة الزراعة المائية ملاءمة لإنتاج البروتين، وهى تحدد إذا ما كانت طريقة الإنتاج التي ستتبع مكثفة أو غير مكثفة، وأي الكائنات المائية يجب زراعتها، فإنتاج السمك متباين جدا ويتراوح ما بين 50 - 1000000 كيلو / هكتار حسب نظام الزراعة والتغذية ونوع السمك وخلافه. وفي إسرائيل مثلا متوسط إنتاج الهكتار من المبروك والبلطي سنويا حوالي ۲۹۰۰ كجم، رغم آن انتاج ۱۰۰۰۰ كجم ممكن في الزراعة المكثفة. وإنتاج المبروك في أحواض مسمدة في إسرائيل 500 كجم / هكتار بينما في الزراعة المكثفة 2100 كجم، وفي إندونيسيا في مياه الصرف يبلغ ١٢٥٠٠ كجم / هكتار/سنة. والقراميط في الولايات المتحدة الأمريكية تنتجها في أحواض غير مكثفة بمعدل ٢٠٠ كجم / هكتار وفي مزارع مكثفة 3400 كجم/ هكتار / سنة. وهذه الأرقام توضح تباين المحصول حسب طريقة الإنتاج والبلد.