المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

جوجان ، جان موتيه
4-11-2015
المصطلحات الاعلامية
3-1-2021
المنظمة الدولية للشرطة الجنائية والجريمة المنظمة
1-7-2019
Common Nouns
1-4-2021
صفات كتاكيت اللحم
5-5-2022
Percy Alexander MacMahon
1-3-2017


الغدر بالدعاة الى الإسلام وقتلهم  
  
3098   11:22 صباحاً   التاريخ: 28-5-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏2،ص198-202.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /

لقد مشت جماعة من قبيلتي عضل  و القارة  إلى رسول الله (صلى الله عليه واله) وقالوا ـ وهم يضمرون المكر ـ يا رسول الله (صلى الله عليه واله) إن فينا إسلاما فاشيا فابعث معنا نفرا من أصحابنا يقرءوننا القرآن، ويفقهوننا في الاسلام.

فرأى رسول الله (صلى الله عليه واله) أن من واجبه الاستجابة لمطلب تلك الجماعة التي كانت تمثل قبائل كبرى، وكما رأى المسلمون أيضا أن من واجبهم أن يستفيدوا من هذه الفرصة مهما كلّف الثمن.

من هنا بعث رسول الله (صلى الله عليه واله) جماعة بقيادة مرثد بن أبي مرثد الغنويّ  مع تلك الجماعة إلى القبائل المذكورة.

فخرج هؤلاء المبلغون ووفد القبيلتين من المدينة متوجّهين الى حيث تتواجد عضل  و قارة ، ولمّا كانوا بماء يسمى الرجيع تقطن عنده قبيلة تدعى هذيل  كشف مندوبو القبيلتين عن نواياهم الشرّيرة، واستصرخوا هذيلا وكمينا من رجالهم، وكانوا مائة رام وبأيديهم السيوف فأحاطوا بالدعاة يريدون أسرهم ثم قتلهم وابادتهم!!

فلم ير المبلّغون بدّا ـ وهم محاطون بتلك الجماعات المسلحة ـ من اللجوء الى سيوفهم والدفاع عن أنفسهم.

ولكن العدوّ قال : ما نريد قتالكم، وما نريد إلاّ ان نصيب منكم من أهل مكة ثمنا، ولكم عهد الله وميثاقه لا نقتلكم!!

فنظر الدعاة بعضهم الى بعض، وقرر أكثرهم المقاومة وعدم الرضوخ لهذا العرض الغادر، والخطة الماكرة، وقال أحدهم : إني نذرت أن لا أقبل جوار مشرك  ثم جعلوا يقاتلون القوم قتال الرجال الابطال، حتى قتلوا إلاّ ثلاث هم : زيد بن دثنّة ، و خبيب بن عديّ ، و عبد الله بن طارق البلويّ  فقد أغمد هؤلاء سيوفهم وسلّموا، فأخذوا ووثّقوا بأوتار قسيّهم، ولكن عبد الله  ندم على فعله، فنزع يده من رباطه ثم أخذ سيفه، وراح يقاتلهم حتى قتلوه رميا بالحجارة، وقد انحازوا عنه وهو يشدّ فيهم وينفرجون عنه، ودفن في مر الظهران.

ثم أخذوا الأسيرين الآخرين خبيب و زيد وقدموا بهما مكة فباعوهما لأهل مكة!!

فأمّا زيد بن الدثنّة فقد اشتراه صفوان بن أميّة  وقتله ثأرا لابيه، ولقتله قصة عجيبة سطر فيها أروع آيات المقاومة والوفاء والاخلاص.

فقد اشتراه صفوان بن أميّة  كما أسلفنا ليقتله بأبيه، وقد حبسه صفوان في الحديد، وكان يتهجّد بالليل ويصوم بالنهار، ولا يأكل شيئا مما اتى به من

الذبائح، وهو في الاسر والحبس.

ثم إنه اخرج إلى التنعيم   ليصلب على مرأى حشد كبير من الناس.

فرفعوا له جذعا، فقال : دعوني أصلّي ركعتين، فصلّى ركعتين، ثم حملوه على الخشبة ثم جعلوا يقولون له : يا زيد ارجع عن دينك المحدث، واتّبع ديننا، ونرسلك فيقول : والله لا افارق ديني أبدا.

فقال له أبو سفيان فرعون مكة وأشدّ المتآمرين على الاسلام ومدبر أغلب الحروب ضد رسول الله، والمسلمين : أنشدك بالله يا زيد أيسرّك أن محمّدا في أيدينا مكانك وأنت في بيتك؟. فقال زيد بشجاعة ووفاء عظيمين : ما يسرّني أنّ محمّدا اشيك بشوكة واني في بيتي، وجالس في أهلي!!!

وقد كان لهذه الكلمة أثر الصاعقة في نفس طاغية مكة أبي سفيان فقال : ما رأينا أصحاب رجل قطّ أشدّ حبّا من أصحاب محمّد بمحمّد!!

ولم تمض لحظات إلاّ وصار زيد  على خشبة الاعدام وطارت روحه الى خالقها، ومضى ذلك المسلم الوفيّ، والمؤمن الشجاع شهيد الثبات في طريق العقيدة، والدفاع عن حياض الدين.

واما خبيب  فقد حبس مدة من الزمان حتى قرّر ندوة مكة قتله، فخرجوا به الى التنعيم ليصلبوه وخرج معه النساء والصبيان والعبيد وجماعة من أهل مكة، فقال لهم : إن رأيتم ان تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا، فقالوا دونك فاركع.

فركع ركعتين أتمّهما وأحسنهما ثم اقبل على القوم وقال : أما والله لو لا أن تظنّوا أنّي إنما طوّلت جزعا من القتل لاستكثرت من الصلاة!!

ثم رفعوه على خشبة ثم وجّهوه الى المدينة، وأوثقوه رباطا، ثم قالوا له : ارجع عن الاسلام، نخلّ سبيلك.

قال : لا والله ما أحبّ أنّي رجعت عن الاسلام وأنّ لي ما في الأرض جميعا.

فقالوا : أمّا واللات والعزّى لئن لم تفعل لنقتلنّك!

فقال : إن قتلي في الله لقليل، فلمّا أبى عليهم وقد جعلوا وجهه من حيث جاء ( أي نحو المدينة )، قال : أما صرفكم وجهي عن القبلة، فان الله يقول : فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ  ثم قال : اللهم إني لا أرى إلاّ وجه عدوّ، اللهم أنه ليس هاهنا أحد يبلّغ رسولك السلام عنّي فبلّغه أنت عنّي السلام.

ثم دعا على القوم وقال : اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا.

ثم دعوا أبناء من أبناء من قتل ببدر فوجدوهم أربعين غلاما، فأعطوا كل غلام رمحا، ثمّ قالوا هذا الّذي قتل آباءكم، فطعنوه برماحهم طعنا خفيفا فاضطرب على الخشبة فانقلب، فصار وجهه الى الكعبة، فقال : الحمد لله الّذي جعل وجهي نحو قبلته التي رضي لنفسه ولنبيه وللمؤمنين!!

فأثارت روحانيته الكبرى، وطمأنينته العظيمة غيض أحد المشركين الحاضرين، وهو عقبه بن الحارث  وتملكه غضب شديد من إخلاصه للاسلام فأخذ حربته وطعن بها خبيبا طعنة قاضية، قتلته، وهو يوحّد الله ويشهد أن محمّدا رسول الله.

ويروي ابن هشام أن خبيبا أنشد قبل مقتله أبياتا عظيمة نذكر هنا بعضها :

إلى الله أشكو غربتي ثمّ كربتي

                   وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي

فذا العرش صبّرني على ما يراد بي

                   فقد بضّعوا لحمي وقد ياس مطمعي

وذلك في ذات الاله وأن يشأ

                   يبارك على أوصال شلو ممزّع

وقد خيّروني الكفر والموت دونه

                   وقد هملت عيناي من غير مجزع

وما بي حذار الموت أني لميّت

                   ولكن حذاري جحم نار ملفّع

فو الله ما أرجو إذا متّ مسلما

                   على أي جنب كان في الله مصرعي

فلست بمبد للعدوّ تخشعا

                   ولا جزعا إنّي إلى الله مرجعي

وقد أحزنت هذه الحادثة الاليمة رسول الله (صلى الله عليه واله)، وكذا جميع المسلمين.

وأنشد فيهم حسان بن ثابت  أبياتا ذكرها ابن هشام في سيرته، كما أنه هجا هذيلا في أبيات اخرى لارتكابهم هذه الجريمة النكراء.

ولقد خشي رسول الله (صلى الله عليه واله) أن تتكرر مثل هذه الجريمة النكراء، وبذلك يواجه رجال التبليغ والدعوة الذين كان يعدهم بصعوبة بالغة مصاعب في سبيلهم، ويتعرضوا لخسائر لا تجبر، وعمليات غدر واغتيال اخرى.

وقد بقي جثمان هذا المسلم المجاهد على الخشبة مدة من الزمن، يحرسه جماعة من المشركين حتى قام رجلان قويّان شجاعان من المسلمين بانزاله من فوق الصليب ليلا، ومن ثم دفنه بأمر رسول الله (صلى الله عليه واله).




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.