المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الكفاءة بين الزوجين في الاسلام  
  
4967   11:17 صباحاً   التاريخ: 19-5-2017
المؤلف : عباس الذهبي
الكتاب أو المصدر : الأسرة في المجتمع الاسلامي
الجزء والصفحة : ص37-38
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مقبلون على الزواج /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-8-2022 1506
التاريخ: 14-1-2016 2320
التاريخ: 23-5-2018 1838
التاريخ: 2024-06-13 700

لقد أشار القرآن الكريم إلى هذه المسألة بصورة صريحة ، قال عزّ من قائل:{الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ}[النور:26]. وهذه الرؤية القرآنية نجد تأكيداً عليها في السيرة النبوية المطهّرة ، خصوصاً وأنّ المساواة بين غير المتكافئين ظلم واجحاف لايقرّه الشرع ولا ينسجم مع منطق العقل.

قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): (وانكحوا الأكفاء ، وانكحوا فيهم ، واختاروا لنطفكم)(1).

وفي هذا السياق يُحدد الإمام الصادق (عليه السلام) الخطوط العامّة للكفاءة الزوجية بقوله : (الكفوء أن يكون عفيفاً وعنده يسار)(2) وعند التمعن في هذا الحديث نجد أنّ الإمام (عليه السلام) يركّز على أهمية توفّر شرطين أساسيين في الكفاءة يتوقف عليهما نجاح الحياة الزوجية وضمان استمرارها، وهما الشرط الأخلاقي المتمثل بالعفة، والشرط الاقتصادي المتمثل باليسار.

وبتعبير آخر أنّه يرى أنّ الكفاءة التامة تتحقق بتوفر البعدين المعنوي والمادي معاً، فميزان الكفاءة الحقّة ـ إذن ـ يجب أن يقوم في إحدى كفتيه على الأخلاق والفضيلة، وعلى التمكن من الانفاق في الكفة الاُخرى، هذه هي النظرة الواقعية للكفاءة، فالإسلام لا يريد من الرجل أن يكون راهباً يقبع في أحد زوايا الدار أو المسجد للعبادة والنسك ويترك زوجته وأطفالها عرضة لعوامل الفقر والفاقة، كما لا يرتضي أن يكون غنياً في غاية الثراء ولكن لا رصيد له من الفضيلة والعفة.

كان أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لما خطب فاطمة (عليها السلام) فقيراً حتى إنّ نساء قريش قد عيّرنها بفقره ، فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : (أما ترضين يا فاطمة أن زوجتك أقدمهم سلماً ، وأكثرهم علماً ، إن الله تعالى أطلع إلى أهل الأرض اطلاعة فاختار منهم أباك فجعله نبياً ، وأطلع إليهم ثانية فاختار منهم بعلك فجعله وصياً ، وأوحى الله إليَّ أن أنكحك إياه ..) فضحكت فاطمة عليها السلام واستبشرت .. (3).

هذا الموقف الذي سجّله التاريخ بسطور من نور ، يُعطي الشباب درساً في الاختيار السليم لكي يضعوا نصب أعينهم الكفاءة المعنوية ويمنحوها الأولوية.

وما تقدم شاهد عملي من السُنّة على أهمية مراعاة الكفاءة بين الزوجين وليست الكفاءة منوطة بزخرف الحياة المادية بقدر ما تتحقق بالتماثل والتشابه من السجايا والطباع ، وقد (أعربت عن ذلك زوجة معاوية ، وقد سئمت في كنفه مظاهر الترف والبذخ والسلطان والثراء ، وحنّت إلى فتى أحلامها كان خلواً من كلِّ ذلك ـ فقد كانت مطلّقة وتزوّجت من معاوية ، فلم تذق معه طعم السعادة ولم ترضَ عن أخلاقه ـ فأنشدت :

لبيت تـخفـق الأرواح فـيـه            أحبُّ إليَّ من قصـر منيف

ولـبس عباءة وتـقر عيـني            أحبُّ إليَّ من لبس الشفوف

وخرق من بني عمـي نجيب         أحبُّ إليَّ من علج عنيف (4).

إذن من الأهمية بمكان أن توجد حالة من التكافؤ بين الزوجين ، وعلى الخصوص في الجانب الإيماني والاخلاقي والعلمي ، وقد أشار الفقهاء إلى هذه المسألة المهمة ، يقول المحقق الحلي قدس سره :(الكفاءة شرط في النكاح، وهي التساوي في الإسلام ، وهل يشترط التساوي في الإيمان؟ فيه روايتان ، أظهرهما الاكتفاء بالإسلام ، وإن تأكّد استحباب الإيمان ، وهو في طرف الزوجة أتمّ ؛ لأنّ المرأة تأخذ من دين بعلها ..)(5).

____________

1ـ وسائل الشيعة 14 : 29 باب استحباب اختيار الزوجة.

2- من لا يحضره الفقيه 3 : 249 باب الاكفاء.

3- الارشاد / الشيخ المفيد : 24.

4- أخلاق أهل البيت عليهم السلام / السيد مهدي الصدر : 453 ـ 454 دار الكتاب الاسلامي.

5- شرائع الإسلام / المحقق الحلي 2 : 525 كتاب النكاح.

 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.