أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-3-2018
1110
التاريخ: 3-3-2018
1375
التاريخ: 3-3-2018
1026
التاريخ: 7-08-2015
1159
|
هذه حجتنا :
نعتقد - نحن الشيعة - أن الله تعالى حكيم ، منزه عن فعل اللغو والعبث ، ومن المعاني التي فسرت بها الحكمة أنها وضع الأشياء في مواضعها ، وقد قال تعالى وهو أصدق القائلين : * {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} [الحجر: 85] وقال عز وجل : {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} [الأنبياء: 16] وقال تعالى : {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا} [ص: 27] وقال عز وجل : {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115] وقال تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] .
وقد اقتضت حكمته تعالى أن يبعث إلى الناس رسلا { مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [البقرة : 213 والنساء: 165 والأنعام : 48] يخرجونهم من الظلمات إلى النور ، ويقربونهم إلى الطاعات ، ويبعدونهم عن المعاصي ، ليحيى من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة .
وكان خاتمة هؤلاء الرسل هو أشرفهم النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) " ابتعثه الله تعالى إتماما لأمره ، وعزيمة على إمضاء حكمه ، وإنفاذا لمقادير حتمه ، فرأى الأمم فرقا في أديانها، عكفا على نيرانها ، عابدة لأوثانها ، منكرة لله مع عرفانها ، فأنار الله بمحمد ( صلى الله عليه وآله ) ظلمها ، وكشف عن القلوب بهمها ، وجلى عن الأبصار غممها ، وقام في الناس بالهداية، وأنقذهم من الغواية ، وبصرهم من العماية ، وهداهم إلى الدين القويم ، ودعاهم إلى الطريق المستقيم " (1) .
وكان ذلك منه ( صلى الله عليه وآله ) في ثلاث وعشرين عاما من عمره الشريف يدأب ليل ونهارا في هداية الناس والدعوة إلى الله تعالى ، وألف بين قلوبهم ، مكابدا كيد الأمة التي جهلت قدره ومكانته ، فحاربته وسعت إلى قتله ، وحاولت القضاء على دعوته .
وكان من عناية الله تعالى برسوله أن هيأ له من يحميه من كيد المتربصين .
ولولا أبو طالب وابنــه * لما مثل الدين شخصا فقامـــا
فهذا بمكة آوى وحامى * وهذا بيثرب قد لاقى الحماما .
وكان من ورائهما السيدة الجليلة خديجة ( عليها السلام ) التي بذلت جميع ما تملك – وكانت ذات ثراء - في سبيل دعوة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وتسيير حركة الإسلام .
وأما أبو طالب (2) فقد كان السند لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو القائل يخاطب ابن أخيه :
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا .
حتى إذا رحل أبو طالب وخديجة (عليهما السلام ) عن الدنيا ، انبرى علي ( عليه السلام ) لحماية الرسول ( صلى الله عليه وآله) والدفاع عنه .
وقد شاء الله تعالى لحبيبه المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) أن ينتقل عن مكة ويستقر في المدينة ، وإذا به ( صلى الله عليه وآله ) يواجه الدنيا بأسرها ، فالمشركون جادون في نقض ما جاء به النبي ( صلى الله عليه وآله ) واليهود يتربصون به الدوائر ، والمنافقون يسعون في الخراب ، ولا يكاد يفرغ النبي ( صلى الله عليه وآله ) من حرب حتى يتهيأ لأخرى .
وإلى جانب ذلك كله كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقوم بأداء مهمته في تعليم الناس وهدايتهم ، ويتلقى الوحي ويبلغ رسالة ربه .
وإنك لتدهش أمام هذه العظمة المحمدية من القلب الكبير ، والصدر الرحيب ، والخلق الكريم في تلك الظروف العصبية حيث يقوم بذلك كله ، حتى أكمل الله دينه لعباده ، وأتم نعمته عليهم على يدي الحبيب المصطفى ( صلى الله عليه وآله ) وتم نزول الدستور الإلهي العظيم الذي تضمن تبيان كل شئ مما يحتاجه الناس في أمور معاشهم ومعادهم .
وقد أخبر النبي ( صلى الله عليه وآله ) من حوله أنه يوشك أن يدعى فيجيب ، وأخذ يتأهب للرحيل إلى الرفيق الأعلى ، والإسلام بعد غض العود ، والناس حديثو عهد به ، ولما يستقر الإيمان في قلوبهم .
فيا ترى هل يترك النبي ( صلى الله عليه وآله ) هذا التراث الضخم بما تضمن من تعاليم إلى الناس ؟ أم تراه يعين لهم خلفا من بعده يحمي الرسالة كما حماها هو ( صلى الله عليه وآله ) ؟ أتراه وهو الذي لم يترك شيئا تحتاج إليه الأمة إلا وقد بينه يترك أخطر أمر يتوقف عليه مصير الرسالة التي جاء بها والجهود المضنية التي بذلها ؟ هل بلغ الناس في عهده ( صلى الله عليه وآله ) من الفهم حدا أدركوا فيه جميع أبعاد الرسالة وما تضمنت من تعاليم ؟ هل بلغت عقولهم حدا فهموا فيه ظاهر القرآن فضلا عن باطنه ؟ مع علمه ( صلى الله عليه وآله ) أن فيهم من أسلم كرها ، وفيهم من استسلم خوفا ، وفيهم من أعلن إسلامه طمعا ، وفيهم من لم يلامس الايمان قلبه ، بل فيهم المنافق والمتربص ، أتراه يدع هذا الأمر الخطير للأمة لتختار لها من توليه عليها من دون أن يكون له ( صلى الله عليه وآله ) في الأمر شأن ؟
لذلك ولغيره قالت الشيعة الإمامية بضرورة نصب الإمام وتعيينه من قبل الله تعالى على يد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ويكون امتدادا لبقاء الرسالة وصيانتها ، لا أن الإمام نبي آخر ، فإن نبوة النبي ( صلى الله عليه وآله ) هي خاتمة الرسالات ، وقد قال ( صلى الله عليه وآله ) : لا نبي بعدي .
بل لأن هذه الرسالة التي جاء بها النبي ( صلى الله عليه وآله ) تحتاج في بقائها واستمرارها إلى راع يحيطها بعنايته .
فإن أي قانون أو شريعة ، سماوية كانت أو أرضية ، إذا أريد لها البقاء والخلود ، فلا بد من إقامة راع يحفظها عن التبديل والتغيير ، ويتولى مهمة بيانها وايصالها إلى الناس مصونة عن الانحراف ، ولولا ذلك لتبدلت هذه الشريعة وتغيرت ، ووقع الاختلاف في تفسيرها وبيانها .
ولما كان دين الإسلام هو خاتم الأديان ، فلا نبي بعد النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) ولا شريعة بعد شريعته ، اقتضت الحكمة الإلهية أن يكون لهذا الدين بما يتضمن من تعاليم وأحكام وأسرار ، رعاة وحماة يردون عنه الشبه ، ويصونونه عن التحريف ، وهذا ما ابتنت عليه عقيدة الشيعة الإمامية من ضرورة الإمامة بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأنها من قبل الله تعالى ، وبتعيين من النبي ، ولا مجال للناس في الاختيار ، وإلا لزم من ذلك كثير من المفاسد ، إذ ليس من المعقول أن يجازف النبي ( صلى الله عليه وآله ) بدعوته - وهو سيد عقلاء بني البشر وأكمل الناس عقلا وبعد نظر - ويوكل مهامها إلى الناس ، وهل هذا إلا تناقض ونقض للغرض ؟ ولا يليق بإنسان عادي فكيف بسيد العقلاء ؟!.
وإذا تبين هذا الأمر ، فهنا نتسائل من هو ذلك الشخص اللائق لتولي هذا المقام ؟ ومع غض النظر عن كل النصوص القرآنية، أو الواردة على لسان النبي ( صلى الله عليه وآله ) في هذا المجال ، فلو وقفنا على سيرة جميع من عاش مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) وصاحبه ودرسنا مؤهلاتهم وما تمتعوا به من ملكات شخصية ، فهل نجد من هو أليق بهذا المقام غير علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ؟
أليس هو الشخص الوحيد الذي عاصر الرسالة منذ بزوغ فجرها ، وإلى اللحظة التي رحل فيها النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى الرفيق الأعلى وقد علم من أسرارها وأحكامها ما يؤهله لذلك؟
أليس هو ربيب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو القائل يخاطب المسلمين : " وقد علمتم موضعي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالقرابة القريبة ، والمنزلة الخصيصة ، وضعني في حجره وأنا ولد يضمني إلى صدره ، ويكنفني إلى فراشه، ويمسني جسده ، ويشمني عرفه ، وكان يمضغ الشئ ثم يلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل ، ولقد قرن الله به ( صلى الله عليه وآله ) من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ، ومحاسن أخلاق العالم ، ليله ونهاره ، ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما ، ويأمرني بالاقتداء به ، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة ، وأشم ريح النبوة " (3) ؟
أليس هو العالم بأسرار القرآن وما تضمن من أحكام ؟ وقد قال ( عليه السلام ) يخاطب المسلمين أيضا : " سلوني قبل أن تفقدوني ، فوالله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو سألتموني عن آية آية في ليل أنزلت أو في نهار أنزلت ، مكيها ومدنيها ، سفريها وحضريها ، ناسخها ومنسوخها ، محكمها ومتشابهها ، وتأويلها وتنزيلها لأخبرتكم " (4) .
ونقل ابن أبي الحديد ما يقرب من ذلك ، حيث قال : وروى المدائني أيضا قال : خطب علي (عليه السلام) فقال : لو كسرت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وبين أهل الفرقان بفرقانهم ، وما من آية في كتاب الله أنزلت في سهل أو جبل ، إلا وأنا عالم متى أنزلت وفي من أنزلت (5) .
أليس هو الدرع الواقي للإسلام في أيامه الأولى وإلى آخر يوم من حياة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ؟ حيث وقف يدافع عن الإسلام ورسوله في جميع المشاهد ، فبات على فراش رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ليلة تربص به المشركون يريدون قتله ، وفي يوم بدر كان فارس الميدان ، ويوم أحد حيث فر الأصحاب عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) وتركوه وحيدا ، ويوم الأحزاب حيث أحجم الأصحاب عن مبارزة فارس الجزيرة ابن عبد ود العامري ، ويوم خيبر حيث رجع الأصحاب كل منهم يجبن الآخر .
إن كنت لجهلك بالآيات * جحدت مقام أبي شبر
فاسأل بدرا واسأل أحدا * وسل الأحزاب وسل خيبر
من دبر فيها الأمر ومن * أردى الأبطال ومن دمر
من هد حصون الشرك ومن * شاد الإسلام ومن عمر
من قدمه طـــــه وعلى * أهل الإيمـــــــــــان له أمر
قاسوك أبا حسن بسواك * وهل بالطود يقاس الذر
أنى ساووك بمن ناووك * وهل ساووا نعلي قنبر
من غيرك من يدعى للحرب * وللمحراب وللمنبر
أفعال الخير إذا انتشرت * في الناس فأنت لها مصدر
وإذا ذكر المعروف فما * لسواك به شئ يذكر (6) .
وناهيك بما كان يتمتع به من كمالات ومآثر خاصة ، من عبادة وزهد وتقوى وكرم ، ولم يكن لغيره من ذلك شئ يذكر ، فهل بعد هذا يعدل بعلي ( عليه السلام ) غيره فضلا عن أن يتقدم عليه ؟
وأما إذا أمعنا النظر في النصوص الواردة في القرآن الكريم ، أو على لسان النبي ( صلى الله عليه وآله ) ابتداء من حديث الانذار يوم الدار ، وإلى حديث الدواة والكتف ، فالأمر أوضح من أن يحتاج إلى بيان .
وتلك حجتهم :
وأما غير الشيعة ، فقد ذكروا أدلة على مدعاهم ولم يأتوا بشئ ... وغاية ما أرادوه هو تصحيح ما وقع ، والتسليم بالواقع كما وقع من دون محاولة للخروج عما قيدوا به أنفسهم ، أو السعي في البحث العلمي الحر المجرد عن العصبية ، ولو حاولوا أو سعوا لوصلوا ، ولكنهم . . .
______________
(1) من خطبة سيدة النساء الصديقة الزهراء ( عليها السلام ) راجع بحار الأنوار 29 : 222.
(2) يذهب بعض من لا يبصر أبعد من أنفه إلى أن أبا طالب ( عليه السلام ) مات كافرا ، ويتمسك بروايات اختلقها الأمويون ونسبوها لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كيدا لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
وحاشا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يكون في حماية المشركين ، إن أبا طالب ( عليه السلام ) هو ناصر الإسلام والداعي إليه والمحامي عنه ، وله الفضل على كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة إلى أن تقوم الساعة ، والحديث عن أبي طالب ( عليه السلام ) له مجاله الرحب الوسيع .
(3) نهج البلاغة ص 300 ، رقم الخطبة : 192 .
(4) راجع مصادر الحديث في إحقاق الحق للقاضي المرعشي 7 : 579 - 591 . ولاحظ
التوحيد للشيخ الصدوق ص 304 - 308 ح 1 .
(5) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6 : 136 .
(6) القصيدة الكوثرية للسيد رضا الهندي ص 108 المطبوع في آخر ديوان الإمام علي (عليه السلام) .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|