أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
2231
التاريخ: 27-11-2014
1652
التاريخ: 11-10-2014
1849
التاريخ: 11-10-2014
2632
|
قد استعمل الذكر الحكيم كلاً من لفظي « المَثَل » و « المِثْل » في غير واحد من سوره وآياته حتى ناهز استعمالهما ثمانين مرة ، إلاّ أنّ الثاني يزيد على الأوّل بواحد. والأمثال جمع لكليهما ويميّزان بالقرائن قال سبحانه : {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأعراف: 194] وهو في المقام ، جمع المِثْل لشهادة انّه يحكم على آلهتهم بأنّها مثلهم في الحاجة والإمكان.
وقال سبحانه : {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [الحشر : 21].
فاقتران الأمثال بلفظ الضرب ، دليل على أنّه جمع مَثَل. إلاّ أنّ المهم هو دراسة معنى « الضرب » في هذا المورد ونظائره ، فكثيراً ما يقارن لفظ المثل لفظ الضرب ، يقول سبحانه : {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا } [إبراهيم: 24] وقال سبحانه : {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [الزمر : 27].
وقد اختلفت كلمتهم في تفسير لفظ « الضرب » في هذا المقام ، بعد اتّفاقهم على أنّه في اللغة بمعنى إيقاع شيء على شيء ، ويتعدّى باليد أو بالعصى أو بغيرهما من آلات الضرب ، قال سبحانه : {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ} [الأعراف : 160] وقد ذكروا وجوهاً :
الأوّل : انّ الضرب في هذه الموارد بمعنى المَثَل ، و المرا د هو التَمثيل ، وهو خيرة ابن منظور واستشهد بقوله : {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ} [يس : 13] أي مثّل لهم مثلاً وهو حال أصحاب القرية ، وقال : {يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ } [الرعد: 17] أي يمثل الله الحقّ والباطل. (1) وهذا خيرة صاحب القاموس أيضاً.
الثاني : إنّ الضرب بمعنى الوصف والبيان ، وقد حُكي عن مقاتل بن سليمان ، وفسر به قوله سبحانه : {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل : 75].
واستشهد بقول الكميت :
وذلك ضرب أخماس اريدت |
|
لأسداس عسى أن لا تكونا (2) |
الثالث : انّ الضرب بمعنى الاعتماد والتثبيت ، وهو خيرة الشيخ الطوسى (3) ( 385 ـ 460 ه ) ، والزمخشري ، (4) والآلوسى ، (5) ( المتوفّى عام 1270 ) فقد فسّروا به قوله سبحانه : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ } [الحج : 73]
الرابع : ان الضرب في المقام من باب الضرب في الأرض وقطع المسير ، وضرب المثل عبارة عن جعله سائراً في البلاد كقولك : ضرب في الأرض إذا صار فيها ، ومنه سمي الضارب مضارباً (6).
فإذا كان الضرب بمعنى قطع الأرض وطيّها ، فضرب المثل عبارة عن جعله شيئاً سائراً بين الأقوام والشعوب يمشي ويسير حتى يستوعب القلوب.
وفي المقام كلمة لابن قيم ، يوضّح فيها أكثر هذه الاحتمالات :
ضرب الله سبحانه لعباده ، الأمثال ، وضرب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لأُمّته الأمثال ، وضرب الحكماء والعلماء والمؤدِّبون الأمثال ، فما معنى ضرب المثل ؟
قد يكون مشتقّاً من قولك ( ضرب في الأرض ) أي سار فيها.
فمعنى ضرب المثل جعله ينتشر ويذيع ويسير في البلاد. وإلى هذا ذهب أبو هلال في مقدمة كتابه (7).
وقد يكون معنى « ضرب المثل » نصبه للناس بإشهاره لتستدل عليه خواطرهم كما تستدل عيونهم على الأشياء المنصوبة. واشتقاقه حينئذٍ من قولهم : ( ضربت الخباء ) إذا نصبته.
وقوله تعالى : {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ} [الرعد : 17] أي ينصب منارهما ويوضح أعلامهما ليعرف المكلّفون الحق بعلاماته فيقصدوه ، ويعرفون الباطل فيجتنبوه ، كما قال الشريف الرضيّ ( 359 ـ 406 ه ) في كتابه « تلخيص البيان في مجازات القرآن » :
وقد يفهم من ضرب المثل صنعه وإنشاؤه ، فيكون مشتقاً من ضرب اللِّبْنِ وضرب الخاتم.
أو قد يكون من الضرب بمعنى : إبقاء شيء على شيء (8).
ومنه ضرب الدراهم : أي إيقاع النموذج الذي به الصّكُ على الدراهم لتنطبع به ، فكأنّ المثل مطابق للحالة ، أي للصفة التي جاء لإيضاحها ، وخلاصة القول : ضرب المثل مأخوذ : إمّا من :
1. ضرَب في الأرض بمعنى : سار.
2. ضربه : نصبه للناس وأشهره.
3. ضرب : صنع وأنشأ.
4. ضرب : إبقاء شيء على مثال شيء (9).
وبذلك يُعلم تفسير قوله سبحانه : {... وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (8) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا} [الفرقان : 8 ، 9].
نرى أنّ المشركين وصفوا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بكونه رجلاً مسحوراً ، فيردّ عليه سبحانه باستنكار ويقول : (انظُرْ ـ أيّها النبي ـ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ ) أي كيف وصفوك بأنّك مسحور مع أنّ سيرتك تشهد على خلاف ذلك ، وما تتلوا من الآيات كلامه سبحانه لا صلة له بالسحر وانّ ما يجدونه خلاَّباً للعقول وآخذاً بمجامع القلوب فإنّه هو لأجل عذوبته وجماله وإعجازه الخارق وأين هو من السحر ؟!
وعلى ذلك فالمعنى المناسب لتفسير الآية ، هو تفسير الضرب بالوصف ، وقد تقدم انّ الوصف أحد معانيه ، وأقرّ به ابن منظور : ان انظر كيف وصفوك بكونك مسحوراً.
وأمّا تفسيره بالتمثيل بأن يقال : انظر كيف مثّلوا لك المثال أو التمثيل ، فغير تام ، لأنّ وصف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بكونه « مسحوراً » ، لا مثَل سائر ، ولا تمثيل قياسي.
ونظيره تفسيره بقطع الأرض ، لأنّ المشركين ما وصفوه به ليشهّروه حتى يصير قولهم « سيراً في الأرض ».
__________________
(1) لسان العرب : 2 / 37 ، مادة ضرب.
(2) تفسير الطبري : 1 / 175.
(3) التبيان في تفسير القرآن : 7 / 302.
(4) الكشّاف : 2 / 553.
(5) روح المعاني : 1 / 206.
(6) الحكم والأمثال : 79.
(7) انظر مقدمة كتاب جمهرة الأمثال.
(8) تلخيص البيان في مجازات القرآن : 107.
(9) الأمثال في القرآن الكريم : 20 ـ 21.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|