أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2014
3908
التاريخ: 27-11-2014
5074
التاريخ: 27-11-2014
1822
التاريخ: 11-10-2014
1820
|
قال تعالى : { وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ * وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }[ النحل : 56ـ60] .
تفسيرُ الآيات
إنّ الله سبحانه هو الواجب الغني عن كلّ مَن سواه ، قال سبحانه : { يا أَيُّهَا النّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إلى اللهِ وَاللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيد }[ فاطر : 15] فلا يصحّ وصفه بما يُستشمُّ منه الفقر والحاجة ، لكنّ المشركين غير العارفين بالله كانوا يصفونه بصفات فيها وصمة الفقر والحاجة ، وقد حكاها سبحانه في غير واحد من الآيات ، فقال : { وَجَعَلُوا للهِ مِمّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعامِ نَصِيباً فَقَالُوا هذا للهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَمَا كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إلى اللهِ وَمَا كانَ للهِ فَهُوَ يَصِلُ إلى شُرَكائِهِمْ سَاءَ ما يَحْكُمُون }[ الأنعام : 136] .
فقد أخطأوا في أمرين :
أ : فرز نصيب لله من الحرث والأنعام ، وكأنّه سبحانه فقير يجعلون له نصيباً ممّا يحرثون ويُربّون من أنعامهم .
ب : الجور في التقسيم والقضاء ، فيعطون ما لله إلى الشركاء دون العكس ، وما هذا إلاّ لجهلهم بمنزلته سبحانه وأسمائه وصفاته .
وقد أشار إلى ما جاء تفصيله في سورة الأنعام على وجه موجز في المقام ، وقال : { وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمّا رَزَقْناهُمْ تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمّا كُنْتُمْ تَفتَرُون } .
ونظير ما سبق أنّهم كانوا يبغضون البنات ويجعلونها لله ، ويحبّون البنين ويجعلونهم لأنفسهم ، وإليه يشير سبحانه بقوله : { وَيَجْعَلُونَ للهِ البَناتِ سُبحانهُ وَلَهُم ما يَشتَهُون } ، والمراد من الموصول في { ما يَشتَهُون } هو : البنون ، وبذلك تبيّن معنى قوله سبحانه : { لِلّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوء } أي : أنّ المشركين المنكرين للآخرة يصفونه سبحانه بصفات السوء التي يستقبحها العقل ويذمّها ، وقد عرفت كيفية وصفهم له فوصفوه عند التحليل بالفقر والحاجة والنقص والإمكان ، والله سبحانه هو الغني المطلق ، فهو أعلى من أن يوصف بأمثال السوء ، ولكنّ الموحِّد يصفه بالكمال : كالحياة ، والعلم ، والقدرة ، والعزّة ، والعظمة ، والكبرياء ، والله سبحانه عند المؤمنين { هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى }[ الحشر : 23ـ 24] ، ويقول سبحانه : { وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ }[ الروم : 27] ، وقال : { لَهُ الأَسماءُ الحُسْنى }[ طه : 8] .
ومنه يظهر جواب سؤال طرحه الطبرسي في ( مجمع البيان ) ، وقال : كيف يمكن الجمع بين قوله سبحانه : { وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى } وقوله : { فَلاَ تَضْرِبُوا للهِ الأََمْثالَ إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُون }[ النحل : 74] ؟
والجواب : إنّ المراد من ضرب الأمثال هو وصفه بما يدلّ على فقره وحاجته ، أو تشبيهه بأُمور مادية ، وقد تقدّم أنّ المشركين جعلوا له نصيباً من الحرث والأنعام ، كما جعلوا الملائكة بناتاً له ، يقول سبحانه : { وَجَعَلُوا المَلائِكَةَ الّذينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمن إنَاثاً }[ الزخرف : 19] ، ويقول سبحانه : { وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِنّة نَسَباً }[ الصافات : 158] ، إلى غير ذلك من الصفات التي يتنزّه عنها سبحانه ، فهذا النوع من التمثيل أمر محظور ، وهو المراد من قوله : { فَلاَ تَضْرِبُوا للهِ الأَمْثالَ } .
وأمّا التمثيل لله سبحانه بما يناسبه : كالعزّة ، والكبرياء ، والعلم ، والقدرة إلى غير ذلك ، فقد أجابَ عليه القرآن ولم يرَ فيه منعاً وحظراً ، بشهادة أنّه سبحانه بعد هذا الحظر أتى بتمثيلين لنفسه ، كما سيتضح في التمثيل الآتي .
وربّما يُذكر في الجواب : بأنّ الأمثال في الآية جمع ( المِثْل ) بمعنى ( النِد ) ، فوِزان قوله : { فَلاَ تَضْرِبُوا للهِ الأَمْثالَ } كوِزان قوله : { فَلا تَجْعَلُوا للهِ أَنْدَاداً }[ البقرة : 22] ، ولكنّه معنى بعيد ؛ فإنّ المَثَل بفتح العين يُستعمل مع الضرب ، دون المِثْل بسكون العين بمعنى الند ، فلم يشاهد اقترانه بكلمة الضرب .
ويقرب ممّا ذكرنا كلام الشيخ الطبرسي حيث يقول :
إنّ المراد بالأمثال الأشباه ، أي : لا تُشبّهوا الله بشيء ، والمراد بالمَثل الأعلى هنا الوصف الأعلى الذي هو كونه قديماً قادراً عالِماً حيّاً ليس كمِثله شيء .
وقيل : إنّ المراد بقوله : { الْمَثَلُ الأَعْلَى } المَثلُ المضروب بالحقّ ، وبقوله : { فَلاَ تَضْرِبُوا للهِ الأَمْثالَ } الأمثال المضروبة بالباطل (1) .
وفي الختام نودُّ أن نشير إلى نكتة وهي : أنّ عدّ قوله سبحانه { لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } من قبيل الأمثال القرآنية لا يخلو من غموض ؛ لأَنّ الآية بصدد بيان نفي وصفه بصفات قبيحة سيئة دون وصفه بصفات عُليا فأين التمثيل ؟
إلاّ أن يقال : إنّ التشبيه يُنتزع من مجموع ما وصفَ به المشركون ، حيث شبّهوه بإنسان له حاجة ماسّة إلى الزرع والأنعام ، وله بنات ونسبة مع الجن إلى غير ذلك من أمثال السوء ، فالآية بصدد ردّ هذا النوع من التمثيل ، وفي الحقيقة سلب التمثيل ، أو سوق المؤمن إلى وصفه سبحانه بالأسماء الحسنى والصفات العليا .
________________
1 ـ مجمع البيان : 3/367 .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|