أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-04-2015
4630
التاريخ: 4-1-2016
5807
التاريخ: 4-1-2016
2858
التاريخ: 12-11-2020
4060
|
فإن دلّ ذلك ، فإنّما يدلّ على مبلغ اهتمام علماء الأمّة بشأن وقوع النسْخ في القرآن ، وتمييز الناسخ عن المنسوخ بشكل قاطع ، علماً منهم بأنّ ذلك هو أُولى مقدّمات فهْم التشريع الإسلامي الثابت المستمرّ ، ولا يمكن استنباط حكم شرعيّ ما لم يُعرف الناسخ عن المنسوخ ، والثابت الباقي عن الزائل المتروك .
وروى أبو عبد الرحمان السلمي أنّ عليّاً ( عليه السلام ) مرّ على قاضٍ فقال له : ( هل تعرف الناسخ عن المنسوخ ؟ فقال : لا ، فقال : هلكتَ وأهلكتَ ، تأويل كلّ حرف من القرآن على وجوه ) (1) .
ولعلّ هذا القاضي هو أبو يحيى المعرّف ، كما جاء في حديث سعيد بن أبي الحسن ، أنّه لقي أبا يحيى هذا فقال له : اعرفوني اعرفوني يا سعيد ، إنّي أنا هو ، قال سعيد : ما عرفت أنّك هو ، قال : فإنّي أنا هو ، مرّ بي علي ( عليه السلام ) وأنا أقضي بالكوفة فقال لي : ( مَن أنت ؟ فقلت : أنا أبو يحيى ، فقال : لست بأبي يحيى ، ولكنّك تقول : اعرفوني ، ثمّ قال : هل علمتَ بالناسخ والمنسوخ ؟ قلت : لا ، قال : هلكت وأهلكت ) ، فما عدتُ بعد ذلك أقضي على أحد ، أنافِعُك ذلك يا سعيد (2) ؟
وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) لبعض متفقِّهةِ أهل الكوفة : ( أنت فقيه أهل العراق ؟ قال : نعم ، قال : فبِم تُفتيهم ؟ قال : بكتاب الله وسنّة نبيّه ، فقال له الإمام ( عليه السلام ) : أتعرف كتاب الله حقّ معرفته ؟ وتعرف الناسخ من المنسوخ ؟ قال : نعم ، قال : لقد ادّعيت عِلماً ، ما جعل الله ذلك إلاّ عند أهله ...) (3) .
وفي حديث احتجاجه ( عليه السلام ) على الصوفية : ( ألكُم عِلمٌ بناسخ القرآن ومنسوخه ؟ ـ إلى أن قال : ـ وكونوا في طلب ناسخ القرآن من منسوخه ، ومُحكَمه من متشابهه ، وما أحلّ الله فيه ممّا حرّم ، فإنّه أقرب لكم من الله وأبعد لكم من الجهل ، دعُوا الجهالة لأهلها ، فإنّ أهل الجهل كثير وأهل العلم قليل ، وقد قال تعالى : { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } ) (4) .
* * *
وقد أصبح البحث عن النسْخ في القرآن في هذا العصر مثار جدَلٍ عنيف ، من جرّاء طعون وجّهها أعداء الإسلام إلى هذا الكتاب السماوي الخالد : كيف توجد فيه آيات منسوخة الحُكم لا فائدة في ثبْتها سوى القراءة المجرّدة ؟ وهم غفَلوا أو تغافلوا عن أنّ الثبْت القرآني لم يقُم على أساس التشريع فحسب ، إذ ليس في القرآن من آيات الأحكام سوى ما يقرب من خمسمئة آية ، من بضع وستّة آلاف آية ، وسنشرح هذه الناحية في حقل ردّ الشُبهات .
وربّما وقف بعض الكتّاب الإسلاميّين عن ردّ هذه الشبهة وأمثالها ، فأنكر وجود آية منسوخة في القرآن ـ على ما نبحث ـ ، ومن ثمّ كان من ضرورة الباحث الإسلامي أن يعالج هذه المسألة معالجة فنّية على أساليب النقد الراهن ، بعد أن كانت المسألة ممّا يمسّ أخطر جانب من حياة المسلمين وهو كتابهم المعجز الخالد ، فيقوم في وجه المعاندين سدّاً منيعاً ، ومدافعاً عن كتاب الله المجيد الّذي { لاَ رَيْبَ فِيهِ } (5) و {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت : 42].
وليكن بحثنا الحاضر مقتصراً على مسألة ( النسْخ في القرآن ) بصنوفه وشرائطه ، وليس بحثاً عن مطلق النسْخ في الشريعة ، الّذي هو بحث عام أصولي ، خارج ـ بعض الشيء ـ عن صبغة البحث القرآني الذي هو موضوع كتابنا هذا ، ومن الله التوفيق .
______________________
(1) تفسير العيّاشي : ج 1 ص 12 رقم : 9 ، الإتقان : ج 2 ص 20 الطبعة الأُولى .
(2) رسالة الناسخ والمنسوخ لابن حزم ( بهامش الجلالين ) : ج 2 ص 150 .
(3) تفسير الصافي : المقدّمة الثانية ج 1 ص 13 .
(4) وسائل الشيعة : ج 18 ص 135 ـ 136 ، والآية 76 من سورة يوسف .
(5) وردت في عشر مواضع من القرآن .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|