أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-3-2017
3479
التاريخ: 7-4-2016
3265
التاريخ: 6-4-2016
2026
التاريخ: 15-6-2018
2856
|
شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر توقيع مجموعة من الاتفاقيات الدولية الهادفة إلى وضع القواعد القانونية المنظمة للحرب والنزاعات المسلحة . وكانت الاتفاقية الأولى عام 1864 متعلقة بتحسين مصير العسكريين المصابين في ساحة الحرب و تم توقيعها في جنيف . وفي مؤتمر لاهاي الأول للسلام عام 1899 وقعت الدول المشتركة في المؤتمر على مجموعة من الاتفاقيات التي وضعت قواعد خاصة بقوانين وأعراف الحرب البرية والاتفاقية الخاصة بحماية الجرحى والمرضى والغرقى في الحرب البرية مع إصدار ثلاث تصريحات خاصة بتحريم استخدام الأسلحة الفتاكة في الحرب ، ثم في مؤتمر لاهاي عام 1907 تم التوقيع على اتفاقية لاهاي الرابعة الخاصة بقوانين وعادات الحرب البرية والتي حلت محل اتفاقية عام 1899 وعددت الاتفاقية مجموعة من الأفعال التي يحظر على المحاربين اقترافها وإلا عدّ ذلك جريمة من جرائم الحرب . وفي عام 1949 تم إبرام أربع اتفاقيات إنسانية في جنيف ثم في عام 1977 تم إبرام بروتوكوليين ملحقين بالاتفاقيات الأربع . هذه الاتفاقيات الدولية الإنسانية تهدف إلى حماية حقوق الإنسان في المنازعات الدولية وغير الدولية إلى جانب الاتفاقيات الموجودة في القانون الدولي لحقوق الإنسان ، ولكن الفرق بينهما أن الاتفاقيات الإنسانية تحمي هذه الحقوق في وقت المنازعات المسلحة ، بينما اتفاقيات حقوق الإنسان تحمي هذه الحقوق في وقت السلم والحرب ، فالاتفاقيات الإنسانية تهدف إلى تنظيم وسائل القتال بين طرفي النزاع بحيث لا يصبح الأطراف أحرارا في اختيار هذه الوسائل التي قد تؤدي إلى هلاك وتدمير أهداف غير عسكرية وبالتالي انتهاك حقوق الإنسان ، ولكن المشكلة دائماً في هذه الاتفاقيات هي غياب الآلية الدولية التي تضمن الالتزام بأحكامها وتحاكم الأشخاص المتهمين بالقيام بانتهاكات جسيمة لهذه الاتفاقيات وتوقع عليهم العقاب (فاتفاقيات جنيف من الناحية القانونية تصبح على عاتق الدول الموقعة التزاماً أساسياً بالقيام بمحاكمة المتهمين وملاحقتهم أينما كانوا والالتزام ملقى هنا على عاتق السلطات الوطنية ولكن لأسباب عديدة فان هذا قد لا يحدث ولذلك في هذه الحالة كان لا بد من آلية لتطبيق أحكام اتفاقيات جنيف)(1). إذ انه من المفروض أن تقوم السلطات المحلية في الدول التي تقع فيها الانتهاكات الجسيمة بمحاسبة مرتكبيها دون أن تخضع تصرفات تلك الدولة للأشراف الدولي ، ولكن هذا النهج من التعاطي مع جرائم الحرب اثبت فشله في توفير الوقاية منها ، فهذه الجرائم غالباً ما تقع من قبل الأفراد بتشجيع من السلطة الحاكمة ، فلا يتصور أن تقوم تلك السلطة بمعاقبة أولئك الأشخاص لقيامهم بتلك الأعمال بناء على أوامرها ، بل قد ترى أن هذه الأعمال ضرورية لتحقيق النصر في نزاعها مع الدولة المقابلة ، بل أن الجرائم التي يرتكبها الجنود بناءً على أوامر صادرة من قادتهم العسكريين تقابل بمكافأة في حال تنفيذها أو العقاب في حال مخالفتها (كما لا يمكن تقديم قادة الدول والقادة العسكريين إلى المساءلة القانونية في اغلب الأحيان . لأنهم المسيطرين على النظام القضائي في دولهم)(2). وقد تعترف الدولة في بعض الأحيان بالمسؤولية الجنائية الفردية للمقاتلين وغيرهم من الفئات الدنيا أو على مستويات الأقل من السلطة داخل الدولة . (ولكن على خلاف ذلك فان جرائم الحرب التي تتم على مستوى القادة السياسيين وكبار المسؤولين في الحكومة ومستوى الجهاز الإداري الحكومي الذين يقومون بتنفيذ سياسات وممارسات جرائم الحرب فان الحكومات لا ترغب في تجريم ما يقدم عليه كبار مسؤولية)(3). فضلاً عن ذلك فقد كان هناك بعض التردد في اعتبار الأفعال المخالفة لاتفاقيات جنيف في النزاعات الداخلية (هي جرائم حرب) أم لا وقد كان سبب هذا التردد أن المادة (3) المشتركة من اتفاقيات جنيف 1949 والبروتوكول الثاني جاءت بصيغة غامضة ولم تبين هذه المسألة حيث أن المادة (3) تعد هذه الأفعال (مخالفات) وليس (انتهاكات) على النحو المفصل في المواد (150 و 51 و 130 و147) الخاصة بالانتهاكات الجسيمة التي يترتب عليها مسؤولية جنائية . مما سبق تبين مدى حاجة هذه الاتفاقيات الإنسانية إلى آلية أو نظام دولي يضمن احترام أحكامها ويحاكم المسؤولين عن انتهاك هذه الأحكام ويتمثل هذا النظام (بالقانون الدولي الجنائي) الذي يعاقب على الأفعال التي تشكل انتهاكاً لهذه القواعد ويضمن تقديمهم للمحاكمة ، كذلك دور القانون الدولي الجنائي في تطوير مفهوم جرائم الحرب في هذه الاتفاقيات ونقل الفكرة إلى النزاعات الداخلية وقد تم ذلك بالفعل من خلال النظام الأساسي لمحاكم يوغسلافيا ورواندا وبذلك أزال القانون الدولي الجنائي الغموض عن المادة (3) المشتركة واعتبرت أن الأفعال التي ترتكب أثناء النزاعات المسلحة خلافاً لاتفاقيات جنيف والمادة (3) هي جرائم حرب بالمعنى المحدد في الانتهاكات الجسيمة في المواد السابقة ، بل أن دور القانون الدولي الجنائي لم يقف عند هذا الحد إذ كان للآراء والأحكام الصادرة عن محاكم يوغسلافيا ورواندا الدور الكبير في التأثير على النظام الأساسي للمحكمة الدولية الجنائية لعام 1998 التي أدرجت المادة (3) الخاصة بالنزاعات الداخلية وعُدّت الأفعال المرتكبة خلافاً لهذه المادة جرائم حرب وفقاً للمادة (8) من النظام الأساسي(4).وبذلك ننتهي إلى القول بان عدم كفاية المعاهدات الدولية لحماية الإنسان في القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان دفع إلى الحاجة إلى وجود وسيلة أخرى للتحقق من احترام هذه المعاهدات ومعاقبة المسؤولين عن انتهاكها ، (وذلك لان الأنظمة السياسية في الدول التي تمارس الأعمال الوحشية لا توافق أو لا تعترف بالخطأ ومعاقبة هؤلاء المسؤولين عن هذه الأعمال فالمشكلة إذاً هي في تطبيق العقوبات على من ينتهك القواعد القانونية سواء أكان فرد أم دولة)(5). وقد جاء القانون الدولي الجنائي ليسد النقص الموجود في الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ليضفي التجريم على كل الأفعال التي تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان ويوفر الآلية الدولية اللازمة لحماية هذه الحقوق وفرض العقوبات على منتهكي هذه الحقوق ، وبذلك يمكن القول إن دور القانون الدولي الجنائي هو دور مكمل للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في حماية حقوق الإنسان من الانتهاكات وهو دور ضروري لتحقيق الحماية الدولية الكاملة .
__________________
1- انظر : د. فؤاد عبد المنعم رياض ، محاكمة أعداء الإنسانية ، مجلة الإنساني ، الصليب الأحمر ، العدد (21) ، السنة (2002) ، ص42 ؛ وانظر : المواد (49) من الاتفاقية الأولى و(50) من الاتفاقية الثانية و(29) من الاتفاقية الثالثة و (146) من الاتفاقية الرابعة التي تبين التزامات السلطات الوطنية .
2- انظر : د. محمد حسن القاسمي ، انشاء المحكمة الجنائية الدولية – هل هي خطوة حقيقية لتطوير النظام القانوني الدولي، مجلة الحقوق الكويتية، العدد الأول، السنة السابعة والعشرون، مارس،2003، ص60.
3- انظر : د. محمود شريف بسيوني ، الاطار العرفي للقانون الدولي الإنساني – التداخلات والثغرات والغموض ، ضمن كتاب القانون الدولي الإنساني ، دليل التطبيق على الصعيد الوطني ، دار المستقبل العربي ، القاهرة ، 2003 ، ص85.
4- سنوضح امتداد مفهوم جرائم الحرب إلى المنازعات الداخلية بالتفصيل في الفصل الثاني عند شرح الجرائم التي يعاقب عليها القانون الدولي الجنائي .
5- انظر : د. مرشد احمد السيد واحمد غازي الهرمزي ، القضاء الدولي الجنائي ، دراسة تحليلية للمحاكم الدولية الجنائية الخاصة بيوغسلافيا مقارنة مع محاكم نورمبرغ وطوكيو ورواندا ، الدار العلمية للنشر والتوزيع ، عمان ، الطبعة الأولى ، 2002 ، ص73.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|