أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-5-2018
2022
التاريخ: 9-5-2021
2254
التاريخ: 11-9-2016
1780
التاريخ: 11-1-2016
2188
|
وتعتبر مشكلة الاجهاض احدى اخطر المشاكل التي تواجه النظام العائلي الرأسمالي، خصوصا بعد اعلان المحكمة العليا الامريكية سنة 1973م في قضية (جين رو) ضد (هنري ويد) شرعية الاجهاض(1) حيث قسم قضاة المحكمة العليا الحمل الى ثلاث مراحل : كل مرحلة تستغرق ثلاثة اشهر. ففي المرحلة الاولى يجوز للمرأة قانوناً اجهاض جنينها باستخدام مختلف الوسائل الطبية. وفي المرحلة الثانية يجوز للمرأة الاجهاض، ولكن يجب ان تخضع عملية الاجهاض الى قوانين الولاية التي تسكن فيها المرأة الحامل. وفي المرحلة الثالثة ، حيث يكون عمر الجنين ستة اشهر فما فوق، فان الاجهاض محرم قانوناً الا في الحالات الطارئة التي تكون فيها صحة الام بخطر. وقانون المحكمة العليا الامريكية مقتبس من أحكام القرآن الكريم. فقد ورد في النص المجيد بشأن عمر الجنين :{حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}[لقمان: 14] وفي موضع آخر :{حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف: 15] فيكون عمر الجنين الكامل الذي له قابلية العيش مستقلا عن الام ستة اشهر فما فوق. وتكون الحرمة القانونية الامريكية في قتل الجنين عند بلوغه ستة اشهر فما فوق، وهو اقل الحمل في النظرية الإسلامية.
وتكمن الخطورة في تشريع المحكمة العليا الامريكية لشرعية الاجهاض، ان عدد حالات الاسقاط المتعمد ازدادت منذ تشريع ذلك القانون الى اكثر من مليون ونصف المليون حالة سنوياً : وهذا يعني ان حوالي ربع اجمالي ولادات امريكا تنتهي ـ عن طريق الاجهاض الطبي ـ الى سلات القمامة سنوياً ، في نهاية القرن العشرين.
والسؤال الفلسفي المطروح اليوم هو : هل ان الاجهاض مسألة شخصية متعلقة بالمرأة، ام هو قتل للجنين البشري الذي لو سمح له بالعيش لكان انساناً؟ وللجواب على هذا السؤال علينا ان ننتقل الى سؤال آخر للإجابة عليه اولاً وهو : ما هو وضع الجنين البشري من الناحية البيولوجية؟ فهل يعتبر طفلاً فيكون الاجهاض قتلاً؟ ام هو مجرد مجموعة من الخلايا والانسجة فيكون الاجهاض عملية جراحية طبيعية لاستئصال غدة غير مرغوب فيها؟ وقد احتار علماء الطبيعة والطب والفلسفة في النظام الرأسمالي في الاجابة على هذا السؤال : لان الجنين بزعمهم ، ليس انساناً كاملاً ، وليس مجرد مجموعة من الخلايا والانسجة. وهنا ، فنحن ننتقد هؤلاء ونقول ان الجنين ليس انساناً كاملاً، ولكنه يستطيع بالقوة ان يصبح انساناً. ويردون علينا قائلين اذا كان الجنين انساناً فهل تدفنونه انتم كما تدفنون الانسان الكامل؟ ونجيبهم بكلمة نعم ، فالسقط اذا كان له اربعة اشهر فصاعدا يلف بخرقة ويدفن(2). والجنين الكامل ليس مجموعة خلايا ميتة كالشعر والظفر والقرن بل انه حياة وحيوية. فيكون الجواب على السؤال الاول هو ان الاجهاض عملية قتل للأجنة.
وهكذا يدور هذا النقاش لينتقل من الناحية البيولوجية الى حقوق المرأة في السيطرة على جسدها. فالمؤيدون لشرعية الاجهاض يؤكدون على ان قرار الاجهاض قرار فردي، فكيف نستطيع ـ بزعمهم ـ ان نفرض على المرأة طفلاً لا تريد ان تحمله؟ ولكننا نجيبهم بان نصف جينات الجنين ملك للاب، فكيف تقولون إن الجنين بكامله ملك لجسد الأم؟ واذا كانت الأم تحمل الجنين تسعة اشهر، فان الاب مكلف بالإنفاق عليه لحد التكسب، او البلوغ، وهو سن الخامس عشرة بالنسبة للذكر، ولحد الزواج او البلوغ، وهو سن التاسعة بالنسبة للأنثى، حسب النظرية الإسلامية. وهنا يبرز سؤال آخر دون جواب ايضا، وهو: لو ان الاب اراد للجنين ان يحيا ويولد، فهل للمرأة الام الحق في اجهاض جنينها بدعوى ان لها الحق بالسيطرة على جسدها؟ لا يوجد على الساحة الفكرية الغربية جواب شافٍ على هذا السؤال!
وظاهر الامر ان المجتمع الرأسمالي ومفكريه وعلماء منقسمون الى صفين؛ صف يؤيد الاجهاض باعتباره احد خيارات المرأة الطبيعي في الحياة، وهؤلاء اصطلح عليهم بالاختياريين . وصف يعارضه باعتباره قتلاً للإنسانية، وهؤلاء اصطلح عليهم بالحياتيين . وامام هذا الاضطراب في الحكم على شكل حياة الجنين، والصراع بين حرية المرأة والمسؤولية الاجتماعية بحفظ النظام الاجتماعي من الانقراض، يقف الدين النصراني واليهودي في المجتمع الرأسمالي موقف المراقب الصامت الذي لا يجد كلمة شافية يحل بها هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة: مع العلم ان اغلب الحياتيين ينتمون الى مختلف الكنائس النصرانية. ولاريب ان ارتفاع نسبة الاجهاض في المجتمع الرأسمالي الامريكي يعكس عمق المشكلة الأخلاقية بين الرجل والمرأة ودور الشهوة الغريزية الجنسية قبل وبعد الزواج في هز النظام العائلي : وهو دليل على ان مفهوم (الفردية) التي يبشر بها النظام الرأسمالي ويعتبره اساس نجاحه الاقتصادي يفشل فشلا ذريعا في بناء الاسرة الكريمة، التي يحلم بها الانسان كوسيلة من وسائل بناء مجتمع نظيف قائم على أساس فهم مسؤولية الرجل والمرأة الاجتماعية ودورهما في الحياة الانسانية السعيدة.
________________
1ـ (لوكر كريستين). الاجهاض وسياسة الامومة. بيركلي ، كاليفورنيا: مطبعة جامعة كاليفورنيا، 1985م.
2ـ المحقق الحلي. شرائع الإسلام : ج 1 ص 30.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|