قامت دولة الغساسنة في المنطقة الشمالية من شبه الجزيرة العربية في منطقة تسمى حوران وبلقاء بجوار ممتلكات دولة الروم، وكان لهذه الدويلة نفس الوضع الذي كان لدويلة اللخميين مع الفرس، فكانت حامية حدود الروم في مواجهة عرب البادية وذخرا عسكريا لحروبها مع الفرس، وكان ملوك الغساسنة يلقبون من جانب الدولة الرومانية باسم (فيلارك) ويحظون بقلب (باتريكيوس) (بطريق) (وكانوا يحصلون على رواتب سنوية من الروم، وكانت عاصمة الغساسنة طبقا لرأي كتاب الاخبار من العرب من مهاجري الجنوب الذين كانوا قد أقاموا بعد نزوحهم من الجنوب لفترة في تهامة قرب عين ماء او بئر يقال له غسان وأنهم صاروا ينتسبون إليه (1)، وكان العرب سكان يثرب (المدينة) ممن يعرفون في العصر الاسلامي باسم الانصار يعتبرون انفسهم من الغساسنة.

وهاجر الغساسنة في القرن الخامس الميلادي من تهامة الى منطقة حوران الشهيرة، وكانت حكومة حوران في ذلك الوقت في يد طائفة من العرب تسمى الضجاعمة الذين كانوا حكاما يتم تنصيبهم من جانب الروم اي كانوا (فيلاركات) هذه المنطقة حسب التسمية الرومانية. وفي أوائل القرن السادس الميلادي انهر الضجامعة وأسلمت دولة الروم حكم تلك المنطقة لرجل من آل غسان يسمى حارث بن جبلة (عام 529 ميلادية)، وأصبح هذا المنصب متوارثا في نسله، وكان العرب ينسبون هذه السلسلة الى اسم احد حارث هذا وهو آل جفنة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) يذكر بطليموس في القرن الثاني الميلادي ان مستقر هؤلاء القوم كان في السواحل الغربية للجزيرة العربية، ومن ذلك يتأكد لنا ان الغساسنة كانوا لا يزالون يقيمون في تهامة حتى ذلك الوقت. (المؤلف).