أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-11
973
التاريخ: 8-11-2016
3235
التاريخ: 18-1-2017
6864
التاريخ: 5-2-2017
21913
|
كان هناك طائفة من العرب، احجمت عن الوثنية وعن الصابئة والمجوسية وغيرها من الديانات التي انتشرت في بلاد العرب، واتخذت من عقيدة إبراهيم الخليل عليه السلام جينا لهمن وهو الدين الذي يدعو الى عبادة الله الواحد الاحد، وقد عرف هؤلاء بالحنفاء لقوله تعالى: (حنفاء لله غير مشكين)(1)، وهم الذين كانوا قد تجنبوا الناس، وطاف بعضهم في الأرض بحثا عن دين إبراهيم الحنيف، وكانوا يقضون ايامهم ولياليهم في تأمل الكون الذي يعيشون فيه، وقد تجنبوا فعل المنكرات التي اعتاد العرب عليها وتفشت في مجتمعهم ومنها شرب الخمر ولعب الميسر وغيرها، ونصحوا الناس بالابتعاد عن الوثنية والتقرب الى الله، فهم مسلمون كغيرهم من المؤمنين الذين عبدوا الله على حق منذ بدء الخليقة وحتى ان يرث الله الأرض ومن عليها وما عليها، وقد ساحوا في البلاد بحثا عن الدين الصحيح، دين سيدنا إبراهيم، فوصل زيد بن عمرو ابن نفيل الى الشام والبلقاء(2)، ووقف على اليهودية والنصرانية فلم يجد فيها ما يطمئن اليه في اشباع رغباته الروحية. فقد التقى في اثناء اسفاره بأحبار اليهود وبعلماء من النصارى ولكنه لم يجد عندهم ما يطمئن اليه وما يرى من التوحيد الخالص. فعلى الرغم من ان الأصل في هاتين الديانتين التوحيد، الا ان هذا التوحيد غير خالص كتوحيد دين إبراهيم قال الله تبارك وتعالى: (وقالت اليهود عزيز ابن الله {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30] ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله انى يؤفكون)(3).
يقول ابن هشام: ((واما زيد بن عمرو بن نفيل فوقف. فلم يدخل في يهودية ولا نصرانية وفارق دين قومه، فاعتزل الاوثان والميتة والدم والذبائح التي تذبح على الاوثان ويقول: الشاة خلقها الله وانزل لها من السماء ماء، وانبت لها من الأرض الكلأ ثم تذبحونها على غير اسم الله؟ ونهى عن قتل المؤودة وقال: اعبد رب إبراهيم))(4). فانصرف الى هداة قومه واخذ يحثهم على ترك عبادة الصنم فلم يجد منه الا عنتا ونصبا شديدا، ذلك ان عمه الخطاب بن نفيل وكل شبابا من شباب قريش وسفهاء من سفائهم الا يسمحوا له بدخول البلدة ويمنعه من الاتصال باهلها مخافة ان يفسد عليهم دينهم.
كذلك اتفق كل من عبد الله بن عبد الله بن حجش وعثمان بن الحويرث، مع زيد بن عمرو بن نفيل في الراي والعقيدة، وتعاهدوا على نبذ عبادة قومهم وما كانوا عليه من ضلال وتصادقوا وكونوا جماعة خرجت على عبادة قريش، فلم يشتركوا معهم في اعيادهم ولم يشاركوهم في عبادتهم(5). كما كان سويد ابن عامر المصطلقي على دين الحنيفية وملة إبراهيم، وقال فيه رسول الله صلى الله عليه و[آله و]سلم ((لو ادركته لأسلم)). وكان من بين الحنفاء أيضا عمير بن جندب الجهني – من جهينة – فقد كان موحدا لم يشرك بربه أحدا، اما أبو قبس صرمة بن ابي انس، فكان قد ترهب وليس المسوح وفارق الاوثان، واغتسل من الجنابة، وهم بالنصرانية، ثم امسك عنها ودخل بيتا اتخذه مسجدا لا تدخله طامث ولا جنب قائلا: ((اعبد رب إبراهيم)) فلما جاء النبي صلى الله عليه و[آله و]سلم الى يثرب اسلم وهو شيخ كبير(6).
وكان الشاعر المعروف زهير بن ابي سلمي من الحنفاء الذين اقروا بوجود اله عالم بكل ما في النفوس هو ((الله)) لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء وراي انه لا يجوز كتمان شيء عنه، وبوجود يوم حساب يحاسب فيه الناس على ما قدموا من اعمال، وقد ينتقم الله من الظالم في الدنيا قبل الاخرة فلا مخلص له فقال:
فلا تكتمن الله ما في صدوركم
ليخفى ومهما يكتم الله يعلم
يؤخر فيودع في كتاب فيدخر
ليوم الحساب او يعجل فينتقم(7)
كما كان اشاعر عبيد بن الابرص من الحنفاء المتمسكين بدين إبراهيم عليه السلام، وكان يؤمن بالله الواحد الذي لا شريك له، وبالتوكل على الله، فكان يدعو الناس الى التوكل على الله قائلا:
من يسال الناس يحرموه
وسائل الله لا يخيب
بالله يدرك كل خير
والقول في بعضه ترغيب
والله ليس له شريك
علام ما اخفت القلوب(8)
لم يكتف كعب بن لؤي بن غالب، احد اجداد رسول الله صلى الله عليه و[آله و] بالأعراض عن عقائد قومه والابتعاد عن عاداتهم، بل كان يوجه قريشا ويرشدهم الى التفكر في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار وتقلب الأحوال والاعتبار بما جرى على الاولين والاخرين وكان يحثهم على صلة الرحم وافشاء السلام بينهم، وحفظ العهود ومراعاة حق القربى والتصدق على الفقراء والمحتاجين والايتام(9).
____________
(1) سورة الحج: اية (31).
(2) الالوسي: بلوغ الارب، جـ2، ص248.
(3) سورة النوبة: اية (30).
(4) لبن هشام: السيرة النبوية، جـ1، ص230 – 231.
(5) ابن هشام: المصدر السابق، جـ1، ص228 – 229.
(6) الاوسي: بلوغ الارب، جـ2، ص266.
(7)الالوسي: المرجع السابق، جـ2، ص277.
(8)الجاحظ: البيان والتبيين، جـ1، ص226.
(9)ابن سعد: الطبقات الكبير، جـ1، ص39 – 40.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|