أبعاد التنمية البشرية:  يعتمد دليل التنمية البشرية على مؤشرات كمية للقياس هي " الدخل ، التعليم ، الصحة " ولكن لوحظ أن هذه المؤشرات الكمية غير كافية ، حيث من الضروري الاهتمام بالمؤشرات النوعية للتنمية البشرية وفي المقدمة منها " التمكين ، الإنصاف ، الاستدامة " ،أي العناصر المرتبطة بمقومات حرية الإنسان في عيش الحياة الكريمة التي ينشدها وفي المقدمة منها الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان البيئة ، الرفاه ، المشاركة ، المرأة ... إلخ .

1. الإنصاف:  يقع مفهوم الإنصاف في قلب مفهوم التنمية البشرية ، باعتباره احد مكوناتها الأكثر أهمية ويستخدم مصطلح الإنصاف هنا بديلا عن مصطلحي المساواة والعدالة ، ففي حين تركز التنمية البشرية على توسيع الخيارات المتاحة من تعليم و صحة و تطوير المهارات، يركز مبدأ الإنصاف هنا في المساواة في توسيع الخيارات بين الأفراد أي :

أ . الإنصاف في الحصول على التعليم سواء بين الفقير و الغني أو المرأة و الرجل، الكبير والصغير.

ب . الإنصاف في توفير الصحة و الخدمات الطبية الأفضل للجميع.

ت . الإنصاف في توفير التدريب و تكوين المهارات .

ث . الإنصاف في توفير الحرية السياسية و الاقتصادية .

2. التمكين:  إن قاطرة التنمية البشرية هم الأفراد، و بالتالي مشاركة هؤلاء الأفراد فعالة في إدارة شؤون مجتمعهم وهو ما يقتضي أن تتاح لكل الناس فرصة كافية و متساوية لعرض قضاياهم ، ومشاركة الأفراد في التنمية تكون عن طريق المشاركة في اتخاذ مختلف القرارات و هذا عن طريق تمكينهم من التعبير عن مختلف مشاكلهم و كذا أراءهم، و هذه المشاركة تسمح لهم بالوصول إلى خيارات أوسع وذلك من خلال تحقيق شرطي الديمقراطية و الحرية السياسية. ففي عام 1995 كان عنوان تقرير التنمية البشرية العالمي " التمكين " وقد أشار إلى أن الحرية البشرية أساسية للتنمية البشرية ويجب أن يكون الناس أحرارا في ممارسة خياراتهم في ظل أسواق سليمة ويجب أن يكون لديهم صوت حاسم في رسم الأطر السياسية ، كما أشار إلى ضرورة قيام " الحريات السياسية " من خلال مؤشرات مثل المشاركة تشكيل الأحزاب ، النقابات ، المنظمات الأهلية الاختيار ... إلخ(1).

 في هذا الصدد (2). يقول ليرنر:LERNER أن المجتمع التقليدي يعتبر عكس المجتمع الحديث، و من ثم فانه أصبح شائعا أن الاختلافات الأساسية بين المجتمعات التقليدية و الحديثة إنما يرجع إلى مدى كثافة المشاركة .ففي المجتمعات الأكثر تصنيعا وثروة يزداد عدد الأفراد اللذين يشاركون في شؤون مجتمعهم أكثر من الأفراد في المجتمعات الأقل نموا.

و يعرف الدكتور عبد الهادي الجوهري المشا ركة بأنها: "العملية التي من خلالها يلعب الفرد دورا في الحياة السياسية و الاجتماعية لمجتمعه ، و تكون لديه الفرصة لأن يشارك في وضع الأهداف العامة لذلك المجتمع. و كذلك أفضل الوسائل لتحقيق و انجاز هذه الأهداف(3).

3. الاستدامة:  تعتبر الاستدامة من أهم أبعاد التنمية البشرية ، فالتنمية البشرية المستدامة تركز على توسيع خيارات الأفراد الحالية دون تعريض خيارات الأجيال المستقبلية للخطر، "وتركز معظم تعريفات التنمية المستدامة على فكرة مفادها أن الإمكانات المتاحة للناس في المستقبل يجب ألا تختلف عن الإمكانات المتاحة للناس اليوم (4).  فقد كثر استخدام مفهوم التنمية المستدامة في الوقت الحاضر و يعتبر أول من أشار إليها بشكل رسمي هو تقرير مستقبلنا المشترك الصادر عن اللجنة العالمية للتنمية و البيئة عام 1987 ، تشكلت هذه اللجنة بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول عام 1983 برئاسة برونتلاند رئيسة وزراء النرويج. وهناك صنفين من التعاريف للتنمية البشرية المستدامة(5).

الصنف الأول: تمثل تعاريف مختصرة سميت بالتعاريف الأحادية للتنمية المستدامة و هذه التعاريف هي أقرب للشعارات و تفتقد العمق العلمي و التحليلي منها:

أ . التنمية المستدامة هي التنمية المتجددة و القابلة للاستمرار.

ب .التنمية المستدامة هي التنمية التي تتعارض مع البيئة.

أما الصنف الثاني فهي تمثل تعاريف أكثر شمولا و منها:

أ . التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر دون الإضرار بقدرة أجيال المستقبل.

ب . تنمية اقتصادية و اجتماعية متوازنة و متناغمة تعنى بتحسين نوعية الحياة و حماية النظام

الحيوي .إلا أن تقرير التنمية البشرية لعام 1994 أعتبر التنمية البشرية المستدامة على أنها: "نموذج لتنمية يمكن لجميع الأفراد من توسيع نطاق قدراتهم البشرية إلى أقصى حد ممكن وتوظيف تلك القدرات أفضل توظيف لها في جميع المجالات، وهو يحمي أيضا خيارات الأجيال. التي لم تولد بعد ولا تستنزف قاعدة الموارد الطبيعية اللازمة لدعم التنمية في المستقبل(6).

__________________________________________________________________________

1- www.google.com :le rapport sur le développement humain 2010,doc de mouhssen Abou ramadan ,p, 1,2 visité le 12/09/2012 à 15:00 .

2- طارق السيد، مرجع سبق ذكره ، ص ، 251

3- . عبد الرحيم تمام أبو كريشة، دراسات في علم اجتماع التنمية، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية 2003 ، ص ، 328

4- . منظمة الأمم المتحدة للتنمية ، تقرير التنمية البشرية 2001 ، ص، 17

5- رواء زكي يونس طويل ، التنمية المستدامة و الأمن الاقتصادي ، الطبعة الأولى ، دار زه ا رن للنشر و التوزيع، الأردن ، 2010. ص ، 79

6- رعد سامي عبد الرزاق التميمي، مرجع سبق ذكره ، ص ، .63