أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-10-2016
1603
التاريخ: 6-10-2016
1687
التاريخ: 6-10-2016
1531
التاريخ: 6-10-2016
1671
|
البخل من النزعات الخسيسة ، والخلال الماحقة ، فجديرٌ بالعاقل علاجه ومكافحته وإليك بعض النصائح العلاجيّة له :
1 - أنْ يستعرض محاسن الكرَم ، ومساوئ البُخل ، فذلك يُخفّف من سَورة البُخل .
وإنْ لم يُجدِ ذلك ، كان على الشحيح أنْ يُخادع نفسه بتشويقها إلى السخاء ، رغبةً في الثناء والسمعة ، فإذا ما أنَس بالبذل ، وارتاح إليه ، هذّب نفسه بالإخلاص ، وحبّب إليها البذل في سبيل اللّه عزّ وجل .
2 - للبُخل أسبابٌ ودوافع ، وعلاجه منوطٌ بعلاجها ، وبدرء الأسباب تزول المسَّببات .
وأقوى دوافع الشحّ خوف الفقر ، وهذا الخوف مِن نزَعات الشيطان ، وإيحائه المثّبِّط عن السخاء ، وقد عالَج القرآن الكريم ذلك بأُسلوبه البديع الحكيم ، فقرّر : أنّ الإمساك لا يُجدي البخيل نفعاً ، وإنّما ينعكس عليه إفلاساً وحرماناً ، فقال تعالى : {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد : 38] .
وقرّر كذلك أنّ ما يسديه المرء من عوارف السخاء ، لا تضيع هدراً ، بل تعود مخلوقة على المُسدي ، من الرزّاق الكريم ، قال عزّ وجل : {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } [سبأ : 39].
وهكذا يُضاعِف القرآن تشويقه إلى السخاء ، مؤكّداً أنّ المُنفِق في سبيل اللّه هو كالمُقرِض للّه عزّ وجل ، وأنّه تعالى بلطفه الواسع يُّرَدُ عليه القرض أضعافاً مضاعفة : {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة : 261] .
أمّا الذين استرقّهم البُخل ، ولم يُجدهم الإغراء والتشويق إلى السخاء ، يوجّه القرآن إليهم تهديداً رهيباً ، يملأ النفس ويهزّ المشاعر :
{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة : 34، 35].
ومن دواعي البُخل : اهتمام الآباء بمستقبل أبنائهم مِن بعدهم ، فيضنّون بالمال توفيراً لأولادهم وليكون ذخيرةً لهم ، تقيهم العوَز والفاقة .
وهذه غريزة عاطفيّة راسخة في الإنسان ، لا تضرّه ولا تجحف به ، ما دامت سويّة معتدلة بعيدةً عن الإفراط والمغالاة .
بيد أنّه لا يليق بالعاقل ، أنْ يسرف فيها ، وينجرف بتيارها ، مضحّياً بمصالحه الدنيويّة والدينيّة في سبيل أبنائه .
وقد حذّر القرآن الكريم الآباء مِن سطوة تلك العاطفة ، وسيطرتها عليهم كيلا يفتتنوا بحبّ أبنائهم ، ويقترفوا في سبيلهم ما يُخالف الدين والضمير : {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال : 28].
وأعظم بما قاله أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في كتابٍ له : ( أمّا بعد ، فإنّ الذي في يدَيك من الدنيا ، قد كان له أهلٌ قبلَك ، وهو صائر إلى أهلٍ بعدك ، وإنّما أنت جامع لأحدِ رجُلَين : رجلٌ عمَل فيما جمعته بطاعة اللّه ، فسعِد بما شقيت به ، أو رجُل عمَل فيه بمعصية اللّه فشقِيَ بما جمعت له ، وليس أحد هذين أهلاً أنْ تؤثره على نفسك ، وتحمل له على ظهرك فأرجو لِمن مضى رحمة اللّه ، ولِمن بقيَ رزق اللّه ) .
وعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) في قول اللّه تعالى : {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ } [البقرة : 167] .
قال : ( هو الرجل يدَع ماله لا ينفقه في طاعة اللّه بُخلاً ، ثُمّ يموت فيدعه لِمَن يعمل فيه بطاعة اللّه ، أو في معصية اللّه ، فإنْ عمِل فيه بطاعة اللّه ، رآه في ميزان غيره فرآه حسرةً ، وقد كان المال له ، وإنْ كان عمِل به في معصية اللّه ، قوّاه بذلك المال حتّى عمل به في معصية اللّه )(1).
وهناك فئة تعشق المال لذاته ، وتهيم بحبّه ، دون أنْ تتّخذه وسيلةً إلى سعادةٍ دينيّةٍ أو دنيويّة وإنّما تجد أُنسها ومُتعتها في اكتناز المال فحسب ، ومِن ثُمّ تبخل به أشد البُخل.
وهذا هوَس نفسي ، يُشقي أربابه ، ويوردهم المهالك ، ليس المال غاية ، وإنّما هو ذريعةً لمآرب المعاش أو المعاد ، فإذا انتفت الذريعتان غدا المال تافهاً عديم النفع .
وكيف يكدَح المرء في جمع المال واكتنازه ؟! ثُمّ سرعان ما يَغنمه الوارث ، ويتمتّع به ، فيكون له المهنى وللمورث الوزر والعناء .
وقد استنكر القرآن الكريم هذا الهَوس ، وأنذر أربابه إنذاراً رهيباً : {كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا * كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا* وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى* } [الفجر : 17 - 23] .
وقال تعالى : {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} [الهمزة : 1 - 9].
وأبلغُ ما أثر في هذا المجال ، كلمة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وهي في القمّة من الحكمة وسموّ المعنى ، قال ( عليه السلام ) : ( إنّما الدنيا فناءٌ وعناء ، وغِيَر وعِبَرِ ، فمِن فنائها : أنّك ترى الدهر مُوتِراً قوسَه ، مفوّقاً نبله ، لا تخطئ سهامه ولا تُشفى جراحه . يرمي الصحيحَ بالسقم ، والحيَّ بالموت .
ومِن عنائها : أنَّ المرء يجمع ما لا يأكل ، ويبني ما لا يسكن ، ثُمّ يخرج إلى اللّه لا مالاً حمَل ولا بناءً نقَل .
ومن غِيَرها : أنّك ترى المغبوط مرحوماً ، والمرحوم مغبوطاً ، ليس بينهم إلاّ نعيم زال وبؤس نزَل.
ومن عِبَرِها : أنّ المرء يُشرف على أملِه ، فيتخطفه أجلُه ، فلا أملٌ مدروك ، ولا مؤُمَّل مَتروك )(2) .
_____________________
1- الوافي : ج 6 , ص 69 , عن الكافي والفقيه .
2- سفينة البحار : ج1 , ص467 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل معتمد المرجعية الدينية العليا وعدد من طلبة العلم والوجهاء وشيوخ العشائر في قضاء التاجي
|
|
|