أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-12
752
التاريخ: 2024-03-18
660
التاريخ: 23-9-2016
729
التاريخ: 23-9-2016
919
|
ينبغي للحاج ، عند توجهه إلى الحج ، مراعات أمور : الأول - أن يجرد نيته للّه ، بحيث لا يشوبها شيء من الأغراض الدنيوية ، و لا يكون باعثه على التوجه إلى الحج الا امتثال امر اللّه و نيل ثوابه ، و الاستخلاص من عذابه ، فليحذر كل الحذر ان يكون له باعث آخر، مكنون في بعض زوايا قلبه ، كالرياء و الحذر عن ذم الناس و تفسيقهم لو لا يحج ، او الخوف من الفقر و تلف امواله لو ترك الحج ، لما اشتهر من ان (تارك الحج يبتلى بالفقر و الادبار)، او قصد التجارة او شغل آخر، فان كل ذلك يخرج العمل من الإخلاص ، و يحجبه عن الفائدة و ترتب الثواب الموعود ، و ما اجهل من تحمل الاعمال الشاقة التي يمكن ان تحصل بها سعادة الابد لأجل خيالات فاسدة لا يترتب عليها سوى الخسران فائدة ، فيجتهد كل الجهد ان يجعل عزمه خالصا لوجه اللّه ، بعيدا عن شوائب الرياء و السمعة ، و يتيقن انه لا يقبل من قصده و عمله إلا الخالص ، و ان من أفحش الفواحش أن يقصد بيت الملك و حرمه و المقصود غيره فليصحح في نفسه العزم ، و تصحيحه بإخلاصه باجتناب كل ما فيه رياء و سمعة.
الثاني - ان يتوب إلى اللّه تعالى توبة خالصة ، و يرد المظالم ، و يقطع علاقة قلبه عن الالتفات إلى ما وراءه ، ليكون متوجها إلى اللّه بوجه قلبه ، و يقدر انه لا يعود، و ليكتب وصيته لأهله و أولاده ، و يتهيأ لسفر الاخرة ، فان ذلك بين يديه على قرب ، و ما تقدمه من هذا السفر تهيئة لاسباب ذلك السفر، فهو المستقر و إليه المصير.
فلا ينبغي ان يغفل عن ذلك عند الاستعداد لهذا ، فليتذكر عند قطعه العلائق لسفر الحج قطع العلائق لسفر الاخرة.
الثالث - ان يعظم في نفسه قدر البيت و قدر رب البيت ، و يعلم انه ترك الأهل و الاوطان ، و فارق الاحبة و البلدان ، للعزم على امر رفيع شأنه ، خطير امره : اعنى زيارة بيت اللّه الذي جعل مثابة للناس ، فسفره هذا لا يضاهى اسفار الدنيا.
فليحضر في قلبه ما ذا يريد، و اين يتوجه، و زيارة من يقصد ، و انه متوجه إلى زيارة ملك الملوك في زمرة الزائرين إليه ، الذين تودوا فأجابوا ، و شوقوا فاشتاقوا ، و دعوا فقطعوا العلائق ، و فارقوا الخلائق و أقبلوا على بيت اللّه الرفيع قدره و العظيم شأنه ، تسليا بلقاء البيت على لقاء صاحبه ، الى ان يرزقوا منتهى مناهم ، و يسعدوا بالنظر إلى مولاهم ، فليحضر في قلبه عظم السفر، و عظمة البيت ، و جلالة رب البيت ، و يخرج معظما لهما ، ناويا ان لم يصل و ادركته المنية في الطريق لقي اللّه وافدا إليه بمقتضى وعده.
الرابع - ان يخلى نفسه عن كل ما يشغل القلب ، و يفرق الهم في الطريق ، او المقصود ، من معاملة او مثلها ، حتى يكون الهم مجردا للّه ، و القلب مطمئنا منصرفا إلى ذكر اللّه و تعظيم شعائره ، متذكرا عند كل حركة و سكون أمرا أخرويا يناسبه.
الخامس - ان يكون زاده حلالا ، و يوسع فيه و يطيبه ، و لا يغتم ببذله و انفاقه ، بل كان طيب النفس به ، إذ إنفاق المال في طريق الحج نفقة في سبيل اللّه ، و الدرهم منه بسبعمائة درهم قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): «من شرف الرجل ان يطيب زاده إذا خرج في سفر», و كان السجاد (عليه السلام) اذا سافر إلى الحج ، يتزود من أطيب الزاد ، من اللوز و السكر و السويق المحمض و المحلي. و قال الصادق (عليه السلام): «اذا سافرتم ، فاتخذوا سفرة و تنوقوا فيها» , و في رواية : «انه يكره ذلك في زيارة الحسين (عليه السلام)».
نعم ينبغي ان يكون الإنفاق على الاقتصاد من دون تقتير و لا أسراف ، و المراد بالإسراف التنعم بأطايب الأطعمة ، و الترفه بصرف انواعها على ما هو عادة المترفين ، و اما كثرة البذل على المستحقين ، فلا أسراف فيه ، اذ لا خير في السرف ، و لا سرف في الخير.
و ينبغي- أيضا- ان يكون له طيب النفس فيما أصابه من خسران و مصيبة في مال و بدن ، لان ذلك من دلائل قبول حجه ، فان ذهاب المال في طريق الحج يعد الدرهم منه سبعمائة في سبيل اللّه ، فالمصيبة في طريق الحج بمثابة الشدائد في طريق الجهاد ، فله بكل أذى احتمله و خسران أصابه ثواب ، فلا يضيع منه شيء عند اللّه.
السادس - أن يحسن خلقه ، و يطيب كلامه ، و يكثر تواضعه ، و يجتنب سوء الخلق و الغلظة في الكلام ، و الرفث و الفسوق و الجدال ، و الرفث اسم جامع لكل فحش و لغو و خنى ، و الفسوق اسم جامع لكل خروج عن طاعة اللّه ، و الجدال هو المبالغة في الخصومة و المماراة بما يورث الضغائن و يفرق الهم و يناقض حسن الخلق.
قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): «الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة» ، فقيل : يا رسول اللّه ، ما بر الحج؟ , قال : «طيب الكلام و إطعام الطعام» , أفلا ينبغي ان يكون كثير الاعتراض على رفيقه و جماله ، و على غيرهما من أصحابه ، بل يلين جانبه ، و يخفض جناحه للسائرين إلى بيت اللّه ، و يلزم حسن الخلق ، و ليس حسن الخلق مجرد كف الاذى ، بل احتمال الاذى ، و قيل : سمى السفر سفرا ، لانه يسفر عن أخلاق الرجال.
السابع - ان يكون اشعث أغبر، غير متزين و لا مائل إلى أسباب التفاخر و التكاثر، فيكتب في المتكبرين و يخرج عن حزب الضعفاء و المساكين ، و يمشى ان قدر، خصوصا بين المشاعر. وفي الخبر : «ما عبد اللّه بشيء أفضل من المشي» , و ينبغي ألا يكون الباعث للمشي تقليل النفقة ، بل التعب و الرياضة في سبيل اللّه ، و لو كان القصد تقليل النفقة مع اليسار فالركوب أفضل , و كذا الركوب أفضل لمن ضعف بالمشي ، و ساء خلقه ، و قصر في العمل ، ففي الخبر: «تركبون أحب الي ، فان ذلك أقوى على الدعاء و العبادة».
وكان الحسن بن علي (عليهما السلام) يمشى و تساق معه المحامل و الرحال.
وإذا حضرت الراحلة ليركبها ، فليشرك اللّه تعالى بقلبه على تسخيره له الدواب ، لتتحمل عنه الاذى ، و تخفف عنه المشقة , و ينبغي ان يرفق بها ، فلا يحملها ما لا تطيق.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|