أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-22
249
التاريخ: 19-3-2016
4583
التاريخ: 15-3-2016
3432
التاريخ: 19-10-2015
3397
|
لم تنقضِ سنوات أربع على يوم كربلاء حتى كان يزيد قد قضى نحبه، ونجمت بالكوفة جريرة العدل التي حاقت بكل من مَدَّ يدًا إلى الحسين وذويه.
فسلط لله على قاتلي الحسين كفؤًا لهم في النقمة والنكال يفل حديدهم بحديده ويكيل لهم بالكيل الذي يعرفونه، وهو المختار بن أبي عبيد الثقفي داعية التوَّابين من طلاب ثأر الحسين. فأهاب بأهل الكوفة أن يُكفِّروا عن تقصيرهم في نصرته، وأن يتعاهدوا على الأخذ بثأره فلا يبقين من قاتليه أحد ينعم بالحياة، وهو دفين مذال القبر في العراء.
فلم ينج عبيد لله بن زياد، ولا عمر بن سعد، ولا شمر بن ذي الجوشن، ولا الحصين بن نمير، ولا خولي بن يزيد، ولا أحد ممن أحصيت عليهم ضربة أو كلمة أو مدوا أيديهم بالسلب والمهانة إلى الموتى أو الأحياء.
وبالغ في النقمة فقتل وأحرق ومزَّق وهدم وتعقب الهاربين، وجوزي كل قاتل أو ضارب أو ناهب بكفاء عمله، فقُتل عبيد لله وأحُرِق، وقتل شمر بن ذي الجوشن وألقيت أشلاؤه للكلاب، ومات مئات من رؤسائهم بهذه المثلات وألوف من جندهم وأتباعهم مغرقين في النهر أو مطاردين إلى حيث لا وزر لهم ولا شفاعة. فكان بلاؤهم بالمختار عدلًا لا رحمة فيه، وما نحسب قسوة بالآثمين سلمت من اللوم أو بلغت من العذر ما بلغته قسوة المختار.
ولحقت الجريرة الثالثة بأعقاب الجريرة الثانية في مدى سنوات معدودات.
فصمد الحجاز في ثورته أو في تنكُّره لبني أمية إلى أيام عبد الملك بن مروان، وكان أحرج الفريقين من سيق إلى أحرج العملين. وأحرج العملين ذاك الذي دفع إليه – أو اندفع إليه - الحجاج عامل عبد الملك، فنصب المنجنيق على جبال مكة، ورمى الكعبة بالحجارة والنيران، فهدمها وعفى على ما تركه منها جنود يزيد بن معاوية؛ فقد كان قائده الذي خلف مسلم بن عقبة وذهب لحصار مكة أول من نصب لها المنجنيق، وتصدى لها بالهدم والإحراق.
وما زالت الجرائر تتلاحق حتى تقوض من وطأتها ملك بني أمية، وخرج لهم السفاح الأكبر وأعوانه في دولة بني عباس، فعموا بنقمتهم الأحياء والموتى، وهدموا الدور، ونبشوا القبور، وذكر المنكوبون بالرحمة فتكات المختار بن أبي عبيد، وتجاوز الثأر كل مدى خطر على بال هاشم وأمية يوم مصرع الحسين.
لقد كانت ضربة كربلاء، وضربة المدينة، وضربة البيت الحرام، أقوى ضربات أمية؛ لتمكين سلطانهم، وتثبيت بنيانهم، وتغليب ملكهم على المنكرين والمنازعين؛ فلم ينتصر عليهم المنكرون والمنازعون بشيء كما انتصروا عليهم بضربات أيديهم، ولم يذهبوا بها ضاربين حقبة حتى ذهبوا بها مضروبين إلى آخر الزمان.
وتلك جريرة يوم واحد هو يوم كربلاء، فإذا بالدولة العريضة تذهب في عمر رجل واحد مديد الأيام، وإذا بالغالب في يوم كربلاء أخسر من المغلوب إذا وضعت الأعمال المنزوعة في الكِفتين.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|