المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



أعجب آية باهرة  
  
4373   05:59 مساءاً   التاريخ: 5-11-2014
المؤلف : محمّد هادي معرفة
الكتاب أو المصدر : تلخيص التمهيد
الجزء والصفحة : ج2 ، ص229-235.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / الإعجاز القرآني / الإعجاز البلاغي والبياني /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-09-2014 1894
التاريخ: 5-11-2014 3147
التاريخ: 20-09-2014 2106
التاريخ: 2024-07-08 533

قوله تعالى : {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [هود : 44].

قد مرّت عليك قصّة النفر من فصحاء قريش أزمعوا ليعارضوا القرآن ، فعكفوا على لطيف الغذاء من لباب البُرّ وسُلاف الخمر ولحوم الضأن والخلوة ، حتى بلغوا مجهودهم ، فإذا فوجئوا بنزول هذه الآية ، فطووا ما أزمعوا ويئسوا ممّا طمعوا فيه ، وعلموا أنّه لا يشبه كلام مخلوق (1) .

الأمر الذي دعا بعلماء الأدب والبيان أن يجعلوا هذه الآية بالذات موضع دراستهم والبحث عن مزاياها الخارقة ، فخاضوا عبابها واستخرجوا لبابها في عرض عريض .

وممّن أجاد في هذا الباب هو الإمام أبو يعقوب السكّاكي في كتابه ( مفتاح العلوم ) ، فبعد أن تكلّم عن شأن البلاغة وعجيب أمره ، وأنّه ممّا يُدرك ولا يوصف كاستقامة الوزن تُدرك ولا يمكن وصفها ، والملاحة يبهر حسن منظرها ولا يستطاع نعتها ... وأضاف أنّ مدرك ( الإعجاز ) هو الذوق ليس إلاّ ، وطول خدمة عِلمَي المعاني والبيان ... ذكر شاهداً على ذلك متمثلاً بالآية الكريمة ، ومعرّجاً على تعداد مزاياها ومفارقاتها عن سائر الكلام ، قال :

وإذ قد وقفت على البلاغة وعثرت على الفصاحة المعنوية واللفظية ، فأنا أذكر ـ على سبيل الأنموذج ـ آية أكشف لك فيها عن وجوه البلاغة والفصاحتين ، ما عسى يسترها عنك ، ثُمّ إن ساعدك الذوق أدركت منها ما قد أدرك مَن تُحدّوا بها ، وهي قوله ـ علت كلمته ـ : ( وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيض الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) .

قال : والنظر في هذه الآية من أربع جهات : من جهة علم البيان ، ومن جهة علم المعاني ـ وهما مرجعا البلاغة ـ ومن جهة الفصاحة المعنوية ، ومن جهة الفصاحة اللفظية :

1 ـ أمّا النظر فيها من جهة (علم البيان) وهو النظر فيما فيها من المجاز والاستعارة والكناية وما يتصل بها فنقول :

إنه ـ عزّ سلطانه ـ لمّا أراد أن يُبيّن معنى ( أردنا أن نردّ ما انفجر من الأرض إلى بطنها فارتدّ ، وأن نقطع طوفان السماء فانقطع ، وأن نغيض الماء النازل من السماء فغاض ، وأن نقضي أمر نوح ـ وهو انجاز ما كنّا وعدنا من إغراق قومه ـ فقضي ، وأن نُسوّي السفينة على الجوديّ فاستوت ، وأبقينا الظلمة غرقى ) .

 بنى الكلام على تشبيه المراد بالمأمور الذي لا يتأتّى منه ـ لكمال هيبته ـ العصيان ، وتشبيه تكوين المراد بالأمر الجزم النافذ في تكوّن المقصود ، تصويراً لاقتداره العظيم ، وأنّ السماوات والأرض وهذه الأجرام العظام تابعة لإرادته ، إيجاداً وإعداماً ، ولمشيئته فيها تغيراً وتبديلاً ، كأنّهما عقلاء مميّزون قد عرفوه حقّ معرفته ، وأحاطوا علماً بوجوب الانقياد لأمره والإذعان لحكمه ، وتحتّم بذل المجهود عليهم في تحصيل مراده ، وتصوّروا مزيد اقتداره ، فعظمت مهابته في نفوسهم ، وضُربت سرادقها في أفنية ضمائرهم ، فكما يلوح لهم إشارته كان المشار إليه مقدّماً ، وكما يرد عليهم أمره كان المأمور به متمّماً ، لا تلقى لإشارته بغير الإمضاء والانقياد ، ولا لأمره بغير الإذعان والامتثال .

ثمّ بنى على تشبيه هذا نظم الكلام ، فقال ـ جلّ وعلا ـ : ( قيل ) على سبيل المجاز عن الإرادة الواقع بسببها قول القائل ، وجعل قرينة المجاز الخطاب للجماد ، وهو ( يا أرض ) و ( يا سماء ) ، ثم قال ـ كما ترى ـ ( يا أرض ... و يا سماء ) مخاطباً لهما على سبيل الاستعارة للشبه المذكور .

ثمّ استعار لغور الماء في الأرض ( البلع ) الذي هو إعمال الجاذبة في المطعوم ، للشبه بينهما وهو الذهاب إلى مقرّ خفي .

ثمّ استعار ( الماء ) للغذاء استعارة بالكناية ، تشبيهاً له بالغذاء ؛ لتقوّي الأرض بالماء في الإنبات للزروع والأشجار ، تقوّي الآكل للطعام ، وجُعل قرينة الاستعارة لفظة ( ابلعي ) ؛ لكونها موضوعة للاستعمال في الغذاء دون الماء .

ثمّ أمر ـ على سبيل الاستعارة للشبه المقدّم ذكره ـ وخاطب في الأمر ترشيحاً لاستعارة النداء ، ثمّ قال : ( ماءك ) بإضافة الماء إلى الأرض على سبيل المجاز ، تشبيهاً لاتّصال الماء بالأرض باتّصال المُلك بالمالك ، واختار ضمير الخطاب ؛ لأجل الترشيح .

ثمّ اختار لاحتباس المطر ( الإقلاع ) الذي هو ترك الفاعل الفعل للشبه بينهما في عدم ما كان ، ثمّ أمر على سبيل الاستعارة وخاطب في الأمر قائلاً ( أقلعي ) لمثل ما تقدّم في ( ابلعي ) .

ثم قال : ( وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً ... ) فلم يُصرّح بمَن غاض الماء ، ولا بمَن قضى الأمر ، وسوّى السفينة ، وقال بُعداً ، كما لم يُصرّح بقائل ( يا أرض ) و ( يا سماء ) في صدر الآية ؛ سلوكاً في كلّ واحد من ذلك لسبيل الكناية .

إنّ تلك الأمور العظام لا تتأتى إلاّ من ذي قدرة يكتنه قهّار لا يغالب ، فلا مجال لذهاب الوهم إلى أن يكون غيره ـ جلّت عظمته ـ قائل ( يا أرض ويا سماء ) ولا غائض مثل ما غاض ، ولا قاضي مثل ذلك الأمر الهائل ، أو أن تكون تسوية السفينة وإقرارها بتسوية غيره وإقراره .

ثمّ ختم الكلام بالتعريض ؛ تنبيهاً لسالكي مسلكهم في تكذيب الرسل ، ظلماً لأنفسهم لا غير ، خَتم إظهارٍ لمكان السخط ، ولجهة استحقاقهم إيّاه وأنّ قيمة

الطوفان (2) وتلك الصورة الهائلة ما كانت إلاّ لظلمهم .

2 ـ وأمّا النظر فيها من حيث ( علم المعاني ) ـ وهو النظر في فائدة كلّ كلمة منها ، وجهة كلّ تقديم وتأخير فيما بين جملها ـ فذلك أنّه اختير ( يا ) دون سائر أخواتها ؛ لكونها أكثر في الاستعمال وأنّها دالّة على بُعد المنادى ، الذي يستدعيه مقام إظهار العظمة وإبداء شأن العزّة والجبروت ، وهو تبعيد المنادى ، المؤذن بالتهاون به ، ولم يقل ( يا أرض ) بالكسر ؛ لإمداد التهاون ، ولم يقل ( يا أيّتها الأرض ) ؛ لقصد الاختصار ، مع الاحتراز عمّا في ( أيّتها ) من تكلّف التنبيه غير المناسب بالمقام .

واختير لفظ ( الأرض ) دون سائر أسمائها ؛ لكونه أخفّ وأدور .

واختير لفظ ( السماء ) لمثل ما تقدّم في الأرض ، مع قصد المطابقة .

واختير لفظ ( ابلعي ) على ( ابتلعي ) ؛ لكونه أخصر ، ولمجيء حظّ التجانس بينه وبين ( أقلعي ) أوفر .

وقيل ( ماءك ) بالإفراد دون الجمع ؛ لِما كان في الجمع من صورة الاستكثار المُتأتى عنها مقام إظهار الكبرياء والجبروت ، وهو الوجه في إفراد ( الأرض والسماء ) .

وإنما لم يقل ( ابلعي ) بدون المفعول ؛ أن لا يستلزم تركه ما ليس بمراد ، من تعميم الابتلاع للجبال والتلال والبحار وساكنات الماء بأسرهنّ ، نظراً إلى مقام ورود الأمر ، الذي هو مقام عظمة وكبرياء .

ثم إذ بين المراد ، اختصر الكلام مع ( أقلعي ) ؛ احترازاً عن الحشو المستغنى عنه ، وهو الوجه في أن لم يقل ( قيل يا أرض ابلعي ماءك فبلعت ، ويا سماء أقلعي فأقلعت ) .

واختير ( غيض ) على ( غيّض ) المشدّد ؛ لكونه أخصر .

وقيل ( الماء ) دون أن يقال ( ماء طوفان السماء ) ، وكذا ( الأمر ) دون أن يقال ( أمر نوح ) وهو إنجاز ما كان الله وعد نوحاً من إهلاك قومه ؛ لقصد الاختصار والاستغناء بحرف التعريف عن ذلك .

ولم يقل ( سوّيت على الجودي ) بمعنى أقرّت على نحو ( قيل ) و( غيض ) و( قضي ) في البناء للمفعول ؛ اعتباراً لبناء الفعل للفاعل مع السفينة في قوله ( وهي تجري بهم في موج ) مع قصد الاختصار في اللفظ .

ثم قيل ( بُعداً للقوم ) دون أن يقال ( ليبعد القوم ) ؛ طلباً للتأكيد مع الاختصار ، وهو نزول ( بُعداً ) منزلة ( ليبعدوا بعداً ) مع فائدة أخرى ، وهي استعمال اللام مع ( بعداً ) الدالّ على معنى أنّ البعد حقّ لهم .

ثمّ أُطلق الظلم ليتناول كل نوع حتى يدخل فيه ظلمهم أنفسهم ، لزيادة التنبيه على فظاعة سوء اختيارهم في تكذيب الرسل .

هذا من حيث النظر إلى تركيب الكلم .

وأمّا من حيث النظر إلى ترتيب الجمل فذاك أنّه قد قدّم النداء على الأمر ، فقيل ( يا أرض ابلعي ) و( يا سماء أقلعي ) دون أن يقال ( ابلعي يا أرض ) و( أقلعي يا سماء ) جرياً على مقتضى اللازم فيمَن كان مأموراً حقيقة ، من تقديم التنبيه ، ليتمكّن الأمر الوارد عقيبه في نفس المنادى ؛ قصداً بذلك لمعنى الترشيح .

ثمّ قدّم أمر الأرض على أمر السماء وابتدأ به لابتداء الطوفان منها ونزولها لذلك في القصّة منزلة الأصل ، والأصل بالتقديم أَولى .

ثم أتبعهما قوله ( وغيض الماء ) لاتّصاله بقصّة الماء وأخذه بحجزتها ، أَلا ترى أصل الكلام ( قيل يا أرض ابلعي ماءك ـ فبلعت ماءها ـ ويا سماء أقلعي ـ عن إرسال الماء فأقلعت عن إرساله ـ وغيض الماء ـ النازل من السماء فغاض ـ ) .

ثمّ أتبعه ما هو المقصود من القصّة ، وهو قوله ( وقضي الأمر ) أي أُنجز الموعود من إهلاك الكفرة ، وإنجاء نوح ومَن معه في السفينة ، ثمّ أتبعه حديث السفينة ، وهو قوله ( واستوت على الجودي ) ، ثمّ ختمت القصّة بما ختمت .

هذا كلّه نظر في الآية من جانبَي البلاغة .

3 ـ وأمّا النظر فيها من جانب ( الفصاحة المعنوية ) فهي ـ كما ترى ـ نظم للمعاني لطيف ، وتأدية لها ملخّصة مبيّنة ، لا تعقيد يعثر الفكر في طلب المراد ، ولا التواء يشيك الطريق إلى المرتاد ، بل إذا جرّبت نفسك عن استماعها وجدت ألفاظها تسابق معانيها ، ومعانيها تسابق ألفاظها ، فما من لفظة في تركيب الآية ونظمها تسبق إلى إذنك إلاّ ومعناه أسبق إلى قلبك .

4 ـ وأمّا النظر فيها من جانب ( الفصاحة اللفظية ) فألفاظها ـ على ما ترى ـ عربية مستعملة ، جارية على قوانين اللغة ، سليمة عن التنافر ، بعيدة عن البشاعة ، عذبة على العذبات ، سَلسلة على السَّلِسات ، كل منها كالماء في السلاسة ، وكالعسل في الحلاوة ، وكالنسيم في الرقّة .

قال : ولله درّ شأن التنزيل ، لا يتأمل العالم آية من آياته إلاّ أدرك لطائف لا تسع الحصر ، ولا تظنّن الآية مقصورة على ما ذكرتْ ، فلعلّ ما تركتْ أكثر ممّا ذكرتْ ؛ لأنّ المقصود لم يكن إلاّ مجرّد الإرشاد لكيفية اجتناء ثمرات علمَي ( المعاني والبيان ) وأن لا علم في باب التفسير ـ بعد علم الأصول ـ أقرأ منهما على المرء لمراد الله تعالى من كلامه ، ولا أعون على تعاطي تأويل مشتبهاته ، ولا أنفع في درك لطائف نكته وأسراره ، ولا أكشف للقناع عن وجه إعجازه ، هو الذي يوفي كلام ربّ العزّة من البلاغة حقّه ، ويصون له في مظانّ التأويل ماءه ورونقه (3) .
_______________________
(1) العمدة لابن رشيق : ج 1 ص 211 ، وراجع الجزء الرابع من التمهيد : ص 202 .

(2) القيمة ـ بالكسر ـ النوع من قام ، أي بذلك النوع الهائل من قيام الطوفان .

(3) مفتاح العلوم : ص 196 ـ 199 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .