أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-9-2016
1007
التاريخ: 21-9-2016
1273
التاريخ: 2024-03-18
592
التاريخ: 21-9-2016
804
|
في النّية و الاخلاص ، قال النبيّ (صلى الله عليه واله): «إنّما الأعمال بالنيات و إنما لكل أمرء ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى اللّه و رسوله فهجرته إلى اللّه و رسوله ، و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوّجها فهجرته إلى ما هاجر إليه»(1).
و إنما قال ذلك حين قال له بعض الصّحابة إن بعض المهاجرين إلى الجهاد ليست نيته من تلك الهجرة إلّا أخذ الغنايم من الأموال و السّبايا ، أو نيل الصّيت عند الاستيلاء فبين (صلى الله عليه واله) أن كل أحد ينال في عمله ما يبغيه و يصل إلى ما ينويه كائنا ما كان دنيويا أو اخرويّا.
و هذا الخبر مما يعده أصحاب الحديث من المتواترات ، و هو أوّل ما يعلمونه أولادهم و يقولون : إنه نصف العلم.
و اعلم أنه لا يحسب من عبادة اللّه و لا يعد من طاعته بحيث يترتب عليه الاجر في الآخرة إلّا ما يراد به التقرب إلى اللّه تعالى و الدّار الآخرة أعني به وجه اللّه تعالى أو التوصّل إلى ثوابه أو الخلاص من عقابه ، و بالجملة امتثال أمر اللّه تعالى فيما ندب عباده إليه بقوله عزّ و جلّ : {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا } [الأعراف : 56] , و قوله : {وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء : 90].
و كل ما وعد به الجنة و اوعد عليه النار في الآيات التي لا تحصى فرغب و رهب و وعد و أوعد و انما يثيبهم على حسب أقدارهم و منازلهم و نيّاتهم فمن عرف اللّه بجماله و جلاله و لطف فعاله و أحبه و اشتاق إليه و أخلص عبادته للّه لكونه أهلا للعبادة و لمحبته له ، أحبّه اللّه و أخلصه و اجتباه و قربه إلى نفسه و أدناه قربا معنويا و دنوّا روحانيا ، كما قال في حق بعص من هذه صفته : {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى } [ص : 25] , {وَحُسْنُ مَآبٍ} [الرعد : 29].
قال أمير المؤمنين و سيّد الموحّدين (عليه السلام): «إلهي ما عبدتك خوفا من نارك و لا طمعا في جنتك ، لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك»(2).
و من لم يعرف من اللّه سوى كونه إلها صانعا للعالم قادرا ، قاهرا عالما و أن له جنة ينعم بها المطيعين و نارا يعذب بها العاصين ، فعبده ليفوز بجنّته أو يكون له النجاة من ناره ، أدخله بعبادته و طاعته الجنّة ، و أنجاه من النار لا محالة كما أخبر عنه في غير موضع من كتابه فانما لكل امرى ما نوى.
فلا تصغ إلى قول من ذهب إلى بطلان العبادة إذا قصد بفعلها تحصيل الثّواب و الخلاص من العقاب زعما منه أن هذا القصد مناف للاخلاص الذي هو ارادة وجه اللّه سبحانه و أن من قصد ذلك فانما قصد جلب النفع إلى نفسه و دفع الضّرر عنها لا وجه اللّه.
فان هذا قول من لا معرفة له بحقايق التكاليف و مراتب الناس فيها ، بل و لا معرفة له بمعنى النية و حقيقتها و أنها عبارة عن انبعاث النفس و ميلها و توجهها إلى ما فيه غرضها و مطلبها إما عاجلا و إما آجلا ، لا مجرد قول الناوي عند العبادة : أفعل كذا قربة إلى اللّه ، و تصور معنى هذا القول بخاطره و ملاحظته بقلبه ، و إن لم يكن لنفسه انبعاث إلى التقرب.
هيهات انما هذا تحريك لسان و حديث نفس ، و ما ذلك إلا كقول الشبعان : أشتهي هذا الطعام قاصدا حصول الاشتهاء ، و هذا الانبعاث إذا لم يكن حاصلا لها لا يمكنها اختراعه و اكتسابه بمجرد القول و التصور.
و أكثر النّاس يتعذّر منهم العبادة ابتغاء وجه اللّه و التقرب إليه ، لأنهم لا يعرفون من اللّه سبحانه إلا المرجو و المخوف ، فغايتهم أن يتذكروا النّار و يحذروا أنفسهم عقابها ، و يتذكروا الجنة و يرغبوا أنفسهم ثوابها ، و خصوصا من كان الغالب على قلبه الميل إلى الدّنيا ، فانه قلّما ينبعث له داعية إلى فعل الخيرات لينال بها ثواب الآخرة فضلا عن عبادته على نية إجلال اللّه عزّ و جلّ لاستحقاقه الطاعة و العبودية فانه قل من يفهمها فضلا عمن يتعاطاها ، فلو كلف بها لكان تكليفا بما لا يطاق.
و ليس معنى الاخلاص في العبادة الا أن لا تكون مشوبة بشوايب الدّنيا و الحظوظ العاجلة للنفس ، كمدح النّاس و الخلاص من النفقة بعتق العبد و نحو ذلك كما يأتي بيانه و ظاهر أنّه لا ينافيه إرادة الجنة و الخلاص من النّار مما وعد في الاخرة و إن كان من جنس المألوف في الدنيا ، و لو كان مثل هذه النيات مفسدا للعبادات لكان الترغيب و الترهيب و الوعد و الوعيد عبثا بل مخلا بالمقصود.
ثمّ ليت شعري كيف يمكن للعبد الضعيف المهين الذليل الذي لا يملك لنفسه نفعا و لا ضرا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا أن يستغني عن جلب النفع من مولا لنفسه أو دفع الضرر عنها و من امعن حق الامعان فلا يجد أكثر القائلين ببطلان العبادة باحدى النيتين إلا و نياتهم الصحيحة في عباداتهم ترجع إلى إحداهما و هم لا يشعرون.
و عن الصادق (عليه السلام) «العبّاد ثلاثة : قوم عبدوا اللّه عزّ و جلّ خوفا فتلك عبادة العبيد و قوم عبدوا اللّه عزّ و جلّ طلب الثواب فتلك عبادة الاجراء ، و قوم عبدوا اللّه عزّ و جلّ حبّا له فتلك عبادة الاحرار ، و هي أفضل العبادة»(3).
قوله (عليه السلام): و هي أفضل العبادة يعطي أن العبادة على الوجهين الأولين لا يخلو من فضل أيضا فضلا عن أن تكون صحيحة.
_______________
1- احياء علوم الدين : ج 4 , ص 332 , و العوالي : ج 1 , ص 81.
2- العوالي : ج 1 , ص 404 , ح 63.
3- الكافي : ج 2 , ص 84.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|