أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-4-2019
770
التاريخ: 21-9-2016
735
التاريخ: 21-9-2016
1185
التاريخ: 21-9-2016
873
|
النية روح العمل و حقيقته ، و توقف نفع العمل عليها دون العكس ، و كون الغرض الأصلي من العمل تأثير القلب بالميل إلى اللّه - تعالى- و توقفه على النية ، فهي خير من العمل ، بمعنى أن العمل إذا حلل الى جزئيه يكون جزؤه القلبي - اعني النية- خيرا من جزئه الجسماني - اعني ما يصدر من الجوارح ، و الثواب المترتب عليه أكثر من الثواب المترتب عليه ، و لذا قال اللّه سبحانه : {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ } [الحج : 37].
فان المقصود من اراقة دم القربان ميل القلب عن حب الدنيا ، و بذلها ايثارا لوجه اللّه ، دون مجرد الدم و اللحم ، و ميل القلب انما يحصل عند جزم النية و الهم ، و ان عاق عن العمل عائق ، {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ } [الحج : 37] , و التقوى صفة القلب ، و لذا ترى ان المجامع امرأته على قصد انها غيرها اثم ، بخلاف المجامع غيرها على أنها امرأته ، و لذا ورد : أن من هم بحسنة و لم يعملها كتبت له حسنة ، لان هم القلب هو ميله إلى الخير و انصرافه عن الهوى و هو غاية الاعمال الحسنة ، و انما الاتمام بالعمل يزيدها تأكيدا.
وبما ذكر ظهر معنى الحديث المشهور: «نية المؤمن خير من عمله ، و نية الكافر شر من عمله» , و كل عامل يعمل على نيته.
وحاصله : أن كل طاعة تتضمن نية و عملا ، و كل منهما من جملة الخيرات ، وله أثر في المقصود ، و تكون النية خيرا من العمل و أثرها أكثر من اثره , و الغرض : أن للمؤمن اختيارا في النية و في العمل ، فهما عملان ، و النية من الجملة خيرهما ، اي النية التي هي جزء من طاعته خير من عمله الذي هو جزؤها الآخر.
فان قيل : ما ذكرت لا يفيد أزيد من ان العمل إذا كان مع النية يكون كل من العمل و النية خيرا و ذا ثواب , و إذا كان بدونها لا يكون خيرا و لا يكون له ثواب ، و المقصود كون النية خيرا من العمل في الصورة الأولى و كون ثوابها أعظم ، و لم يظهر وجه الخيرية مما ذكرت.
قلت : ذلك و ان ظهر إجمالا ، الا انه لا بد لتوضيحه لتظهر جلية الحال ، فنقول : الوجه في كون النية خيرا من العمل و راجحة عليه في الثواب : انه لا ريب في ان المقصود من الطاعات شفاء النفس و سعادتها في الآخرة و تنعمها بلقاء اللّه - سبحانه- ، و الوصول إلى اللقاء موقوف على معرفة اللّه و حبه و انسه ، و هي موقوفة على دوام الفكر و الذكر الموجبين لانقطاع النفس من شهوات الدنيا و توجهها إلى اللّه - سبحانه-، فإذا حصل بمجرد المعرفة الحاصلة من الفكر ميل و توجه إلى اللّه - تعالى- كان ضعيفا غير راسخ ، و انما يترسخ و يتأكد بالمواظبة على اعمال الطاعات و ترك المعاصي بالجوارح ، لأن بين النفس و بين الجوارح علاقة يتأثر لأجلها كل واحد منها عن الآخر، فيرى أن العضو إذا أصابته جراحة تتألم بها النفس ، و أن النفس إذا تألمت بعلمها بموت عزيز أو بهجوم أمر مخوف تأثرت الأعضاء و ارتعدت الفرائض فالطاعات التي هي فعل الجوارح إنما شرعت للتوصل بها إلى صفة النفس - اعني التوجه و الميل إلى اللّه - سبحانه- ، فالنفس هو الأصل و المتبوع و الأمير، و الجوارح كالخدم و الأتباع وصفات القلب هي المقصودة لذاتها ، و افعال الجوارح هي المطلوبة بالعرض ، لكونها مؤكدة وموجبة لرسوخ النفس - اعني الميل و النية و التوجه - و لا ريب في أن ما هو المقصود بالذات خير مما هو مقصود بالعرض ، و ثوابه أعظم من ثوابه.
ومن المعاني الصحيحة للحديث : أن المؤمن بمقتضى ايمانه ينوي خيرات كثيرة لا يوفق لعملها إما لعدم تمكنه من الوصول إلى أسبابها ، أو لعدم مساعدة الوقت على عملها ، أو لممانعة رذيلة نفسانية عنها بعد الوصول إلى أسبابها ، كالذي ينوي إن آتاه اللّه ما لا ينفقه في سبيله ، ثم لما آتاه يمنعه البخل عن الإنفاق ، فهذا نيته خير من عمله ، و أيضا المؤمن ينوي دائما أن تقع عباداته على أحسن الوجوه ، لأن ايمانه يقتضي ذلك , ثم إذا اشتغل بها لا يتيسر له ذلك , و لا يأتي بها كما يريد ، فما ينويه دائما خير مما يعمل به في كل عبادة , و إلى هذا أشار الباقر (عليه السلام) حيث قال : «نية المؤمن خير من عمله ، و ذلك لأنه ينوي الخير ما لا يدركه ، و نية الكافر شرّ من عمله ، و ذلك لأن الكافر ينوي الشر و يأمل من الشر ما لا يدركه».
و قيل للصادق (عليه السلام) : سمعتك تقول : نية المؤمن خير من عمله ، فكيف تكون النية خيرا من العمل؟.
قال (عليه السلام): «لأن العمل إنما كان رياء للمخلوقين ، و النية خالصة لرب العالمين فيعطى - عز و جل- على النية ما لا يعطي على العمل» , ثم قال : «إن العبد لينوي من نهاره أن يصلي بالليل فتغلبه عينه فينام ، فيثبت اللّه له صلاته و يكتب نفسه تسبيحا و يجعل نومه صدقة» , و بعض الأخبار المتقدمة يعضد ذلك و يؤكده أيضا , و قيل : معنى الحديث : «إن النية بمجردها خير من العمل بمجرده بلا نية» , و فيه : أن العمل بدون النية لا يتصف بالخيرية أصلا.
فلا معنى للترجيح في الخيرية ، و قيل: سبب الترجيح : «إن النية سر لا يطلع عليه إلا اللّه ، و العمل ظاهر، و فعل السر أفضل» , و هذا و إن كان في نفسه صحيحا ، إلا أنه ليس مرادا من الحديث ، لأنه لو نوى أحد أن يذكر اللّه - تعالى- بقلبه أو يتفكر في مصالح المؤمنين ، كانت نيته بمقتضى عموم الحديث خيرا من العمل الذي هو الذكر و التفكر، مع اشتراك النية و العمل في السرية ، و بداهة كون الذكر و التفكر خيرا من نيتهما.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|