أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-9-2016
355
التاريخ: 19-9-2016
586
التاريخ: 19-9-2016
433
التاريخ: 19-9-2016
341
|
وهي من القواعد الفقهية المعروفة والمبتلى بها في كثير من أبواب الفقه، والكلام فيها يقع في مقامات:
المقام الأوّل: في ما يدلّ أو يستدلّ به على اعتبار البيّنة، وهو امور:
الأوّل: دعوى الإجماع (1) على اعتبارها في الموضوعات الخارجية التي يترتّب عليها حكم أو أحكام في الشريعة المقدّسة كالنجاسة، والغصبيّة، والملكية، والعدالة، والقبلة، والاجتهاد وأشباهها.
وقد أورد على هذه الدّعوى بأنّ هذا الاجماع على تقدير تحقّقه لا يكون واجداً لملاك الحجّية ولا كاشفاً عن موافقة المعصوم عليه السلام؛ لاحتمال أن يكون مستند المجمعين شيئاً من الوجوه الآتية، وعليه لا يبقى للإجماع أصالة، بل اللازم النظر في تلك الوجوه واستفادة حكم البيّنة منها (2) ، كما لا يخفى.
ويمكن الجواب عن الإيراد بأنّه حيث لا تكون الوجوه الآتية ظاهرة الدلالة على حجّية البيّنة، بل اكثرها أو كلّها مخدوشة، فالاجماع على اعتبارها بنحو يكون كإرسال المسلّمات لا يبعد أن يقال بكشفه عن موافقة المعصوم عليه السلام، لعدم التلاؤم بين هذا النحو من الإرسال، وبين الوجوه التي لا تكون دلالتها على حجيّة البيّنة ظاهرة، كما هو ظاهر.
الثاني: أنّه لا إشكال في اعتبار البيّنة في مورد الترافع والخصومة وتقدّمها على غير الإقرار مثل اليمين ونحوها، فإذا كانت معتبرة في ذلك الباب مع وجود المعارض وثبوت المكذّب- حيث إنّ المنكر بإنكاره يكذب البيّنة ويعارضها- ففيما إذا لم يكن لها معارض تكون معتبرة بطريق أولى، فالدليل على حجّية البيّنة في ذلك الباب يدلّ بمفهوم الموافقة على الحجيّة في غيره ممّا لا يكون لها معارض.
واورد عليه بأنّ اعتبار شيء في باب المرافعات والخصومات، لا دلالة له على اعتباره في غيرها أصلًا، فضلًا عن أن يكون بطريق أولى؛ لأنّ بقاء التنازع والتخاصم ينجرّ إلى اختلال النظام، وهو مبغوض للشارع، وغرضه رفعها بأيّ نحو كان، فاعتبار شيء في ذلك الباب لا يلازم الاعتبار في غيره، كما أنّ اليمين مع اعتبارها في فصل الخصومة لا تكون معتبرة في غيره (3).
الثالث: الروايات الواردة في هذا الباب، وعمدتها رواية مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سمعته يقول: كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك، وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة، أو المملوك عندك ولعلّه حرّ قد باع نفسه، أو خدع فبيع قهراً، أو امرأة تحتك وهي اختك أو رضيعتك، والأشياء كلّها على هذا حتّى يستبين لك غير ذلك ، أو تقوم به البيّنة (4).
والكلام في هذه الرّواية تارة من حيث السند، واخرى: من جهة الدّلالة:
أمّا من الجهة الاولى: فقد عبّر عنها الشيخ الأعظم الأنصاري قدس سره بالموثّقة (5) ، ولعلّ هذا الإتّصاف مشهور بينهم، مع أنّه لم يوثّق مسعدة- راوى الحديث- في شيء من الكتب الرّجالية القديمة التي هي الأساس لسائر الكتب، بل المحكي عن العلّامة (6) والمجلسي (7) وغيرهما (8) تضعيفه، وغاية ما ذكر في مدحه أنّ رواياته غير مضطربة المتن، وأنّ مضامينها موجودة في سائر الموثّقات (9).
هذا، ولكن توثيق الشيخ الأعظم بضميمة وقوع الرجل في سند بعض الروايات الواقعة في كامل الزيارات لابن قولويه (10) - مع تصريح مؤلّفه في ديباجته بأنّه لم يرد في ذلك الكتاب إلّا الأخبار التي رواها الثقات من الأصحاب، ولا تكون متّصفة بالشذوذ (11) - يكفي في جواز الاعتماد عليها وإن كان الرجل عاميّاً.
وأمّا من الجهة الثانية: فتقريب دلالتها أنّه عليه السلام بعد الحكم بثبوت الحلّية الظاهرية للأشياء التي شك في حلّيتها وحرمتها، وإيراد أمثلة لذلك، حكم بأنّ الأشياء كلّها كذلك محكومة بالحلّية، إلّا مع استبانة الحرمة والعلم بها، أو قيام البيّنة وشهادة العدلين عليها. فيستفاد منها اعتبار البيّنة في موارد الشك في الحلّية والحرمة، وبضميمة أنّه لا فرق بين الشبهات الموضوعية في باب الحلّية والحرمة ، وبينها في غير ذلك الباب، كموارد الطهارة والنجاسة، ولم يقل أحد بالفصل، يتمّ المطلوب؛ وهي حجّية البيّنة في جميع الموارد.
وقد استشكل فيها بوجهين:
أحدهما وهو العمدة: أنّ الرواية ظاهرة بل صريحة في أنّ الحكم بالحلّية في الموارد المذكورة فيها مستند إلى أصالة الحلّية التي يدلّ عليها قوله عليه السلام في صدر الرواية: «كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه» وأنّ تلك الموارد من أمثلة القاعدة المذكورة وصغريات هذه الكبرى الكلّية، مع أنّ الحلّية فيها لا تستند إلى قاعدة الحلّية بوجه؛ ضرورة أنّ الحلّية في مثال الثوب مستندة إلى اليد التي هي أمارة على الملكية عند العقلاء وفي الشريعة.
وفي مثال العبد إلى الإقرار أو اليد أيضاً، وفي مثال المرأة إلى استصحاب عدم تحقّق الرضاع وعدم اتّصافها بكونها رضيعة له، وإلى استصحاب عدم الاختيّة بناءً على جريانه، وعلى فرض عدم الجريان- كما هو الحقّ- لا يكون هناك حلّية أصلًا، بل الثابت هي أصالة الفساد وعدم ترتّب الأثر على النكاح (12).
ومن الواضح استهجان إيراد قاعدة كلّية ثمّ ذكر أمثلة خارجة عن تلك القاعدة، خصوصاً مع التصريح بالقاعدة ثانياً وتكرارها في الذيل كما في الرواية، وخصوصاً مع كون الحكم في بعضها على خلاف القاعدة المذكورة.
والجواب: أنّ هذا الإشكال وان كان ممّا لا سبيل إلى حلّه، إلّا أن تحمل الموارد المذكورة فيها- غير المرتبطة بالقاعدة أصلًا- على بيان ذكر النظائر والأشباه لا المصاديق والصغريات، إلّا أنّه لا يقدح في الاستدلال بالرواية على ما هو المقصود في المقام من حجّية البيّنة؛ فإنّ عدم انطباق القاعدة على الموارد المذكورة لا يستلزم خروج ذيل الرواية- الدالّ على اعتبار البيّنة وأنّ قيامها يوجب سقوط أصالة الحلية وعدم جريانها- عن الاعتبار والحجّية، فتأمّل.
ثانيهما: أنّ كلمة «البيّنة» لم ثتبت لها حقيقة شرعية ولا متشرعيّة ، وإنّما استعملت في الكتاب والأخبار بمعناها اللغوي، وهو ما به البيان والظّهور، وبعبارة اخرى: هي بمعنى الحجّة، فلا مجال للاستدلال بالرواية على حجيّة البيّنة بالمعنى الاصطلاحي (13).
والجواب: أنّ ظهور «البيّنة» مع الإطلاق وعدم وجود قرينة على الخلاف في هذا المعنى الاصطلاحي ممّا لا ينبغي إنكاره، ويدلّ عليه استعمالها فيه من الصدر الأوّل في مثل قوله صلى الله عليه وآله: البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر (14) وقوله صلى الله عليه وآله: إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان (15) ، وغيرهما من الموارد الكثيرة (16) ، ولم يعلم استعمالها في الكتاب وغيره في غير هذا المعنى الاصطلاحي من دون قرينة، كما في التعبير المعروف: «دعوى فلان خالية عن البرهان والبيّنة».
نعم، قد استعملت في الكتاب في خمسة عشر موضعاً (17) منه بمعناها اللغوي؛ وهو الظهور والبيان، لكن مع القرينة، فنرى أنّه قد عبرّ فيه عن معجزتي موسى عليه السلام تارة بالبرهان في قوله تعالى: {فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ} [القصص: 32]
واخرى بالبيّنة في قوله تعالى: {قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: 105] مع أنّ توصيف البيّنة بكونها من ناحية الرّب أيضاً يدلّ على كون المراد هي الحجّة الواضحة.
ويدلّ على كون المراد بالبيّنة في الموثّقة خصوص المعنى الاصطلاحي، أنّه لو كان المراد بها هو المعنى اللغوي، يلزم أن تكون الاستبانة أيضاً من مصاديق البيّنة، فيكون العطف من قبيل عطف العامّ على الخاصّ، وهو خلاف ما هو المتفاهم عرفاً منها، كما لا يخفى.
ودعوى أنّه يمكن أن يكون المراد بالبيّنة في النبويّين أيضاً هو المعنى اللّغوي لا شهادة عدلين، مدفوعة- مضافاً إلى كونه خلاف ما فهمه الأصحاب منهما، وقد عبّروا بمثلهما في كتاب القضاء اقتباساً منه صلى الله عليه وآله مع وضوح كون مرادهم هو المعنى الاصطلاحي- بأنّه لو كان المراد بها هو المعنى اللغوي الذي هي الحجّة، لكان المنكر أيضاً واجداً للحجّة، خصوصاً لو كان تعريفه: أنّه «من كان قوله موافقاً للأصل أو الظاهر»؛ فإنّ المنكر حينئذ يكون واجداً للحجّة، فلا يبقى فرق بينه وبين المدّعي، ولا وجه لترجيحه عليه بعد اشتراكهما في ثبوت الحجّة لهما، كما هو ظاهر.
فانقدح أنّه لا مجال لانكار كون البيّنة في الرّواية بالمعنى الاصطلاحي الذي هو شهادة عدلين، وأنّ الرواية ظاهرة في اعتبارها وحجّيتها.
ثمّ إنّ في الرواية اشكالًا ثالثاً؛ وهو أنّه قد جعلت البيّنة فيها غاية للحلّ، فكأنّه قال عليه السلام: كلّ شيء لك حلال حتى تعلم حرمته أو تقوم البيّنة على حرمته، فغاية مدلول الرواية حجّية البيّنة لإثبات حكم الحرمة لا إثبات الموضوعات، كخمرية هذا المائع، وكريّة ذلك الماء وأشباههما، بل لا تدلّ على حجّيتها لإثبات الأحكام الجزئية؛ كنجاسة هذا الثوب وملكية ذلك الشيء لفلان وأمثال ذلك، فالموثّقة لا تنطبق على المدّعى في باب حجّية البيّنة.
والجواب: أنّه لا خفاء في كون الموثّقة واردة في الشبهات الموضوعيّة؛ فإنّ الأمثلة المذكورة فيها وإن كانت خارجة عن الصغروية للكبرى المذكورة فيها على ما عرفت، إلّا أنّ التعرّض لها وإيرادها ولو بعنوان بيان النظائر والأشباه، يدلّ على أنّ المفروض في الرّواية خصوص الشبهة الموضوعية التحريميّة.
وعليه: فالمراد بالاستبانة المذكورة في الرّواية هو استبانة العنوان المحرّم، وكون مورد الشبهة مصداقاً للخمر مثلا، لا استبانة الحكم المتحقّقة في الشبهة الحكمية أيضاً، وقيام البيّنة صار معطوفاً على الاستبانة بالمعنى المذكور، فلابدّ من أن يكون المراد بها هي البيّنة القائمة على تشخيص الموضوع وبيان العنوان المحرّم، لا البيّنة على الحكم كما هو ظاهر، فالإنصاف تمامية دلالة الرواية على اعتبار البيّنة في الموضوعات الخارجيّة.
ومن الرّوايات: رواية عبداللَّه بن سليمان المروية في الكافي عن الصادق عليه السلام في الجبن: كلّ شيء لك حلال حتى يجيئك شاهدان يشهدان عندك أنّ فيه ميتة (18).
والرواية بلحاظ ورودها في الجبن- الذي يكون منشأ الشك في حليّته وجود الميتة فيه، وبعبارة اخرى: كون الشبهة موضوعية- وبلحاظ قوله عليه السلام: «إنّ فيه ميتة»، ظاهرة في أنّ مجيء شاهدين يشهدان بذلك حجّة شرعية على ثبوت موضوع الحرمة ووجود الميتة فيه، والرّواية دالّة على قاعدة كلّية، وذكر الميتة بلحاظ ورودها في الجبن، وإلّا فمن الواضح أنّه لا خصوصية للجبن والميتة، وإلّا لا مجال للتعبير بقوله: «كلّ شيء حلال»، فإلقاء الضابطة الكليّة ناظر إلى أنّه لا خصوصية للجبن، ومعها لا يبقى مجال لخصوصية الميتة من بين المحرّمات؛ لأنّ التعرّض لها إنّما هو لارتباطها بالجبن كما هو واضح.
كما أنّ حصر الغاية في البيّنة ليس في مقابل العلم الذي هي حجّة ذاتيّة، بل إنّما هو لإفادة كون البيّنة قائمة شرعاً مقام العلم، وقد عرفت أنّ عدم الفصل في الشبهات الموضوعية بين التحريمية وغيرها من سائر الشبهات، يوجب تمامية دلالة الرواية على اعتبار البيّنة في الموضوعات مطلقاً، فلا يتوهّم اختصاص الرواية بالشبهات الموضوعية التحريمية.
ومنها: الرّوايات المتعدّدة الواردة في رؤية الهلال الدالّة على ثبوتها بشهادة عدلين بها، مثل:
صحيحة الحلبي، عن أبي عبداللَّه عليه السلام أنّ عليّاً عليه السلام كان يقول: لا اجيز في الهلال إلّا شهادة رجلين عدلين (19).
وصحيحة منصور بن حازم، عن أبي عبداللَّه عليه السلام أيضاً قال: صم لرؤية الهلال وأفطر لرؤيته، فإن شهد عندكم شاهدان مرضيّان بأنّهما رأياه فاقضه (20).
وغيرهما من الروايات الواردة في هذا المجال (21).
وتقريب الاستدلال بها أن يقال: إنّه عليه السلام بصدد أنّه لا يثبت الهلال إلّا بالرؤية والعلم، أو بما هو بمنزلة العلم في إثبات ما قام عليه، فكأنّه عليه السلام جعل أمارية البيّنة وكونها بمنزلة العلم أمراً مفروغاً عنه ومن المسلّمات. ويؤيّده أنّه في الصدر علّق الحكم بوجوب الصّوم والإفطار على الرؤية التي هي المشاهدة، ثمّ فرّع عليه مسألة الشهادة والبيّنة، ولولا قيام البيّنة مقام العلم وكونه بمنزلته لا يكاد يتمّ التفريع، كما لا يخفى.
هذا، ولكن مقتضى ما ذكر: كون قيام البيّنة مقام العلم واعتبارها وحجيّتها مفروغاً عنه في مسألة الرؤية، وأمّا كونها معتبرة في جميع الموارد والشبهات فلا دلالة للروايات عليه.
ومنها: الروايات المتعدّدة أيضاً الواردة في لزوم تصديق المسلم إذا شهد، وقبول شهادة المؤمن، مثل قوله عليه السلام: إذا شهد عندك المسلمون فصدّقهم (22).
وقوله عليه السلام: إذا شهد عندكم المؤمنون فاقبلوا (23) ، وغيرهما من الروايات الواردة بهذا المضمون.
ولكنّ الظاهر أنّه لا دليل على كون المراد بالشهادة في مثل الروايتين هي شهادة المتعدّد من المسلم أو المؤمن، بل يحتمل قويّا أن يكون المراد لزوم قبول قولهم وإن لم يكن متعدّداً، بل وإن لم يكن عادلًا، فلا دلالة لها على اعتبار البيّنة المتقوّمة بالتعدّد والعدالة، إلّاأن يتحقّق السّلوك من طريق الأولوية، وهي وإن كانت متحققة إلّا أنّها تجدي فيما إذا كان الأصل مورداً للقبول، مع أنّ لزوم التصديق بالنحو المذكور الذي هو مفاد الروايتين ممّا لم يقل به أحد.
هذا، وقد احتمل في الروايتين أن يكون المراد منهما ما هو المراد من قوله تعالى: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 61] من أنّ المراد هو القبول الصوري وعدم تكذيبهم، لا ترتيب الآثار الواقعية على مجرّد إخبارهم وإن كان بضرر غيرهم.
الرّابع: الكتاب، وقد وقع التعرّض فيه لشهادة العدلين في موارد، ففي مورد الدين قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282].
وفي مورد الوصيّة، قوله تعالى: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 106].
وفي مورد جزاء الصيد في حال الإحرام، وحكم رجلين عدلين وشهادتهما بالمثلية للصيد: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] .
وفي مورد الطلاق : {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] .
والمستفاد منها- بعد دلالتها على اعتبار البيّنة في الموارد المذكورة؛ ضرورة أنّ الاستشهاد إنّما هو لغرض الشهادة، فلو لم تكن الشهادة حجّة ومعتبرة لما كان وجه للاستشهاد، فلزوم إشهاد عدلين عند الطلاق لا ينفكّ عن اعتبار شهادتهما به بعداً- أنّ البيّنة حجّة شرعية قائمة مقام العلم في جميع الموارد والموضوعات، من دون أن تكون خصوصية للموارد المذكورة.
هذا، وقد ورد في الكتاب أيضاً آيات دالّة على وجوب تحمّل الشهادة ووجوب أدائها وحرمة كتمانها؛ كقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ } [الطلاق: 2] .
وقوله تعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا } [البقرة: 282] . وقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] , وظاهرها بمقتضى الدلالة الالتزامية الحجّية والاعتبار كما عرفت؛ لأنّه لا معنى للزوم التحمّل والأداء وحرمة الكتمان مع عدم وجوب التصديق، وعدم لزوم القبول، وترتيب الأثر.
وبالجملة: لا يبقى لمن امعن النظر في موارد قبول شهادة العدلين ارتياب في أنّه لا خصوصية لتلك الموارد، بل حجّيتها إنّما هي بنحو العموم والشمول لجميع الموضوعات إلّا ما خرج بالدليل، مثل الزنا واللواط (24) وغيرهما.
الخامس: سيرة العقلاء من جميع الملل وإن لم يكونوا متشرّعين بشريعة أصلًا؛ فإنّهم يرون شهادة شخصين موثّقين طريقاً مثبتاً إلى الموضوعات التي تترتّب عليها الأحكام العرفية والآثار العقلائيّة.
ويرد عليه: عدم انطباق هذا الدليل على المدّعى؛ فإنّ المدّعى كما عرفت يعتبر فيه التعدّد والعدالة، فإنّه المراد من البيّنة بالمعنى الاصطلاحي، والدليل وهي سيرة العقلاء إنّما يكون موردها مطلق الشهادة ولو لم يكن من الشخصين، كما أنّه لا يعتبر فيه العدالة بل يكفي مجرّد الوثاقة، وسيأتي أنّ السيرة بهذا العرض الوسيع مردوعة عنها في الشريعة، إلّا أن يقال: إنّ الرّدع إنّما هو بالإضافة إلى قسم من مورد جريان السيرة. وامّا بالنسبة إلى ما كان مشتملًا على التعدّد والعدالة فلم يتحقّق الردع، بل كان الأخبار الكثيرة المتقدّمة بمنزلة الإمضاء له، كما لا يخفى.
السادس: أنّ الموضوعات لا ريب في كون أكثرها خفية على أكثر الناس؛ بمعنى أنّ كلّ صنف من الناس وإن كان لهم التسلّط على معرفة صنف من الموضوعات، لكنّ الغالب لا بصيرة له في الغالب، فلو كانت الأحكام معلّقة على العلم بالموضوعات لزم تعطيل الأحكام غالباً، ولزم الهرج والمرج، فلابدّ من كون شيء معتبراً في الشرع في الموضوعات غير العلم ممّا يوجب الوثوق بها، ولا قائل بما هو أزيد من البيّنة من شهادة ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو نحو ذلك. نعم، في حجّية شهادة العدل الواحد كلام يأتي البحث عنه إن شاء اللَّه تعالى.
السّابع: لو دار ثبوت الموضوعات المترتّبة عليها الأحكام في الشريعة مدار حصول العلم لكلّ أحد، لزم العسر والحرج الشديد المنفي بالنصّ والإجماع، فكذا المقدّم، فتثبت حجّية البيّنة بعدم القول بالفصل؛ لأنّ كلّ من اعتبر ما سوى العلم فقد إعتبر البيّنة.
وهنا وجوه اخر مذكورة لإثبات حجّية البيّنة في الموضوعات، ولكن ملاحظة ما ذكرنا من الأدلّة وإن كان بعضها لا يخلو من المناقشة والنظر، لا تبقي مجالًا للارتياب في الحجّية المذكورة، فلا وجه لما نسب إلى القاضي عبد العزيز بن البرّاج من عدم حجّية البيّنة في إثبات النجاسة (25) ، ولا لما نسب (26) إلى ظاهر السيّد في الذريعة (27) والمحقّق في المعارج (28) والمحقّق الثاني في الجعفريّة (29) وبعض آخر (30) من عدم ثبوت الاجتهاد بشهادة عدلين؛ لعدم الدليل عليه.
وإن كان يمكن أن يكون الوجه في الأخير هو عدم كون الاجتهاد من الامور المحسوسة، وحجّية البيّنة مقصورة على الامور المحسوسة، كما أنّه يمكن أن يكون الوجه في الأوّل هو كون النجاسة أمراً مسبّبياً غير محسوس، والبيّنة لابدّ وأن تكون في مورد أمر محسوس، وسيأتي البحث عن ذلك في بعض المقامات الآتية إن شاء اللَّه تعالى.
المقام الثاني: في مورد حجيّة البيّنة وسعة دائرتها وضيقها، فنقول:
لا ريب في أنّ الموضوع الذي تكون البيّنة حجّة بالإضافة إليه لابدّ وأن يكون مترتّباً عليه أثر شرعيّ حتى يكون اعتبارها لأجل ترتّب ذلك الأثر عليه، فكما أنّه يعتبر في جريان الاستصحاب في الموضوعات الخارجية ترتّب الأثر الشرعي عليها، فكذلك يعتبر في حجّية البيّنة ذلك، فلو كان هناك موضوع لم يترتّب عليه حكم في الشريعة، فلا مجال لاحتمال حجّية البيّنة فيه أصلًا. وهذا ممّا لا شبهة فيه، كما أنّه لا شبهة في أنّه إذا كان موضوع الأثر أمراً محسوساً كالماء والخلّ والخمر والكلب والخنزير وأشباهها؛ لا شك في حجّية البيّنة فيه بعد القول باعتبار البيّنة في تمام الموارد من غير اختصاص بموارد خاصّة.
وأمّا إذا لم يكن موضوع الأثر أمراً محسوساً، فتارة: تكون له آثار محسوسة بحيث يكون بينها وبين ذلك المشهود به ملازمة عرفيّة، أو يكون لها أسباب مخصوصة محسوسة، واخرى: لا يكون كذلك؛ بمعنى أنّه لا يكون له أثر محسوس ولا سبب مخصوص محسوس أيضاً.
فإن كان من قبيل الأوّل كالعدالة والاجتهاد والأعلميّة ونحوها في الصّورة الاولى منه، والنجاسة والزوجية والطلاق في الصورة الثّانية منه، فالظّاهر حجّية البيّنة فيه أيضاً؛ لأنّه وإن كانت كلمة «الشهادة» ظاهرة في الحضور والإخبار عن العين والعلم بإحدى الحواسّ الخمس، وكذلك كلمة «البيّنة» ظاهرة في ما كان ظاهراً مشهوداً؛ لأنّه صيغة مشبهة من «بان» بمعنى ظهر، ومذكّرها «بّين»، إلّا أنّه إذا كان الموضوع الذي قام به البيّنة له أثر محسوس كالأمثلة المذكورة، فحيث يكون بينه وبين أثره المحسوس ملازمة عرفية، ففي الحقيقة يكون كأنّ المشهود به أمراً محسوساً.
وكذلك إذا كان له سبب محسوس كالأمثلة الاخرى المذكورة أيضاً، مضافاً إلى أنّ الشهادة بالمسبّب شهادة بالسبب، بعد عدم انحصار دائرة الحجّية في الأمارات بخصوص المدلول المطابقي منها، بل تسع دائرة الحجّية للوازم والملزومات والملازمات أيضاً.
وإن كان من قبيل الثاني، فالظاهر أنّه لا دليل على حجّية البيّنة فيه، لا من الآيات والروايات ولا من السيرة والإجماع وغيرهما.
أمّا الاولى؛ فلأنّه- مضافاً إلى أنّ لفظ الشهادة الوارد في كثير منهما لا ينطبق عليه؛ لأنك عرفت أنّه من الشهود بمعنى الحضور، وفي هذا الفرض- لا معنى لتحقّق الحضور بعد عدم خلوّ المشهود به من كونه محسوساً، أو ثبوت أثر محسوس، أو سبب محسوس له كما هو المفروض. وأمّا الثانية؛ فلأنّ القدر المتيقّن من مثل السيرة والإجماع غير هذا الفرض، فلا دليل على الحجيّة، ومن المعلوم افتقارها إلى الدليل على ثبوتها.
المقام الثالث: كما أنّه يعتبر في مفهوم البيّنة ومعناها بحسب الاصطلاح التعدّد والعدالة، فهل يعتبر فيه الرّجوليّة أيضاً، فلا يطلق عنوانها على شهادة النساء أصلًا، ولو مع العدالة والتعدّد البالغ أربع نفرات، وعليه: فيحتاج إثبات حجّية شهادة النساء إلى أدلّة اخرى غير ما ذكرنا، أو لا يعتبر فيه الرجولية، بل شهادة أربع نساء بيّنة يشملها ما يدلّ على اعتبار البيّنة ؟ فالثمرة تظهر فيما إذا لم يكن هناك دليل خاصّ على أحد الطرفين من الاعتبار وعدمه.
وبعبارة اخرى: لا شبهة في اعتبار شهادة النساء منفردات في بعض الموارد، ومنضمّات إلى الرجال في بعض موارد اخر، وقد وقع التعرّض في كتاب الشهادات للموردين (31) ، كما أنّه لا شبهة في عدم اعتبارها في بعض الموارد لا منفردات ولا منضمّات، كثبوت الهلال والطلاق وغيرهما من الموارد، إنّما الإشكال في موارد الخلوّ من الدليل الخاصّ. فإن قلنا بعموم لفظ البيّنة، فمقتضى أدلّة حجّيتها حجّيتها أيضاً، وإن قلنا بالعدم، فلا دليل على اعتبارها مطلقاً.
والظاهر أنّه لا سبيل إلى استكشاف أحد الطرفين وإن كان ربما يدّعى أنّ المتبادر من لفظ البيّنة في عرف المتشرّعة هي الشهادة المقرونة بالتعدّد، من دون فرق بين الرجل والمرأة، كما أنّه ربما يدّعى الانصراف إلى خصوص الرّجل، ويؤيّد الأوّل عطف الرجل والمرأتين على الرجلين في إطلاق إسم الشاهد عليهما في مثل قوله تعالى في آية الدّين المفصّلة: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ } [البقرة: 282] ، إلّا أنّه مع ذلك لا سبيل إلى تعيين أحد الاحتمالين، ومع الترديد لا دليل على اعتبار البيّنة مع عدم الرّجولية.
نعم، ربما يستشهد لعموم حجّية شهادة النساء إلّا ما خرج بالدليل برواية عبد الكريم بن أبي يعفور، عن الباقر عليه السلام قال: تقبل شهادة المرأة والنسوة إذا كنّ مستورات من أهل البيوتات، معروفات بالستر والعفاف، مطيعات للأزواج، تاركات للبذاء والتبرّج إلى الرجال في أنديتهم (32).
ولكنّ الظاهر أنّ الرواية في مقام بيان شروط قبول شهادة المرأة لا في مقام بيان أنّه في أيّ مورد تقبل شهادتهنّ حتى يؤخذ بإطلاقها، وبعبارة اخرى: هي ناظرة إلى العدالة المعتبرة في الشاهد بالإضافة إلى المرأة لا إلى الخصوصيات الاخرى، كما لا يخفى.
المقام الرابع: هل اعتبار البيّنة يختصّ بمن يقوم عنده البيّنة أو لا يختصّ به، بل يشمل من لم تقم عنده أيضاً إذا احرز قيامها عند غيره وشهادتهما عند الغير بما له أثر لمن لم تقم عنده، فاذا علم بشهادة عدلين برؤية الهلال عند عالم فلانيّ مثلًا يترتّب عليها أثر الرؤية بالإضافة إليه أيضاً، وإن لم تقم البيّنة عنده، بخلاف الاحتمال الأوّل؟ في المسألة وجهان.
والظاهر هو الوجه الثاني؛ فإنّ مقتضى عموم أدلّة حجّية البيّنة من الآيات والروايات والسيرة وبناء العقلاء عدم الاختصاص، وأنّ المناط في الاعتبار مجرّد قيام البيّنة وشهادتها بالموضوع المشهود به، ولا فرق في ذلك بين من قامت عنده البيّنة، وبين غيره، غاية الأمر لزوم إحراز القيام وتحقّق الشهادة، إمّا بالعلم، وإمّا بقيام البيّنة على ذلك أيضاً، كما لا يخفى.
تكملة:
وهي: أنّه هل الخبر الواحد العادل كما أنّه حجّة في باب الروايات التي تحكي الأحكام عن الإمام عليه السلام حجّة في تشخيص الموضوعات وتبيينها، أم لا؟ ذهب جماعة إلى الأوّل (33) ، واستدلّوا عليه بأمرين:
الأوّل: استمرار السيرة العقلائية وجريانها على الاعتماد عليه في الموضوعات الخارجية، ولم يتحقّق عنها ردع في الشريعة، فلا محيص عن الالتزام بالحجّية كما في الأحكام العملية الفرعيّة. أمّا جريان السيرة في ذلك فممّا لاريب فيه. وأمّا عدم الرّدع، فلأنّ ما يتخيّل (34) أن يكون رادعاً هو موثقة مسعدة بن صدقة ... ؛ نظراً إلى أنّ ذيلها وهو قوله: «والأشياء كلّها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك، أو تقوم به البيّنة» يدلّ على حصر المثبت بالاستبانة وقيام البيّنة، فلو كان خبر الواحد أيضاً مثبتاً لما كان وجه للحصر، ولكان اللازم ذكره مع البيّنة كما هو ظاهر.
واجيب عنه أوّلًا: بمنع كون الموثّقة بصدد الحصر؛ لوضوح عدم اختصاص المثبت بالأمرين المذكورين في الرواية؛ لأنّ الاستصحاب والإقرار وحكم الحاكم وأشباهها أيضاً مثبتات للتحريم في مواردها، فلو كانت بصدد الحصر يستلزم ذلك تخصيص الأكثر المستهجن.
وثانياً: بأنّ البيّنة في الموثقة بمعنى الحجّة وما به البيان، ولابدّ من تشخيص الصغرى من الخارج، ولا دلالة لها على أنّ ما به البيان ماذا؟ فإذا أقمنا الدليل على اعتبار الخبر في الموضوعات الخارجية، استكشفنا بذلك أنّه أيضاً كالبينة المصطلحة مصداق للكبرى ومن أفراد الحجة.
وثالثاً: بأنّ عدم ذكر الخبر في قبال العلم والبيّنة إنّما هو من جهة خصوصية في موردها؛ وهي أنّ الحلية في مفروضها كانت مستندة إلى قاعدة اليد في مسألة الثوب، ومن الواضح عدم اعتبار خبر الواحد مع وجود اليد، فكأنّه عليه السلام كان بصدد بيان ما يعتبر في جميع الموارد على الإطلاق (35).
والجواب عن هذا الدليل- مضافاً إلى ما ذكرنا في بيان المراد من الموثّقة من عدم كون المراد بالبينة فيها غير البيّنة المصطلحة- أنّ رادعيّة الموثّقة لا تتوقّف على دلالة ذيلها على الحصر؛ فإنّ نفس دلالتها على اعتبار البيّنة مرجعها إلى عدم اعتبار خبر الواحد العادل فضلًا عن الثقة المجرّدة؛ فإنّ البيّنة إنّما تغاير مع خبر الثقة في أمرين: أحدهما: التعدّد، والآخر: العدالة، ومع اشتمالها على هذه المزيّة والإضافة من جهة الكمية والكيفية، لو كان خبر الواحد الثقة مثل البيّنة معتبراً في الموضوعات الخارجيّة، لكان ذكر البيّنة والحكم عليها بالاعتبار، خصوصاً في مقام إلقاء القاعدة الكلية وإفادة حكم كلّي لغواً لا يترتّب عليه إلّا إيهام الخلاف.
فذكر البيّنة في هذا المقام من أقوى الشواهد على دخالتها في الحكم بالاعتبار، وعدم كون ما ينقص عنها من إحدى الجهتين مشتركاً معها في الحجّية، خصوصاً مع ملاحظة أنّ شهادة الشخصين لا تقع في الخارج نوعاً إلّا تدريجاً، بمعنى وقوع إحدى الشهادتين متأخّرة عن الاخرى، وعليه: فلو كانت الشهادة الاولى كافية في مقام ترتيب الأثر وثبوت الحكم، لكانت الشهادة الثانية لغواً، وكالحجر في جنب الإنسان، ومن قبيل تحصيل الحاصل.
وبالجملة: لو لم يكن خبر الواحد الثقة متسانخاً مع البيّنة أصلًا- بل كان كالاستصحاب والإقرار وحكم الحاكم- لم يكن اعتبار البيّنة في الموثقة دالّاً على عدم اعتباره من جهة عدم إفادتها للحصر لما ذكر. وأمّا مع وجود التسانخ وثبوت الاختلاف من جهة الكمية والكيفيّة فقط، فلا مناص عن الالتزام بأنّ اعتبارها يدلّ على مدخلية الكيفية والكمية في الحكم به، وهو يدلّ على عدم اعتبار الناقص من كلتا الجهتين أو من إحداهما، ومن الواضح أنّه لا يكون من قبيل مفهوم اللّقب.
وعليه: فرادعية الموثقة لا تتوقّف على دلالتها على الحصر بوجه، بل نفس دلالتها على حجّية البيّنة تصلح رادعة عن السيرة العقلائيّة ومانعة عن إعمالها في الشريعة المطهّرة.
ثمّ إنّ استناد الحلّية في مسألة الثوب إلى قاعدة اليد التي لا يكون خبر الواحد معتبراً معها، لا يصلح للإغماض عن ذكر خبر الواحد في مقام إفادة القاعدة الكلية وإلقاء الضابطة العامّة، خصوصاً مع ملاحظة ما تقدّم من الإشكال على الرواية من عدم استناد الحلّية في شيء من الأمثلة المذكورة فيها إلى نفس القاعدة الكلية التي هي محطّ نظر الرواية والغرض الأصلي لها، كما لا يخفى.
وقد انقدح ممّا ذكرنا كفاية الموثقة في مقام الرّدع عن السيرة، وعليه: فالموارد التي قام الدليل فيها على حجّية خبر الواحد الثقة لا يمكن أن يتعدّى منها إلى غيرها من الموضوعات الخارجيّة، وتلك الموارد مثل الإخبار بدخول الوقت، والإخبار بعزل الوكيل، وإخبار البائع باستبراء الأمة، أو بوزن المبيع الموزون، أو بكيل المبيع المكيل وأشباهها.
الثاني: الروايات المتعدّدة التي منها: حسنة حريز أو صحيحته المروية في الكافي، وفيها: بعد أنّه وبّخ الصادق عليه السلام ابنه إسماعيل في دفعه دنانير إلى رجل شارب الخمر بضاعة ليعامل بها ويعطي مقداراً من النفع لإسماعيل، فأتلف النقود ذلك الرّجل، قال عليه السلام له: لم فعلت ذلك؟ ولا أجر لك.
فقال إسماعيل: يا أبة إنّي لم أره يشرب الخمر، إنّما سمعت الناس يقولون، فقال: يا بنيّ إنّ اللَّه- عزّ وجلّ- يقول في كتابه: {يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 61] يقول: يصدّق اللَّه ويصدّق للمؤمنين، فإذا شهد عندك المؤمنون فصدّقهم (36).
بتقريب أنّ ذيل الرواية يدلّ على مطلوبية تصديق شهادة المومنين وترتيب الأثر على إخبارهم، ومن المعلوم أنّه ليس المراد هو التصديق فيما إذا شهد جميع المؤمنين- كما هو مقتضى الجمع المعرف باللّام- بل المراد هو تصديق شهادة كلّ مؤمن، فالمؤمن بما أنّه مؤمن إذا شهد بشيء يرتّب الأثر على شهادته، وهو معنى وجوب قبول خبر الواحد العادل أو الثقة.
وفيه أوّلًا: أنّ النسبة بين الرواية وبين المدّعى عموم وخصوص مطلق، أو من وجه؛ لأنّ المدّعى اعتبار خبر العادل أو الثقة، والرواية دالّة على اعتبار خبر المؤمن، والنسبة بين العنوانين ما ذكر من العموم المطلق أو من وجه، فلا ينطبق الدليل على المدّعى.
وثانياً: أنّه ليس المراد من وجوب التصديق في الرواية وجوب ترتيب الأثر على المخبر به بحيث كان إخباره بمنزلة العلم المتعلّق به، فيرتّب أثر شرب الخمر في مورد الرواية، بل المراد هو التحذّر ممّا أخبر به، مع احتمال أن يكون على تقدير الصدق فيه ضرر عليه، كما يدلّ عليه التأمّل في الرواية وفي الاستشهاد بالآية، فتدبّر.
وثالثاً: أنّه لو فرض دلالة الرواية على ذلك، تقع المعارضة بينها وبين موثّقة مسعدة ... فينبغي تقييد إطلاقها بها والحكم بالاعتبار مع التعدّد والعدالة.
ومنها: مضمرة سماعة قال: سألته عن رجل تزوّج جارية أو تمتّع بها، فحدّثه رجل ثقة أو غير ثقة، فقال: إنّ هذه امرأتي وليست لي بيّنة، فقال: إن كان ثقة فلا يقربها، وإن كان غير ثقة فلا يقبل منه (37).
وفيه أوّلًا: أنّها معارضة ببعض الروايات الاخر التي أفتى المشهور (38) على طبقها، مثل رواية يونس قال: سألته عن رجل تزوّج امرأة في بلد من البلدان، فسألها لك زوج؟ فقالت: لا. فتزوّجها، ثمّ إنّ رجلًا أتاه فقال: هي امرأتي، فأنكرت المرأة ذلك، ما يلزم الزوج؟ فقال: هي امرأته إلّا أن يقيم البيّنة (39).
وثانياً: اعتبار خبر الثقة في مورد المضمرة لا دلالة فيه على اعتباره في جميع الموضوعات الخارجيّة الذي هو المدّعى في المقام، ومن المحتمل أن يكون الوجه في اعتباره فيه هي شدّة حسن الاحتياط في الفروج ... أنّه قام الدليل على الاعتبار في موارد متعدّدة، لكنّ البحث في جواز التعدّي عن تلك الموارد، ولم يقم دليل إلى الآن على عموميّة الاعتبار وعدم الاختصاص بتلك الموارد.
خاتمة في بيان أمرين:
الأوّل: أنّه ذكر في «المستمسك» أنّه يثبت الاجتهاد بخبر الثقة، مستدلًا بعموم ما دلّ على حجّيته في الأحكام الكلّية؛ إذ المراد منه ما يؤدّي إلى الحكم الكلّي؛ سواء كان بمدلوله المطابقي أم الالتزامي، والمقام من الثاني؛ فإنّ مدلول الخبر المطابقي هو وجود الاجتهاد، وهو من هذه الجهة يكون إخباراً عن الموضوع، لكن مدلوله الالتزامي هو ثبوت الحكم الواقعي الكلّي الذي يؤدّي إليه نظر المجتهد، ثمّ قال:
فإن قلت: أدلّة حجّية خبر الثقة مختصّة بالإخبار عن حسّ، ولا تشمل الإخبار عن حدس، ولذا لم تكن تلك الأدلّة دالّة على حجّية فتوى المجتهد، مع أنّها إخبار عن الحكم الكلّي، إلّا أنّ مستنده الحدس.
قلت: الإخبار عن الاجتهاد من قبيل الإخبار عن الحسّ. نعم، المدلول الالتزامي- وهو الحكم الكلّي- إنّما كان بتوسّط الحدس. لكن هذا المقدار لا يقدح في الحجيّة؛ لأنّ الحس إنّما يعتبر في المدلول المطابقي، لا في الملازمة التي يتوقّف عليها ثبوت المدلول الالتزامي، وإلّا فإخبار زرارة مثلًا عن قول الإمام عليه السلام الذي هو إخبار عن موضوع، يكون إخباراً عن الحكم الكلّي، ويكون حجّة على المجتهد، وربما يكون بتوسّط حدس المجتهد الذي هو حجّة عليه أيضاً.
وبالجملة: الإخبار عن الاجتهاد كالإخبار عن قول الإمام عليه السلام، ودلالتهما على الحكم بالالتزام إنّما يكون بتوسّط الحدس، غاية الأمر أنّ الحدس في الثاني من المجتهد وحجّة عليه، والحدس في الأوّل من المجتهد وحجّة على العامي المقلّد له. وعلى هذا المبنى يكفي توثيق رجال السّند بخبر الثقة، وكذا في إثبات المعنى بإخبار اللغوي الثقة (40).
ويرد عليه- مضافاً إلى أنّ أدلّة حجّية خبر الواحد لا دلالة لها على حجّية الخبر في خصوص الأحكام الكلّية، حتى تصل النوبة إلى البحث عن أنّ إخبار الثقة بالاجتهاد هل يكون مشمولًا لعمومها أم لا؟ فإنّ عمدتها هي السيرة العقلائية الجارية على العمل بخبر الثقة، ومن الواضح كما عرفت أنّه لا فرق في جريان السيرة بين ما إذا كان المخبر به حكماً أو موضوعاً، بل مورد آية النبأ (41) هو الإخبار بالموضوع الخارجي؛ وهو ارتداد بني المصطلق (42).
وعليه: فلابدّ من البحث في ثبوت المانع عن شمول الأدلّة لخبر الثقة في الموضوعات الخارجيّة، لا في وجود المقتضى للاعتبار وعدمه، وقد عرفت ثبوت المانع؛ وهي موثقة مسعدة بن صدقة الدالّة على الرّدع وعدم الاكتفاء بالواحد بدلًا عن الاثنين، وبالوثاقة بدلًا عن العدالة-:
أوّلًا: أنّ مجرّد الإخبار عن الاجتهاد لا يكون إخباراً عن الحكم الكلّي الإلهي ولو بنحو المدلول الالتزامي؛ فإنّ الاجتهاد بمجرّده الذي يرجع إلى ثبوت الملكة وتحقّق القدرة لا يلازم الحكم ما لم يتحقّق منه الاستنباط خارجاً؛ فإنّه يمكن أن لا يتحقّق من المجتهد استنباط أصلًا وإن كانت الملكة موجودة له، وعليه: فكيف يكون مجرّد الإخبار عن الاجتهاد إخباراً عن الحكم الإلهي؟ وكيف يمكن دعوى ثبوت الملازمة وتحقّق المدلول الالتزامي؟ كما هو غير خفيّ.
وثانياً: يكفي في الفرق بين الإخبار عن الاجتهاد، وإخبار زرارة مثلًا عن قول الإمام عليه السلام أنّ إخبار زرارة يكون إخباراً عن الحكم وحاكياً له بحيث لا يرى الموضوع الخارجي- وهو قول الإمام عليه السلام- واسطة أصلًا. وأمّا الإخبار عن الاجتهاد فلا يتجاوز عن المخبر به، ولا يعدّ إخباراً عن الحكم بوجه، وكيف يكون إخباراً عن الحكم مع أنّه ربما لا يكون المخبر عالماً بوجود رسالة لمن يخبر عن اجتهاده، فضلًا عن الأحكام الموجودة فيها؟ فالإنصاف أنّ إقامة الدليل على اعتبار خبر الثقة في الموضوعات الخارجيّة من هذا الطريق مشكلة لو لم تكن ممنوعة، كما عرفت.
الأمر الثاني: الظاهر أنّ حجّية البيّنة إنّما هي بعنوان كونها من الأمارات الشرعيّة؛ لأنّ اعتبارها عند العقلاء إنّما يكون بهذا العنوان، والظاهر أنّ الشارع قد عامل معها معاملة العقلاء، فاعتبارها في الشرع أيضاً يكون بعنوان الأمارة.
وعلى هذا، فلو وقع التعارض بين البيّنة وبين الاصول الموضوعيّة؛ كما إذا كان مقتضى الاستصحاب بقاء خمريّة المائع المشكوك، وقامت البيّنة على كونه خلّاً، أو كان مقتضى قاعدة الفراغ- بناءً على كونها من الاصول- البناء على الصّحة مع الشك في الإتيان بالجزء أو الشرط أو ترك المانع أو القاطع، ولكن قامت البيّنة على الإخلال بما يعتبر وجوده، وعلى إتيان ما يعتبر عدمه، ولم يكن هناك ما يدلّ على الصحّة كذلك، مثل قاعدة: «لا تعاد» في الصلاة، فمقتضى تقدّم الأمارات على الاصول وحكومة الاولى على الثانية- كما قد حقّق في الاصول- لزوم الأخذ بالبيّنة والحكم بالخلّية في المثال الأوّل، وبالبطلان في الثاني.
وأمّا لو وقع التعارض بين البيّنة وبين اليد، فلا إشكال في تقديمها على اليد؛ لأنّ عمدة تشريعها في باب التنازع والتخاصم إنّما هو لإبطال التمسّك باليد؛ فإنّ العمدة في تشخيص المدّعي إنّما هي لأجل كونه مدّعياً في مقابل ذي اليد ومريداً لأخذ ما في يده منه، وصاحب اليد ينكر ويدّعي كونه مال نفسه، فالأخذ بالبيّنة ابتداءً- لقوله صلى الله عليه وآله: البيّنة على من ادّعى واليمين على من أنكر - إنّما هو لأجل تقدّم البيّنة على اليد، وإلّا فلو كانت البيّنة في عرض اليد أو متأخّرة عنها، لا يبقى مجال لتقديم البيّنة والقضاء بنفع المدّعي إذا كانت له بيّنة وأمّا تعارضها مع سوق المسلم الذي هو أمارة على التذكية والحلية؛ كما إذا اشترى لحماً من سوق المسلمين وقامت البيّنة على عدم كونه مذكّى، وأنّه محرّم، فربما يقال: إنّ تقديم البيّنة على السّوق من الواضحات والمسلّمات، ولعلّ الوجه فيه أنّ ملاحظة أدلّة اعتبار السّوق وأماريّته تقضي بأنّ موردها ما إذا لم يكن هناك أمارة على خلافه، وكانت التذكية مشكوكة من رأس. وأمّا أدلّة اعتبار البيّنة فلا تكون كذلك، فراجع.
وأمّا لو وقع التعارض بين البيّنة وبين الإقرار، كما إذا أقرّ بأنّ ما في يده لزيد مثلًا، وقامت البيّنة على كونه للمقرّ دون زيد، فمقتضى القاعدة تساقط الأمارتين، ولكنّ الظاهر أنّ بناء العرف والعقلاء على تقديم الإقرار، ولعلّ الوجه فيه اختصاص كاشفية البيّنة عندهم بصورة عدم الإقرار، وأنّه مع وجوده لا يرون الكاشف إلّا الإقرار، فالإقرار عندهم بمنزلة العلم الذي لا مجال للبيّنة مع وجوده على خلافها.
ولكن وردت روايات في باب القتل في أنّه إذا قامت البيّنة على أنّ زيداً مثلًا قاتل، ثمّ أقرّ عمرو بأنّه القاتل، يكون للوليّ الأخذ بأيّة واحدة مع الأمارتين، وقتل أيّ واحد منهما (43) ، وقد عملوا بها وأفتوا على طبقها (44) ، ولكنّ الظاهر أنّه خلاف القاعدة يجب الأخذ به لوجود النصّ.
ولو وقع التعارض بين البينتين، فمقتضى القاعدة تساقط الأمارتين وعدم ثبوت حجّة في البين، من دون فرق بين أن تكون هناك مزيّة من جهة الكمية أو الكيفيّة؛ كما إذا كان العدد في أحد الطرفين زائداً على اثنين، أو كان أحدهما أعدل من الآخر؛ وذلك لعدم دليل على ثبوت الترجيح. نعم، لو احتمل الثبوت لكان مقتضى القاعدة الأخذ بذي الترجيح؛ لدوران الأمر بين التعيين والتخيير. وأمّا مع عدم الاحتمال فالقاعدة تقتضي التساقط.
هذا تمام الكلام في قاعدة حجّية البيّنة.
_____________
( 1) غنية النزوع: 438، جواهر الكلام: 6/ 173، العناوين: 2/ 650.
( 2) عوائد الأيّام: 812، التنقيح في شرح العروة الوثقى، الطهارة: 2/ 260، القواعد الفقهيّة للسيّد البجنوردي: 3/ 16.
( 3) التنقيح في شرح العروة الوثقى، الطهارة: 2/ 261.
( 4) الكافي: 5/ 313 ح 40، وعنه وسائل الشيعة: 17/ 89، كتاب التجارة أبواب ما يكتسب به ب 4 ح 4.
( 5) فرائد الاصول: 3/ 351 و381.
( 6) خلاصة الأقوال في معرفة الرجال: 410 رقم 1661.
( 7) الوجيز في الرجال: 178 رقم 1881.
( 8) اختيار معرفة الرجال، المعروف ب( رجال الكشي): 390 رقم 733، رجال الشيخ الطوسي: 146 رقم 1609.
( 9) تنقيح المقال في علم الرجال: 3/ 312 رقم 11711.
( 10) كامل الزيارات: 306/ 516.
( 11) كامل الزيارات: 37.
( 12) فرائد الاصول: 2/ 120- 121، وج 3/ 351- 353.
( 13) التنقيح في شرح العروة الوثقى، الطهارة: 2/ 262- 264.
( 14) المفردات في غريب القرآن: 68، وقد تقدّم في ص 351 باختلاف يسير.
( 15) الكافي: 7/ 414 ح 1، تهذيب الأحكام: 6/ 229 ح 552، وعنهما وسائل الشيعة: 27/ 232، كتاب القضاء، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ب 2 ح 1.
( 16) وسائل الشيعة: 27/ 229- 235 ب 1- 3، ومستدرك الوسائل: 17/ 362- 368 ب 1- 3.
( 17) سورة الأنعام 6: 57 و157، سورة الأعراف 7: 73 و85، سورة الأنفال 8: 42، سورة هود 11: 17، 28، 53، 63 و88، سورة طه 20: 133، سورة العنكبوت 29: 35، سورة فاطر 35: 40 سورة محمد 47: 14، سورة البيّنة 98: 1 و4.
( 18) الكافي: 6/ 339 ح 2، وعنه وسائل الشيعة: 25/ 118، كتاب الأطعمة والأشربة، أبواب الأطعمة المباحة ب 61 ح 2.
( 18) الكافي: 4/ 76 ح 2، الفقيه: 2/ 77 ح 338، وعنهما وسائل الشيعة: 10/ 286، كتاب الصوم، أبواب أحكام شهر رمضان ب 11 ح 1.
( 20) تهذيب الأحكام: 4/ 157 ح 436، الاستبصار: 2/ 63 ح 205، المقنعة: 297، وعنها وسائل الشيعة: 10/ 287، كتاب الصوم، أبواب أحكام شهر رمضان ب 11 ح 4.
( 21) وسائل الشيعة: 10/ 286- 292، أبواب أحكام شهر رمضان ب 11.
( 22) الكافي: 5/ 299 قطعة من ح 1، وعنه وسائل الشيعة: 19/ 83، كتاب الوديعة ب 6 قطعة من ح 1، وفيهما: المؤمنون بدل« المسلمون».
( 23) لم نظفر عليه في الكتب الروائية، والناقل هو صاحب العناوين في ج 2/ 561.
( 24) يراجع تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الحدود: 114- 121 وص 288- 293.
( 25) المهذّب: 1/ 30.
( 26) الناسب هو المحقّق النراقي في العوائد الأيّام: 811- 812.
( 27) الذريعة إلى اصول الشريعة: 2/ 325.
( 28) معارج الاصول: 201.
( 29) الرسالة الجعفريّة، المطبوع مع رسائل المحقّق الكركي: 1/ 80.
( 30) الوافية في اصول الفقه: 299.
( 31) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب القضاء والشهادات: 471- 495.
( 32) تهذيب الأحكام: 6/ 242 ح 597، الاستبصار: 3/ 13 ح 34، وعنهما وسائل الشيعة: 27/ 398، كتاب الشهادات ب 41 ح 20.
( 33) تذكرة الفقهاء: 1/ 90، نهاية الأحكام: 1/ 252، العروة الوثقى: 1/ 98- 99 طبع مؤسّسة النشر الإسلامي.
( 34) القواعد الفقهيّة للمحقّق البجنوردي: 3/ 30.
( 35) التنقيح في شرح العروة الوثقى، الطهارة: 2/ 265.
( 36) الكافي: 5/ 299 ح 1، وعنه وسائل الشيعة: 19/ 82، كتاب الوديعة ب 6 ح 1.
( 37) تهذيب الأحكام: 7/ 461 ح 1845، وعنه وسائل الشيعة 20/ 300، كتاب النكاح، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ب 23 ح 2.
( 38) القواعد الفقهيّة للمحقق البجنوردي: 3/ 35.
( 39) تهذيب الأحكام: 7/ 468 ح 1874 وص 477 ح 1914، وعنهما وسائل الشيعة 20/ 300، كتاب النكاح، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ب 23 ح 3.
( 40) مستمسك العروة الوثقى: 1/ 38- 39.
( 41) سورة الحجرات 49: 6.
( 42) مجمع البيان: 9/ 196، أنوار التنزيل: 2/ 408، تفسير كنز الدقائق: 9/ 589.
( 43) الكافي: 7/ 289 ح 1، تهذيب الأحكام: 10/ 172 ح 677، الفقيه: 4/ 78 ح 244، وعنها وسائل الشيعة: 29/ 141، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب 3 ح 1، وانظر وسائل الشيعة: 29/ 142 ب 4 ومستدرك الوسائل: 18/ 264، كتاب القصاص، أبواب دعوى القتل ب 3 و4.
( 44) رياض المسائل: 14/ 105- 106، جواهر الكلام: 42/ 206.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|