أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-9-2016
456
التاريخ: 18-9-2016
714
|
المعنى: معنى القاعدة هو أنّ الحيازة سبب للملك، والمقصود من الحيازة عرفا هو الاستيلاء والسيطرة العرفيّة على الشيء الذي لم يكن مسبوقا بالملكية، كما يقول سيّدنا الأستاذ: إذا قال: من حاز ملك، يقال: إن الحيازة سبب لملكيّة الحائز «1».
ولا يخفى أنّ متعلق الحيازة يكون ما يناسبها كالغابات والجبال والصحاري للمراتع والاحتطاب وغيرهما من الاستفادة الماديّة، وعليه تختلف مع الإحياء وذلك، لأنّ الإحياء وإن كان من الاستيلاء ولكن بما أنّ له معنى خاصا (الأعمار)، في إطار مخصوص (الأراضي الموات) فيكون معناه إحياء الأرض بعد ما كانت ميتة وهذا هو المتفاهم عرفا، فعليه تبيّن فرق الإحياء مع الحيازة.
المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي:
1- الآية: وهي قوله تعالى : {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29].
يمكننا أن نستدلّ بهذه الآية- لإثبات الملكية بواسطة الحيازة- بأنّ ما في الأرض من المباحات الأصلية خلقت لتملك الإنسان، وطريقة التملك هو الاستيلاء، فمن استولى على شيء من المباحات كان له فهو يملكه.
2- الروايات: وهي الواردة في مختلف الأبواب. قال سيّدنا الأستاذ: فإنّا لم نعثر بعد الفحص التام على رواية تدل على الملكيّة في حيازة المباحات الأصليّة ما عدا رواية واحدة وهي معتبرة السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال في رجل أبصر طيرا فتبعه حتى وقع على شجرة فجاء رجل فأخذه، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام: للعين ما رأت ولليد ما أخذت «2».
والتحقيق أنّه يمكننا أن نستدل على المطلوب بغير هذه المعتبرة أيضا وإن كان نتيجة الاستدلال هو التأييد فحسب. وعليه فالاستناد الى الروايات يكون على النهج التالي.
منها النبويّ المعروف الذي تقدم ذكره في قاعدة الحقّ لمن سبق: من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به. دلّ على أنّ السبق في الاستيلاء (الحيازة) إلى شيء سبب للملك.
ومنها صحيحة محمّد بن مسلم التي تقدم ذكرها في قاعدة (من أحيا أرضا) عن المعصوم عليهم السّلام قال: «و أيّما قوم أحيوا شيئا من الأرض أو عملوه فهم أحق بها وهي لهم». فبما أنّ ظاهر الشيء في قوله (شيئا من الأرض) يشمل المراتع والغابات وبما أنّ ظاهر العمل في قوله (أو عملوه) يشمل الحيازة دلّت على أنّ الحيازة هو المملك، هذا إذا قلنا بان كلمة (عملوه) هي الكلمة الأصلية في الرواية، وأمّا إذا قلنا أنّ الكلمة الأصلية هي (عمروه) بقرينة الروايات الأخر وتناسب المعنى (مناسبة إحياء الأرض مع الإعمار) فعند ذلك يختص مفاد الرواية بإحياء الأرض ولا يشمل المورد. وقال السيّد الحكيم رحمه اللّه في البحث عن التملك بالحيازة: يستدل عليه بما دلّ على أنّ من حاز ملك، فإنّ المضمون المذكور وإن لم يرد به النص بلفظه فقد ورد ما يدلّ على معناه، مثل قوله عليه السّلام (في معتبرة السكوني): «لليد ما أخذت وللعين ما رأت» «3».
3- السيرة العقلائيّة: قد استقرت السيرة عند العقلاء على أنّ من حاز شيئا من المباحات ملكه.
قال سيّدنا الأستاذ: ويرشدنا إلى ذلك (سببية الحيازة للملك) مضافا إلى إطلاق معتبرة السكوني المتقدمة ملاحظة السيرة العقلائيّة «4».
4- التسالم قد تحقق التسالم عند الفقهاء على مدلول القاعدة فلا خلاف فيه بينهم قال المحقّق الحلّي رحمه اللّه في باب الشركة: والأشبه (بالقواعد وأصول المذهب) في الحيازة اختصاص كلّ واحد بما حازه «5». وقال الشهيد رحمه اللّه في عمل الإنسان لنفسه: ولو حاز شيئا من المباحات بنيّة التملك ملكه «6».
والتحقيق أنّ الحيازة على قسمين :
1- السيطرة التي تتحقق بواسطة العمل والجهد كاصطياد الحيوان البرّي أو البحري وعندئذ لا إشكال في تحقق الملك بواسطة الحيازة للسيرة القطعية الممضاة مضافا إلى النص الخاص «7».
2- السيطرة التي توجد بالاستيلاء بدون بذل الجهد كالإحاطة بالأراضي الحيّة لأجل الاستفادة من الرعي وغرس الأشجار وغيرهما وبما أنّ ملاك التملك هو الاستيلاء فيتحقق التملك هناك نتيجة الاستيلاء.
فروع :
الأوّل: هل يشترط في الحيازة أن يكون الحائز مسلما أو لا؟
التحقيق: عدم الاشتراط، لعدم الدليل على الاشتراط، قال سيّدنا الأستاذ: كل ماء جرى بنفسه أو اجتمع بنفسه في مكان بلا يد خارجية عليه فهو من المباحات الأصلية فمن حازه بإناء أو غيره ملكه بلا فرق بين المسلم والكافر في ذلك «8».
الثاني: هل يشترط في الحيازة قصد التملك أم لا؟ قال سيّدنا الأستاذ: ربما يقال باعتبار قصد التملك في حيازة المباحات فلا ملكية بدونه ويستدل له بما ثبت بالنص والفتوى من أن من اشترى سمكة فأخرج من جوفها درّة فهي للمشتري دون البائع. (و ذلك لعدم قصد التملك من البائع فذكر الجواب وأشكل عليه)- إلى أن قال:- الصحيح في الجواب أن يقال أنّ النص المشار إليه لا دلالة فيه على اعتبار قصد التملك بل قصارى ما يدلّ عليه اعتبار قصد الحيازة وبما أنّ الصائد البائع لم يعلم بما في الجوف فهو طبعا لم يقصد حيازته، ولا بدّ من قصد الحيازة في تملك المباحات، فلو استولى على مباح حال نومه فحازه لم يكف في تملكه قطعا، وذاك بحث آخر. ففرق بين أن تكون الحيازة مقصودة وأن يكون التملك مقصودا وكلامنا في الثاني، أمّا الأوّل فلعلّه لا ينبغي الإشكال فيه «9».
الثالث: قال سيّدنا الأستاذ: يجوز حيازة مواد (القرى الدراسة) وأجزائها الباقية، من الأخشاب والأحجار والآجر وما شاكل ذلك، ويملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك «10».
الرابع: قال سيّدنا الأستاذ: من سبق من المؤمنين إلى أرض ذات أشجار وقابلة للانتفاع بها وملكها، ولا يتحقق السبق إليها إلّا بالاستيلاء عليها وصيرورتها تحت سلطانه، وخروجها من إمكان استيلاء غيره عليها «11».
فيتحقق الملكيّة هناك نتيجة للحيازة المتحققة بالاستيلاء.
_________________
(1) مصباح الأصول: ج 2 ص 79.
(2) الوسائل: ج 16 ص 297 باب 38 من أبواب الصيد ح 1.
(3) مستمسك العروة: ج 11 ص 111.
(4) مستند العروة: كتاب الإجارة ص 351.
(5) شرائع الإسلام: ج 2 ص 129.
(6) اللمعة الدمشقية: ج 4 ص 347.
(7) الوسائل: ج 17 ص 366 باب 15 من أبواب اللقطة ح 1 و2.
(8) منهاج الصالحين: ج 2 ص 172.
(9) مستند العروة: كتاب الإجارة ص 351.
(10) منهاج الصالحين: ج 2 ص 151.
(11) نفس المصدر السابق: ص 156.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|