المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الرياح في الوطن العربي
2024-11-02
الرطوبة النسبية في الوطن العربي
2024-11-02
الجبال الالتوائية الحديثة
2024-11-02
الامطار في الوطن العربي
2024-11-02
الاقليم المناخي الموسمي
2024-11-02
اقليم المناخ المتوسطي (مناخ البحر المتوسط)
2024-11-02



كيف تجعل ابنك على وفاق معك  
  
1957   09:16 صباحاً   التاريخ: 11-9-2016
المؤلف : محمد عبد الرسول
الكتاب أو المصدر : كيف تربي أولادك
الجزء والصفحة : ص62ـ64
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الآباء والأمهات /

حينما تريد أن تأمر ابنك بعمل او بفعل شيء ما، او انك تريد ان تنهيه عن جملة الأفعال التي لا تحبذها فيه ، او أي امر اخر تريد أن يكون ابنك على غير خلاف معك، وعلى رأي واحد متفق مع تفكيرك ونهجك.. فما هو السبيل إلى ذلك؟

وبسؤال كيف تسلس قيادة ابنك؟

قبل الاجابة على هذا السؤال ندع القارئ المحترم يتساءل في نفسه : ترى كيف يستطيع الإنسان ان يسلس قيادة شخص اخر؟. بأي طريقة وأي اسلوب؟

تماما .. هكذا تستطيع ان تسلس قيادة ابنائك او أي انسان اخر.

ولعل الكثيرين يصلون إلى هذه النتيجة وهذا القول الذي نؤكده نحن بان ليس الا ثمة طريق واحد تحمل بها ابنك على أن يقبل على عمل ما.. تلك هي : ان تحبب العمل الذي تقترحه عليه.

نعم ان في وسعك ان تدفع طفلك إلى تنفيذ ارادتك اذا لوحت له بالسوط او بالعصا! وباستطاعتك ان تجعل موظفاً لديك يعمل ما تأمره به، إلى ان تدير له ظهرك غير ان هذه طرق ليست من الحكمة في شيء.

فالطريقة المهدية الوحيدة التي تجعل ابناءك يقبلون على العمل ـ أي عمل - هي ان تجعل ذلك العمل محبباً لهم.

فالطفل او بالأحرى الإنسان لا يمكنه أن يقوم بأداء عمل ما باندفاع ذاتي وبفاعلية من دون الإيمان بذلك العمل.

ولا يمكن أن يؤمن أحد بشيء ما لم يحب ذلك الشيء ويعرف ضرورته.

يقول احد علماء التربية : (حينما تحبب الشيء الذي تريده من ابنك .. عندئذ لا بأس عليك من اصدار أوامرك).

ومن هنا فاذا اردت ـ مثلا - أن تجعل من ابنك يلتزم الهدوء فان خير وسيلة لذلك ان تعيّنه في البيت مسؤولا عن المحافظة على الهدوء. بعد أن تكون قد بينت له فوائد الصمت ومضار الفوضى والثرثرة.

ونأتي هنا بالمثال التالي :

كانت احدى السيدات تتبرم بالصبية الذين يلهون أمام بيتها ويفسدون الزرع النابت في مدخله.

وقد جربت معهم اللوم والتعنيف لإبعادهم ولكن بلا جدوى. وأخيرا حاولت ان تضفي على اسوأ الصبيان في العصبة وأكثرهم عبثاً، ومركزاً وسلطاناً، فجعلته (جاسوسها) ونصبته مشرفا على حديقة منزلها وأوقد (الجاسوس) نارا خلف البيت، وحمي فيها قضيبا من الحديد، وهدد أن يكوي به كل من يطأ الحديد بقدميه!

وافضل من كل ذلك هو ان تخلق الرغبة في طفلك لكي يقدم على العمل بما تامره بكل اندفاع وفاعلية.

يقول اب لتسعة ابناء :(لم اكن اشكو أي عناء في قيادة ابنائي، لقد كانوا يمتثلون اوامري بمجرد ان تطرف عيني او تظهر اشارتي، ولكنني كنت اشكو عصيانهم في غيابي على الدوام.

وفكرت ـ ذات يوم - تغيير الطريقة في التعامل، واصبحت فيما بعد التزم الاسلوب الافضل، ذلك هو : انني بدأت اطالع الاحاديث الشريفة، واستطعت ان احصل على مجموعة من الاحاديث التي تبين حقوق الاباء، وتبين ثواب خدمتهم، وجزاء طاعتهم، مثل الحديث الذي يقول : (واما حق ابيك فتعلم انه احبك، وانه لولاه لم تكن. فمهما رأيته في نفسك مما يعجبك فاعلم ان اباك اصل النعمة عليك فاحمد الله واشكره على قدر ذلك)(1).

ثم بعد ذلك قمت بقراءتها على أبنائي بصورة مفصلة، مع التأكيد على دور الأب، والقيمة الكبرى للتعاون معه واطاعته من اجل الحياة العائلية الأفضل.

بعد هذه العملية ـ والتي استمرت عدة أسابيع - كنت قد وضعت حلا لمشكلتي السالفة الذكر، ولا انسى انني - في طريقتي الجديدة هذه ـ كنت كلما اردت ان اصدر امرا لاحد ولدي، بينت له فوائد ذلك العمل، والقيت في نفسه محبة نحوه.

______________

1ـ بحار الأنوار: ج74 ص6.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.