أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-8-2016
848
التاريخ: 6-9-2016
1226
التاريخ: 18-8-2016
1111
التاريخ: 5-9-2016
1827
|
واستدلّ له بوجوه:
الوجه الأوّل: وجوب دفع الضرر المظنون عقلاً
ما يتشكّل من صغرى وكبرى، أمّا الصغرى فهي أنّ في مخالفة المجتهد لما ظنّه من الحكم الوجوبي أو التحريمي مظنّة للضرر، وأمّا الكبرى فهي أنّ دفع الضرر المظنون لازم عقلا.
والدليل على الصغرى أنّ الظنّ بالوجوب ظنّ باستحقاق العقاب الاُخروي على الترك كما أنّ ظنّ الحرمة ظنّ باستحقاق العقاب الاُخروي على الفعل، أو لأنّ الظنّ بالوجوب أو الحرمة ظنّ بوجود المفسدة (الضرر الدنيوي) في الترك أو الفعل بناءً على قول العدليّة بتبعية الأحكام للمصالح والمفاسد.
وأمّا الدليل على الكبرى فليس من باب الحسن أو القبح العقلي بل باب أنّ طبيعة الإنسان أن اجتناب الضرر وجلب إلى المنفعة.
والإشكالات متوجّهة غالباً إلى كبرى هذا الوجه، والظاهر قبولهم للصغرى مع أنّ كلّ واحد منهما غير تامّ.
أمّا الصغرى فبالنسبة إلى الضرر الاُخروي نقول: نحن نعلم بعدمه لقاعدة قبح العقاب بلا بيان، لأنّ العقاب الاُخروي يتوقّف على البيان، والقول بأنّ البيان هو نفس قاعدة دفع الضرر يستلزم الدور المحال لأنّ هذه القاعدة متوقّفة على وجود ضرر في البيان ووجود الضرر متفرّع على البيان، فالعقاب يتوقّف على جريان قاعدة دفع الضرر، وهي متوقّفة على وجود البيان في الرتبة السابقة بينما وجود البيان أيضاً متوقّف على جريان القاعدة.
وبالنسبة إلى الضرر الدنيوي فاُجيب عنها بوجهين غير تامّين:
أحدهما: نفي الملازمة بين المصلحة والمفسدة الدنيويتين وبين النفع والضرر الدنيويين، فليس كلّ مصلحة ملازمة مع المنفعة وكلّ مفسدة ملازمة مع الضرر بل كم من شيء ذي المفسدة كأكل الربا ليس فيه ضرر دنيوي بل هو ذو منفعة، وكم من شيء ذو المصلحة كالصدقة ليس فيها نفع دنيوي.
ثانيهما: أنّه قد تكون المصلحة أو المفسدة في نفس إنشاء الأمر أو النهي لا في متعلّقهما، والملازمة بين الظنّ بالحكم أو الظنّ بالمفسدة أو فوات المصلحة مبنية على حصر المصالح والمفاسد في متعلّقات التكاليف لأنه إذا كانتا في نفس الجعل فهما حاصلتان بنفس الجعل ولا ربط لهما بمخالفة العبد وموافقته للحكم المظنون.
أقول: كلا الوجهين غير تامّ، أمّا الوجه الأوّل: فلأنّه لا إشكال في وجود الملازمة العاديّة بين المصلحة والمفسدة وبين النفع والضرر أمّا عاجلا أو آجلا وفي طول الزمان، ومن تأمّل في آثار الربا كيف يمكن أن يشكّ في الأضرار والخسارات الناشئة منها في المجتمع، كما أنّ من تأمّل في تأثير الإنفاق في حفظ المجتمع عن البغضاء والفساد والعدوان على الأموال والأنفس لا يشكّ في ترتّب هذه الاُمور على ترك الإنفاق وشبهها، وقد قال الله تبارك وتعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } [البقرة: 195] وكذلك في سائر الواجبات والمحرّمات، ومن الواضح أنّ منافع الفرد لا تنفكّ عن منافع المجتمع، وإن شئت مزيد توضيح لذلك فراجع ما كتبنا في تنبيهات قاعدة لا ضرر من القواعد الفقهيّة.
وأمّا الوجه الثاني: فلأنّه وإن كان ممكناً عقلا وفي مقام الثبوت ولكن قد لا يمكن الحصول على مصداق واحد ممّا تكون المصلحة أو المفسدة في نفس جعله إثباتاً في أحكام الشرع، وعليه يبقى الظنّ بوجود المفسدة أو تفويت المصلحة في متعلّق الحكم على حاله.
فظهر أنّه بالنسبة إلى الضرر الدنيوي تكون الصغرى تامّة فلا بدّ من البحث في الكبرى فنقول:
يمكن إنكار الكبرى في الضرر الدنيوي في الجملة في صورة العلم بالضرر فضلا عن صورة الظنّ والاحتمال، فلا يحكم العقل بالقبح في مورد الضرر الدنيوي مطلقاً بل إنّما يحكم به فيما إذا كان الضرر كثيراً هامّاً كالإنتحار وقطع عضو من الأعضاء، وأمّا في المضارّ الجزئيّة كالضرر الموجود في التدخين وفي الإكثار من الأكل فليس حكم العقل بالقبح ثابتاً فيها، نعم بالنسبة إلى الضرر الاُخروي يحكم العقل به فيما إذا كان محتملا فضلا عمّا إذا كان مظنوناً أو مقطوعاً، ولذلك يجب الاحتياط في الشبهات الحكمية قبل الفحص مع أنّ الضرر وهو العقاب الاُخروي يكون فيها محتملا.
فظهر ممّا ذكرنا أنّه بالنسبة إلى الضرر الاُخروي فالكبرى تامّة دون الصغرى، وأمّا الضرر الدنيوي فتكون القضيّة فيه بالعكس، أي الصغرى تامّة دون الكبرى.
الوجه الثاني: لزوم ترجيح المرجوح على الراحج:
إنّه لو لم يؤخذ بالظنّ لزم ترجيح المرجوح على الراجح وهو قبيح.
واُجيب عنه: بأنّ هذه الملازمة تتحقّق فيما إذا لم يمكن العمل بطريق ثالث غير الظنّ وأخويه مع أنّه يتصوّر هنا طريق ثالث وهو العمل بالأصول العمليّة أو الإحتياط.
وإن شئت قلت: أنّ هذا مقدّمة من مقدّمات الانسداد ولا يوجب لزوم العمل بالظنّ إلاّ بعد تماميّة مقدّمات الانسداد، ومعها لا يكون هذا الوجه دليلا مستقلا.
هذا ـ والمحقّق الحائري (رحمه الله)إستشكل أيضاً في كبرى استحالة ترجيح المرجوح على الراجح في درر الفوائد ببيان: «أنّه إن أراد من الراجح ما هو راجح بملاحظة أغراض الفاعل ويقابله المرجوح كذلك فترجيح المرجوح بهذا المعنى غير ممكن (لا أنّه قبيح) لأنّه راجع إلى نقض الغرض، ومجرّد الأخذ بالطرف الموهوم ليس ترجيحاً بهذا المعنى (حتّى يقال بإمكان وقوعه تكويناً) إذ ما لم يترجّح بملاحظة اغراضه لم يمل إليه في خلاف جهة غرضه، وإن لم يرد من الراجح ما هو راجح بملاحظة أغراض الفاعل بل أراد من الراجح الظنّ (أي الراجح بملاحظة أغراض الشارع) فترجيح الموهوم عليه وإن كان قبيحاً لكن قبحه موقوف على تماميّة سائر مقدّمات الانسداد ومعها ليس هذا الوجه وجهاً مستقلا»(1).
أقول: الصحيح هو عدم استحالة ترجيح المرجوح على الراجح وكذلك الترجيح بلا مرجّح في الفاعل المختار (كما هو محلّ البحث في المقام) لأنّ الاستحالة تنافي الاختيار وتوجب سلب الإرادة، وإرادة الإنسان ليست بمنزلة كفّتي الميزان حتّى يحتاج تقديم أحدهما على الآخر إلى سبب ومرجّح من الخارج، فالجائع الذي وضع بين يديه إنائين من الطعام لا يكون لأحدهما ترجيح على الآخر يتوقف عن الأكل حتّى يموت بل يختار أحدهما ويأكل منه، وكذلك في الإنسان الذي يفرّ من سبع حتّى يصل إلى منشعب طريقين لا ترجيح لأحدهما على الآخر فهل يحكم وجدانك بأنّه يقف ولا يختار أحد الطريقين حتّى يأكله السبع؟ كلاّ.
نعم لا إشكال في قبح الترجيح بلا مرجّح في غير موارد الضرورة كالأمثلة المذكورة آنفاً.
الوجه الثالث: رأي السيد المجاهد(رحمه الله)
ما حكي عن السيّد المجاهد (رحمه الله) من أنّنا نعلم بوجود واجبات ومحرّمات كثيرة بين المشتبهات، ومقتضى ذلك وجوب الإحتياط بالإتيان بكلّ ما يحتمل الوجوب ولو موهوماً وترك كلّ ما يحتمل الحرمة كذلك، لكن لمّا كان هذا الاحتياط موجباً للعسر والحرج فمقتضى الجمع بين قاعدتي الاحتياط والحرج هو العمل بالاحتياط في المظنونات وطرحه في المشكوكات والموهومات، لأنّ الجمع على غير هذا الوجه بإخراج بعض المظنونات وإدخال بعض المشكوكات والموهومات باطل إجماعاً(2).
وأجاب عنه كلّ من تعرّض لهذا الوجه بأنّ هذا متضمّن لبعض مقدّمات الانسداد، وهي المقدّمة الاُولى (العلم الإجمالي بوجود واجبات ومحرّمات في الشريعة) والمقدّمة الرابعة (عدم وجوب الاحتياط التامّ) والمقدّمة الخامسة (وهي لزوم ترجيح المظنونات على المشكوكات والموهومات في مقام رفع العسر) فيحتاج في تماميته إلى سائر المقدّمات وليس وجهاً آخر في قبال دليل الانسداد.
الوجه الرابع: دليل الانسداد:
الدليل الرابع: الانسداد، وهو مركّب من مقدّمات:
الاُولى: العلم الإجمالي بوجود تكاليف كثيرة فعليه في الشريعة في دائرة المشتبهات ومحتملات التكاليف الإلزاميّة.
الثانية: انسداد باب العلم والعلمي إلى معظم الأحكام.
الثالثة: عدم جواز إهمال التكاليف والرجوع إلى أصالة البراءة.
الرابعة: عدم جواز الرجوع إلى الوظائف المقرّرة للجاهل، وهي الرجوع في كلّ مسألة إلى الأصل الجاري فيها من البراءة والاستصحاب والتخيير والاحتياط، أو التقليد عن المجتهد القائل بالانفتاح أو الرجوع إلى الاحتياط في جميع الوقائع المشتبهة.
الخامسة: أنّ ترجيح المرجوح على الراجح، قبيح وهو أن يأخذ بالمشكوكات والموهومات ويترك المظنونات.
فإذا تمّت هذه المقدّمات وجب العمل على مطلق الظنّ بالحكم الإلزامي ولزوم الأخذ به وترك العمل بالمشكوك والموهوم وهو المطلوب في المقام.
لكن قد شيخنا الأعظم الأنصاري(رحمه الله) ترك المقدّمة الاُولى واعتذر له المحقّق النائيني (رحمه الله)بأنّ عدّ هذه المقدّمة من جملة مدارك المقدّمة الثالثة (أعني عدم جواز إهمال الوقائع والرجوع إلى أصالة العدم) أولى من عدّها مقدّمة مستقلّة وفي عرض سائر المقدّمات(3).
أقول: الصحيح هو إدغام المقدّمات الثلاثة الأوّل في مقدّمة واحدة، لأنّ المقدّمة الاُولى ـ أي وجود العلم الإجمالي بتكاليف كثيرة ـ متوقّفة على عدم انحلال هذا العلم الإجمالي، وعدم الانحلال يحتاج إلى انسداد باب العلم والعلمي، وهو المقدّمة الثانية، وهكذا بالنسبة إلى المقدّمة الثالثة، لأنّ (كما أفاده المحقّق النائيني(رحمه الله)) وجود العلم الإجمالي في المقدّمة الاُولى يتوقّف على عدم جواز الإهمال في المقدّمة الثالثة، فالأولى إدغام هذه الثلاثة في مقدّمة واحدة بأن يقال: إنّ المقدّمة الاُولى عبارة عن وجود علم إجمالي بتكاليف كثيرة لا ينحلّ إلى العلم والعلمي التفصيليين ولا يجوز إهماله.
إذا عرفت هذا فلا بدّ من البحث عن صحّة كلّ واحدة من المقدّمات وعدمها فنقول: أمّا المقدّمة الاُولى: فأورد عليها المحقّق الخراساني (رحمه الله)بحقّ بأنّ أصل العلم الإجمالي بوجود تكاليف كثيرة وإن كان بديهياً إلاّ أنّه ينحلّ إلى دائرة صغيرة وهي الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة لأنّ المقدار المعلوم في العلم الإجمالي الكبير موجود فيها، ومعه لا موجب للاحتياط إلاّ في نفس الرّوايات.
وأمّا المقدّمة الثانية: أي انسداد باب العلم والعلمي إلى معظم الأحكام فاُجيب عنه بأنّه وإن كان معلوماً بالنسبة إلى انسداد باب العلم إلاّ أنّه بالنسبة إلى انسداد باب العلمي إلى معظم الأحكام غير ثابت لما تقدّم من نهوض الأدلّة على حجّية خبر يوثق بصدوره ولو لم يكن الراوي عدلا بل ثقة، ومثل هذا الخبر كثير واف بحمد الله بمعظم الفقه.
وأمّا المقدّمة الثالثة: أي عدم جواز الإهمال فقد ذكر لإثباتها ثلاثة وجوه:
أحدها: الإجماع على عدم جواز الإهمال، إن قلت: الإجماع هو اتّفاق الكلّ مع أنّ أكثر العلماء يقولون بانفتاح باب العلم أو العلمي.
قلنا: المراد من الإجماع هو الإجماع التقديري لا التحقيقي، والمراد بالإجماع التقديري هو أنّه لو فرضنا انسداد باب العلم والعلمي عند الأكثر لما خالف أحد منهم في عدم جواز الإهمال.
ثانيهما: حكم العقل بتنجّز العلم الإجمالي ووجوب الاحتياط في مورده.
ثالثها: لزوم الخروج عن الدين لأنّ إهمال معظم الأحكام مستلزم له ومن المعلوم أنّ الشارع راغب عنه.
أقول: التامّ من هذه الوجوه الثلاثة هو الأخيران، أي تنجّز العلم الإجمالي واستلزام الخروج عن الدين، وأمّا الوجه الأوّل أي الإجماع فضعفه واضح لأنّ الإجماع هنا مدركي.
إن قلت: (بالنسبة إلى الوجه الثاني وهو تنجّز العلم الإجمالي)، سيأتي في محلّه أنّ العلم الإجمالي ينحلّ بحصول الاضطرار بالنسبة إلى بعض أطرافه، وبما أن الاحتياط في جميع الوقائع المشتبهة مخلّ بالنظام أو سبب للمشقّة المجوّزة للاقتحام في بعض الأطراف، فيكون المقام من موارد الاضطرار إلى بعض الأطراف فلا يكون العلم الإجمالي منجزاً فيه.
قلنا: الصحيح في الجواب أنّ الاضطرار إنّما يوجب الانحلال فيما إذا كان المضطرّ إليه بمقدار
المعلوم بالإجمال، والمقام ليس من هذا القبيل قطعاً.
ومعه لا تصل النوبة إلى ما أجاب به المحقّق الخراساني (رحمه الله) وحاصله: أنّ العلم الإجمالي في خصوص المقام لا ينحلّ بالاضطرار إلى بعض أطرافه لوجود الدليل الخاصّ على وجوب الاحتياط، وتنجّز العلم الإجمالي أي الاحتياط هنا شرعي، وقد عرفت آنفاً أنّ إهمال معظم الأحكام يوجب الخروج عن الدين، وهو دليل عقلي لا شرعي.
أمّا المقدّمة الرابعة: وهي عدم جواز الرجوع إلى الوظائف المقرّرة للجاهل (وهي ثلاثة: الرجوع إلى الاحتياط التامّ والرجوع إلى الاُصول العمليّة الأربعة والتقليد عن المجتهد الانفتاحي):
امّا الطرق الأول: الرجوع إلى الاحتياط التام:
فاستدلّ لها بالنسبة إلى عدم وجوب الاحتياط التامّ بوجهين: أحدهما: لزوم اختلال النظام، ثانيهما: قاعدة نفي الحرج فإنّ أدلّة نفي العسر والحرج حاكمة على قاعدة الاحتياط.
امّا الوجه الأول: لكن لزوم اختلال النظام عندنا غير ثابت وإن تلقّوه بالقبول، والظاهر أنّه وقع الخلط بين الشبهات الموضوعيّة والشبهات الحكميّة، وما يوجب الاختلال في النظام إنّما هو الاحتياط التامّ في الشبهات الموضوعيّة، وأمّا الشبهات الحكميّة (التي هي محلّ البحث في المقام) فحيث إنّ مواردها محدودة معدودة بالنسبة إلى الشبهات الموضوعيّة فلا يوجب الاحتياط التامّ فيها اختلال النظام، ويشهد عليه وعلى إمكان الاحتياط عملا في الخارج تصريح كثير منهم في مباحث الاجتهاد والتقليد على جواز الاحتياط التامّ للمكلّف من دون تقليد أو اجتهاد.
وأمّا الوجه الثاني: أي قاعدة نفي الحرج، فيرد عليه: أنّ المرفوع في أدلّتها هو العسر الناشىء من نفس جعل الشارع وحكمه، أي المنفي هو نفس الحكم الذي ينشأ منه الحرج مع أنّ العسر في ما نحن فيه ناش من الاشتباه الخارجي وحكم العقل.
وقد وقعوا في الجواب عن هذا في حيص وبيص، والأولى في مقام الدفع أن يقال: إنّ الحرج في المقام ينشأ على كلّ حال من ناحية التكليف الشرعي إذ لولاه لما حكم العقل بوجوب الاحتياط والجمع بين المحتملات، كي يلزم منه العسر والحرج.
هذا ـ مضافاً إلى ما مرّت الإشارة إليه من أنّ الضرورات تتقدّر بقدرها فالعسر يوجب عدم الاحتياط بقدره لا مطلقاً.
فتلخّص أنّ الدليل على نفي وجوب الاحتياط هو قاعدة نفي الحرج ولكنّها لا تقتضي ترك الاحتياط إلاّ في الجملة.
وأمّا الطريق الثاني: الرجوع إلى الاُصول العمليّة الأربعة:
فقد ذهب المحقّق الخراساني (رحمه الله) إلى أنّ العلم الإجمالي بالتكليف ربّما ينحلّ ببركة جريان الاُصول المثبتة بضميمة ما نهض عليه علم أو علمي، فلا موجب حينئذ للاحتياط عقلا ولا شرعاً أصلا كما لا يخفى، وأنّه لو لم ينحلّ بذلك فاللازم هو الاحتياط في خصوص مجاري الاُصول النافيّة مطلقاً ولو من موهومات التكليف (إلاّ بمقدار رفع اختلال النظام أو رفع العسر) لا الاحتياط في محتملات التكليف مطلقاً، ولو كانت في موارد الاُصول المثبتة فإنّ العمل بالتكليف فيها يكون من باب قيام الحجّة عليها، وهي الاُصول العمليّة لا من باب الاحتياط كما لا يخفى.
أقول: الإنصاف هو انسداد هذا الطريق أيضاً لقلّة موارد الاُصول المثبتة وعدم كونها بمقدار المعلوم بالإجمال، ولو انضمّ إليها ما علم حكمه تفصيلا أو نهض عليه الظنّ الخاصّ المعتبر كما لا يخفى على الخبير بموارد هذه الاُصول في الفقه.
وأمّا الطريق الثالث: الرجوع إلى العالم القائل بالانفتاح : فلا إشكال في عدم جوازه قطعاً، لأنّ الإنسدادي يعتقد بخطأ الانفتاحي وأنّ مستنده غير صالح للاعتماد عليه، فالانفتاحي جاهل في نظره فليس رجوعه إليه من باب رجوع الجاهل إلى العالم حتّى يشمله دليله.
أمّا المقدّمة الخامسة: وهي استحالة ترجيح المرجوح على الراجح فقد مرّ البحث عنها وقلنا بأنّه قبيح وإن لم يكن مستحيلا.
فقد ظهر من جميع ما ذكرنا أنّ المقبول من المقدّمات عندنا إنّما هو المقدّمة الثالثة والخامسة بتمامهما، والطريق الثاني من المقدّمة الرابعة والثالث منها في الجملة، ونتيجته عدم تماميّة مقدّمات الانسداد لإثبات وجوب الاحتياط لأنّه يكفي في عدم إنتاجها بطلان واحدة منها.
____________
1. درر الفوائد: ج 2، ص 399، طبع جماعة المدرّسين.
2. فرائد الاُصول: ج 1، ص 182، طبع جماعة المدرّسين.
3. راجع فوائد الاُصول: ج 3، ص 226.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|