أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-07-2015
15147
التاريخ: 25-10-2014
1356
التاريخ: 3-07-2015
1275
التاريخ: 25-10-2014
1397
|
الصفات الكمالية كالعلم، و القدرة، و الاختيار، و الحياة، و الإرادة، و الكراهة، والسمع، و البصر، و السرمدية، و نحوها، هي عين ذاته تعالى وجودا و عينا و فعلا و تأثيرا، بمعنى أن ذاته تعالى بذاته يترتب عليه آثار جميع الكمالات و يكون هو من حيث ذاته مبدأ لانتزاعها منه و مصدقا لحملها عليه، و إن كانت هي غيره من حيث المفهوم و المعنى، وذلك الجواز أن يوجد الأشياء المختلفة و الحقائق المتباينة بوجود واحد و نظير ذلك لإفهام المخلوق، فإنه مع كونه واحد يصدق عليه أنه مقدور و معلوم و محيى و مراد و مخلوق و مرزوق باعتبارات متعددة و حيثيات مختلفة، و بالجملة فليست صفاته تعالى مغايرة للذات كما في صفاتنا، فإن علمنا و قدرتنا و حياتنا مثلا غير ذواتنا بل زائدة عليها ضرورة، فإنا كنا معدومين ثم وجدنا، و كنا جاهلين فعلمنا، و كنا عاجزين فقدرنا و اللّه تعالى ليس كمثله شيء و لا يشبه خلقه فصفاته عين ذاته غير زائدة عليها كما ادعاه المشركون، سبحانه و تعالى عما يصفون، و الدليل على ذلك من العقل وجوه:
الأول: انها لو كانت غير ذاته لكان تعالى محتاجا في كامليته إلى صفاته، و إذا كان محتاجا كان ممكنا، فلا يكون واجبا صانعا، و قد تقدم بطلانه.
الثاني: إن الصفة متأخرة عن الموصوف فيلزم أن يكون اللّه تعالى عاجزا جاهلا في وقت ثم صار قادرا عالما، تعالى اللّه عما يقول الكافرون علوا كبيرا.
الثالث: إنها لو كانت غير ذاته فإما أن تكون قديمة أو حادثة قائمة بذاته تعالى أو بغيره، و اللازم باطل فالملزوم مثله. بيان ذلك أن صفاته تعالى إذا كانت حادثة و قائمة بذاته لزم كونه تعالى محلا للحوادث فيكون حادثا لأن الحوادث من صفات الحادث و خواصه، و لأنه إذا لم يكن حادثا بل كان قديما فصفاته التي يدعون حدوثها، إما أن تكون معه في القديم فيلزم قدمها و قد قالوا إنها حادثة، و إن لم تكن معه لزم اما انفكاك ما فرض عدم انفكاكه إذا ادعوا أنها قائمة بذاته و قد تخلف، وإما حدوث الموصوف بالحوادث فيلزم أن يكون تعالى حادثا، و إن قالوا إنها قديمة و قائمة بذاته، و هكذا يقولون فيلزم تعدد القدماء فيكون اللّه تعالى قديما و قدرته التي هي غيره قديمة أيضا، وهكذا علمه و حياته و سمعه و بصره. و قد اعترف بعض أئمة الضلال بذلك، وقال إن النصارى كفروا بقولهم إن اللّه ثالث ثلاثة، فقالوا بتعدد ثلاثة من القدماء، و أصحابنا قالوا بقدم تسعة، الإله و صفاته الثمانية، وإن كانت قائمة بغير ذاته تعالى كان الموصوف بها ذلك الغير الذي قامت به، فيكون اللّه سبحانه على قولهم عاريا عن الكمالات فلا يمكنه إيجاد المخلوقات. و القول بأنها لا في محل كذلك أيضا مع أنه حمق إذ يستحيل وجود صفة لا في محل، فزيادة الصفات مع الحدوث كفر مستلزم لإنكار الواجب، ومع القدم شرك يستلزم تعدد القدماء فتعينت العينية.
الرابع: انها لو كانت زائدة على ذاته فلا يخلو إما أن تكون مستندة إلى غيره كيف و ليس وراءه تعالى شيء، أو إلى ذاته كيف و مفيض الكمال لا يكون قاصرا عنه.
الخامس: إنها لو كانت غير ذاته لزم أن تكون ذاته تعالى من حيث هو بلا كمال أشرف منه من حيث هو كامل، لأنه بالاعتبار الأول مفيض و بالاعتبار الثاني مستفيض. قال بعض المحققين و كما أن مفيض الوجود ليس مسلوب الوجود في مرتبة، فكذلك واهب الكمال لا يجوز أن يكون مفتقرا في حد ذاته، إذ المفيض لا محالة أكرم و أعلى و أمجد من المفاض عليه، فكما أن في الوجود قائما بالذات غير متناه في التأكد و إلا لم يتحقق وجود بالغير، فكذلك يجب أن يكون في العلم علم متأكد قائم بذاته، وفي الاختيار اختيار قائم بذاته، و في الإرادة إرادة قائمة بذاتها، و في الحياة حياة قائمة بذاتها، حتى يصح أن تكون هذه الأشياء في شيء لا بذواتها بل بغيرها، فإذا فوق كل ذي علم عليم بذاته، و فوق كل ذي قدرة قدير بذاته، و فوق كل ذي سمع سميع بذاته، و فوق كل ذي بصر بصير بذاته، إلى غير ذلك من صفات الكمال. و يجب أن يكون جميع ذلك واحدا حقيقيا بالوجود لامتناع تعدد الغني بالذات فهو اللّه عز وجل، كما قيل وجود كله، وجوب كله، علم كله، قدرة كله، حياة كله، لا أن شيئا منه علم و شيئا آخر قدرة ليلزم التركيب في ذاته، و لا أن شيئا فيه علم و شيئا آخر فيه قدرة ليلزم التكثر في صفاته الحقيقية، يعني أن ذاته بذاته من حيث هو هو مع كمال فرديته منشأ لهذه الصفات مستحق لهذه الأسماء لا بحيثية أخرى وراء حيثية ذاته، و ليس هو لأجل اتصافه بها ذا معان متميزة متخصصة بأسماء متعددة، بل كما أنّا نقول لكل واحد من موجودات العالم إنه معلومه و مقدوره و مراده من غير أن نثبت فيه معان شتى، فكذلك نصف موجوده بالعلم و القدرة و الإرادة مع كونه أحديا فردا، بل صفة من صفاته عين صفاته الأخرى و ما ندركه صفة ندركه بجميع الصفات إذ لا اختلاف هناك و نعم ما قيل:
عباراتنا شتى و حسنك واحد ***** و كل إلى ذاك الجمال يشير
قال أمير المؤمنين عليه السّلام: من وصف اللّه فقد قرنه، و من قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزاه، و من جزاه فقد جهله، يعني من وصف اللّه تعالى بصفة مغايرة لذاته فقد جعله مقارنا لغيره و هو الصفة، و من جعله مغايرا لغيره من صفته فقد ثناه إذ الموصوف أول و الوصف ثاني، و من ثناه فقد جزاه أي جعله ذا جزء مركب من ذات و صفة، و من قال بأنه ذا جزء لم يعرفه لأن اللّه واحد أحد. و قال عليه السّلام: أول الدين معرفته، و كمال معرفته توحيده، و كمال توحيده نفي الصفات عنه. و روى الصدوق في التوحيد عن عروة قال قلت للرضا عليه السّلام خلق اللّه الأشياء بقدرة أم بغير قدرة، فقال: لا يجوز أن يكون خلق الأشياء بالقدرة، لأنك إذا قلت خلق الأشياء بالقدرة فكأنك قد جعلت القدرة شيئا غيره، وجعلتها آلة له بها خلق الأشياء، و هذا شرك. وإذا قلت خلق الأشياء بقدرة فإنما تصفه أنه جعلها باقتدار عليها و قدرة، و لكن ليس هو بضعيف و لا عاجز و لا محتاج إلى غيره. و بإسناده عن الباقر عليه السّلام أنه قال سميع بصير يسمع بما يبصر و يبصر بما يسمع. و قال عليه السّلام إنه واحد احدي المعنى ليس بمعان كثيرة مختلفة. و الأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|