المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8222 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



حجية العام المــــــــخصص  
  
1681   08:19 صباحاً   التاريخ: 31-8-2016
المؤلف : الشيخ ضياء الدين العراقي
الكتاب أو المصدر : مقالات الاصول
الجزء والصفحة : ج1 ص 436.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-8-2016 4150
التاريخ: 8-8-2016 1530
التاريخ: 7-7-2020 1871
التاريخ: 30-8-2016 2976

لا اشكال في أن العام المخصص بالمبين حجة فيما بقي متصلا كان التخصيص - كالاستثناء - أو منفصلا. أما في صورة الاتصال فالأمر ظاهر من جهة ظهور المستثنى منه في غير المستثنى كما هو الشأن في كل قرينة متصلة حيث إنه موجب لانقلاب ظهور اللفظ بوضعه [الأولي] مثلا إلى ظهور آخر حيث إن المدار في الحجية على الظهور الفعلي فلا يكون العام المستثنى منه إلا ظاهرا في الباقي فعلا فيتبع. وأما إذا كان المخصص منفصلا عن العام فلا شبهة أيضا في أن القرينة المنفصلة [لا تقلب] ظهور العام أو غيره عما يقتضيه طبع اللفظ بوضعه أو غيره وإنما هو مانع عن حجية هذا الظاهر. وحينئذ ربما يتولد منه اشكال معروف بأن العام لا يكون له إلا ظهور واحد ودلالة فاردة وبعد مجيء المعارض المانع عن حجية هذا الظاهر لا يبقى له دلالة اخرى على [الباقي] بعد التخصيص كي يؤخذ به وحينئذ من أين يكون العام [حجة] على الباقي مع أن حجيته [ليست] الا بدلالته [و] المفروض عدم حجية ما كان له من الدلالة الواحدة وعدم دلالة اخرى له [تكون هي] الحجة.

ولكن الانصاف عدم وقع لهذا الاشكال وذلك لأن ما افيد من عدم [وجود] أزيد من دلالة واحدة للعام في غاية المتانة ولكن هذه الدلالة الواحدة إذا كانت حاكية عن مصاديق متعددة تحته فلا شبهة في أن هذه الحكاية بملاحظة تعدد محكيها بمنزلة حكايات متعددة نظرا إلى أن شأن الحكاية والمرآة جذب لون محكيه فمع تعدد المحكي كأن الحكاية متعددة. وربما يؤيده ملاحظة القرائن المتصلة إذ من الممكن أن الظهور في الباقي ليس من جهة القرينة بل هو مستند إلى وضعه [الأولي] غاية الأمر [تمنع] القرينة عن افادة الوضع لأعلي المراتب من الظهور فيبقى اقتضاؤه للمرتبة الاخرى دونها بحاله. وفي القرائن المنفصلة نرفع اليد عن حجية الأعلى كما لا يخفى فتدبر. وحينئذ مجرد رفع اليد عن حجية الحكاية المزبورة بالنسبة إلى فرد لا يوجب رفع اليد عن حكايته عن البقية، والى ذلك نظر المشهور في مصيرهم إلى عدم سقوط العام عن [الحجية] بالنسبة إلى الزائد عن التخصيص كما لا يخفى. وان كان المخصص مجملا: فان كان مجملا مفهوما فتارة يكون مرددا بين الأقل والأكثر، واخرى يكون مرددا بين المتباينين، وعلى التقديرين تارة متصل بالكلام واخرى منفصل عنه. فان كان متصلا بالكلام مع تردده بين الأقل والأكثر فلا شبهة في أن اجمال المخصص يسري إلى العام فلا يبقى مجال للتشبث بالعموم بالنسبة إلى الزائد المشكوك لفرض انقلاب ظهوره الأولي بالإجمال.

نعم لو بنينا على مرجعية اصالة العموم والحقيقة تعبدا بلا انتهائهما إلى الظهور أصلا كان للتمسك بالعموم بالنسبة إلى الزائد المشكوك وجه. ولكن حيث إن حجية أمثال هذه الاصول ليس الا من جهة بناء العرف والعقلاء كان لمنع بنائهم على أزيد من اصالة الظهور كمال مجال، وحينئذ لا يبقى مجال للتمسك بهذا العام وحجيته في الفرد المشكوك المزبور. وان كان المخصص المزبور منفصلا عن الكلام فالظاهر عدم منعه عن التمسك بالعام بالنسبة إلى الفرد المشكوك نظرا إلى ما أشرنا إليه من أن المخصصات المنفصلة [لا توجب] قلب الكلام عما له ظهور بطبعه [الأولي] وحينئذ اجمال المخصص لا يمنع عن التشبث بأصالة الظهور بالنسبة إلى ما لم [تقم] حجة واصلة على خلافه، وعليه أيضا ديدن الأعلام في مقام استنباط الاحكام. وان كان المخصص مرددا بين المتباينين فالظاهر سقوط العام عن الحجية بالنسبة إلى كل واحد بخصوصه من دون فرق فيه بين اتصال المخصص وانفصاله. وأما سقوطه عن الحجية بالنسبة إلى الواحد المردد بين الفردين ففيه تفصيل من حيث إن حكم العام ان كان حكما طلبيا ومحل ابتلاء فالظاهر عدم قصور في اجزاء اصالة الظهور بالنسبة إلى الواحد المردد الزائد عن مقدار المخصص ونتيجة هذا الاصل انتهاؤه إلى العلم الاجمالي [المنتهي] إلى حكم العقل بالاحتياط لزوما أو استحبابا. وأما ان لم يكن حكما طلبيا أو كان ولكن لم ينته إلى حكم العقل بالاحتياط ولو من جهة خروج أحد الطرفين عن محل الابتلاء ففي حجية اصالة الظهور بالنسبة إلى الفرد المردد أيضا اشكال لعدم انتهاء مثل هذا الاصل إلى عمل أصلا فلا مجال لحجيته إذ لا معنى للتعبد بشيء الا من جهة ترتب نتيجة عملية كما هو ظاهر.

وعلى أي حال في هذا المقدار أيضا لا ميز بين اتصال المخصص [و] انفصاله كما لا يخفى. وان كان المخصص مجملا مصداقا ومبينا مفهوما ففي حجية العام - بالنسبة إلى الفرد المشكوك مصداقيته للمخصص مع معلومية مصداقيته للعام - وعدم الحجية نزاع معروف بين الأعلام. وتنقيح البحث فيه يقتضي رسم مقدمة موضحة لمقدار من المرام وهي: ان باب التخصيص عبارة عن اخراج فرد من العام بنحو لا يحدث في العام خصوصية زائدة عما فيه بالإضافة إلى بقية أفراده . وتوضيحه : بأن العام في دلالته على دخول الأفراد مثلا تحت الحكم ليس إلا كون كل فرد مشمولا في عرض فرد آخر من دون تقييد كل فرد - في [معروضيته] للحكم - بوجود غيره أو عدمه.

وحينئذ تارة [تقوم] القرينة في قبال شمول العام لزيد - مثلا - على خروج هذا الفرد عن تحت العام ومثل هذه القرينة [لا تقتضي] انقلاب العام في دلالته على دخول بقية الأفراد مستقلا تحته، نظير موته [غير] الموجب لانقلاب دلالة العام على استقلال بقية الافراد في الموضوعية للحكم. واخرى [تقوم] القرينة على تقيد العام بماله من المصاديق بحال دون حال. [ولا شبهة] في أن شأن التقييد ليس الا قلب المطلق عما له ظهور في تمامية الموضوع للحكم إلى الجزئية وأن للقيد مدخلية في الموضوع. ولقد أشرنا بأن باب التخصيص من قبيل الأول و[هو] يمتاز عن باب [التقييد]. وتوهم ان قصر الحكم [على البقية] بالتخصيص موجب لطرو ضيق على العام الفاقد له قبل التخصيص، ولا نعني من هذا الضيق إلا تحديد العام بحد فقدان الفرد الخارج، ومرجعه إلى وجوب اكرام كل عالم لم يكن فيه زيد مثلا. ولا نعني من [التقييد] إلا هذا. وحينئذ لازمه رجوع التخصيص أيضا إلى [التقييد]. مدفوع - مضافا إلى النقض بموت بعض الأفراد [غير] الموجب لإحداث عنوان آخر للعام زائد عما له قبل موت هذا الفرد جزما - [بأن] طرو الضيق من التخصيص إنما جاء من قبل قصور الحكم [عن الشمول] لهذا الفرد، ومثل هذا القصور وان أوجب ضيقا في العام وتحديدا له بغير هذا الفرد الخارج الا ان هذا الضيق الناشئ من قبل ضيق الحكم يستحيل أن يكون موجبا لتغيير العام في عالم موضوعيته للحكم المزبور لاستحالة أخذ الضيق الناشئ عن الحكم في موضوعه، بل غاية الأمر انه مانع عن شمول العام له مع بقائه على ما هو له من العنوان قبل التخصيص.

وبعد هذا البيان نقول: إن مركز بحثهم في المقام إنما هو في فرض التخصيص وإلا ففي باب تقييد المطلقات لم يتوهم أحد جواز التمسك بالإطلاق عند الشك في القيد، فبعد فرض تقييد [الرقبة] بالأيمان لم يتوهم أحد التشبث بأطلاق [الرقبة] عند الشك في [ايمانها]، كما لم يتوهم أحد التمسك بالإطلاق الصلاة عند الشك في الطهارة أو القلبة وغيرها من قيودها حتى عند [الأعمي] وليس ذلك إلا من جهة [تميز] باب التخصيص عن باب التقييد، وان التقييد موجب لقلب عنوان الموضوع عما [وضع] اولا قبل التقييد بخلاف التخصيص وحينئذ لا يبقى مجال انكار التمسك بالعام في مركز البحث باقتضاء التخصيص قلب ظهور العام في تمام [الموضوع] إلى جزئه وحينئذ لا يقتضي مثل هذا العام الذي هو جزء الموضوع احراز جزئه الآخر المشكوك، إذ مثل هذا البيان يناسب باب التقييد لا التخصيص كما عرفت. كما أن مجرد كون المخصص موجبا لتضييق دائرة حجية العام بغير ما انطبق عليه مفهومه - ومع الشك في مصداق المخصص يشك في انطباق الحجة من العام عليه أيضا - لا يوجب رفع اليد عن العام بالمرة إذ العام إنما خرج عن الحجية من جهة الشبهة الحكمية وأما بالنسبة إلى الشبهة الموضوعية فلا قصور للعام - بعد صدقه على هذا الفرد - أن يشمله، وبالملازمة يستكشف بأن المشكوك خارج عن مصداق الخاص. ومن المعلوم أن دليل المخصص غير موجب لقصر حجية العام - في مقام تعيين المصداق - [على غير] هذا الفرد، فأصالة الظهور - عند احتمال مطابقة العام للواقع ولو من جهة كشفه عن تعيين المصداق - [باقية بحالها]. وأيضا لا يبقى في المقام مجال اشكال آخر وهو ان حجية الظهور بالنسبة إلى الشبهة الموضوعية في طول حجيته في الشبهة الحكمية: لأنها [منقحة لموضوعه] وحينئذ لازم حجية العام في الجهتين كون العام موضوعا للتعبدين الطوليين. ومن المعلوم ان الظهور الواحد لا يتحمل إلا حكما واحدا ولا يعقل توارد الحكمين المتماثلين - كالضدين - على موضوع واحد محفوظ في رتبة نفسه. وحينئذ لا محيص من صرف النظر عن التعبد بالنسبة إلى الجهة الموضوعية دون العكس كما أشرنا.

وتوضيح الدفع بأن ما افيد صحيح لو كان مرجع التعبد بالظهور إلى [شخص] وجوب العمل على وفقه - طريقيا كان أم نفسيا -، وأما لو كان مرجع [التعبد] به إلى [الغاء] احتمال خلافه فلا شبهة - في فرض وجود الاحتمالين - [انه] لا مانع [من إلغاء] الاحتمال الثاني في طول [إلغاء] الاحتمال الاول، إذ موضوع [الإلغاء] حينئذ احتمالان طوليان، ومع تعددهما ولو طوليا لا قصور في شمول دليل [إلغاء] الاحتمال لكل من الاحتمالين ولو طوليا. نظير شمول دليل حجية خبر الواحد للأخبار بالواسطة مع أنها طولية ويكون التعبد بكل سابق منقح موضوع اللاحق فتدبر. فلا ضير حينئذ في توجه مثل هذين التعبدين الطوليين إلى ظهور واحد كما لا يخفى. وأيضا لا مجال للمصير إلى عدم حجيته العام في المقام من جهة قصور دليل حجيته من حيث تتميم كشف ظهور كلامه بتقريب انه: إنما يتم ذلك منه في صورة اختصاص عبده بالجهل بالمرام، وأما في صورة اشتراك المولى معه فيه ولو أحيانا فليس مثل هذا الجهل مختصا بالعبد كي يصح من المولى كشف الحال على [عبده] لاحتماله إغراءه إلى خلاف الواقع لاحتمال نفسه خلافه وحينئذ نقول: الذي يختص [به] العبد في جهله هو الشبهة الحكمية، وأما في الشبهات الموضوعية فكثيرا ما يكون المولى أسوء حالا من عبده في الجهل ومع ذلك كيف يصح منه تتميم كشف هذا المصداق على العبد، ومع عدم صحته [لا يبقى] مجال لحجية العام بالنسبة إليه بل [تنحصر] حجيته بالنسبة إلى الشبهة الحكمية. فعمدة وجه المنع في المقام قصور دليل حجية الظهور بالنسبة إلى الشبهات المصداقية لا شيء آخر، إذ لازم هذا البيان عدم صلاحية جعل المولى أمارة على تعيين الموضوع الذي كان بنفسه جاهلا به كعبده لأن تتميم كشفه ليس رافعا للجهل المختص به عبده وهو كما ترى بديهي البطلان.

نعم الذي ينبغي أن يقال هو أن الحجية بعد ما [كانت منحصرة] بالظهور التصديقي المبني على كون المتكلم في مقام الافادة والاستفادة فانما يتحقق مثل هذا المعنى في فرض تعلق قصد المتكلم بإبراز مرامه باللفظ وهو فرع التفات المتكلم بما تعلق به مرامه والا فمع جهله به واحتماله خروجه عن مرامه [كيف] يتعلق قصده [بلفظ] كشفه وابرازه، ومن المعلوم أن الشبهات الموضوعية طرا من هذا القبيل. ولقد أجاد شيخنا الأعظم فيما أفاد في وجه المنع بمثل هذا البيان ومرجع هذا الوجه إلى منع كون المولى في مقام افادة المرام بالنسبة إلى ما كان هو بنفسه مشتبها فيه فلا يكون الظهور حينئذ تصديقيا كي يكون واجدا لشرائط الحجية لا إلى منع شمول دليل الحجية للظهور من حيث كونه أمارة لتعيين الموضوع كما توهم. كيف، ومع الاغماض عما ذكرنا لا قصور في جعل المولى هذا الظهور [التصوري] أيضا من الأمارات على تعيين الموضوعات كسائر الأمارات المجعولة منه حتى بالنسبة إلى ما هو بنفسه جاهل بوجوده كما هو ظاهر واضح.

وحينئذ العمدة في وجه المنع هو الذي أشرنا [إليه] وفي ذلك أيضا لا فرق في عدم حجية العام بين المخصص اللفظي [و] اللبي. نعم لو كان منشأ الشبهة المصداقية أحيانا الشبهة الحكمية لا بأس بالمصير إلى [حجيته] لأن رفع هذا الجهل بيد المولى. من دون فرق في ذلك أيضا بين كون المخصص لفظيا أو لبيا. نعم لو بنينا في وجه المنع على تضييق دائرة الحجة والشك في تطبيق الحجة أمكن الفرق بين المخصص اللفظي [و] اللبي، إذ اللفظي موجب لرفع اليد عن حجية العام بمقدار مدلوله فمع الشك في تطبيق مدلول الخاص يشك في تطبيق مقدار حجية العام. وأما المخصص اللبي فلا يوجب [رفع] اليد عن حجية العام الا بمقدار القطع الحاصل منه، ومن البديهي أن القطع بكل عنوان لا يسري إلى مصداقه المشكوك فبالنسبة إلى المصاديق المشكوكة لا يكون في البين حجة على خلاف العام واقعا فلا قصور حينئذ في تطبيق الحجة على المورد. وفي هذا التفصيل أيضا لا فرق بين كون الشبهة المصداقية ناشئة عن الشبهة الحكمية أم من الأمور الخارجية كما لا يخفى. وحينئذ بين مشينا وهذا المشي تمام المعاكسة في النتيجة من حيث التفصيلين كما لا يخفى. بقي التنبيه على أمرين:

أحدهما: ان بناء كثير من المانعين لحجية العام بالنسبة إلى الشبهة المصداقية على التشبث بالأصل في مشكوك [المصداقية] والحاقه بالأصل السلبي بالعام واجراء حكم العام عليه كأصالة عدم المخالفة في الشروط [المشكوكة] المخالفة وكذا في الصلح وهكذا في غيرهما. واستراحوا بذلك عن التمسك بالعام بل حملوا بناء المشهور على ما نسب إليهم في العمل على طبق العام في الموارد المشكوكة على ذلك.

ولكن نقول: إن جريان هذا الأصل إنما يتم بناء على توهم اجراء حكم [التقييد] على التخصيص وان المخصص يقلب العام عن تمام [الموضوع له] إلى جزئه، والا فبناء على المختار من أن باب التخصيص غير مرتبط بباب [التقييد]، وإنما يكون شأن المخصص اخراج الفرد الخاص مع بقاء العام على تمامية [الموضوع له] بالإضافة إلى البقية بلا انقلاب في العام نظير صورة موت الفرد فلا يبقى مجال لجريان الأصل المذكور، إذ الاصل السلبي ليس شأنه إلا نفي حكم الخاص عنه لا اثبات حكم العام عليه لأن هذا الفرد حينئذ مورد العلم الاجمالي بكونه محكوما بحكم الخاص أو محكوما بلا تغيير عنوان بحكم العام. ونفي أحد الحكمين بالأصل لا يثبت الآخر كما هو ظاهر. نعم في مثل الشك في مخالفة الشرط أو الصلح للكتاب أمكن دعوى أنه من الشبهة المصداقية الناشئة عن الجهل بالمخالفة - الذي كان أمر رفعه بيد المولى - وفي مثله لا بأس بالتمسك بالعام في الشبهة المصداقية من دون احتياج في مثله إلى الاصل.

ولعل بناء المشهور أيضا في تمسكهم بالعام في الشبهة المصداقية [مختص] بأمثال المورد وعليك بالتتبع في كلماتهم ربما ترى ما ذكرنا حقيقا بالقبول وهو الغاية [و] المأمول. فتدبر في المقام فانه من مزال الأقدام.

الثاني: هو انه ربما توهم في وجه التمسك بالعام في الشبهة المصداقية التشبث بقاعدة المقتضي والمانع بتقريب: ان ظهور العام مقتضي للحجة وإنما المخصص المنفصل مانع عنه ومع الشك في تطبيق المانع على المورد يؤخذ بالمقتضي لأوله إلى الشك في وجود مزاحم حجته، ومعلوم أن [في] فرض الشك في كل مزاحم، العقل يحكم بالأخذ بالمقتضي ولا يقتصر على المقدار المعلوم عدم المانع فيه كي يوجب رفع اليد عن المقتضي لمحض الشك في المانع. أقول: هذه الشبهة إنما [ترد] على تقريب الشك في تطبيق الحجة على المورد إذ [يكون] مجال لدعوى [انه] مع وجود المقتضي والشك في المانع عن الحجية، العقل يحكم بأجراء [اصالة] العلم بالعدم عليه - وإن [كانت] حجيته فعلا مشكوكا [فيها] - كما هو الشأن في كل حكم يشك في فعليته من جهة وجود المزاحم. وأما بناء على بقية التقريبات خصوصا على المختار فالشك جار في أصل اقتضاء الظهور للحجية فلا مجرى حينئذ لأجراء القاعدة المزبورة بالنسبة إلى حجية العام.

وأسوء منه توهم جريان قاعدة المقتضي والمانع في مفاد العام بالقياس إلى مفاد الخاص بتوهم: ان مفاد العام مقتضي للحكم ومفاد الخاص مانع عنه ومع الشك في وجود المانع يؤخذ بالمقتضي. وفيه: أن من الممكن كون مفاد الخاص موجبا لقصور مقتضي العام عن المورد. وعلى فرض تمامية الاقتضاء إنما يصار إلى القاعدة في فرض تعلق غرض المولى بكل منهما بحيث ينتهي أمره إلى عدم القدرة في حفظهما من قبل نفسه أو من قبل عبده، وأما في مورد لم يتعلق غرض المولى بوجود المانع وانما هو فقط مانع عن فعلية غرضه الآخر ففي مثله مرجعية القاعدة المزبورة أول الكلام.

وبالجملة نقول: إن قاعدة المقتضي والمانع إنما يصار إليها في فرض تعلق غرض المولى بكل منهما مع عدم قدرته على حفظهما، إما لقصور في نفسه أو لقصور في عبده. وأما في مورد لم يتعلق غرض المولى بوجود ما هو مزاحم لفعلية غرضه بحيث لا ينتهي أمره إلى الشك في قدرته على حفظ الغرضين فمرجعية القاعدة المزبورة أول شيء ينكر، ومن المعلوم أن مفاد باب العام والخاص غالبا من باب الشك في قصور مفاد العام عن الاقتضاء كما هو شأن باب التعارض الذي كان باب التخصيص والتقييد من سنخه. وعلى فرض تمامية العام في اقتضاء مفاده كثيرا ما لا يكون المانع تحت غرض مستقل في قبال مفاد العام وفي مثله لا نسلم القاعدة المزبورة والله العالم.

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.