أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-11-2016
1488
التاريخ: 11-4-2021
2240
التاريخ: 16-11-2016
2818
التاريخ: 11-12-2018
1287
|
الهوية الشخصية
أبو سفيان: صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي القرشي، وهو والد يزيد ومعاوية وغيرهما، له كنية أخرى: أبو حنظلة.
تزوج من هند بنت عتبة المشهورة في مكة، روى حديثا واحدا.
الولادة
ولد قبل الفيل بعشر سنين وكان تاجرا يجهز التجار بماله وأموال قريش إلى الشام وغيرها من أرض العجم، وكان يخرج أحيانا بنفسه (1).
مذهب أبي سفيان في الجاهلية
كان أكثر العرب في الجاهلية يعبدون الأصنام ليقربوهم إلى الله زلفى، فرغم عبادتهم للأصنام وغيرها إلا أنهم كانوا يعتقدون بوجود الخالق، أما أبو سفيان فكان له مذهب خاص وهو الزندقة. قال المقريزي فيه: " وكان كهفا للمنافقين، وأنه كان في الجاهلية زنديقا " (2).
والزنديق كما في لسان العرب (3): " القائل ببقاء الدهر " وقد قالوا ما قال القرآن عنهم (ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر) (4) ونستطيع أن نقول: هو القائل بأزلية العالم ويسمى ملحدا ودهريا، فهذا هو مذهب أبي سفيان في الجاهلية، وقد تعجب من هذا، ولكن سيزداد عجبك إذا عرفت أن هذا الاعتقاد بقي مسيطرا على أبي سفيان حتى بعد إسلامه.
معاداة أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم:
كان أبو سفيان على رأس المحاربين للنبي والإسلام، ومظاهر عدائه كثيرة، فقد مشى (5) مع جمع من رجال قريش إلى أبي طالب قائلين له: إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه، إلخ (6).
وهو أحد المجتمعين بدار الندوة الذين تفرقوا على رأي أبي جهل من أخذ يؤخذ من كل قبيلة شاب فتى جليد نسيب وسط، ثم يعطي كل منهم سيفا صارما فيعمدوا إلى رسول الله فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه (7).
وقد أنفق على جيش المشركين في أحد أربعين أوقية ذهبا، وكل أوقية اثنان وأربعون مثقالا، وقاد بنفسه جيش المشركين، وقتل (8) من خيار أصحاب رسول الله سبعين ما بين مهاجرين وأنصاري، منهم أسد الله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه.
وقاتل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يوم الخندق أيضا، وكتب إليه: باسمك اللهم أحلف باللات والعزى وساف ونائلة وهبل، لقد سرت إليك أريد استئصالكم، فأراك قد اعتصمت بالخندق، فكرهت لقائي، ولك مني كيوم أحد، وبعث بالكتاب مع أبي سلمة الجشمي، فقرأه للنبي أبي بن كعب رضي الله عنه فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " قد أتاني كتابك، وقديما غرك - يا أحمق بني غالب وسفيههم - بالله الغرور، وسيحول الله بينك وبين ما تريد، ويجعل لنا العاقبة، وليأتين عليك يوم أكسر فيه اللات والعزى وساف ونائلة وهبل يا سفيه بني غالب ".
ولم يزل يحاد الله ورسوله، حتى سار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لفتح مكة (9).
إسلامه:
لم يكن إسلام أبي سفيان عن رغبة واختيار، بل عن رهبة واضطرار وهذا ما تثبته لنا قصة إسلامه.
فحين توجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لفتح مكة أتى (10) العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه بأبي سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد أردفه، وذلك أنه كان صديقه ونديمه في الجاهلية، فلما دخل به على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سأله أن يؤمنه، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له: " ويلك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟ "، فقال: بأبي أنت وأمي ما أوصك وأجملك وأكرمك! والله لقد ظننت أنه لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئا. فقال: " يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟ ". فقال: بأبي أنت وأمي ما أوصك وأجملك وأكرمك، أما هذه ففي النفس منها شئ! فقال له العباس: ويلك اشهد بشهادة الحق قبل أن تضرب عنقك، فشهد وأسلم.
فهذا حديث إسلامه كما ترى، واختلف في حسن إسلامه فقيل:
إنه شهد حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت الأزلام معه يستقسم بها، وكان كهفا للمنافقين، وإنه كان في الجاهلية زنديقا (11).
أجل، العباس يقول له: " ويلك اشهد بشهادة الحق قبل أن تضرب عنقك، فشهد وأسلم " فقد أسلم تحت التهديد خوفا على حياته وهو مصداق لقوله تعالى: (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا) (12).
فلم يكن إسلامه عن اطمئنان وقناعة. قال ابن عبد البر بعد أن أورد قوله أبي سفيان: ما أدري ما جنة ولا نار، وله أخبار من نحوه هذا رديئة ذكرها أهل الأخبار، ولم أذكرها، وفي بعضها يدل على أنه لم يكن إسلامه سالما " (13).
وقد قال علقمة فيه (14):
إن أبـا سفيان مـن قبله *** لم يــك مثــل العصبة المسلمة
لكنــــــه نافق في دينـه *** من خشية القتل على المرغمة
بعدا لصخر مع أشياعه *** في جاحم النار لدى المضرمة (15)
ولما هم أبو سفيان أن يسلم كتب ابنه معاوية إليه شعرا ينهاه عن ذلك، وقال:
يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا *** بعـــــد الذين ببدر أصبحوا مزقا
خالـــي وعمي وعـــم الأم ثالثهم *** وحنظل الخير قد أهدى لنا الأرقا
لا تركنن إلـــــــى أمــــــــر يكلفنا *** والراقصــــات به في مكة الخرقا
فالموت أهون من قول العداة لقد * حاد ابن حرب عن العزي إذا فرقا (16)
أبو سفيان يحب الفتنة!
وكان (17) أبو سفيان يوم بويع أبو بكر يثير الفتن، ويقول: إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا دم، يا آل عبد مناف فيم أبو بكر من أموركم؟
أين المستضعفان؟ أين الأذلان علي وعباس؟ ما بال هذا الأمر في أقل حي من قريش؟ ثم قال لعلي: ابسط يدك أبايعك، فوالله لئن شئت لأملأنها عليه خيلا ورجالا. فأبى علي عليه السلام عليه، فتمثل بشعر المتلمس (18):
ولن يقيــــم على خسف يراد به *** إلا الأذلان عير الحي والوتد
هذا على الخسف مربوط برمته *** وذا يشــــج فلا يبكي له أحد
فزجره علي، وقال: " والله ما أردت بهذا إلا الفتنة، وإنك والله طالما بغيت للإسلام شرا، لا حاجة لنا في نصحك (19). وجعل يطوف في أزقة المدينة، ويقول:
بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم *** ولا سيما تيم بن مرة أو عدي
فمـــا الأمــــر إلا فيكــــــم وإليكم *** وليس لهــا إلا أبو حسن علي
فقال عمر لأبي بكر: إن هذا قد قدم وهو فاعل شرا، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستألفه على الإسلام فدع له ما بيده من الصدقة. ففعل، فرضي أبو سفيان وبايعه (20).
أبو سفيان في اليرموك
تعامل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع أبي سفيان بعد أن أعلن إسلامه تعامله مع المؤلفة قلوبهم، فأعطاه من غنائم حنين مائة بعير وأربعين أوقية فضة وأعطى ابنيه يزيد ومعاوية كل واحد مثله ليتألف قلوبهم على الإسلام. غير أن أبا سفيان بقي يحمل في نفسه روح التحامل على الإسلام والكيد له، وقد ظهر ذلك الموقف يوم معركة اليرموك.
ففي خبر عبد الله بن الزبير: إنه رآه يوم اليرموك، قال فكانت الروم إذا ظهرت، قل أبو سفيان: إيه بني الأصفر! فإذا كشفهم المسلمون قال أبو سفيان:
وبنو الأصفر الملوك ملوك *** الروم لم يبق منهم مذكور (21)
فحدث به ابن الزبير أباه، فلما فتح الله على المسلمين، قال الزبير:
قاتله الله يأبى إلا نفاقا، أولسنا خيرا من بني الأصفر؟ (22).
نكران الآخرة
وفي كل موقف يفصح أبو سفيان عما في نفسه من رواسب الجاهلية وعقائدها، ولعل أخطر ما صرح به أبو سفيان بعد إسلامه هو نكرانه لعالم الآخرة، ولما فيها من جزاء، نقرأ ذلك فيما نقله إلينا ابن عبد البر في الإستيعاب من (23) طريق ابن المبارك عن الحسن: أن أبا سفيان دخل على عثمان حين صارت الخلافة إليه فقال: صارت إليك بعد تيم وعدي فأدرها كالكرة، واجعل أوتادها بني أمية، فإنما هو الملك ولا أدري ما جنة ولا نار، فصاح به عثمان: قم عني فعل الله بك وفعل.(24).
وفي تاريخ الطبري (25): يا بني عبد مناف تلقفوها تلقف الكرة، فما هناك جنة ولا نار.
وفي لفظ المسعودي: يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة. مروج الذهب (26).
أجل عاش أبو سفيان في الجاهلية زنديقا، وعاش في كنف الإسلام قرابة خمسة عشر عاما حتى استلم عثمان الخلافة فأعلن عن عقيدته التي كتمها بصريح العبارة " لا أدري ما جنة ولا نار "!
وهذه العبارة عبارة مرتد في الفقه الإسلامي، لأنه أنكر ضروريا من ضروريات الدين، لكن خليفة المسلمين لم يتخذ أي إجراء ضده، بل نراه يغدق عليه من أموال المسلمين!
عطية الخليفة عثمان أبا سفيان (27)
أعطى الخليفة عثمان أبا سفيان بن حرب مائتي ألف من بيت المال في اليوم الذي أمر فيه لمروان بن الحكم بمائة ألف من بيت المال. قال ابن أبي الحديد في الشرح (28).
قال الأميني: لا أرى لأبي سفيان المستحق للمنع عن كل خير أي موجب لذلك العطاء الجزل من بيت مال المسلمين، وهو - كما في الإستيعاب لأبي عمر عن طائفة - كان كهفا للمنافقين منذ أسلم، وكان في الجاهلية ينسب إلى الزندقة (29)...
شخصية قلقة:
وأخرج (30) ابن عساكر في تاريخه (31) عن أنس: أن أبا سفيان دخل على عثمان بعدما عمي فقال: هل هنا أحد (32)؟ فقالوا: لا. فقال:
اللهم اجعل الأمر أمر جاهلية، والملك ملك غاصبية، واجعل أوتاد الأرض لبني أمية.
قال ابن سعد في إسلامه: لما رأى الناس يطؤون عقب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حسده، فقال في نفسه: لو عاودت الجمع لهذا الرجل. فضرب رسول الله في صدره ثم قال: " إذا يخزيك الله " وفي رواية: قال في نفسه: ما أدري لم (33) يغلبنا محمد؟ فضرب في ظهره وقال: " بالله يغلبك ". الإصابة (34).
أبو سفيان شخصية مريضة قلقة تحن إلى الماضي، فتعصبه لبني أمية، كما ترى في نص ابن عساكر يهجو النبي صلى الله عليه وآله وسلم (35)، تراه يخاطب نفسه: " لو عاودت الجمع لهذا الرجل " يريد محاربة النبي من جديد! " ولهذا الرجل " وكأنه ليس نبيا! " ولم يغلبنا محمد " يسميه باسمه دون إضافة رسول الله أو حبيب الله التي اعتاد عليها المسلمون، ولكنها عبارات سادة قريش التي كانوا يلوكونها بين أشداقهم، تلك هي التي يرددها أبو سفيان، فهو أبو سفيان القديم! انطوت نفسه كما يصرح هو على ما كان يحمله في الماضي!
فضيلة مفتعلة:
أخرج (36) ابن عساكر في تأريخه (37) عن ابن عباس مرفوعا - من حديث طويل يذكر فيه فضائل بعض الصحابة: " ومن مثل أبي سفيان؟
لم يزل الدين به مؤيدا قبل أن يسلم وبعدها أسلم، ومن مثل أبي سفيان إذا أقبلت من عند ذي العرش أريد الحساب، فإذا أنا بأبي سفيان معه كأس من ياقوتة حمراء يقول: اشرب يا خليلي، أعار (38) بأبي سفيان، وله الرضا بعد الرضا.
قال الأميني: لقد أعرب عن بعض الحقيقة الحافظ ابن عساكر نفسه بقوله: هذا حديث منكر.
أي منكر هذا يعد أبا سفيان ممن لم يزل الدين به مؤيدا قبل إسلامه وبعده؟ فكأنه غير رأس المشركين يوم أحد، وغير مجهز جيش الأحزاب والمجلب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والرافع عقيرته وهو يرتجز بقوله: أعل هبل، أعل هبل. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ألا تجيبونه؟ قالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال: قولوا: " الله أعلى وأجل " فقال أبو سفيان إن لنا العزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله: " ألا تجيبونه؟ " فقالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال: " قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم " (39).
وكأنه ليس من أئمة الكفر الذين نزل فيهم قوله تعالى: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} [التوبة: 12] (40).
وكأنه غير من أريد بقوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا } [النساء: 167] (41).
أخرج نزوله فيه ابن مردويه من طريق ابن عباس، وعبد بن حميد، وابن جرير، وأبو الشيخ من طريق مجاهد، وهؤلاء، وغيرهم من طريق سعيد بن جبير، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ من طريق الحكم بن عتيبة (42).
وكأنه غير المعنى هو وأصحابه بقوله تعالى: " قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين) (43). وكأنه غير من مشى مع جمع من رجال قريش إلى أبي طالب قائلين له: إن ابن أخيك قد سب آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا، وإما أن تخلي بيننا وبينه. إلخ (44). وكأنه ليس أحد المجتمعين بدار الندوة الذين تفرقوا على رأي أبي جهل من أن يؤخذ من كل قبيلة شاب فتى جليد نسيب وسط، ثم يعطي كل منهم سيفا صارما فيعمدوا إلى رسول الله فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه (45).
وكأنه غير من أنفق على المشركين يوم أحد أربعين أوقية، وكل أوقية اثنان وأربعون مثقالا.
وكأنه غير من استأجر ألفين من الأحابيش من بني كنانة ليقاتل بهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سوى من استجاش من العرب (46).
وكأنه غير من لعنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد في صلاة الصبح بعد الركعة الثانية بقوله: " اللهم العن أبا سفيان، وصفوان بن أمية، والحارث بن هشام " (47) وكأنه غير من لعنه رسول الله في سبعة مواطن، لا يتأتى لأي أحد ردها:
أولها: يوم لقي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خارجا من مكة إلى الطائف يدعو ثقيفا إلى الدين، فوقع به وسبه وشتمه، وكذبه وتوعده وهم أن يبطش به، فلعنه الله ورسوله وصرف عنه.
الثانية: يوم العير: إذ عرض لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي جائية من الشام، فطردها أبو سفيان وساحل بها، فلم يظفر المسلمون بها ولعنه رسول الله ودعا عليه، فكانت وقعة بدر لأجلها.
الثالثة: يوم أحد: حيث وقف تحت الجبل ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أعلاه وهو ينادي: أعل هبل، مرارا، فلعنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشر مرات، ولعنه المسلمون.
الرابعة: يوم جاء بالأحزاب وغطفان واليهود، فلعنه رسول الله وابتهل.
الخامسة: يوم جاء أبو سفيان في قريش فصدوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله، ذلك يوم الحديبية، فلعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا سفيان، ولعن القادة والأتباع، وقال: " ملعونون كلهم، وليس فيهم من يؤمن "، فقيل: يا رسول الله أفما يرجى الإسلام لأحد منهم فكيف باللعنة؟ فقال: " لا تصيب اللعنة أحدا من الأتباع، وأما القادة فلا يفلح منهم أحد ".
السادسة: يوم الجمل الأحمر.
السابعة: يوم وقفوا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في العقبة ليستنفروا ناقته، وكانوا اثني عشر رجلا، منهم أبو سفيان (48).
هذه المواطن السبعة عدها الإمام الحسن السبط - سلام الله عليه (49).
وكأنه غير من عدا على دور المهاجرين من بني جحش بن رئاب بعدما هاجروا وباعها من عمرو بن علقمة، وقيل فيه:
أبلغ أبـا سفيان عن *** أمــر عـــواقبه نـــدامه
دار ابن عمك بعتها *** تقضي بها عنك الغرامه
وحليفكــم بــالله رب *** النــاس مجتهد القسامه
إذهب بها إذهب بها *** طــوقتها طوق الحمامه (50)
وكأنه غير صاحب البائية يوم أحد يقول فيها:
أقـــاتلهم وادعـــــي يـالغالب *** وأدفعهــم عني بركن صليب
فبكي ولا ترعي مقالة عاذل *** ولا تسأمي من عبرة ونجيب
أبـــــاك وإخـــوانا قد تتابعوا *** وحـق لهم من عبرة بنصيب....
وكأنه غير من كان يضرب في شدق حمزة بن عبد المطلب بزج الرمح قائلا: ذق عقق (51). سيرة ابن هشام (52).
وكأنه غير من داس قبر حمزة برجله وقال: يا أبا عمارة إن الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمسى في يد غلماننا اليوم يتلعبون به. شرح ابن أبي الحديد (53).
وكأنه غير من قال لما رأى الناس يطؤون عقب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحسده: لو عاودت الجمع لهذا الرجل. فضرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صدره ثم قال: إذا يخزيك الله. الإصابة (54).
وكأنه غير من قال لعثمان يوم تسنم عرش الخلافة: صارت إليك بعد تيم وعدي فأدرها كالكرة، واجعل أوتادها بني أمية، فإنما هو الملك، ولا أدري ما جنة ولا نار.
وكأنه غير من دخل على عثمان بعدما عمي وقال: هاهنا أحد؟
فقالوا: لا. فقال: اللهم اجعل الأمر أمر جاهلية، والملك ملك غاصبية، واجعل أوتاد الأرض لبني أمية.
هذا مجمل حال رجال في العهدين الجاهلي والإسلامي أفبمثله أيد الدين قبل إسلامه وبعد إسلامه؟ أو مثله يتولى سقاية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم المحشر إذا أقبل من عند ذي العرش، وهل مستوى العرش معبأ لمثل أبي سفيان هذا ونظرائه؟ إذن فعلى العرش ومن بفنائه السلام (55)!
قال علي فيه
وإن (56) سألت مولانا أمير المؤمنين عن الرجل فعلى الخبير سقطت، قال في حديث له: " معاوية طليق ابن طليق، حزب من هذه الأحزاب، لم يزل الله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وللمسلمين عدوا هو وأبوه حتى دخلا في الإسلام كارهين " (57).
وحسبك ما في كتاب له إلى معاوية بن أبي سفيان من قوله: " يا ابن صخر يا بن اللعين " (58) ولعله عليه السلام يوعز بقوله هذا إلى ما رويناه من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعنه وابنيه معاوية ويزيد لما رآه راكبا وأحد الولدين يقول والآخر يسوق فقال: " اللهم العن الراكب والقائد والسائق " (59).....
الوفاة
بعد فتح مكة كان أبو سفيان فيها ثم رحل إلى المدينة وبقي فيها إلى أن مات هناك ودفن بالبقيع، وكانت وفاته سنة إحدى وثلاثين، وعمره ثمان وثمانون سنة، وقيل: توفي سنة اثنتين وثلاثين، وقيل: سنة أربع وثلاثين، وقيل: كان عمره ثلاثا وتسعين سنة.
____________
(1) أسد الغابة: 6 / 148.
(2) كتاب النزاع والتخاصم: 54.
(3) لسان العرب: 6 / 91.
(4) الجاثية: 24.
(5) الغدير: 3 / 355 - 356، 10 / 114.
(6) سيرة ابن هشام: 1 / 283، 2 / 58. (المؤلف).
(7) سيرة ابن هشام: 2 / 126. (المؤلف).
(8) هذا كلام المقريزي في " النزاع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم " ص 52 و 53 نقله الأميني رحمه الله عنه.
(9) انتهى نص الغدير: 3 / 356.
(10) الغدير: 3 / 356 والكلام منقول عن " النزاع والتخاصم ".
(11) انتهى نص الغدير ونص " النزاع والتخاصم " 3 / 356 وراجع: الإستيعاب بهامش الإصابة: 4 / 86.
(12) غافر: 84.
(13) الإستيعاب بهامش الإصابة: 4 / 87 - 88.
(14) الغدير: 3 / 355.
(15) كتاب نصر بن مزاحم في حرب صفين: ص 195. (المؤلف).
(16) تذكرة الخواص: ص 200 - 201، شرح نهج البلاغة: 6 / 288 خطبة 83، جمهرة خطب العرب: 2 / 22 رقم 18، الغدير: 10 / 237.
(17) الغدير 3 / 357.
(18) هو جرير بن عبد المسيح من بني ضبيعة، توجد ترجمته في الشعر والشعراء لابن قتيبة ص 99 ومعجم الشعراء (المؤلف).
(19) الكامل لابن الأثير: 2 / 11 حوادث سنة 11هـ (المؤلف)
(20) العقد الفريد: 4 / 85، الغدير: 3 / 357.
(21) هذ البيت من جملة أبيات النعمان بن امرئ القيس. (المؤلف)
(22) الغدير: 3 / 356، وخبر عبد الله بن الزبير نقله صاحب الغدير عن " كتاب النزاع والتخاصم " 54.
(23) الغدير: 8 / 392.
(24) الإستيعاب: القسم الرابع / 1678 - 1679 رقم 3005.
(25) تاريخ الأمم والملوك: 10 / 58 حوادث سنة 284هـ.
(26) مروج الذهب: 2 / 360، وراجع " كتاب النزاع والتخاصم " ص 56، وهنا انتهى نص الغدير: 8 / 392.
(27) الغدير: 8 / 392.
(28) شرح النهج: 1 / 199، خطبة 3.
(29) الغدير: 8 / 392.
(30) المصدر السابق.
(31) تاريخ مدينة دمشق: 23 / 471 رقم 2849، وفي مختصر تاريخ دمشق: 11 / 67.
(32) في المصدر: هاهنا أحد؟
(33) في الإصابة: بم.
(34) الإصابة: 2 / 179، انتهى نص الغدير: 8 / 393، مستدرك الحاكم: 3 / 488 ح 6065.
(35) مستدرك الحاكم: 3 / 488 ح 6065.
(36) الغدير: 8 / 113.
(37) تاريخ مدينة دمشق: 23 / 464 رقم 9482، وفي تهذيب تاريخ دمشق: 6 / 407.
(38) كذا في المصدر.
(39) سيرة ابن هشام: 3 / 99، تاريخ ابن عساكر: 23 / 444 رقم 2849، وفي مختصر تاريخ دمشق: 11 / 53 - 54، عيون الأثر: 1 / 424، تفسير القرطبي: 4 / 151. (المؤلف).
(40) تفسير الطبري: مج 6 / ج 10 / 87، تاريخ ابن عساكر: 23 / 438 رقم 849 وفي مختصر تاريخ دمشق: 11 / 51، تفسير ابن جزي: 2 / 71، تفسير السيوطي 4 / 136، تفسير الخازن: 2 / 208، تفسير الآلوسي: 10 / 59. والآية رقم 12 سورة التوبة. (المؤلف)
(41) سورة الأنفال: 36.
(42) تفسير الطبري: مج 6 / ج 9 / 244، تاريخ ابن عساكر: 23 / 438 رقم 849، وفي مختصر تاريخ دمشق: 11 / 51، الكشاف: 2 / 219، تفسير الرازي: 15 / 160، تفسير ابن كثير: 2 / 308، تفسير الخازن: 2 / 184، تفسير الشوكاني: 2 / 307، تفسير الآلوسي: 9 / 204. (المؤلف)
(43) تفسير النسفي هامش تفسير الخازن: 2 / 103، تفسير الآلوسي: 9 / 206.
والآية 38 سورة الأنفال. (المؤلف) (4) سيرة ابن هشام: 1 / 283، 2 / 58. (المؤلف).
(45) سيرة ابن هشام: 2 / 126. (المؤلف).
(46) تفسير الطبري: مج 6 / ج 9 / 244، الكشاف: 2 / 219، تفسير الرازي: 15 / 160، تفسير الخازن: 2 / 184، تفسير الآلوسي: 9 / 204. (المؤلف)
(47) تفسير الطبري: مج 3 / ج 4 / 88، وأخرجه الترمذي في جامعه 5 / 212 ح 3004 كما في نيل الأوطار للشوكاني: 2 / 389، نصب الراية للزيلعي: 2 / 129، وأخرجه البخاري في المغازي: 4 / 1493 ح 3842، وفي التفسير 4 / 1661 ح 4283 بلفظ: فلانا وفلانا ولم يسم أحدا تحفظا على كرامة أبي سفيان وشاكلته. (المؤلف)
(48) شرح ابن أبي الحديد: 6 / 290 - 291 خطبة 83. (المؤلف)
(49) راجع: تذكرة الخواص: ص 200 - 201، شرح نهج البلاغة 6 / 290 - 291 خطبه 83، جمهرة خطب العرب: 2 / 22 رقم 18.
(50) سيرة ابن هشام: 2 / 145. (المؤلف).
(51) عقق، إي يا عقق، يريد: يا عاق. (المؤلف)
(52) السيرة النبوية: 3 / 99.
(53) شرح نهج البلاغة: 16 / 136 كتاب 32.
(54) الإصابة: 2 / 179.
(55) الغدير: 10 / 119.
(56) الغدير: 3 / 357، نقلا عن " كتاب النزاع والتخاصم " ص 55.
(57) تاريخ الطبري 5 / 8 حوادث سنة 37هـ (المؤلف).
(58) شرح ابن أبي الحديد: 15 / 82 كتاب 10 و 16 / 135 كتاب 32. (المؤلف)
(59) تاريخ الأمم والملوك: 10 / 58 سنة 284هـ، كتاب صفين. طبعة مصر ص 217 وراجع الغدير: 3 / 252. (المؤلف).
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|