أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2016
508
التاريخ: 3-8-2016
455
التاريخ: 3-8-2016
543
التاريخ: 3-8-2016
721
|
لا إشكال في أنّ ترك الواجب النفسي يستوجب العقاب، لأنّه تمرّد وطغيان على المولى، وخروج عن رسم العبوديّة وزيّ الرقية، وهو قبيح عقلاً وشرعاً، فيستوجب اللوم والعقاب.
كما لا إشكال في أنّ ترك الواجب الغيري بما هو هو لا يستوجب العقاب، غير أنّه لمّا كان تركه ملازماً لترك الواجب النفسي، فالعقاب إنّما هو على ترك النفسي لا على مقدّمته.
كما لا إشكال في أمر ثالث، وهو ترتّب الثواب على امتثال الواجب النفسي إذا قصد القربة وأتى به للّه سبحانه.
إنّما الكلام في أمر رابع وهو ترتّب الثواب على الواجب الغيري إذا أتى به بقصد التوصّل، و عدم ترتّبه عليه، و قبل الخوض في المقصود، نشير إلى مسألة كلامية، وهي:
هل ترتّب الثواب على امتثال التكليف على وجه الاستحقاق أو على وجه التفضّل؟ قولان: ذهب إلى الأوّل المحقّق الطوسي في تجريد الاعتقاد وتبعه العلاّمة الحلّي في كشف المراد ومال إليه المحقّق الخراساني في الكفاية، وذهب إلى الثاني الشيخ المفيد على ما نقل عنه.
أقول: أمّا الأوّل فالظاهر عدم ثبوته بل ثبوت خلافه، وذلك لأنّ من عرف ربّه وعظمته، وعرف فقر نفسه، وأنّ ما يملكه من حول وقوة، وجارحة وجانحة، وما يصرفه في طريق الطاعة، كلّه مفاض منه تعالى إليه، وليس ملكاً للعبد، بل ملك له سبحانه، صدّق القول بعدم الاستحقاق، لأنّ القائل بالاستحقاق ذهب إلى أنّه يجب عليه سبحانه القيام به، وعَدّ تركه ظلماً منه للعباد، وهو لا يجتمع مع القول بأنّ المالك هو اللّه سبحانه على الإطلاق، لا غير، وأنّ جميع شؤون العبد وحوله وقوّته وإرادته وفعله ملك للّه تعالى، فما أتى به العبد ليس سوى ما أعطاه إيّاه تعالى.
وإن شئت قلت: إنّ مثَل المخلوق إلى خالقه، مثَل المعنى الحرفي إلى الاسمي فلا يملك المعنى الحرفي لنفسه شيئاً سوى كونه موجوداً غير مستقل في ذاته وفعله، وعند ذلك كيف يستحقّ شيئاً في ذمة المولى، بحيث لو لم يؤدّه يكون ظالماً في حقّه؟! وإلى ذلك يشير قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15].
وأمّا التّعبير في بعض الآيات «بالأجر» الظاهر في الاستحقاق كقوله سبحانه: { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [فاطر: 7]
وقوله سبحانه : {وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [هود: 115] إلى غير ذلك من الآيات، فإنّما هو من باب المشاكلة نظير التعبير بالاستقراض في قوله سبحانه {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد: 11].
وأمّا على القول الثاني أي كون الثواب تفضّلاً من اللّه سبحانه فيكون الثواب والعقاب بالجعل والمواضعة فله أن يتفضّل على العباد بالوعد كما أنّ له أن لا يتفضّل عليهم به.
نعم بعد ما وعد يمتنع عليه التخلّف لاستلزامه الكذب الذي هو قبيح على الحكيم.
وعلى ضوء ذلك يظهر حكم المسألة أي ترتّب الثواب على الواجب الغيري، فلو قلنا بأنّ الثواب على نحو الاستحقاق يكون المدار هو إطاعة أمر المولى، سواء أكان المأمور به نفسياً أم غيرياً خصوصاً إذا أتى العبد بالمقدّمة بقصد التوصّل إلى الواجب فيعد مطيعاً والمطيع مستحق للثواب من غير فرق بين إطاعة أمر دون أمر ولا بين كون الواجب محبوباً بالذات أو لا، لأنّ ملاك الاستحقاق هو أن يكون فعل العبد لأجل امتثال أمره سبحانه من دون أن ينبعث عن أهواء نفسية وكون المتعلّق غير محبوب بالذّات كما في الواجب الغيري لا يؤثر في صدق الطاعة وكون الفعل للمولى المستتبع للثواب .
وأمّا لو قلنا بأنّ الثواب بالجعل والمواضعة فيتبع مقدار الجعل وحدوده، والظاهر من الكتاب هو الأعم وانّ الثواب يترتب على مقدّمة الواجب أيضاً كما في قوله سبحانه: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120] فقد قدّر لطيّ الأرض والسفر إلى أرض المعركة، وما يصيبهم في أثناء ذلك من ظمأ وتعب ومشقة، أجراً مع أنّها واجبات مقدمية غيرية ، ومثل ذلك ما ورد من ترتّب الثواب على كلّ خطوة يخطوها المؤمن المتوجّه لزيارة الإمام الطاهر الحسين بن علي عليهما السَّلام(1).
______________
1. لاحظ كامل الزيارات: 133.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|