أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-05
479
التاريخ: 23-8-2016
1888
التاريخ: 27-6-2022
2110
التاريخ: 23-8-2016
1658
|
الحياة الحقيقية للإنسان تتوقف على تهذيب الأخلاق الممكن بالمعالجات المقررة في هذه الصناعة ، تعرف أنها أشرف العلوم و أنفعها لأن شرف كل علم إنما بشرف موضوعه أو غايته فشرف صناعة الطب على صناعة الدباغة بقدر شرف بدن الإنسان و إصلاحه على جلود البهائم ، و موضوع هذا العلم هو النفس الناطقة التي هي حقيقة الإنسان و لبّه ، و هو أشرف الأنواع الكونية كما برهن عليه في العلوم العقلية ، و غايته إكماله و إيصاله من أول أفق الإنسان إلى آخره ، و لكونه ذا عرض عريض متصلا أوله بأفق البهائم ، و آخره بأفق الملائكة لا يكاد أن يوجد التفاوت الذي بين أشخاص هذا النوع في أفراد سائر الأنواع ، فإن فيه أخس الموجودات و منه أشرف الكائنات كما قيل :
و لم أر أمثال الرجال تفاوتت * لدى المجد حتى عدّ ألف بواحد
وإلى ذلك التفاوت يشير قول سيد الرسل ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) : «إني وزنت بأمتي فرجحت بهم» ، و لا ريب في أن هذا التفاوت لأجل الاختلاف في الأخلاق و الصفات لاشتراك الكل في الجسمية و لواحقها.
وهذا العلم هو الباعث للوصول إلى أعلى مراتبهما ، و به تتم الإنسانية و يعرج من حضيض البهيمية إلى ذرى الرتب الملكية ، و أي صناعة أشرف مما يوصل أخس الموجودات إلى أشرفها ، و لذلك كان السلف من الحكماء لا يطلقون العلم حقيقة إلا عليه ، و يسمونه بالإكسير الأعظم ، و كان أول تعاليمهم ، و يبالغون في تدوينه و تعليمه ، و البحث عن إجماله و تفصيله و يعتقدون أن المتعلم ما لم يهذب أخلاقه لا تنفعه سائر العلوم.
وكما أن البدن الذي ليس بالنقي كلما غذوته فقد زدته شرا ، فكذلك النفس التي ليست نقية عن ذمائم الأخلاق لا يزيده تعلم العلوم إلا فسادا.
ولذا ترى أكثر المتشبهين بزي العلماء أسوأ حالا من العوام مائلين عن وظائف الإيمان و الإسلام ، إما لشدة حرصهم على جمع المال ، غافلين عن حقيقة المآل ، أو لغلبة حبهم الجاه و المنصب ، ظنا منهم أنه ترويج للدين و المذهب ، أو لوقوعهم في الضلالة و الحيرة لكثرة الشك و الشبهة ، أو لشوقهم إلى المراء و الجدال في أندية الرجال ، إظهارا لتفوقهم على الأقران و الأمثال أو لإطلاق ألسنتهم على الآباء المعنوية من أكابر العلماء و أعاظم الحكماء ، و لعدم تعبدهم برسوم الشرع و الملة ، ظنا منهم أنه مقتضى قواعد الحكمة ، و لم يعلموا أن الحكمة الحقيقة ما أعطته النواميس الإلهية و الشرائع الثبوتية ، فكأنهم لم يعلموا أن العلم بدون العمل ضلال ، و لم يتفطنوا قول نبيهم ( صلى اللّه عليه و آله و سلم ) : «قصم ظهري رجلان ، عالم متهتك ، و جاهل متنسك» , ولم يتذكروا قوله (صلى اللّه عليه و آله و سلم) : «البلاهة أدنى إلى الإخلاص من فطانة بتراء» ، و كل ذلك ليس إلا لعدم سعيهم في تهذيب الأخلاق و تحسينها و عدم الامتثال لقوله سبحانه : {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا } [البقرة : 189].
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية يصدر العدد الثاني والعشرين من سلسلة كتاب العميد
|
|
|