أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-9-2016
![]()
التاريخ: 23-7-2020
![]()
التاريخ: 19-7-2020
![]()
التاريخ: 18-8-2016
![]() |
اتّفق أصحابنا (1) إلاّ من شذّ (2) ـ على أنّ الإجماع السكوتيّ ـ وهو قول البعض وسكوت الباقين مع معرفتهم به ـ ليس إجماعا ولا حجّة ؛ لأنّ السكوت أعمّ من الرضاء ، ويمكن أن يكون للتوقّف ، أو التعظيم، أو للتقيّة ، أو التصويب ، أو غيرها.
ولذا قيل : لا ينسب إلى ساكت قول (3). وربّما أفاد (4) ظنّا لا يصلح مثله لتأسيس الحكم الشرعي. وقد يعلم بالقرائن موافقة الساكتين للمصرّحين ، وحينئذ كان (5) حجّة وإجماعا ؛ لأنّ العبرة بالرأي دون القول ، وهو نادر.
وعلى الطريق الثاني (6) في الإجماع: ربّما علم بقول البعض ـ وإن سكت الباقون ـ دخول قول المعصوم في أقوالهم إذا كانوا جماعة علم من حالهم أنّهم لا يقتحمون على الإفتاء بغير علم ، وهو أيضا نادر.
هذا، وذهب بعضهم إلى أنّه حجّة وإجماع ، محتجّا بأنّ سكوتهم دليل ظاهر في موافقتهم. وقد عرفت جوابه (7).
وقيل: إنّه حجّة لا إجماع (8) ؛ لأنّ سكوتهم ظاهر في موافقتهم ؛ لما علم من عادة الصحابة والتابعين ومن تأخّر عنهم من المجتهدين أنّهم مع المخالفة يظهرون الإنكار ، كما لا يخفى على من تتبّع آثارهم ، فيحصل منه ظنّ بالوفاق وهو كاف للحجّيّة.
وفيه : أنّه مع قيام الاحتمالات المذكورة لا يحصل ظنّ ينتهض حجّة لتأسيس الأحكام ، ونفيه رأسا تعسّف ؛ لما نقل عن عادتهم ، كما نقل عن ابن عبّاس أنّه سكت في مسألة العول أوّلا ، ثمّ أظهر الإنكار ، فقيل له في ذلك ، فقال : « إنّ عمر كان رجلا مهيبا » (9).
نعم ، إن علم موافقتهم بالقرائن ، فلا كلام في حجّيّته ، كما ذكرناه.
وقال بعضهم : إنّه إجماع بشرط انقراض العصر (10) ؛ لأنّ استمرارهم على السكوت إلى الموت يضعف قيام الاحتمالات المذكورة ، فيكون ظاهرا في الموافقة.
وظهر ممّا ذكر جوابه.
وقيل : إن كان القول فتوى فإجماع ، وإلاّ فلا (11) ؛ لأنّ الحاكم يهاب دون المفتي ؛ ولأنّ الفتيا ممّا يخالف ويبحث عنه دون الحكم.
وفساده ظاهر.
وقيل : إنّه إجماع إن كان في عصر الصحابة ، وكان فيما يفوت استدراكه ، كإراقة الدم واستباحة الفرج. وإن كان فيما لا يفوت ـ كأخذ الأعيان ـ كان حجّة. وفي كونه إجماعا وجهان (12).
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّ الفروع له كثيرة ، وهي نوعان :
أحدهما : الأحكام التي صرّح بها بعض المجتهدين وسكت عنها الباقون ، كوجوب الخروج من الماء للمرتمس.
وثانيهما : ما يحدث من الأقوال والأفعال ، كالعقود ، والدعاوي ، وغيرهما من بعض الناس ، ويكون القطع فيها على طرف مشروطا بتصريح بعض آخر وسكت ، كما إذا عقد رجل فضولا وحضر المالك وسكت ، فإنّه لا يكون إجازة على ما اخترناه. وإذا قال : « هذا ولدي » فسكت ، فإنّه يلحقه ، خلافا للشيخ (13). وإذا أتلف شيئا ومالكه ساكت ، يلزمه الضمان.
وإذا ادّعى رقّ شخص في يده وباعه وكان الشخص ساكتا ، لم يلزم منه الاعتراف بالرقّيّة. وقس عليها أمثالها وهي كثيرة.
ومخالفة بعض الموارد للقاعدة ـ كالاكتفاء بسكوت البكر عن إذنها إذا استؤذنت ـ للأدلّة الخارجيّة.
__________
(1) راجع : الذريعة إلى أصول الشريعة 2 : 167 ، وتهذيب الوصول : 208 ، وتمهيد القواعد : 252 ، القاعدة 93.
(2) هو مذهب أبي على الجبائي ، كما حكاه السيّد المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة 2 : 167.
(3) قاله الغزالي في المستصفى : 151. وحكاه الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : 252 ، القاعدة 93.
(4 و 5) أي السكوت.
(6) الذي مرّ في ص 360.
(7) آنفا وهو عدم صلاحيّة مثله لتأسيس الحكم الشرعي.
(8) هو قول أبي هاشم ، كما حكاه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 1 : 312 ، والأسنوي في نهاية السؤل 3 : 295.
(9) حكاه الغزالي في المستصفى : 151 ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 1 : 312 ، والأسنوي في نهاية السؤل 3 : 298.
(10) حكاه الغزالي في المستصفى : 151. ونسبه الفخر الرازي إلى الجبائي في المحصول 4 : 153.
(11) قاله أبو عليّ بن أبي هريرة من أصحاب الشافعي ، كما حكاه عنه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 1 : 312 ، والفخر الرازي في المحصول 4 : 153.
(12) حكاه الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : 253 ، القاعدة 93. واعلم أنّه حكى الشوكاني جميع الأقوال المذكورة وأقوالا أخر في إرشاد الفحول 1 : 223 ـ 227. وإن كان الكتاب متأخّرا عن هذا الأثر أو مقارنا له ولكنّه مفيد للطالب المحقّق.
(13) النهاية : 684 ، باب الإقرار.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|