أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-7-2020
2458
التاريخ: 6-9-2016
1150
التاريخ: 6-9-2016
997
التاريخ: 18-8-2016
1067
|
الإجماع لغة : العزم والاتّفاق (1)
واصطلاحا : هو اتّفاق خاصّ.
والصحيح على قواعد العامّة أن يقال : هو اتّفاق المجتهدين ، أو أهل الحلّ والعقد من هذه الأمّة في عصر على أمر ديني.
فبالإضافة يخرج العامّي موافقته ومخالفته ؛ فإنّه لا يعتبر وفاقا.
والتقييد « بهذه الامّة » لإخراج إجماع سائر الامم ؛ فإنّه ليس حجّة على قواعد العامّة ؛ لتجويزهم خلوّ الزمان عن المعصوم (عليه السلام ) فالعصمة عن الخطأ تختصّ عندهم بجميع هذه الامّة ؛ للأدلّة السمعيّة (2) ، ويجوّزون طروّ الخطأ على جميع كلّ من سائر الامم ؛ لفقد الدلالة على عصمتهم من الخطأ.
وأمّا على قواعد الإماميّة فليس كذلك ، كما ستعلم (3).
والمراد بقولنا : « في عصر » في زمان قلّ أو كثر. والافتقار إليه ظاهر ؛ فإنّه لو لم يكن ، أفاد (4) اشتراط الاتّفاق من لدن بعثته إلى يوم القيامة ، فيلزم أن لا يوجد إجماع أصلا.
وتقييد الأمر بالديني ؛ لإخراج الإجماع على ما ليس بديني ، كالإجماع على جوهريّة الجسم مثلا ، أو عرضيّة الألوان والطعوم ؛ فإنّه ليس من الإجماع المعرّف في كتب الاصول ؛ لأنّه من الأدلّة الشرعيّة ، وممّا يكفّر منكره ، ولا يخرج منه الإجماع على أمر عقلي يجب أن يعتقد، كالإجماع على حدوث العالم ؛ لأنّ الديني يتناول الاعتقادي ، فتدخل الإجماعات الثابتة في علم الكلام المتعلّقة بالاعتقاد.
والمراد من المجتهد ما يتناول المجتهد في الاصول الكلاميّة أيضا.
وهذا على قواعد العامّة ظاهر ؛ لأنّ ما تمسّكوا به في إثبات حجّيّة الإجماع لا مدخل له بإثبات حجّيّة (5) غير الأمر الديني. وأمّا على قواعد الإماميّة ، فتعرف (6) كيفيّة الحال.
ثمّ إنّي لم أجد من علماء العامّة من يحدّه بمثل ما حدّ حتّى يتمّ ، بل كلّ منهم حدّه بما لا يخلو عن فساد.
فحدّه الغزالي بأنّه اتّفاق أمّة محمّد (صلى الله عليه وآله )على أمر من الامور الدينية (7).
ويلزم منه أن لا يوجد إجماع أصلا، كما أشير (8) إليه. وينتقض عكسه بالإجماع الذي خالف فيه العوامّ ، وبما انعقد بعد زمان النبيّ (صلى الله عليه وآله ) . وطرده بتقدير اتّفاق الامّة مع عدم المجتهدين فيهم (9).
وأورد عليه الحاجبي (10) ، بأنّه لا ينعكس بتقدير اتّفاقهم على أمر عقلي أو عرفي.
وفيه : أنّ العقلي أو العرفي إن كان اعتقاديّا فيدخل في الديني ، وإن لم يكن اعتقاديّا فلا بدّ من إخراجه ؛ لما عرفت (11).
وحدّه بعضهم بزيادة أهل الحلّ والعقد عليه (12).
ويرد عليه الإيراد الأوّل (13).
وحدّه الحاجبي بأنّه اتّفاق المجتهدين من هذه الامّة في عصر على أمر (14).
وبعضهم بأنّه اتّفاق أهل الحلّ والعقد على أمر (15).
وآخرون بأنّه اتّفاق المجتهدين على أمر (16).
وينتقض الأوّل طردا بالإجماع على أمر ليس من الأحكام الشرعيّة ولا ممّا يجب أن يعتقد ، كالإجماعات الثابتة في علم الصرف ، والنحو ، والعروض ، والحكمة وغيرها. وقد علمت (17) وجوب إخراجه من الحدّ.
والأخيران به ، وبإجماع غير هذه الامّة. وقد عرفت (18) وجوب إخراجه على قواعدهم.
ثمّ إضافة ما يتمّ كلّ واحد من الحدود المذكورة ويصحّحه (19) إليه ـ كما ارتكبه بعض (20) ـ تخرجه عنه وتجعله حدّا آخر ؛ فإنّ تفاوت الحدود بزيادة شيء ونقصانه ، فلم يصحّح هذا الحدّ ، مع أنّ إضافة « ديني » على حدّ الحاجبي لا تلائم إيراده على الغزالي (21).
وحدّه النظّام بأنّه كلّ قول قامت حجّيّته (22).
وينتقض طردا بكلام الله وكلام رسوله.
وأيضا التحديد إنّما يكون للماهيّة ، ولفظ « كلّ » موضوع للأفراد.
وأيضا الإجماع ليس بقول ، كما لا يخفى.
فثبت أنّ الصحيح من الحدود على قواعد العامّة ما ذكر أوّلا (23).
وأمّا على قواعد الإماميّة ، فلمّا كان الإجماع المعتبر عندهم ما دخل فيه المعصوم ، فيلزم أن يحدّ عندهم بما يدلّ على ذلك ، ولا يفتقر إلى قيد « هذه الامّة » وما يساوقه ؛ لأنّ كلّ زمان لا يخلو عندهم عن معصوم (عليه السلام) ، وكلّ إجماع دخل فيه المعصوم فهو حجّة عندهم ، سواء كان من هذه الامّة أو غيرها.
فالصحيح من حدوده عندهم أن يقال :
إنّه اتّفاق رؤساء الدين ، أو أهل الحلّ والعقد في عصر على أمر ديني. وهذا إن اريد بأهل الحلّ والعقد من له دخل في الحكم إماما كان أو مجتهدا ، ولو اريد منهم المجتهدون أو ما هو أعمّ منهم ومن أهل الحلّ والعقد الدنيوي كأكابر العسكر ، لم يصحّ.
أو اتّفاق من يعتبر قوله في الأحكام الشرعيّة على أمر ديني.
أو اتّفاق جمع يعلم به أنّ المتّفق عليه صدر عن رئيس الامّة. وقس عليها ما شابهها.
والأخير وما شابهه أصحّ الحدود ؛ لأنّ حجّيّة الإجماع عندنا لكشفه عن قول المعصوم. فحقيقته اتّفاق يكشف عن دخول قول المعصوم ، لا اتّفاق المعصوم وغيره حتّى يكون موافقة المعصوم جزءا من الإجماع ، كما يلزم ذلك من غير الأخير ، إلاّ أنّه يمكن تصحيحه (24) بأدنى عناية.
ثمّ إنّ تقييد الأمر بالدينيّ في بعض الحدود المذكورة بناء (25) على أنّ بحث الاصوليّين عن الإجماع المتعلّق بالحكم الشرعي ، أو ما يجب أن يعتقد في نفسه ، وعدم تقييده به في بعضها لأجل أنّ كلّ ما صار مجمعا عليه فهو حقّ ، سواء كان من العقائد الدينيّة ، أو الفروع الشرعيّة ، أو غير ذلك ؛ لأنّه ممّا قال به المعصوم ، وكلّ ما قال به المعصوم يجب أن يعتقد ، ويصحّ الاحتجاج به على كلّ شيء إلاّ على ما يتوقّف العلم بوجوب وجود المعصوم عليه ؛ لاستلزامه الدور وهو الأصوب.
____________
(1) المصباح المنير : 109 ، « ج م ع ».
(2) منها : ما في تحف العقول : 338 ، والاحتجاج 2 : 487 ، ح 328 ، وكنز العمّال 1 : 180 ، ح 909 ، و 206 ، ح 1029 ـ 1032.
(3) يأتي في ص 339.
(4) أي أفاد التعريف.
(5) كذا في النسختين. والظاهر كلمة « حجّيّة » غير محتاج إليها.
(6) يأتي في ص 339 ، ذيل قوله : « ثمّ إنّ تقييد الأمر بالدينيّ ».
(7) المستصفى : 137.
(8) لعدم تقييده بقوله في عصر وزمان. راجع ص 336.
(9) ليس المراد مخالفة المجتهدين ؛ فإنّه لا يتحقّق حينئذ اتّفاق الامّة ، بل المراد عدم وجود المجتهد في الامّة وكون الامّة كلّهم عوامّ.
(10) منتهى الوصول : 52.
(11) تقدّم آنفا.
(12) عرّفه به الفخر الرازي في المحصول 4 : 20.
(13) وهو عدم تحقّق الإجماع.
(14) منتهى الوصول : 52.
(15) عرّفه به الفخر الرازي في المحصول 4 : 20.
(16) راجع : تمهيد القواعد : 251 ، ونسبه الشوكاني في إرشاد الفحول 1 : 193 إلى أبي عليّ الفارسي.
(17 و 18) في ص 337.
(19) والمضاف هو كلمة « ديني » في تعريف الحاجبي ، وكلمتا « ديني » و « هذه الامّة » في التعريفين الأخيرين كليهما.
(20) ارتكبه ابن الحاجب في منتهى الوصول : 52.
(21) توضيحه : أنّ الحاجبي يرى الإجماع على أمر عقلي أو عرفي داخلا في المعرّف ، يعلم ذلك من قوله على الغزالي : « لا ينعكس بتقدير اتّفاقهم على أمر عقلي أو عرفي ». فإضافة كلمة « ديني » غير محتاج إليها.
(22) حكاه عنه الغزالي في المستصفى : 137.
(23) راجع ص 337.
(24) أي غير الأخير.
(25) مرفوع خبر لا مفعول له.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|