أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-3-2018
706
التاريخ: 2-07-2015
1326
التاريخ: 4-08-2015
2486
التاريخ: 8-5-2020
5470
|
قال المحقّق الخفري في تعليقاته على شرح الفاضل القوشجي على إلهيّات التجريد : « اختار المصنّف (رحمه الله) في إثبات الواجب منهج الحكماء الإلهيّين ، وهو الذي يستدلّ فيه بالنظر إلى الوجود؛ لأنّه أخصر وأوثق وأشرف من المنهج الذي اعتبر فيه حدوث الخلق ، أو إمكانه بشرط الحدوث ـ كما هو طريقة بعض (1) المتكلّمين ـ أو الحركة ، كما هو طريقة الطبيعيّين.
بيان ذلك : أنّ لأرباب العقول في إثبات الواجب مناهج ، (2)كما أشرنا إليه :
الأوّل : منهج الحكماء الإلهيّين ، وهو الذي يستدلّ فيه بالنظر إلى الوجود بملاحظة طبيعة الوجود بما هو وجود من غير نظر إلى الخصوصيّات ، فالاستدلال باللوازم المنتزعة عن حاقّ الملزوم.
الثاني : منهج جماعة من المتكلّمين ، وهو الذي اعتبر فيه حدوث الخلق المتوقّف على إثبات حدوث العالم ، بأن يقال : إنّ العالم حادث ؛ للدلائل الدالّة عليه ، فلا بدّ من محدث ، ويجب الانتهاء إلى محدث غير حادث ؛ دفعا للدور والتسلسل ، وهو الواجب تعالى ، فيثبت المطلوب.
الثالث : منهج طائفة أخرى منهم ، وهو الذي اعتبر فيه الإمكان بشرط الحدوث...
الرابع : منهج الحكماء الطبيعيّين ، وهو الذي يكون النظر فيه إلى طبيعة الحركة ، بأن يقال : لا شكّ في وجود متحرّك ، ولا بدّ له من محرّك غير ذاته ؛ إذ حركته أمر ممكن لا بدّ له من علّة لا محالة ، فيجب الانتهاء إلى محرّك غير متحرّك أصلا ؛ دفعا للدور أو التسلسل ، وهو الواجب.
أو يقال : إنّ النفس الناطقة خارجة في كمالاتها من القوّة إلى الفعل ، فلا بدّ لها من مخرج ، ويجب الانتهاء إلى مخرج غير مخرج ؛ دفعا للدور أو التسلسل ، وهو الواجب تعالى.
والمنهج الأوّل أخصر ؛ لكونه أقلّ مقدّمة وأوثق ؛ لكونه أشبه بالبرهان اللمّي ، بل قيل : (3) إنّه برهان لمّي ؛ إذ هو استدلال بحال مفهوم « الموجود » (4) على أنّ بعض الموجود (5) واجب ، لا على ذات الواجب في نفسه ، وكون طبيعة الوجود مشتملة على فرد وهو الواجب لذاته ، وهي حال من أحوال تلك الطبيعة ، فالاستدلال بحال تلك الطبيعة على حال أخرى لها معلولة للأولى ، وأشرف المناهج ؛ إذ الوجود منبع كلّ شرافة ، وموجب كلّ إنافة ». (6)
ثمّ قال : « ويمكن تقرير هذا الدليل بوجوه أربعة :
أحدها : أنّ للموجود أفرادا بالبديهة ، فإن كان واحد منها واجب الوجود بالذات ثبت المطلوب. وإن كان كلّها ممكنا فله مؤثّر موجود بالضرورة ، ولزم الانتهاء إلى الواجب ؛ لاستحالة الدور والتسلسل.
وثانيها : أن يقال في الشقّ الثاني : إن لم يتحقّق في أفراد الموجود واجب الوجود لزم الدور أو التسلسل.
وثالثها : أن يقال فيه : إن لم يتحقّق واجب الوجود في أفراد الموجود لزم أن يتحقّق فيها ؛ لاستحالة الدور والتسلسل.
ويمكن حمل كلام المصنّف على هذا.
ورابعها : ما قرّر الشارح ، (7) وهو أحد احتمالي عبارة المصنّف ». (8) انتهى.
والفرق بين الوجوه يظهر بالتأمّل.
ويمكن الاستدلال بوجه آخر ، وهو أن يقال : مجموع الموجودات في حال وجوده واجب ؛ لأنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد ؛ وذلك لأنّ الأولويّة الذاتيّة غير متصوّرة كما سبق ، فلا تكون سببا للوجود ، والأولويّة الناشئة من العلّة الخارجة عن ذات الممكن وإن كانت متصوّرة ؛ لعدم لزوم شيء ممّا لزم على الأولويّة الذاتيّة لكنّها غير كافية في الوجود ؛ لأنّها إن جعلت الطرف المقابل للأولى محالا ممتنع الوقوع لم تكن أولويّة خارجيّة بل وجوبا بالغير ، وإلاّ فيمكن مع تلك الأولويّة وقوع الطرف المقابل كما يمكن وقوع الطرف الأوّل ، فالوقوع مع تلك الأولويّة واللاوقوع معها متساويان ، فلو فرض وقوع أحدهما يلزم ترجيح أحد المتساويين بلا مرجّح وهو باطل ، فيلزم وجوبه.
ولأنّ الموجود في حال وجوده لو لم يكن واجبا فإمّا أن يكون ممتنعا أو ممكنا ، والامتناع ممتنع؛ لوجوده ، وكذا الإمكان غير ممكن ؛ لأنّ معناه صلاحية وجوده مع عدمه وقد فرضناه موجودا ، وهذا خلف ، فتعيّن وجوبه.
ولأنّ الموجود لا يوجد إلاّ بعد تحقّق جميع الدواعي ، وارتفاع جميع الموانع ، كما لا يخفى ، وحينئذ يكون وجوده واجبا ، فذلك الوجوب إمّا في جميعها بالذات ، أو في جميعها بالغير ، أو في بعضها بالذات وفي بعض آخر بالغير.
لا سبيل إلى الأوّل ؛ لأنّه ـ مع استلزامه لمطلوبنا ، وهو وجود الواجب بالذات ـ مستلزم لتعدّد الواجب بالذات أيضا وهو باطل ... ولا إلى الثاني ؛ للزوم الدور أو التسلسل ؛ فتعيّن الثالث ، فثبت أنّ واجب الوجود موجود.
وقد استدلّ عليه ببراهين أخر (9) أيضا :
منها : أنّ الموجودات لو كانت منحصرة في الممكنات الصرفة لزم الدور ؛ لأنّها في حكم ممكن واحد في إمكان انعدامها بدلا عن وجودها ؛ وذلك لأنّه وإن امتنع عدم كلّ منها بسبب علّة لكن لا شكّ في إمكان عدمه مع عدم علّته ؛ لكونها أيضا من الممكنات على هذا التقدير ، فتحقّق موجود ما يتوقّف على إيجاد ما ؛ لأنّ وجود الممكنات إنّما يتحقّق بالإيجاد ، وتحقّق إيجاد ما أيضا يتوقّف على تحقّق موجود ما ؛ إذ الشيء ما لم يوجد لم يوجد ، وليس موجود على هذا التقدير غير ما توقّف على ذلك الإيجاد ، فيلزم الدور ، فلا بدّ من موجود غير ممكن لا يحتاج في وجوده إلى إيجاد ، فيصدر منه إيجاد الممكنات وهو واجب الوجود ، فثبت وجود الواجب. كذا ذكره المحقّق الخفري في التعليقات المشار إليها. (10)
ومنها : أنّه لو لم يكن واجب الوجود بالذات موجودا ، لم يكن شيء من الممكنات موجودا ولو لم يستحل الدور والتسلسل ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.
بيان الملازمة : أنّ مجموع الممكنات إمّا موجود حقيقي بكونه معروضا لجهة الوحدة حقيقة كالبيت والسرير ، أو موجود اعتباري معروض لجهة الوحدة الاعتبارية كالعسكر.
وعلى الأوّل يكون المجموع أيضا ممكنا آخر بحسب الخارج لا واجبا سيّما على تقدير عدم الواجب كما هو المفروض ، فيحتاج إلى علّة مرجّحة للوجود على العدم ، والمفروض عدم الواجب ، فلا يكون الواجب علّته مع امتناع كون نفس المجموع أو بعضه علّة ؛ لامتناع كون الشيء علّة لنفسه بديهة ، فيكون المجموع بلا علّة ، ويمتنع وجود الممكن بلا علّة، فيلزم عدم المجموع.
وعلى الثاني فإن أمكن عدم المجموع لزم إمكان عدم آحاده ، فوجوبها ـ الذي لا يمكن وجودها إلاّ به ـ محتاج إلى علّة منتفية وإن لم يمكن لزم وجود واحد يكون علّة للكلّ حتّى لنفسه وهو الواجب ، والمفروض عدمه ، فيلزم عدم الممكنات بأسرها ، وهو خلاف البديهة.
__________________
(1) مراده طائفة من المتكلّمين ، كما سيذكر ذلك في المنهج الثالث.
(2) المعروف أنّ أرسطو سلك منهج الحكماء الطبيعيّين وابن سينا سلك منهج الحكماء الإلهيّين. ولمزيد المعرفة عن المناهج الأربعة انظر « الشفاء » الإلهيات : 327 ـ 331 ؛ « المبدأ والمعاد » لابن سينا : 22 و 34 ـ 38 ؛ « النجاة » : 235 ؛ « المعتبر في الحكمة » 3 : 22ـ 27 ؛ « المطالب العالية » 1 : 72 ؛ « المحص ل» : 342 وما بعدها ؛ « المباحث المشرقيّة » 2 : 467 ـ 471 ؛ « شرح الإشارات والتنبيهات » 3 : 20 ـ 28 ؛ « مناهج اليقين » : 158 ؛ « شرح المقاصد » 4 : 15 ـ 24 ؛ « الأسفار الأربعة » 6 : 12 ـ 48 ؛ «شوارق الإلهام » 2 : 494 ـ 500.
(3) قال به العلاّمة الحلّي 1 في « كشف المراد » : 280 والفاضل السيوري في « إرشاد الطالبين » : 177 ؛ « اللوامع الإلهيّة » : 71 ، ونسبه اللاهيجي إلى القيل في « شوارق الإلهام » 2 : 498.
(4) في « أ » : « الوجود » بدل « الموجود ».
(5) في « أ » : « الوجود » بدل « الموجود ».
(6) الإنافة من نوف : الارتفاع.
(7) مراده الفاضل القوشجي. انظر « شرح تجريد العقائد » : 310.
(8) « حاشية الخفري على إلهيات شرح القوشجي » الورقة 3 ، مخطوط.
(9) انظر « المطالب العالية » 1 : 249 ـ 278 ؛ « المحصّل » : 342 ـ 352 ؛ « المباحث المشرقيّة » 2 : 468 ـ 471 ؛ « مجموعة مصنفات شيخ الإشراق » 1 : 33 ـ 39 ؛ « إرشاد الطالبين » : 177 ـ 179 ؛ « شرح المواقف » 8 : 2 ـ 12 ؛ « شرح المقاصد » 4 : 17 ـ 24 ؛ « حاشية الخفري على إلهيات شرح القوشجي » الورقة 3 ، مخطوط؛ « الأسفار الأربعة » 2 : 165 ـ 186 ؛ « شوارق الإلهام » 2 : 499 ـ 500.
(10) « حاشية الخفري على إلهيات شرح القوشجي » الورقة 3 ، مخطوط.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|