أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-7-2020
1822
التاريخ: 30-8-2016
1903
التاريخ: 9-6-2020
1716
التاريخ: 30-8-2016
1825
|
وفيه ينقّح عدّة مسائل:
الاُولى : في تعيين المادة الاُولى وكيفية وضعها:
اعلم أنّه قد وقع الكلام بين الأعلام في تعيين المادّة الاُولى وكيفية وضعها ، بعد اتّفاقهم على وجودها بين المشتقّات ، والمحكي عن البصريين : أنّها المصدر ، وعن الكوفيين : أنّها الفعل(1) ، وربّما يظهر من نجم الأئمّة : أنّ النزاع بين الطائفتين ليس إلاّ في تقدّم تعلّق الوضع بهذا أو ذاك ، لا في الأصلية والفرعية(2) .
وكيف كان : فبطلان الرأيين واضح ; لأنّ المادّة المشتركة لابدّ وأن تكون سائرة في فروعها بتمام وجودها ـ أعني حروفها وهيئتها ـ ومن المعلوم أ نّهما ليسا كذلك ; إذ هيئتهما آبية عن ورود هيئة اُخرى عليهما . اللهمّ إلاّ أن يوجّه بما سيأتي بيانه .
والتحقيق : أنّ لمادّة المشتقّات التي هي عارية عن جميع الهيئات ولا بشرط من جميع الجهات إلاّ عن ترتيب حروفها وضعاً مستقلاّ ، ولولا ذلك للزم الالتزام بالوضع الشخصي في جميع المشتقّات ; لعدم محفوظية ما يدلّ على المادّة لو لا وضعها كذلك ، وهو خلاف الوجدان والضرورة ، بل يلزم اللغوية منه مع إمكان ذلك ، مع ما نشاهد من اتقان الوضع .
ويشهد لذلك : أنّا قد نعلم معنى مادّة ونجهل معنى الهيئة ، كما لو فرض الجهل بمعنى هيئة اسم الآلة في مضراب ، مع العلم بمعنى الضرب ، فلا إشكال في أنّا نفهم أنّ للضرب هاهنا تطوّراً وشأناً ، وليس هذا إلاّ للوضع ، كما أنّ دلالة الهيئة على معناها مع الجهل بمعنى المادّة دليل على وضعها مستقلاّ نوعياً ، مع أنّ بعض المصادر قياسي ، فلابدّ له من مادّة سابقة .
ثمّ إنّ وضع المادّة شخصي ، ولا يلزم من تطوّرها بالهيئات أن يكون نوعياً كما قيل(3) ـ وهي الحقيقة العارية عن جميع فعليات الصور ـ فكأنّها هيولي عالم الألفاظ ، نظير هيولى عالم التكوين ، على رأي طائفة من أهل النظر(4) .
فإن قلت : إنّ اللفظ الموضوع لابدّ وأن يكون قابلا للتلفّظ به ، والمادّة الخالية عن التحصّل يمتنع التلفّظ بها .
قلت : إنّ الغاية من وضعها ليست الإفادة الفعلية حتّى تستلزم فعلية إمكان التنطّق بها .
والحاصل : أنّ الموادّ موضوعة بالوضع التهيّئي لأن تتلبّس بهيئة موضوعة ، ومثلها لا يلزم أن يكون من مقولة اللفظ الذي يتكلّم به .
لا يقال : المشهور بين أهل الأدب : أنّ اسم المصدر موضوع لنفس الحدث بلا نسبة ناقصة أو تامّة ، بل المصدر أيضاً ـ كما هو المتبادر منهما ـ وعلى هذا فوضعهما للحدث لا بشرط بعد وضع المادّة له أيضاً فاقد لملاك الوضع ; لأنّ الهيئة فيهما لابدّ لها من وضع وإفادة زائدة على المادّة .
لأنّا نقول : إنّ الغاية من وضع المصدر واسمه إنّما هو لإمكان التنطّق بالمادّة ، من دون أن يكون لهيئتهما معنى وراء ما تفيد مادّتها .
والحاصل : أنّ المادّة وضعت لنفس الحدث ، لكن لا يمكن التنطّق بها ، وربّما يقع في الخواطر إظهار ذلك ، فوضعت هيئتها لا لإفادة معنى من المعاني ، بل لكونها آلة للتنطّق بالمادّة . وبذلك يصحّح قول البصريين بأصالة المصدر ، وقول بعض الأعلام بكون الأصل هو اسم المصدر ; لأ نّهما كالمادّة بلا زيادة .
فإن قلت : إنّ لازم ذلك هو دلالة المادّة على معناها ، وإن تحقّقت في ضمن هيئة غير موضوعة .
قلت : إنّ وضع الموادّ تهيّئي للازدواج مع الهيئات الموضوعة ، وبذلك يحصل لها ضيق ذاتي ، لا مجال معه لتوهّم الدلالة ; ولو في ضمن المهملات ، وسيأتي أنّ دلالة الموادّ كنفسها ، وتحصّلها مندكّة في الصورة ، وبه يدفع هذا الإشكال .
ثمّ إنّ هنا إشكالا آخر ، أشار إليه سيّد مشايخنا ، المحقّق السيّد محمّد الفشاركي ـ قدس سره ـ ، وهو : أنّه يلزم على القول باستقلال كلّ من المادّة والهيئة في الوضع دلالتهما على معنيين مستقلّين ، وهو خلاف الضرورة . وحديث البساطة والتركّب غير القول بتعدّد المعنى ، وهذا ممّا لم يقل به أحد(5) .
قلت : إنّ دلالة المادّة على معناها ـ كوجودها ـ مندكّة في دلالة الهيئة وتحصّلها ; بحيث لايفهم منها إلاّ معنى مندكّ في معنى الهيئة .
وبالجملة : أنّ المادّة متحصّلة بتحصّل صورتها ، وهي مركّبة معها ـ تركيباً اتّحادياً ـ ودلالتها على المعنى أيضاً كذلك . فبين معاني المشتقّات ـ كألفاظها ودلالتها ـ نحو اتّحاد ، مثل اتّحاد الهيولي مع صورتها .
وأمّا ما أجاب به المحقّق المزبور ـ قدس سره ـ ـ من أنّ المادّة ملحوظة أيضاً في وضع الهيئات ، فيكون الموضوع هو المادّة المتهيّئة بالهيئة الخاصّة ، وهو الوضع الحقيقي الدالّ على المعنى وليس الوضع الأوّل إلاّ مقدّمة لهذا الوضع ، ولا نبالي بعدم تسمية الأوّل وضعاً ; إذ تمام المقصود هو الثاني ـ فلا يخلو من غموض ; إذ ما يرجع إلى الواضع هو الوضع فقط ، وأمّا الدلالة فهي أمر قهري الحصول بعد الاعتبار . وكونه مقدّمياً لا يوجب عدم الدلالة .
فحينئذ يلزم التعدّد في الدلالة على نفس الحدث ; إذ يستفاد من الوضع الأوّل ذات الحدث ، ومن الثاني الحدث المتحيّث بمفاد الهيئة .
فحينئذ يلزم التركيب مع تعدّد الدلالة ، وهو أفحش من الإشكال الأوّل .
على أنّ هنا في الوضع الثاني تأمّلا ; إذ وضع كلّ مادّة مع هيئتها يستلزم الوضع الشخصي في المشتقّات ، ولو صحّ هذا لاستغنى عن وضع المادّة مستقلاّ .
والقول بأنّ معنى الوضع النوعي هو أنّ المشتقّات وُضعت بالوضع النوعي في ضمن مادّة ما فاسد غير معقول ; إذ مادّةٌ ما بالحمل الشائع غير موجودة ; لأنّه يساوق وجود المادّة المستلزم لتعيّنها وخروجها عن الإبهام ، وبالحمل الأوّلي لا ترجع إلى معنى معقول . فالتحقيق في دفع الإشكال هو ما عرفت .
الثانية : في وضع الهيئات :
وليس هنا مانع إلاّ عدم إمكان تصوّرها فارقة عن الموادّ ، أو عدم إمكان التنطّق بها بلا مادّة .
ولكنّك خبير بأنّهما غير مانعين عن الوضع ; إذ للواضع تصوّرها أو التلفّظ بها في ضمن بعض الموادّ ، مع وضعها لمعنى من المعاني ، مع إلغاء خصوصية المورد ; أعني تلك المادّة .
هذا ، والمشتقّات اسمية وفعلية ، وقد مرّ بعض الكلام في الاسمية منها(6) .
وأمّا الفعلية منها : فهي إمّا حاكيات كالماضي والمضارع ، أو موجدات كالأوامر ، وسيأتي الكلام في الثانية في محلّها ، فانتظر(7) .
وأمّا الحاكيات : فالذي يستظهر من عبائر بعض النحاة كونها موضوعة بإزاء الزمان ـ إمّا الماضي أو المستقبل ـ أو بإزاء السبق واللحوق على نسق المعاني الاسمية ; بحيث يكون هناك دلالات ومدلولات من الحدث والزمان الماضي أو بديله والصدور أو الحلول ، هذا ولكن الضرورة تشهد بخلافه .
والتحقيق : أنّ هيئات الأفعال كالحروف لا تستقلّ معانيها بالمفهومية والموجودية ، ويكون وضعها أيضاً ـ كالحروف ـ عامّاً والموضوع له فيها خاصّاً على التفصيل السابق(8) .
أ مّا كون معانيها حرفية : فلأنّ هيئة الماضي ـ على ما هو المتبادر منها ـ وضعت للحكاية عن تحقّق صدور الحدث من الفاعل ، وهو معنى حرفي ، أو تحقّق حلوله كبعض الأفعال اللازمة ، مثل حسن وقبح ، ومعلوم : أنّ الحكاية لا تكون عنهما بالحمل الأوّلي بل بالشائع ، وهو حرفي عين الربط بفاعله . وكذا في المضارع .
إلاّ أنّ الفرق بينهما : أنّ الأوّل يحكي عن سبق تحقّق الحدث ، والثاني عن لحوقه ، لكن لا بمعنى وضع اللفظ بإزاء الزمان أو السبق واللحوق ، بل اللفظ موضوع لمعنى ينطبق عليهما ; فإنّ الإيجاد بعد الفراغ عنه سابق لا محالة ، والذي يصير متحقّقاً بعد يكون لاحقاً .
ويمكن أن يقال بدلالتهما على السبق واللحوق بالحمل الشائع ; فإنّهما بهذا الحمل من المعاني الحرفية والإضافات التي لا تكون موجودة ومفهومة إلاّ تبعاً ، فيكون الماضي دالاّ على الصدور السابق بالحمل الشائع ، ولا يلزم منه الخروج عن الحرفية ولا التركيب فيها .
والتحقيق : أنّ دلالة الأفعال على الحدث وعلى سبق الصدور ولحوقه وعلى البعث إليه ليست دلالات مستقلّة متعدّدة ، بل لها نحو وحدة ، فكما أنّ المادّة والهيئة كأنّهما موجودتان بوجود واحد قابل للتحليل ، فكذلك أ نّهما كالدالّتين بدلالة واحدة قابلة للتحليل على معنى واحد قابل له . بيانه : أنّ تحقّق الصادر والصدور ليس تحقّقين ، كما أنّ الحالّ والحلول كذلك ، لكنّهما قابلان للتحليل في ظرفه .
وعلى هذا هما دالاّن على السبق واللحوق بالحمل الشائع ، ويستفاد من الماضي الصدور السابق بالإضافة حقيقة ، ومن المضارع الصدور اللاحق بالإضافة كذلك ، وليس الزمان ـ ماضياً كان أو مضارعاً ـ جزءً لمدلولهما ، بل من لوازم معناهما وتوابعه ; حيث إنّ وقوع الشيء أو لحوق وجوده يستلزمهما طبعاً .
نعم لابدّ من الالتزام بتعدّد الوضع في المتعدّي واللازم ; لأنّ قيام المبدأ بالذات في الأوّل بالصدور وفي الثاني بالحلول .
والحاصل : أنّا لا ننكر استفادة السبق والحدث أو الصدور أو الحلول من الماضي ـ مثلا ـ بل ننكر تبادر هذه المعاني بنحو المعنى الاسمي وبنعت الكثرة ، بل المتبادر أمر وُحداني ; وهو حقيقة هذه المعاني بالحمل الشائع ; وإن كان يتحلّل عند العقل إلى معان كثيرة .
وإن شئت فاستظهر الحال من لفظ الجسم ومعناه ; حيث إنّ معناه أمر مركّب قابل للتحليل ، وكذلك الفعل فيما نحن فيه .
نعم ، الفرق بينهما : أنّ لفظ «ضرب» كمعناه مركّب من مادّة وصورة ، وكذا دلالته على معناه دلالة واحدة منحلّة إلى دلالات متعدّدة دون لفظ «الجسم» ودلالته ، فكما أنّ وحدة حقيقة الجسم لا تنافي التحليل كذلك وحدة فعل الفاعل ووحدة اللفظ الدالّ عليه لا تنافيه .
فتحصّل من جميع ذلك : أنّ لحاظ التحليل العقلي أوسع من متن الواقع ; إذ فيه يفكّ الصادر عن الصدور ، والحالّ عن الحلول ، والربط عن المربوط ، ويلاحظ كلّ واحد مستقلاّ بالملحوظية ، لكن إذا لوحظ الواقع على ما هو عليه لا يكون هناك تكثّر في الصدور والصادر وأشباههما .
الثالثة : في كيفية دلالة فعل المضارع على الحال
لا إشكال في اختلاف فعل المضارع في الدلالة :
فمنه : ما يدلّ على المستقبل ولا يطلق على الحال إلاّ شذوذاً ، مثل يقوم ويقعد ويذهب ويجيء ويجلس إلى غير ذلك ، فلا يطلق على المتلبّس بمبادئها في الحال .
ومنه : ما يطلق على المتلبّس في الحال بلا تأوّل ، مثل يعلم ويحسب ويقدر ويشتهي ويريد .
ومنه : الأفعال التي مبادئها تدريجية الوجود .
وما يقال من أنّ استعمال المضارع في التدريجيات باعتبار الأجزاء اللاحقة(9) ممنوع ; لأنّـه لا يتمّ بالنسبـة إلى الأمثلـة المتقدّمـة ممّا كانت مبادئها دفعيـة ولها بقاء . فلا فرق من حيث المبدأ بين يقدر ويعلم وبين يقوم ويقعد . والالتزام بتعدّد الوضع بعيد .
ولا يبعد أن يقال : إنّ هيئة المضارع وضعت للصدور الاستقبالي ، لكنّها استعملت في بعض الموارد في الحال ; حتّى صارت حقيقة فيه .
ثـمّ إنّ هنـا جهـات اُخـر مـن البحث مربوطـة بالمشتقّـات الاسميـة ، سيأتي الكلام فيها .
الرابعة : في اختلاف مبادئ المشتقّات
اختلاف مبادئ المشتقّات ; من حيث كون بعضها حرفة وصنعة ، أو قوّة وملكة لا يوجب اختلافاً في الجهة المبحوث عنها ، وإنّما الاختلاف في أنحاء التلبّس والانقضاء ، وهذا ممّا لا إشكال فيه .
إنّما الكلام في وجه هذه الاختلافات ; فأنّا نرى أنّ مفهوم التاجر والصائغ والحائك وأمثالها تدلّ على الحرفة والصناعة لا على الحدوث ، كما أنّ أسماء الآلات والمكان قد تدلّ على كون الشيء معدّاً لتحقّق الحدث بها أو فيها بنحو القوّة لا بنحو فعلية تحقّق الحدث بها أو فيها ، فما السرّ في هذا الاختلاف ؟ لأنّا نرى أنّ المصداق الخارجي من المفتاح يطلق عليه أ نّه مفتاح قبل أن يفتح ، وعلى المسجد أ نّه مسجد قبل أن يصلّي فيه .
ربّما يقال : إنّ هـذه المشتقّات مستعملـة في المعاني الحديثـة كسائـر المشتقّات ، وإنّما الاختلاف في الجـري على الذوات ، فقولنا : «هـذا مسجـد» ، و «هـذا مفتاح» كقولنا «هذا كاتب بالقوّة» ; حيث إنّ الكاتب مستعمل في معناه لا في الكاتب بالقوّة .
وكذا الكلام في أسماء الأزمنة والأمكنة والآلات ; فإنّ الجري فيها بلحاظ القابلية والاستعداد .
وأمّا ما يدلّ على الحرفة فسرّ الإطلاق فيه مع عدم التلبّس : أنّه باتّخاذه تلك المبادئ حرفة صار كأنّه ملازم للمبدأ دائماً(10) ، انتهى ملخّصاً .
وفيه : أنّ تلك المشتقّات مع قطع النظر عن الجري والحمل تفيد معاني غير معاني المشتقّات المتعارفة ، فالمسجد بمفهومه التصوّري يدلّ على المكان المتهيّئ للعبادة ، وكذا المفتاح ، وقس عليه التاجر والحائك ; حيث يدلّ كلّ واحد بمفهومه التصوّري على الحرفة والصنعة قبل الجري والحمل .
ويمكـن أن يقال ـ بعد عـدم الالتزام بتعدّد الأوضاع ـ : إنّ ما يـدلّ على الصنعـة ـ والحرفة قد استعمل في تلك المعاني أوّلا بنحو المجاز حتّى صارت حقيقـة ; إمّا باستعمال الموادّ في الصنعـة والحرفـة أو استعمال مجموع المادّة والهيئـة مجازاً ، باعتبار أنّ المشتقّات كأنّها كلمة واحدة ـ مادّة وهيئة ـ كسائر العناوين البسيطة .
ولكن هذا أيضاً لا يخلو من بُعد ، وعلى فرض صحّته ليست العناية المصحّحة فرض الفترات كالأعدام ، ورؤيـة المبدأ الفعلي حاصلا ; لكون ذلك خلاف المتبادر ; فإنّـا لانفهم مـن التاجـر ومثلـه إلاّ مَن كـان حرفته كـذلك ، لا المشتغل بفعل التجارة دائماً ، كما هو واضح .
وممّا ذكرنا يتّضح الحال في أسماء المكان والآلات ، مع أ نّه يمكن أن يقال في المسجد والمحراب ونظائرهما : إنّها قد انقلبت عن الوصفية إلى الاسمية ، فكأنّها أسماء أجناس لا يفهم العرف منها إلاّ ذات تلك الحقائق ، ولا ينسبق المبادئ إلى الذهن رأساً ، وكذا في أسماء الآلات .
بل يمكن أن يقال : إنّ المفهوم من مكان السجدة وآلة الفتح ليس إلاّ ما يعدّ لهما ، لا المكان الحقيقي الذي تضاربت فيه آراء الحكماء والمتكلّمين ، ولا الآلة الفعلية للفتح .
فحينئذ يمكن أن يلتزم بأنّ هيئة اسم الآلة وضعت لها ، وتكون في نظر العرف بمعنى ما يعدّ لكذا ، وهيئة اسم المكان لمكان الحدث ; أعني المكان الذي يراه العرف معدّاً لتحقّق الشيء فيه ، لكنّه لا يطّرد ذلك بالنسبة إلى الثاني ; وإن كان غير بعيد بالنسبة إلى الأوّل .
وبعد ، فالمسألة لاتخلو من إشكال .
الخامسة : في المراد بـ «الحال» في العنوان
بعد مـا أشرنا إلى أنّ الكلام في المشتقّ إنّما هـو في المفهوم اللغوي التصوّري يتّضح لك : أنّ المراد بـ «الحال» في العنوان ليس زمان الجري والإطلاق ولا زمان النطق ولا النسبة الحكمية ; لأنّ كلّ ذلك متأخّر عن محلّ البحث ، ودخالتها في الوضع غير ممكنة ، وبما أنّ الزمان خارج عن مفهوم المشتقّ لا يكون المراد زمان التلبّس .
بل المراد : أنّ المشتقّ هل وُضع لمفهوم لا ينطبق إلاّ على المتّصف بالمبدأ أو لمفهوم أعمّ منه ؟
وإن شئت قلت : إنّ العقل يرى أنّ بين أفراد المتلبّس فعلا جامعاً انتزاعياً ، فهل اللفظ موضوع لهذا الجامع أو الأعمّ منه ؟
وممّا ذكرنا مـن أنّ محطّ البحث هـو المفهوم التصوّري يندفع ما ربّما يتوهّم أنّ الوضع للمتلبّس بالمبدأ ينافي عدم التلبّس به في الخارج ; خصوصاً إذا كان التلبّس ممتنعاً ـ كالمعدوم والممتنع ـ للزوم انقلاب العدم إلى الوجـود ، والامتناع إلى الإمكان(11) .
وجه الدفع : أنّ التالي إنّما يلزم ـ على إشكال فيه ـ لو كان المعدوم ـ مثلا ـ وضع لمعنى تصديقي ; وهو كون الشيء ثابتاً له العدم ، ومعه يلزم الإشكال ـ ولو مع الوضع للأعمّ أيضاً ـ وسيأتي(12) أنّ معنى المشتقّات ليس بمعنى شيء ثبت له كذا حتّى يتمسّك بالقاعدة الفرعية .
وأمّا ما ربّما يجاب : بأنّ كون الرابط لا ينافي الامتناع الخارجي للمحمول(13) فلا يدفع الإشكال به ; وذلك لأنّ الكون الرابط وإن كان لا ينافي كون المحمول عـدماً أو ممتنعاً ـ على تأمّل فيه ـ لكن لا يمكن تحقّقه إذا كان الموضوع معـدوماً أو ممتنعاً ، كما فيما نحن فيه ; إذ في مثل «زيد معدوم» و«شريك البارئ ممتنع» لا يمكن تحقّق الكون الرابط ، وسيوافيك أنّ هذه القضايا في قوّة المحصّلات من القضايا السالبة ، فارتقب(14) .
____________________________________
1 ـ شرح الكافية في النحو 2 : 191 ، شرح ابن عقيل 1 : 559 .
2 ـ شرح الكافية في النحو 2 : 192 .
3 ـ نهاية الأفكار 1 : 125 ، بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 156 .
4 ـ شـرح الإشـارات 2 : 36 ـ 47 ، الحكمـة المتعاليـة 5 : 65 ـ 219 ، شـرح المنظومـة ، قسم الحكمة : 214 ـ 219 .
5 ـ وقاية الأذهان : 161 .
6 ـ تقدّم في الصفحة 140 .
7 ـ يأتي في الصفحة 191 .
8 ـ تقدّم في الصفحة 31 .
9 ـ درر الفوائد ، المحقّق الحائري : 60 .
10 ـ نهاية الدراية 1 : 183 ـ 186 .
11 ـ اُنظر نهاية الدراية 1 : 191 .
12 ـ يأتي في الصفحة 181 .
13 ـ نهاية الدراية 1 : 191 .
14 ـ يأتي في الصفحة 413 ـ 466 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|