المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8091 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الاقليم المناخي الموسمي
2024-11-02
اقليم المناخ المتوسطي (مناخ البحر المتوسط)
2024-11-02
اقليم المناخ الصحراوي
2024-11-02
اقليم المناخ السوداني
2024-11-02
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01

حيدر بن شعيب الطالقاني
26-8-2016
العلاقة بين المرض والتمرد
15-4-2017
ولاية سعيد بن العاص على الكوفة
12-4-2016
هل اعداد الحشرات في زيادة؟
4-1-2021
Game Expectation
4-11-2021
Pythagoras,s Constant Digits
22-1-2020


المرة والتكرار  
  
1344   11:25 صباحاً   التاريخ: 7-8-2016
المؤلف : تقريرا لبحث السيد الخميني - بقلم الشيخ السبحاني
الكتاب أو المصدر : تهذيب الأصول
الجزء والصفحة : ج1. ص.236
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /

الحقّ ـ وفاقاً للمحقّقين ـ عدم دلالة الأمر على المرّة والتكرار. ولعلّ وقوع النزاع في الأوامر والنواهي دون سائر المشتقّات لأجل ورودهما مختلفين في الشريعة المقدّسة ، كما نشاهده في الصلاة والحجّ .

وقبل الخوض في تحقيق المختار نقدّم اُموراً :

الأوّل : في تعيين محلّ النزاع :

وبيان الوجوه المتصوّرة فيه ، فنقول :

الأوّل : أن يكون النزاع في دلالة المادّة على الطبيعة اللابشرطية أو على المكرّرة أو غيرها ، ويظهر من صاحب «الفصول» خروجها من حريم النزاع ; مستشهداً بنصّ جماعة ونقل السكّاكي الإجماع على أنّ المصدر لا يدلّ إلاّ على نفس الطبيعة إذا تجرّد عن اللام والتنوين(1)

واستشكل عليه المحقّق الخراساني بأنّ ذلك إنّما يتمّ لو كان المصدر أصلا للمشتقّات ، لا أن يكون منها(2) .

ويمكن دفعه بأنّ مادّة المصدر عين مادّة المشتقّات ; وإن لم يكن المصدر أصلا لها .

نعم ، يرد عليه : أنّه لا يتمّ إلاّ إذا ضمّ عليه الإجماع ; بأنّ مادّته عين مادّة المشتقّات أو أنّ المصدر أصل المشتقّات ، وكلاهما ممنوعان ; لعدم الإجماع على الوحدة في المادّة ; إذ وحدة المادّة في المشتقّات وإن صارت مسلّمة عند المتأخّرين لكن عند القدماء من أهل الأدب محلّ خلاف وتشاجر ، على نحو مرّ في المشتقّ لبّ الأقوال ، كما أنّ كون المصدر أصلا مطلقاً ممّا لم يسلّم عند كثير منهم .

الثاني : جعل معقد النزاع دلالة الهيئة على الوحدة والتكرار ، وسيجيء توضيحه وردّه .

الثالث : أن يكون النزاع في دلالة مجموع الهيئة والمادّة على طلب الماهية ; مرّة أو مكرّرة .

هذه هي الوجوه المتصوّرة ، ولكن لا يصحّ كلّها ، بل لا يعقل بعضها :

أمّا الأوّل : فلأنّك قد عرفت(3)  وضع المادّة لمعنى بسيط عار عن كلّ قيد ومجرّد عن كلّ شرط ; حتّى عن لحاظ نفسها وتجرّدها .

وأمّا الآخر : فلما مرّ في أوائل الكتاب بأنّه لا وضع للمجموع بعد وضع المفردات ، على تفصيل سبق ذكره(4) .

فبقي الهيئة ، وكون دلالتها محلّ النزاع بعيد جدّاً ; لأنّها وضعت لنفس البعث والإغراء ، كإشارة المشير ، ومقتضى البعث إلى الماهية المجرّدة هو إيجادها في الخارج ، لا جعل الإيجاد جزء مدلوله اللفظي .

فحينئذ فالشيء الواحد من جهة واحدة لا يعقل أن يتعلّق به البعث متعدّداً على نحو التأسيس ، ولا يكون مراداً ومشتاقاً إليه مرّتين ; لما مرّ(5)  أنّ تعيّن الحبّ والإرادة والشوق من جانب المتعلّق ، فهي تابعة له في الكثرة والوحدة ، فالشيء الواحد لا تتعلّق به إرادتان ولا شوقان ولا محبّتان في عرض واحد .

نعم ، بناءً على ما أفاده شيخنا العلاّمة من أنّ العلل التشريعية كالتكوينية في أنّ تعدّد معاليلها بتعدّد عللها(6)  يكون للنزاع فيها مجـال ، لكن قد أوضحنا الفرق بين المقامين ، وقلنا بأنّهما متعاكسان ، فراجع(7) .

فإن قلت : على القول بكون الإيجاد جزء مدلولها يصحّ النزاع بأن يقال : إنّه بعد تسليم وضعها لطلب الإيجاد هل هي وضعت لإيجاد أو إيجادات ؟

قلت : إنّ ذلك وإن كان يرفع غائلة توارد الإرادات على شيء واحد ; إذ كلّ إيجاد يكون مقارناً مع خصوصية وتشخّص مفقود في آخر ، وبه يصحّ أن يقع مورد البعث والإرادة متكرّراً ، إلاّ أنّ الذي يضعّفه : ما أحطت به خُبراً في تحقيق المعاني الحرفية من أ نّها غير مستقلاّت مفهوماً وذهناً وخارجاً ودلالةً(8) ، ولا يمكن تقييد الإيجاد الذي هو معنى حرفي بالمرّة والتكرار إلاّ بلحاظه مستقلاّ ، والجمع بينهما في استعمال واحد غير جائز .

وما مرّ منّا من أنّ نوع الاستعمالات لإفادة معاني الحروف ، وجوّزنا تقييدها بل قلنا : إنّ كثيراً من التقييدات راجع إليها(9)  لا ينافي ما ذكرنا هاهنا ; لأنّ المقصود هناك إمكان تقييدها في ضمن الكلام بلحاظ آخر .

وإن قلت : إنّ ذلك إنّما يرد لو كانت موضوعة للإيجاد المتقيّد بالمرّة والتكرار ; حتّى يستلزم تقييد المعنى الحرفي وقت لحاظه آلياً ، لا ما إذا قلنا بأنّها موضوعة للإيجادات بالمعنى الحرفي، وإن شئت قلت : بأنّه كما يجوز استعمال الحرف في أكثر من معنى يجوز وضع الحرف لكثرات واستعمالها فيها .

قلت : ما ذكرت أمر ممكن ، ولكنّه خلاف الوجدان والارتكاز في الأوضاع ، فلا محيص في معقولية النزاع عن إرجاعها إلى وضع المجموع مستقلاّ ; بحيث يرجع القيد إلى الجزء المادّي لا الصوري ، أو إلى نفس المادّة بأن يقال : إنّ لمادّة الأمر وضعاً على حدة .

الثاني : في المراد من المرّة والتكرار في المقام هل المراد من المرّة والتكرار هو الفرد والأفراد أو الدفعة والدفعات ؟ والفرق بينهما واضح جدّاً .

وما ذكرناه وجهاً لتحقّق الخلاف في الأوامر والنواهي فقط يؤيّد كون النزاع في الفرد والأفراد ; إذ ليس في الأحكام ما يكون للدفعة والدفعات .

وذهب صاحب «الفصول» إلى كون النزاع في الدفعة والدفعات ; مستدلاًّ بأنّه لو اُريد الفرد لكان اللازم أن يجعل هذا البحث تتمّة لما يأتي من أنّ الأمر هل يتعلّق بالطبيعة أو الفرد ؟ وعلى الثاني هل يقتضي التعلّق بالفرد الواحد أو المتعدّد أو لا يقتضي شيئاً منهما ؟ ولم يحتج إلى إفراد كلّ منهما ببحث مستقلّ(10) ، انتهى .

وأورد عليه في «الكفاية» بأنّ الطلب ـ على القول بتعلّقه بالطبيعة ـ إنّما يتعلّق باعتبار وجودها في الخارج لا بما هي هي ; لكونها بهذه الحيثية لا مطلوبة ولا غير مطلوبة ، وعليه يصحّ أن يقال : هل المأمور به هو الواحد منها أو الوجودات ؟ والتعبير بالفرد لكون تشخّصها في الخارج بأفرادها ، غاية الأمر أنّ لوازم الوجود والخصوصية الفردية على القول بتعلّقها بالطبائع تلازم المطلوب ، وعلى القول بالفرد تقوّمه(11) ، انتهى .

والتحقيق أن يقال : إنّه بناءً على تعلّق الأمر بالطبيعة لا يخلو إمّا أن يكون إيجادها جزء مدلول الهيئة ـ كما عليه صاحب «الفصول»(12) ـ أو يكون من اللوازم العقلية للإغراء والبعث إلى الطبيعة ، كما قوّيناه(13) .

وعلى الأوّل : يكون الهيئة موضوعة لطلب إيجاد الطبيعة ، فلا محالة يكون المتعلّق نفس الطبيعة ، وإلاّ يصير معنى الأمر بالصلاة : أوجد وجود الصلاة ، وهو كما ترى .

 فلا محيص إذن عن جعل المتعلّق نفس الطبيعة ، خالية عن القيد .

والحاصل : أنّه بعد أخذ الإيجاد في طرف الهيئة يصير المتعلّق نفس الماهية دون وجودها ، ومعه لا مجرى للنزاع ; سواء اُريد منه الفرد والأفراد أو الدفعة والدفعات ; ضرورة أ نّها خارجة عن الطبيعة ، وأمّا مع تعلّق الأمر بالفرد فله مجال . نعم في تصوّر النزاع في استفادة المرّة والتكرار بالمعنيين عن الهيئة ـ بعد جعل الإيجاد مدلولا لفظياً ـ وجه استوفينا بيانه في الأمر الأوّل ، فراجع .

وأمّا على الثاني ; أعني عدم دلالـة الهيئة إلاّ على البعث البحت ، وكـون لزوم الإيجاد جائياً من قبل العقل الحاكم بأنّ الماهية من حيث هي ليست مطلوبة ، فيكون الوجـود والإيجاد مـن اللوازم العقلية لتعلّق البعث بالطبيعة ، لا مدلولا للهيئـة والمادّة .

وعليه : يصحّ النزاع بناءً على تعلّق الأمر بالطبيعة لكن يكون عقلياً لا لغوياً ، وهو خلاف ظاهرهم من كونه لغوياً ، فلابدّ من إجراء النزاع على فرض تعلّق الأمر بالفرد لا الطبيعة حتّى يدفع به الإشكال . ولكن ـ مع ذلك ـ لا يصير هذا البحث من تتمّة البحث الآتي ; لكون الجهات المبحوث عنها مختلفة .

الثالث : في إتيان الأفراد العرضية دفعة مع وحدة الأمر:

إذا قلنا بتعلّق الأمر بالطبيعة ، وأوجد المكلّف عدّة أفراد دفعة واحدة فهل هو امتثال واحد ; لوحدة الأمر المقتضي لامتثال واحد ، أو امتثالات ; لكون الطبيعة تتكثّر بتكرّر الأفراد ; فكلّ واحد بما هو مصداق له امتثال مستقلّ ؟ وجهان :

اختار ثانيهما بعض السادة من الأكابر ; محتجّاً بأنّ الطبيعة متكثّرة بتكثّرها ، ولا يكون فردان أو أفراد منها موجودة بوجود واحد ; لأنّ المجموع ليس له وجود غير وجود الأفراد ، فكلّ فرد محقّق للطبيعة ، ولمّا كان المطلوب هو الطبيعة بلا تقيّد بالمرّة أو التكرار فحينئذ إذا أتى المكلّف بأفراد متعدّدة فقد أوجد المطلوب في ضمن كلّ فرد مستقلاّ ، فيكون كلٌّ امتثالا برأسه كما هو موجود بنفسه .

ونظير ذلك الواجب الكفائي ; حيث إنّ الأمر فيه متعلّق بنفس الطبيعة ، ويكون جميع المكلّفين مأمورين بإتيانها ، فمع إتيان واحد منهم يسقط الوجوب عن الباقي ، وأمّا لو أتى به عدّة منهم دفعة يعدّ كلّ واحد ممتثلا ، ويحسب لكلّ امتثال مستقلّ ، لا أن يكون فعل الجميع امتثالا واحداً(14) ، انتهى .

وفيه : أنّ وحدة الامتثال وكثرته بوحدة الطلب وكثرته ، لا بوحدة الطبيعة وكثرتها ; ضرورة أ نّه لولا البعث لم يكن معنى لصدق الامتثال ، وإن اُوجد آلاف من أفراد الطبيعة .

وبالجملة : فرق بين تعلّق الأمر بإكرام كلّ فرد من العلماء وبين تعلّقه بنفس الطبيعة متوجّهاً إلى مكلّف واحد :

فعلى الأوّل يكون كلّ فرد واجباً برأسه ; ولو بالانحلال في جانب الوجوب على وجه معقول ، فيتعدّد امتثاله ; ولذا يعاقب بعدد الأفراد .

وعلى الثاني يكون مركز الحكم نفس الطبيعة ، فهنا حكم واحد ومتعلّق فارد ، وتكثّرها في الوجود لا يوجب تكثّر الوجوب ـ ولو انحلالا ـ كما لا يوجب تكثّر الامتثال ; ولذا لو ترك الإكرام المتعلّق بالطبيعة مطلقاً لم يكن له إلاّ عقاب واحد .

وإن شئت قلت : إنّ وحدة العقاب وكثرته ووحدة الثواب وتعدّده منوط باختلاف في ناحية الطلب والبعث قلّة وكثرة .

والقول بأنّ ترك الطبيعة مطلقاً لا يوجب إلاّ عقاباً واحداً كاشف عن وحدة البعث والحكم ، ومع فرضه واحداً كيف يمكن أن يتصوّر للواحد غير المنحلّ امتثالات ؟ فإذن الامتثال فرع الطلب ، كما أنّ العقوبة فرع ترك المطلوب ، فلا يمكن الامتثالات مع وحدة الطلب ، ولا استحقاق عقوبة واحدة مع كثرته .

أضف إلى ذلك : أنّ قياسه مـع الفارق ; لأنّ البعث في الواجب الكفائي يتوجّـه إلى عامّة المكلّفين ; بحيث يصير كلّ مكلّف مخاطباً بالحكم ، فهناك طلبات كثيرة وامتثالات عديدة ، لكن لو أتى واحد منهم سقط البعث عـن الباقي ; لحصول الغرض وارتفاع الموضوع ، ولو تركوها رأساً لعوقبوا جميعاً ، ولـو أتاها الجميع دفعة فقد امتثلوا كافّة ; لكون كلّ فرد منهم محكوم بحكمه ومخاطب ببعثه المختصّ ، بخلاف المقام .

إذا عرفت ما قدّمناه من الاُمور ، مع ما عرفت في مباحث المشتقّ يظهر لك حقيقة الأمر ; من عدم دلالة الأمر على المرّة والتكرار لا بمادّته ; لكونها موضوعة للماهية بلا شرط ، ولا بهيئة; لأنّها للإغراء والبعث ويلزمه الوجود أو الإيجاد كما مرّ(15) ، ولا بالمجموع ; لعدم وضع له . والتمسّك بالقرائن ـ مع أ نّه خارج عن الفرض  ـ غير ممكن ; لفقد القرائن العامّة الدالّة على واحد منهما .

_____________
1 ـ الفصول الغروية : 71 / السطر21 .

2 ـ كفاية الاُصول : 100 .

3 ـ تقدّم في الصفحة 148 .

4 ـ تقدّم في الصفحة 73 .

5 ـ تقدّم في الصفحة 227 .

6 ـ تقدّم في الصفحة 225 .

7 ـ تقدّم في الصفحة 227 .

8 ـ تقدّم في الصفحة 45 .

9 ـ تقدّم في الصفحة 60 .

10 ـ الفصول الغروية : 71 / السطر25 .

11 ـ كفاية الاُصول : 101 ـ 102 .

12 ـ الفصول الغروية : 71 / السطر39 .

13 ـ تقدّم في الصفحة 191 .

14 ـ نهاية الاُصول : 124 و 230 ـ 231 .

15 ـ تقدّم في الصفحة 191 .




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.