أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-8-2016
2979
التاريخ: 30-7-2016
3088
التاريخ: 31-7-2016
2943
التاريخ: 2023-03-23
1474
|
من بين احتجاجات الامام الرضا (عليه السّلام) هذا الاحتجاج الذي دلل فيه على اصطفاء العترة الطاهرة و أقام على ذلك أوثق الأدلة و كان ذلك بحضور المأمون و جماعة من علماء العراق و خراسان فقد سأل المأمون العلماء عن معنى هذه الآية: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر: 32] , و بادر العلماء فقالوا: ان الذين اصطفاهم اللّه هم المسلمون كلهم و التفت المأمون الى الامام فقال له: ما تقول يا أبا الحسن؟.
- لا أقول كما قالوا و لكن أقول اراد اللّه تبارك و تعالى العترة الطاهرة (عليهم السّلام).
و سارع المأمون و قد استفزه قول الامام فقال: كيف عنى العترة دون الأمة؟.
و انبرى الامام فأقام الدليل القاطع على ما ذهب إليه قائلا: لو اراد الأمة لكانت بأجمعها في الجنة و اللّه تعالى يقول: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر: 32] .
و اضاف الامام يقول: فصارت الوراثة للعترة الطاهرة لا لغيرهم , هم الذين وصفهم اللّه في كتابه فقال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] و هم الذين قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): إني مخلف فيكم الثقلين كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض انظروا كيف تخلفوني فيهما أيها الناس لا تعلموهم فانهم أعلم منكم .
و سارع العلماء قائلين بصوت واحد: اخبرنا يا أبا الحسن عن العترة هم الآل أو غير الآل؟.
فقال (عليه السّلام): هم الآل ...
و اعترضوا على الامام قائلين: هذا رسول اللّه (صلى الله عليه واله) يؤثر عنه أنه قال: أمتي آلي و هؤلاء أصحابه يقولون بالخبر المستفيض الذي لا يمكن دفعه آل محمد أمته ...
و أخذ الامام يرد على افتعال الحديث و عدم صحته قائلا: اخبروني هل تحرم الصدقة على آل محمد ...
- نعم ...
- هل تحرم- أي الصدقة- على الأمة؟.
- لا ...
و سارع الامام بعد اقامة الحجة عليهم قائلا: هذا فرق بين الآل و بين الأمة ويحكم أين يذهب بكم!! أ صرفتم عن الذكر صفحا أم أنتم قوم مسرفون؟ أ ما علمتم انما وقعت الرواية في الظاهر على المصطفين المهتدين دون سائرهم.
و قالوا جميعا: من أين قلت يا أبا الحسن؟.
و أخذ الامام يتلو عليهم فضل العترة الطاهرة قائلا: من قول اللّه : {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 26] فصارت وراثة النبوة و الكتاب في المهتدين دون الفاسقين أ ما علمتم أنّ نوحا سأل ربه فقال: { رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} [هود: 45] و ذلك ان اللّه وعده أن ينجيه و أهله فقال له تبارك و تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود: 46].
و تميز المأمون غضبا و غيظا قائلا: هل فضل اللّه العترة على سائر الناس؟.
و بادر الامام قائلا: إن اللّه العزيز الجبار فضل العترة على سائر الناس في محكم كتابه ....
و راح المأمون يقول: اين ذلك من كتاب اللّه.
و انبرى الامام يتلو عليه كوكبة من الآيات الكريمة التي أشادت بفضل أهل البيت (عليهم السّلام) قائلا:
{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران: 33، 34] , و قال اللّه في موضع آخر: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} [النساء: 54] , ثم رد المخاطبة في أثر هذا الى سائر المسلمين فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] يعني الذين أورثهم الكتاب و الحكمة و حسدوا عليهما بقوله: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} [النساء: 54] يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين و الملك هاهنا الطاعة لهم ....
و انبرى العلماء قائلين: هل فسر اللّه تعالى الاصطفاء في الكتاب؟.
و اجابهم الامام: فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا فأول ذلك قول اللّه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] , و رهطك المخلصين - هكذا في قراءة أبي بن كعب و هي ثابتة في مصحف عبد اللّه بن مسعود فلما أمر عثمان زيد بن ثابت أن يجمع القرآن خنس هذه الآية و هذه منزلة رفيعة و فضل عظيم و شرف عال حين عنى اللّه عزّ و جلّ بذلك الآل فهذه واحدة.
و الآية الثانية: في الاصطفاء قول اللّه: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] و هذا الفضل الذي لا يجحده معاند لأنه فضل بين.
الآية الثالثة: حين ميز اللّه الطاهرين من خلقه أمر نبيه في آية الابتهال فقال: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61] فأبرز النبي (صلى الله عليه واله) عليا و الحسن و الحسين و فاطمة (عليهم السّلام) فقرن أنفسهم بنفسه.
ثم التفت الامام الى العلماء فقال لهم: هل تدرون ما معنى قوله: وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ؟
و أجاب العلماء: عنى به نفسه.
فقال (عليه السّلام): غلطتم انما عنى به عليا و مما يدل على ذلك قول النبي (صلى الله عليه واله): حين قال: لينتهي بنو وليعة لأبعثن إليهم رجلا كنفسي , يعني عليا (عليه السّلام) فهذه خصوصية لا يتقدمها أحد و فضل لا يختلف فيه بشر و شرف لا يسبقه إليه خلق اذ جعل نفس علي كنفسه فهذه الثالثة ؛ و أما الرابعة: فإخراجه الناس من مسجده ما خلا العترة حين تكلم الناس في ذلك و تكلم العباس فقال: يا رسول اللّه تركت عليا و أخرجتنا فقال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): ما أنا تركته و أخرجتكم و لكن اللّه تركه و أخرجكم و في هذا بيان قوله لعلي (عليه السّلام): أنت مني بمنزلة هارون من موسى.
و قال العلماء: فأين هذا من القرآن؟.
فأجابهم الامام: ان ذلك موجود في القرآن الكريم فقالوا له: هات فتلا عليهم قول اللّه تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} [يونس: 87] ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى و فيها أيضا منزلة علي (عليه السّلام) من رسول اللّه (صلى الله عليه واله) و مع هذا دليل ظاهر في قول رسول اللّه (صلى الله عليه واله): إن هذا المسجد لا يحل لجنب و لا لحائض إلّا لمحمد و آل محمد.
و أنكرت العلماء معرفة ذلك و قالوا للامام: هذا الشرح و هذا البيان لا يوجد أ عندكم معشر أهل بيت رسول اللّه (صلى الله عليه واله)؟.
فأجابهم الامام: و من ينكر لنا ذلك؟ و رسول اللّه (صلى الله عليه واله) يقول: أنا مدينة العلم و علي بابها فمن أراد مدينة العلم فليأتها من بابها ففيما أوضحنا و شرحنا من الفضل و الشرف و التقدمة و الاصطفاء و الطهارة ما لا ينكره إلّا معاند و للّه عزّ و جلّ الحمد على ذلك فهذه الرابعة ؛ و أما الخامسة: فقول اللّه عزّ و جلّ: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الإسراء: 26] خصوصية خصّهم اللّه العزيز الجبار بها و اصطفاهم على الأمة فلما نزلت هذه الآية على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) قال: أدعو لي فاطمة فدعوها له فقال : يا فاطمة فقالت : لبيك يا رسول اللّه فقال : إن فدكا لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و هي لي خاصة دون المسلمين و قد جعلتها لك لما أمرني اللّه به فخذيها لك و لولدك فهذه الخامسة ؛ و أما السادسة: فقول اللّه عزّ و جلّ : {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] فهذه خصوصية للنبي (صلّى اللّه عليه و آله) دون الأنبياء و خصوصية للآل دون غيرهم و ذلك أنّ اللّه حكى عن الأنبياء في ذكر نوح (عليه السّلام): وَ يا قَوْمِ! لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} [هود: 29].
و حكى عن هود قال: {يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [هود: 51] و قال لنبيه: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} و لم يفرض اللّه مودتهم الا و قد علم أنهم لا يرتدون عن الدين أبدا و لا يرجعون الى ضلالة أبدا ؛ و أخرى: أن يكون الرجل وادا للرجل فيكون بعض أهل بيته عدوا له فلا يسلم قلب فأحب اللّه أن لا يكون في قلب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) على المؤمنين شيء إذ فرض عليهم مودة ذوي القربى فمن أخذ بها و أحبّ رسول اللّه (صلى الله عليه واله) و أحبّ أهل بيته (عليهم السّلام) لم يستطع رسول اللّه (صلى الله عليه واله) أن يبغضه. و من تركها و لم يأخذ بها و أبغض أهل بيت نبيه (صلى الله عليه واله) فعلى رسول اللّه (صلى الله عليه واله) أن يبغضه لأنه قد ترك فريضة من فرائض اللّه و أي فضيلة و أي شرف يتقدم هذا؟
و لما أنزل اللّه على نبيه (صلى الله عليه واله): {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} قام رسول اللّه (صلى الله عليه واله) في أصحابه فحمد اللّه و أثنى عليه و قال: أيها الناس! إنّ اللّه قد فرض عليكم فرضا فهل أنتم مؤدّوه؟ فلم يجبه أحد فقام فيهم يوما ثانيا فقال مثل ذلك فلم يجبه أحد فقام فيهم اليوم الثالث فقال: أيها الناس! إنّ اللّه قد فرض عليكم فرضا فهل أنتم مؤدّوه؟ فلم يجبه أحد.
فقال: أيها الناس إنه ليس ذهبا و لا فضة و لا مأكولا و لا مشروبا قالوا: فهات إذا فتلا عليهم هذه الآية فقالوا: اما هذا فنعم فما وفى به اكثرهم.
و اضاف الامام قائلا: حدثني أبي عن جدي عن آبائه عن الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال: اجتمع المهاجرون و الأنصار الى رسول اللّه (صلى الله عليه واله) قالوا: إن لك يا رسول اللّه مؤونة في نفقتك و فيمن يأتيك من الوفود و هذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها بارا مأجورا اعط ما شئت و امسك ما شئت من غير حرج فأنزل اللّه عزّ و جلّ عليه الروح الأمين فقال: يا محمد {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} لا تؤذوا قرابتي من بعدي فخرجوا فقال أناس منهم: ما حمل رسول اللّه على ترك ما عرضنا عليه إلّا ليحثنا على قرابته من بعده إن هو إلّا شيء افتراه في مجلسه و كان ذلك من قولهم عظيما فأنزل اللّه هذه الآية {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الأحقاف: 8] فبعث إليهم النبي (صلى الله عليه واله) فقال: هل من حدث؟ فقالوا: أي و اللّه يا رسول اللّه لقد تكلم بعضنا كلاما عظيما فكرهناه فتلا عليهم رسول اللّه (صلى الله عليه واله) فبكوا و اشتد بكاؤهم فانزل اللّه تعالى { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى: 25] فهذه السادسة.
و أما السابعة: فيقول اللّه: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56] و قد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول اللّه قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاة عليك؟ فقال: تقولون: اللهم صلّ على محمد و آل محمد كما صليت على ابراهيم و آل ابراهيم انك حميد مجيد.
و التفت الامام الى العلماء فقال لهم: هل في هذا اختلاف؟.
فقالوا جميعا بصوت واحد .
- لا .
و أنبرى المأمون فقال: هذا ما لا اختلاف فيه و عليه الاجماع فهل عندك في الآل شيء أوضح من هذا في القرآن.
و أخذ الامام يدلي بمزيد من الأدلة الحاسمة على فضل آل البيت (عليهم السّلام) قائلا: اخبروني عن قول اللّه: {يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يس: 1 - 4] فمن عنى بقوله: يس ؟.
فقالت العلماء: عنى بذلك محمدا (صلّى اللّه عليه و آله) ما في ذلك شك.
و التفت الامام للحاضرين فقال لهم: اعطى اللّه محمدا و آل محمد من ذلك فضلا لم يبلغ أحد كنه وصفه لمن عقله و ذلك ان اللّه لم يسلم على أحد إلّا على الأنبياء (صلوات اللّه عليهم) فقال تبارك و تعالى:
{ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ } [الصافات: 79] , و قال: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الصافات: 109] و قال: {سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} [الصافات: 120] و لم يقل: سلام على آل نوح و لم يقل: سلام على آل ابراهيم و لا قال: سلام على آل موسى و هارون و قال عزّ و جلّ: {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [الصافات: 130] , يعني آل محمد .
و التفت المأمون الى الامام فقال له: لقد علمت ان في معدن النبوة شرح هذا و بيانه.
و اما الثامنة: فقول اللّه عزّ و جلّ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: 41] فقرن سهم ذي القربى مع سهمه و سهم رسول اللّه (صلى الله عليه واله) فهذا فصل بين الآل و الأمة لأن اللّه جعلهم في حيز و جعل الناس كلهم في حيز دون ذلك و رضي لهم ما رضي لنفسه و اصطفاهم فيه و ابتدأ بنفسه ثم ثنى برسوله ثم بذي القربى في كل ما كان من الفيء و الغنيمة و غير ذلك مما رضيه عزّ و جلّ لنفسه و رضيه لهم فقال: و قوله الحق {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} فهذا توكيد مؤكد و أمر دائم لهم الى يوم القيامة في كتاب اللّه الناطق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد و أما قوله: وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ فان اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من المغانم و لم يكن له نصيب في المغنم و لا يحل له أخذه و سهم ذي القربى الى يوم القيامة قائم للغني و الفقير لأنه لا أحد أغنى من اللّه و لا من رسوله (صلى الله عليه واله) فجعل لنفسه منها سهما و لرسوله سهما فما رضي له و لرسوله رضيه لهم و كذلك الفيء ما رضيه لنفسه و لنبيه (صلى الله عليه واله) رضيه لذي القربى كما جاز لهم في الغنيمة فبدأ بنفسه ثم برسوله (صلى الله عليه واله) ثم بهم و قرن سهمهم بسهم اللّه و سهم رسوله (صلى الله عليه واله) و كذلك في الطاعة قال عزّ و جلّ: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بأهل بيته و كذلك آية الولاية {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: 55] فجعل ولايتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته كما جعل سهمه مع سهم الرسول مقرونا بأسهمهم في هذا البيت فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه عزّ ذكره و نزه رسوله (صلى الله عليه واله) و نزه أهل بيته عنها فقال: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} [التوبة: 60] فهل تجد في شيء من ذلك انه جعل لنفسه سهما أو لرسوله (صلى الله عليه واله) أو لذي القربى لأنه لما نزههم عن الصدقة نزه نفسه و نزه رسوله و نزه أهل بيته لا بل حرم عليهم لأن الصدقة محرمة على محمد و أهل بيته و هي أوساخ الناس لا تحل لهم لأنهم طهروا من كل دنس و وسخ فلما طهرهم و اصطفاهم رضي لهم ما رضي لنفسه و كره لهم ما كره لنفسه.
و أما التاسعة: فنحن أهل الذكر الذين قال اللّه في محكم كتابه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] .. و اعترض العلماء على الامام فقالوا له: إنما عنى بذلك اليهود و النصارى.
و أبطل الامام ما ذهبوا إليه فقال: و هل يجوز ذلك اذا يدعونا الى دينهم؟ و يقولون: انه أفضل من دين الاسلام؟.
و التفت المأمون الى الامام يطلب منه المزيد من الايضاح فيما قاله قائلا: هل عندك في ذلك شرح يخالف ما قالوا؟.
- نعم . الذكر رسول اللّه (صلى الله عليه واله) و نحن أهله و ذلك يبين في سورة الطلاق:
{فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ} [الطلاق: 10، 11] فالذكر رسول اللّه و نحن أهله فهذه التاسعة.
و أما العاشرة: فقول اللّه عزّ و جلّ في آية التحريم: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ} [النساء: 23].
و خاطب الامام العلماء فقال لهم: اخبروني هل تصلح ابنتي أو ابنة ابني أو ما تناسل من صلبي لرسول اللّه (صلى الله عليه واله) أن يتزوجها لو كان حيا؟.
فقالوا مجمعين: لا ....
و سألهم الامام ثانيا فقال لهم: اخبروني هل كانت ابنة أحدكم تصلح له أن يتزوجها؟.
- بلى ....
ففي هذا بيان أنا من آله و لستم من آله و لو كنتم من آله لحرمت عليه بناتكم كما حرمت عليه بناتي لأنا من آله و أنتم من أمته فهذا فرق بين الآل و الأمة لأن الآل منه و الأمة اذا لم تكن الآل فليست منه فهذه العاشرة.
و أما الحادية عشرة: فقوله في سورة المؤمن حكاية عن قول رجل: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر: 28] و كان ابن خال فرعون فنسبه الى فرعون بنسبه و لم يضيفه إليه مدينه و كذلك حصصنا نحن إذ كنا من آل رسول اللّه (صلى الله عليه واله) بولادتنا منه و عممنا الناس بدينه فهذا فرق بين الآل و الأمة فهذه الحادية عشرة.
و أما الثانية عشرة فقوله: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132] فخصنا بهذه الخصوصية إذ أمرنا مع أمره ثم خصنا دون الأمة فكان رسول اللّه (صلى الله عليه واله) يجيء الى باب علي و فاطمة (عليهما السّلام) بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر في كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات فيقول : الصلاة يرحمكم اللّه و ما اكرم اللّه أحدا من ذراري الأنبياء بهذه الكرامة التي اكرمنا بها و خصنا من جميع أهل بيته فهذا فرق ما بين الآل و الأمة و الحمد للّه رب العالمين و صلّى اللّه على محمد نبيه .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|