أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-3-2016
2865
التاريخ: 29-12-2015
8672
التاريخ: 21-2-2018
2306
التاريخ: 9-04-2015
1980
|
أدركت بالمصر ملوكا أربعه و خامسا هذا الذي نحن معه
فهو قد أدرك زمن عبد الرحمن الداخل المتوفى سنة ١٧٢ و ابنه هشام و حفيده الحكم الربضي و ابنه عبد الرحمن و حفيده محمد، و كان جميل الصورة لذلك لقّب بالغزال و هو ممن رحلوا إلى المشرق و أفادوا منه أدبا و علما. و يبدو أنه كان يتولى أحيانا بعض أعمال للدولة و خاصة في زمن الأمير عبد الرحمن الأوسط، إذ تولى له قبض الأعشار من المحاصيل و خزنها، و يقال إن سعرها ارتفع في بعض الأعوام فباع كل ما لديه من مخزون، و غضب الأمير حين علم بصنيعه لأنها كانت معدة للجند، و أمره أن يرد ثمنها و يشتري للدولة منها حاجتها و كان السعر قد هبط، فرأى أن يكتفي برد ما يماثلها من الطعام دون رد المال جميعه، فأمر عبد الرحمن بسجنه. و كان شاعرا فذا فاستعطفه ببعض منظومه أو بعبارة أدق بقصيدة من قصائده فعفا عنه. و كان الأمير عبد الرحمن يعجب به، و لذلك نراه يكلفه بسفارتين سفارة لتيوفيل ملك بيزنطة، و لنجاحه فيها كلفه بعد القضاء على غارة النورمان الدانماركيين بغربي الأندلس سنة ٢٢٩ بسفارة ثانية إلى ملكهم، و نجح فيها كما نجح في السفارة الأولى و عاد بذخائر ملوكية.
و يبدو من مدائح الغزال للأمراء الأمويين و لشغله لبعض الوظائف و لسفارته المتكررة للأمير عبد الرحمن الأوسط أنه عاش في غير قليل من لين العيش و أنه كان في أكثر حياته-إن لم يكن فيها جميعا-على حظ غير قليل من اليسر و الرخاء وسعة ذات اليد، و لذلك نعجب أن نجد نفسه مطوية على غير قليل من المرارة مما دفعه إلى أن يكثر من الهجاء، فهو يهجو المرأة و يرميها بعدم الوفاء، و يهجو زرياب في أول قدومه على قرطبة، و يهجو الناس جميعا حاكمين و محكومين، يقول:
ما أرى هاهنا من الناس إلا ثعلبا يطلب الدّجاج و ذيبا
أو شبيها بالقطّ ألقى بعيني ه إلى فأرة يريد الوثوبا
فالناس بين ثعلب ماكر و ذئب مفترس و قطّ ينتظر فرصة من فأرة، و جميعهم متحفز للوثوب و التقاط صيد ثمين ما وسعهم الصيد. و من أهم من سلط عليه سهام هجائه قاضي الجماعة بقرطبة يخامر بن عثمان الجذامي الجياني مواطنه، ولاّه عبد الرحمن قضاء الجماعة سنة ٢٢٠ فأكثر من هجوه و ذمه و وصفه بالجهل و البله مع السخرية المرة منه و من أحكامه، كقوله في شعر استهله باعتذاره لشخص كلفه عملا لا يحسن أداءه على نحو ما كلّف القاضي يخامر بالقضاء و هو لا يحسنه:
فقلت له كلّفتنى غير صنعتى كما قلّدوا فضل القضاء يخامرا
و قلت لو استعفيت منه فقال لي سأفضح ما قد كان منك مغايرا
فقلت له: رأس الفضوح إقامة علينا كذا من غير علم مكابرا
و خبطك في دين الإله على عمى خباطة سكران تكلّم سادرا (1)
فلن يحمل الصّخر الذّباب و لن ترى ال سّلاحف يزجين السّفين مواخرا (2)
و هو هجاء مقذع ليخامر إذ يصفه بأنه يخبط في قضائه و أحكامه على الناس خبط أعمى لا يبصر، بل خبط سكران فقد عقله و رشده، و يمثله في حمله للقضاء و مهمته الثقيلة التي لا يؤتاها إلا أولو العزم بذباب يطلب إليه أن يحمل صخرا ضخما و بسلاحف يطلب إليها أن تدفع سفنا تشق مياه البحار شقا. و ما يزال يهوّن منه و يزرى به حتى عزله الأمير عبد الرحمن عن القضاء. و كان نصر الصقلي الخصىّ تمكن من الأمير عبد الرحمن غاية التمكن و كان ذلك يؤذي الغزال و كثيرين غيره من الحاشية و كان نصر يسكن بالقرب من مقابر قرطبة، فقال يتوعده عذاب اللّه و جحيمه على ما قدّمت يداه:
أيا لا هيا في القصر قرب المقابر يرى كلّ يوم واردا غير صادر
تراهم فتلهو بالشّراب و بعض ما تلذّ به من نقر تلك المزاهر (3)
سترحل عن هذا و إنك قادم -و ما أنت في شكّ-على غير غافر
و كان الأمير عبد الرحمن ولّى ابنه عبد اللّه من حظيته طروب ولاية العهد، و أخذ في سنة ٢٣6 يفكر في صرفها عنه إلى أخيه محمد لاستهتاره و انهماكه في اللذات، فأغرت طروب نصرا أن يسقيه شربة سم حتى يعجله الموت عن تنفيذ فكرته، و صدع نصر لمشيئتها، و نبّه الأمير عبد الرحمن إلى ذلك، فشكا و عكة في معدته، فأحضر له دواء، فأمره بشربه، و لم يستطع أن يعصى له أمرا، فشربه، و مات، فقال الغزال ملقّبا له بأبي الفتح و متشفيا فيه من قصيدة طويلة:
أغنى أبا الفتح عما كان يأمله حفيرة حفرت بين المقابير
فصار فيها كأشقى العالمين و إن لفّوه بالنّفح في مسك و كافور
و أمر عبد الرحمن بإنزال زرياب مغنيه في قصر نصر بعد موته، فنظم الغزال قصيدة يذكر فيها تقلب الدنيا بأهلها و أن نصرا قد ترك قصره إلى مسكن ليس عليه حجاب سوى التراب، و لم يأخذ معه من كل ما جمعه سوى كفنه أو كما يقول سوى ثلاثة أثواب.
و لعل فيما أسلفنا ما يدل بوضوح على أن الغزال كان صاعقة من صواعق الهجاء المقذع الموجع في زمنه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1) سادرا: غير مبال.
2) مواخر: تمخر البحر أي تشقه.
3) المزاهر جمع مزهر: العود.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|