أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-7-2016
1352
التاريخ: 19-7-2016
2084
التاريخ: 2023-04-19
1656
التاريخ: 27-3-2021
3268
|
الكرَم ضدّ البُخل ، وهو : بذلُ المال أو الطعام ، أو أيّ نفعٍ مشروعٍ عن طيب نفس .
وهو من أشرف السجايا ، وأعزّ المواهب ، وأخلَد المآثر . وناهيك في فضله أنّ كلّ نفيسٍ جليلٍ يوصَف بالكرَم ، ويُعزى إليه ، قال تعالى : {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} [الواقعة : 77] , {وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ } [الدخان : 17] , {وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} [الدخان : 26] .
لذلك أشاد أهل البيت ( عليهم السلام ) بالكرم والكرماء ، ونوّهوا عنهما أبلغ تنويه : قال الباقر (عليه السلام ) : ( شاب سخيّ مرهق في الذنوب ، أحبّ إلى اللّه من شيخ عابد بخيل )(1) .
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( أتى رجلٌ النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) فقال : يا رسول اللّه ، أيّ الناس أفضلهم إيماناً ؟ فقال : أبسطهم كفّاً )(2) .
وعن جعفر بن محمّد عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( السخيّ قريبٌ من اللّه ، قريبٌ من الناس ، قريبٌ من الجنّة , والبخيل بعيدٌ من اللّه ، بعيدٌ من الناس ، قريبٌ من النار ) (3) .
وقال الباقر ( عليه السلام ) : ( أنفِق وأيقن بالخلَف مِن اللّه ، فإنّه لم يبخل عبدٌ ولا أَمَةٌ بنفقةٍ فيما يُرضي اللّه ، إلاّ أنفق أضعافها فيما يُسخِط اللّه ) (4) .
محاسن الكرَم :
لا يسعد المجتمع ، ولا يتذوّق حلاوة الطمأنينة والسلام ، ومفاهيم الدِّعَة والرخاء ، إلاّ باستشعار أفراده روح التعاطف والتراحم ، وتجاوبهم في المشاعر والأحاسيس ، في سرّاء الحياة وضرائها ، وبذلك يغدو المجتمع كالبنيان المرصوص ، يشدّ بعضه بعضاً .
وللتعاطف صور زاهرة ، تشع بالجمال والروعة والبهاء ، ولا ريب أنّ أسماها شأناً ، وأكثرها جمالاً وجلالاً ، وأخلدها ذِكراً هي : عطف الموسرين ، وجودهم على البؤساء والمعوزين ، بما يخفّف عنهم آلام الفاقة ولوعة الحرمان .
وبتحقيق هذا المبدأ الإنساني النبيل ( مبدأ التعاطف والتراحم ) يستشعر المعوزون إزاء ذوي العطف عليهم ، والمحسنين إليهم ، مشاعر الصفاء والوئام والودّ ، ممّا يسعد المجتمع ، ويشيع فيه التجاوب ، والتلاحم والرخاء .
وبإغفاله يشقى المجتمع ، وتسوده نوازع الحسَد ، والحِقد ، والبغضاء ، والكيد .
فينفجر عن ثورة عارمة ماحقة ، تزهق النفوس ، وتمحق الأموال ، وتُهدّد الكرامات .
من أجل ذلك دعت الشريعة الإسلاميّة إلى السخاء والبذل والعطف على البؤساء والمحرومين واستنكرت على المجتمع أنْ يراهم يتضوّرون سُغَباً وحرماناً ، دون أنْ يتحسّس بمشاعرهم وينبري لنجدتهم وإغاثتهم .
واعتبرت الموسرين القادرين والمتقاعسين عن إسعافهم أبعد الناس عن الإسلام ، وقد قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم ) .
وقال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( ما آمن بي مَن بات شبعاناً وجاره جائع ، وما من أهلِ قريةٍ يبيت فيهم جائع ينظر اللّه إليهم يوم القيامة ) .
وإنّما حرّض الإسلام أتباعه على الأريحيّة والسخاء ، ليكونوا مثلاً عالياً في تعاطفهم ومواساتهم ولينعموا بحياة كريمة ، وتعايش سلمي ، ولأنّ الكرم حمام أمن المجتمع ، وضمان صفائه وازدهاره .
مجالات الكرَم :
تتفاوت فضيلة الكرَم ، بتفاوت مواطنه ومجالاته .
فأسمى فضائل الكرم ، وأشرف بواعثه ومجالاته ، ما كان استجابةً لأمر اللّه تعالى ، وتنفيذاً لشرعهِ المُطاع ، وفرائضه المقدّسة ، كالزكاة ، والخُمس ، ونحوهما .
وهذا هو مقياس الكرم والسخاء في عرف الشريعة الإسلاميّة ، كما قال النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( مِن أدّى ما افترض اللّه عليه، فهو أسخى الناس ) (5) .
وأفضل مصاديق البِر والسخاء بعد ذلك ، وأجدرها - عيال الرجل وأهل بيته ، فإنّهم فضلاً عن وجوب الإنفاق عليهم ، وضرورته شرعاً وعرفاً ، أولى بالمعروف والإحسان ، وأحقّ بالرعاية واللطف .
وقد يشذّ بعض الأفراد عن هذا المبدأ الطبيعي الأصيل ، فيغدقون نوالهم وسخاءهم على الأباعد والغرباء ، طلباً للسمعة والمباهاة ، ويتّصفون بالشحّ والتقتير على أهلهم و عوائلهم ، ممّا يجعلهم في ضنك واحتياج مريرين ، وهُم ألصق الناس بهم وأحناهم عليهم ، وذلك من لؤم النفس وغباء الوعي .
لذلك أوصى أهل البيت ( عليه السلام ) بالعطف على العيال ، والترفيه عنهم بمقتضيات العيش ولوازم الحياة :
قال الإمام الرضا ( عليه السلام ) : (ينبغي للرجل أنْ يوسِع على عياله ، لئلاّ يتمنّوا موته) (6).
وقال الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) : ( إنّ عيال الرجل أسراؤه ، فمَن أنعم اللّه عليه نعمةً فليوسع على أسرائه ، فإنْ لم يفعل أوشك أنْ تزول تلك النعمة ) (7) .
والأرحام بعد هذا وذاك ، أحقّ الناس بالبِر ، و أحراهم بالصلة والنوال ، لأواصرهم الرحميّة وتساندهم في الشدائد والأزَمات .
ومن الخطأ الفاضح ، حرمانهم من تلك العواطف ، وإسباغها على الأباعد والغرباء ، ويعتبر ذلك إزدراءً صارخاً ، يستثير سخطهم ونفارهم ، ويَحرم جافيهم من عطفهم ومساندتهم .
وهكذا يجدر بالكريم ، تقديم الأقرب الأفضل ، من مستحقّي الصلة والنوال : كالأصدقاء والجيران ، وذوي الفضل والصلاح ، فإنّهم أولى بالعطف من غيرهم .
بواعِث الكرَم :
وتختلف بواعث الكرم ، باختلاف الكرماء ، ودواعي أريحيّتهم ، فأسمى البواعث غاية وأحمدها عاقبة ، ما كان في سبيل اللّه ، وابتغاء رضوانه ، وكسب مثوبته .
وقد يكون الباعث رغبة في الثناء ، وكسب المحامد والأمجاد ، وهنا يغدو الكريم تاجراً مساوماً بأريحيّته وسخائه .
وقد يكون الباعث رغبةً في نفع مأمول ، أو رهبةً مِن ضرر مخوف ، يحفّزان على التكرّم والإحسان .
ويلعب الحبّ دوراً كبيراً في بعث المُحِبّ وتشجيعه على الأريحيّة والسخاء ، استمالةً لمحبوبه واستداراً واستدراراً لعطفه .
والجدير بالذكر أنّ الكرم لا يجمل وقعه ، ولا تحلو ثِماره ، إلاّ إذا تنزّه عن المنّ ، وصفي مِن شوائب التسويف والمطل ، وخلا من مظاهر التضخيم والتنويه ، كما قال الصادق (عليه السلام) : ( رأيت المعروف لا يصلح إلاّ بثلاث خصال : تصغيره ، وستره ، وتعجيله . فإنّك إذا صغّرته عظّمته عند مَن تصنعه إليه , وإذا ستَرته تمّمته ، وإذا عجّلته هنّيته ، وإنْ كان غير ذلك محقته ونكدته )(8) .
__________________________
1- الوافي : ج 6 , ص 68 عن الكافي والفقيه .
2- الوافي : ج 6 , ص 67 .
3- البحار : م 15 , ج 3 عن كتاب الإمامة و التبصرة .
4- الوافي : ج 6 , ص 68 عن الكافي .عن الكافي .
5- الوافي : ج 6 , ص 67 عن الفقيه .
6- الوافي : ج 6 , ص 61 عن الكافي والفقيه .
7- الوافي : ج 6 , ص 61 عن الكافي والفقيه .
8- البحار : م 16 من كتاب العشرة : ص 116 عن علل الشرائع للصدوق (ره) .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|