أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-6-2016
2499
التاريخ: 1-9-2020
11390
التاريخ: 18-1-2023
1195
التاريخ: 5-4-2017
4598
|
للتحقيق الاداري خصائص وسمات تميزه من غيره من تحقيقات اخرى (1). فخصائص الشيء هي ما اختص به دون غيره فاصبح ميزة له ، وخصائص التحقيق الاداري تنبع من الطبيعة الخاصة للتأديب الاداري باعتباره تحقيقاً يجري مع موظف عام حصرا. وسيكون موضوع المقارنة التحقيق الجنائي الذي يجري مع الشخص بمناسبة ارتكابه جريمة جنائية وهذا الشخص مثلما يكون فردا عاديا فانه قد يكون موظفا عاما ، لابل ان التحقيق الجنائي قد يحل محل التحقيق الاداري كما هو الحال في مصر(2). وبذلك فان للتحقيق الاداري سمات وخصائص يمكننا ان نجملها في نقاط تمثل خطوطا عامة دون الخوض في جزئيات البحث لان ما سنغفل ذكره لا يعدو ان يكون نتيجة لما سنتطرق اليه وكما يأتي :
أولا: اقتصار موضوعه على الموظف العام :
فالتحقيق الاداري يتم مع الموظف العام حصرا وهو على خلاف التحقيق الجنائي الذي يتم مع الاشخاص وبشكل مطلق (موظفين وغير موظفين) (3). .
ثانيا : غايته كشف المخالفة التأديبية :
فالغاية من تحريك الاجراءات التأديبية والتي تبدأ بالتحقيق هو الكشف عن المخالفة التأديبية ، اما التحقيق الجنائي فان الغاية من اجرائه هي كشف الجريمة الجنائية فموضوع التحقيق يختلف في كلا القانونين (الجريمة الجنائية والمخالفة التأديبية) لذلك فان الغاية (وهي الكشف عن الجريمة أو المخالفة ) تختلف تبعا لذلك (4) .
ثالثا : تشكيل لجنة تحقيقية :
أوضحت المادة العاشرة من قانون انضباط موظفي الدولة العراقي النافذ الجهة القائمة بالتحقيق والتي تكون على شكل لجنة تحقيقية مؤلفة من ثلاثة اعضاء ، وهذا على خلاف التحقيق الجنائي الابتدائي الذي يقوم به المحقق الفرد سواء كان قاضي تحقيق أم محققاً (5). .
رابعا : عدم مساس نتائجه بحياته أو حريته:
التحقيق الاداري لا تترتب عليه نتائج خطيرة فأقصى عقوبة يمكن فرضها على الموظف هي انهاء خدمته بالعزل وهي لا تصيب الموظف في حياته أو حريته ، كما هو الحال في الجنائي (6). انما تصيب الموظف في مزايا وظيفته أو في مركزه الوظيفي ، وتترتب على ذلك نتيجة مهمة وهي ان استجواب الموظف في التحقيق الاداري لا يتوقف على ارادته فان هو رفض ذلك فانه يكون قد اقام الحجة على نفسه فضلا عن تفويته فرصة الدفاع(7).اما في نطاق التحقيق الجنائي فان استجواب الشخص يجب ان يكون برضائه فان رفض اجراء الاستجواب فذلك حق له ولا يعتبر حجة ضده لما يترتب على التحقيق الجنائي من نتائج خطيرة تمس الشخص في بدنه وحريته (8).
خامسا : سعة اساسه القانوني :
اجراءات التحقيق الاداري قد تجد اساسها في العرف احيانا نتيجة لعدم تقنين القانون الاداري (9).، كما انها قد تجد اساسها في القرارات التنظيمية (10).(اللوائح) ، وهذا ما لا نجده في التحقيق الجنائي لما يترتب على التحقيق الجنائي من نتائج خطيرة ولخضوعه لمبدأ الشرعية الاجرائية (11).
سادسا : السرعة (12). :
نظرا إلى الطابع الخاص للعمل الاداري وهو السرعة في اتمام الاجراءات اعمالا لمبدأ حسن سير المرفق العام بانتظام واطراد ، فان التحقيق الاداري مثله مثل كل هذه الاجراءات بل انه اكثر حاجة لان تحسم اجراءاته على وجه السرعة لتعلقه بموظف عام يمثل التحقيق بالنسبة اليه عقبة تعترض حياته الوظيفية ، فوضعه النفسي قلق في اثناء التحقيق بل ان وضعه المادي قد يتزعزع ان سحبت يده من العمل وما يمثله ذلك من اسباب توجب الاسراع في حسم التحقيق ، وهذا يتم على ارض الواقع بصورة عامة وهو ما يختلف عن اجراءات التحقيق الجنائي التي غالبا ما تستغرق زمنا طويلا لكي تحسم ، نتيجة لغموض الجرائم وتشعبها خاصة الجنايات وبطء الاجراءات الجنائية التي تتطلبها طبيعة العمل الجنائي من أجل الوقوف على حقيقة التهمة (13) .
سابعا : التوصية :
النتيجة التي تتوصل اليها اللجنة التحقيقية في ظل القانون العراقي النافذ تكون على شكل توصيات مسببة ، وليست قرارا اداريا (14). اما التحقيق الجنائي فان ما يصدر عنه يكون قراراً قد يؤدي إلى حسم القضية ان لم يحلها إلى المحاكم المختصة (15) .
ثامنا : الاستقلالية :
التحقيق الاداري - وبالرجوع إلى القاعدة العامة التي تقضي باستقلال القانون التأديبي (القانون الذي ينظم مسألة تأديب الموظف عند ارتكابه مخالفة تأديبية وعندنا في العراق هو قانون انضباط موظفي الدولة النافذ عن القانون الجنائي فلكل منهما ذاتيته التي تميزه من الآخر - مستقل عن التحقيق الجنائي ، فالاخير لا يوقف التحقيق الاداري ولا يحل محله بصورة عامة (16).
تاسعا : القصور :
واجراءات التحقيق الاداري ينتابها القصور ككل الاجراءات التأديبية لذلك فانها تحتاج إلى مصادر مكملة خارج مصادر الشروعية الادارية وهي قانون المرافعات وقانون الاجراءات الجنائية (قانون اصول المحاكمات التأديبية) ، وهذا ما يختلف عن التحقيق الجنائي الذي يعتمد على اجراءات مقننة على وفق نصوص قانونية دون الالتفات إلى اية مصادر تكميلية اخرى (17) .
عاشرا : صعوبة مهام المحقق الاداري :
"الحكم على الادارة يعني ادارة (18).Juger Ladminstration est encore administrer
مبدأ عبر به الفقه الفرنسي عن الكيفية التي يجب ان يكون عليها القاضي الاداري من خبرة ودراية بشؤون الادارة وخفاياها ، من أجل اتقان الدور الموكول اليه الذي يأتي من وراء الخصوصية التي يتسم بها النظام التأديبي ، وهي ان كل العقوبات التأديبية مقننة ومعظم الجرائم التأديبية غير مقننة ولاختفاء النسبة والتلازم ما بين الجريمة والعقوبة فان مهمة المحقق الاداري تزداد صعوبة وخطورة لانه يكيف الفعل اولا ثم يوازن بين الفعل والعقوبة لاختيار العقوبة الملائمة (19). وهذا الامر غير موجود في مجال التحقيق الجنائي لخضوعه للمبدأ القائل (لا جريمة ولا عقوبة الا نص) (20) .
حادي عشر : عبء الاثبات (21). :
المخالفات التأديبية توصف بأنها (جرائم مستندية) (22). فغالبا ما تنصب هذه المخالفات في محل مكتوب وبذلك فان الادارة تستطيع اثبات صحة ما تدعيه من خلال الوثائق والمستندات التي بحوزتها ، الامر الذي ينقل عبء الاثبات إلى الطرف الثاني (الموظف) بسهولة ويسر وهذا ما يجري غالبا(23) . اما في المجال الجنائي فان على المدعي اثبات صحة ادعائه(24). ولعدم توافر الصفة الكتابية في الكثير من الجرائم لذلك فان على جهة التحقيق الجنائي اثبات صحة ما تدعيه من خلال ادلة الاثبات الاخرى (غير الكتابة) وهذا ما يمثل عملية اكثر صعوبة لنقل عبء الاثبات إلى الطرف الثاني (المتهم).
ثاني عشر : ضمانات الموظف :
ضمانات الموظف اثناء التحقيق الاداري قد لا تكون على نفس مستوى الضمانات التي يكفلها المشرع في النطاق الجنائي ، ففي النظام الرئاسي مثلا يجمع الرئيس الاداري بين يديه سلطتي الاتهام والحكم غالبا وهذا ما يمثل اغفالا لضمانة مهمة وهي الحيدة عكس ما عليه الحال في المجال الجنائي الذي يفصل فيه المشرع دائما بين هاتين السلطتين .
__________________________
1- إذ ان هناك من التحقيقات ما تسمى بالادارية كما هو الحال في انكلترا التي تجري تحقيقاً ادارياً مع المواطنين العاديين للاطلاع على آرائهم بصدد انشاء مشروع معين في مكان وجود هؤلاء المواطنين (أي تستفتي هؤلاء المواطنين) . انظر :
Dr. Mohamed H. A., The Role of Public inquirise as an Instrument of Government in Britain.
بحث منشور باللغة الانكليزية في مجلة القانون والاقتصاد ، عدد 2 ، س43، لعام 1973 ، مطبعة جامعة القاهرة ، ص81 ، وما بعدها.
2- حكم المحكمة الادارية العليا المرقم 22 في 22/1/1977 ، مجموعة المبادئ في 15 عاما ، 1965- 1980 ، ج2 ، الباب العاشر – التأديب – الفصل الاول – التحقيق ، ص1681 .
3- د. علي خليل ابراهيم ، المصدر السابق ، ص 18 . كذلك انظر : د. فهمي عزت ، سلطة التأديب بين الادارة والقضاء (دراسة مقارنة) ، مطبعة اطلس ، القاهرة ، دون سنة طبع ، ص46 وما بعدها .
4- د. علي خليل ابراهيم ، المصدر اعلاه ، ص19 .
5- م (52 / أ ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية النافذ المرقم 23 لسنة 1971 .
6- Francis Delepree: L’ elaboration du droit Disciplinaire de La fahction publique Librairie general de droit et de Jurisprudence, paris, 1969, p. 100.
7- بل ان رفض الموظف في فرنسا الاجابة على الاسئلة يعتبر اعترافا ضمنيا بالتهمة الموجهة وخطأ تأديبيا يستحق الموظف عليه الجزاء ، انظر : د. ماهر عبد الهادي ، المصدر السابق ، ص268 .
8- د. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر ، المصدر السابق ، ص167 وما بعدها . كذلك انظر : د. نواف كنعان ، القانون الاداري الاردني ، الكتاب الثاني ، ط1 ، مطابع الدستور التجاري ، 1996 ، ص175 .
9- د. علي محمد بدير ود. عصام عبد الوهاب البرزنجي ود. مهدي ياسين السلامي ، المصدر السابق ، ص48 وما بعدها .
10 د. ماهر صالح علاوي الجبوري ، المصدر السابق ، ص152 وما بعدها .
11- للمزيد من التفصيل انظر : د. احمد فتحي سرور ، الشرعية والاجراءات الجنائية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 1977، ص133 وما بعدها. كذلك انظر حسن يوسف مصطفى مقابلة ، الشرعية في الاجراءات الجزائية - دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون في جامعة بغداد ، 2000 ، ص61 وما بعدها.
12- والسرعة من خصائص الاجراءات الادارية عموما ، انظر : د. حسن السيد بسيوني ، دور القضاء في المنازعة الادارية ، مطابع دار الشعب ، القاهرة ، 1981 ، ص213 .
13- د. حسين حمودة المهدوي ، شرح احكام الوظيفة العامة ، طبعة اولى ، المنشأة العامة للنشر والتوزيع والاعلان ، طرابلس ، ليبيا ، 1986 ، ص287 وما بعدها .
14- المادة العاشرة (ف2) من قانون الانضباط العراقي النافذ التي تقول (.. مع توصياتها المسببة …) .
15- م 130 من قانون اصول المحاكمات الجزائية العراقي النافذ رقم 23 لسنة 1971 .
16- حكم المحكمة الادارية العليا في 27/12/1958 ، س4 ق ، ص458 وحكمها في 7/1/1967 وقرارات اخرى وردت الاشارة اليها في مؤلف د. ماهر عبد الهادي ، المصدر السابق ، ص259 . الا ان هذا الاستقلال لا يعني الانفصال التام بين القانونين فثمة ارتباط وتأثير متبادل بينهما ، للمزيد من التفصيل راجع د. محمد عصفور ، نحو نظرية عامة في التأديب ، مطبعة الاستقلال الكبرى ، 1967 ، ص289. كذلك د. عبد القادر الشيخلي ، القانون التأديبي وعلاقته بالقانونين الاداري والجنائي – دراسة مقارنة ، ط1 ، دار الفرقان للنشر والتوزيع ، عمان ، 1983 ، ص21 وما بعدها .
17- د. سليمان محمد الطماوي ، المصدر السابق ، ص 547 وما بعدها . كذلك د. علي خليل ابراهيم ، المصدر السابق ، ص30.
18-Chapqus R. Droit adminstratif general. Qe edition T.1 Montchestion, 1995, p.676.
19- د. ماهر عبد الهادي ، المصدر السابق ، ص250-251 ، كذلك انظر : د. عبد القادر الشيخلي ، المصدر السابق ، ص14 –15 .
20- د. علي خليل ابراهيم ، المصدر اعلاه ، ص31 وما بعدها .
21- عبء الاثبات يقع على المدعي سواء كانت الادارة أو غيرها ، د. احمد كمال الدين موسى ، نظرية الاثبات في القانون الاداري ، مؤسسة دار الشعب ، القاهرة ، 1977 ، ص589 وما بعدها.
22- فتعتبر (الاوراق أو المستندات الكتابة هي الدليل الرئيس للاثبات في القانون الاداري ، وعرف القاضي الاداري انه قاضي اوراق بالدرجة الاولى ) ، د. احمد كمال الدين موسى ، طبيعة المرافعات الادارية ومصادرها ، بحث منشور في مجلة العلوم الادارية ، عدد 1 ، يونيه 1977 ، ص18 .
23- أشار إلى هذا المعنى حكم المحكمة الادارية العليا المصرية رقم 1571 ، سنة 30ق – في 27/2/1988 ، منشور في الموسوعة الادارية الحديثة ، المصدر السابق ، ج25 قاعدة رقم (4) ، ص104 . بل ان هناك رأي في الفقه يذهب إلى ان عبء الاثبات يكون على عاتق الموظف باعتبار ان عمل الادارة يوصف دائما بالصحة (صحة التصرفات الادارية) ، للمزيد من التفصيل انظر : د. عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر ، المصدر السابق ، ص336 وما بعدها.
24- على اساس ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته فلا يقع عليه عبء اثبات براءته المفترضة بل على من يدعي العكس اثبات صحة ادعائه ، للمزيد من التفصيل انظر : د. محمد محي الدين عوض، قانون الاثبات بين الازدواج والوحدة في الجنائي والمدني في السودان ، بحث منشور في مجلة القانون والاقتصاد ، ع1 ،1967 ، ص37 ، ص395 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|