أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-6-2018
3687
التاريخ: 2023-10-16
1189
التاريخ: 30-5-2016
5723
التاريخ: 29-8-2020
3481
|
تكمن خصوصية العقد الطبي من غيره من العقود بأن محله هو جسم الإنسان ولما لهذا الجسد من حرمة ومعصومية، فلا يجوز المساس به إلا لضرورة العلاج أو الحاجة إليه لأن الحق في الحياة، والحق في السلامة الجسدية هما من الحقوق التي يجتمع فيها حق الله تعالى وحق العبد، فضلاً عن هذا فان العلاقة التي تنشأ بين الطبيب والمريض هي علاقة غير متكافئة، فالطبيب مهني على درجة عالية من المعرفة والتخصص الفني والمريض شخص يجهل ما يتعلق بالمرض(1).أو بفن العلاج ومما يزيد من حدة عدم التكافؤ هو أن أحد طرفي العقد وهو المريض يعاني من علة جسدية أو نفسية أو عقلية يلجأ إلى الطبيب بحثاً عن العلاج. كما أن العلاقة بين الطبيب والمريض تقوم على الثقة، وليس من مقتضى هذه الثقة أن يوقع المريض لطبيبه على بياض ليفعل به ما يشاء، إنما هي ثقة متبادلة تفرض المصارحة والتعاون المثمر بين طرفي العقد فمتى شعر المريض بأن الطبيب يخفي عنه شيئاً أو يتعمد أن يكذب عليه فقد الثقة به، ويُّولد هذا في نفس المريض شعوراً باليأس والإحباط أو يدفعه ذلك إلى تغيير طبيبه والانتقال إلى طبيب آخر غيره يكشف له عن حقيقة علته. إذاً للعقد الطبي طرفان المريض (أو مَنْ ينوب عنه) والطبيب، ويرد هذا العقد على جسم الإنسان ويقوم على الثقة بين طرفيه غير المتكافئين وأن غالبية التشريعات الخاصة محل المقارنة لم تضع تعريفاً للعقد الطبي وحتى غالبية الفقهاء المختصين بهذا الجانب لم يضعوا تعريفاً للعقد محل البحث، وإنما سلطوا الضوء على تعريف العمل الطبي عموماً، وسوف نستعرض ذلك في هذا المطلب كي نصل من خلاله إلى وضع تعريف ملائم للعقد الطبي. فقد عرف جانب من الفقه(2). العمل الطبي بأنه: "العمل وفق العلم المختص بأحوال بدن الإنسان ونفسه لحفظ حاصل الصحة واسترداد زائلها".في حين عرفه جانب آخر من الفقهاء(3).بأنه: "كل نشاط يرد على جسم الإنسان أو نفسه ويتفق في طبيعته وكيفيته مع الأصول العلمية والقواعد المتعارف عليها نظرياً وعلمياً في علم الطب ويقوم به طبيب مصرح له قانوناً به يقصد الكشف عن المرض وتشخيصه وعلاجه لتحقيق الشفاء أو تخفيف آلام المرض والحد منها أو منع المرض أو بهدف المحافظة على صحة الأفراد أو تحقيق مصلحة اجتماعية شريطة توافر رضاء من يجري عليه هذا العمل". فعلى الرغم من وجاهة التعاريف السابقة إلا أنها تبقى محل نظر وذلك لأن التعريف الأول جاء مقتضباً دون توضيح، أما التعريف الثاني فمع وجاهته لما أشار إليه من تفاصيل في ضرورة ملاءمة العمل الطبي للأصول العلمية النظرية والعملية وتحديده لمراحل العمل الطبي فحصاً وتشخيصاً وعلاجاً من أجل تحقيق الغاية المرجوة وهي شفاء المريض أو التخفيف من حدة الألم أو منع الإصابة بالأمراض أو المحافظة على صحة المجتمع بأسره، وهذا كله يجب أن يكون مقروناً برضاء من يجري عليه العمل الطبي، إلا أنه يبقى محل نظر لأنه جاء بصيغة الشرح للتعريف وليس تعريفاً، كما أن الغاية من العمل الطبي تعدّ أمراً بدهياً ولانجد ضرورة للإشارة اليها. وبناءً على ما تقدم، ومن أجل إعطاء تعريف ملائم للعمل الطبي لابد من الأخذ بنظر الاعتبار العناصر الآتية فيه:
1. تحديد طبيعة النشاط أو العمل الطبي بأنه يرد على جسم الإنسان أو نفسه.
2. موافقة العمل الطبي لأصول مهنة الطب، وهذا أمرٌ لابد منه لأن مخالفة العمل لأصول مهنة الطب تخرجه عن أن يكون عملاً طبياً.
3. تحديد المراحل التي قد يمر بها العمل الطبي بالفحص أو التشخيص أو العلاج وهذا لايعني أن العمل الطبي لايتم إلاّ بهذه المراحل مجتمعة فقد يكون العمل الطبي فحصاً أو تشخيصاً أو علاجاً وهكذا.
4. اشتراط رضاء المريض أو من ينوب عنه بالعمل الطبي، وهذا هو أهم عنصر من عناصر العمل الطبي لأنه لايمكن ممارسة أي عمل طبي على المريض إلا برضاه أو برضا منْ ينوب عنه لأن الرضاء شرط من شروط ممارسة العمل الطبي وأساس من أسس مشروعيته، وانتفاؤه يقيم المسؤولية على الطبيب كأصل عام.فمن خلال مراعاة هذه العناصر يمكننا تعريف العمل الطبي بأنه: كل عمل يرد على جسم الإنسان أو نفسه برضاه المستنير أو برضاء من ينوب عنه وفقاً للأصول العلمية والقواعد المتعارف عليها بقصد الكشف عن المرض أو تشخيصه أو علاجه. وبعد أن حددنا ماهية العمل الطبي يمكننا أن نصل إلى تعريف ملائم للعقد الطبي بأنه: عقد بين الطبيب والمريض أو من ينوب عنه، محله جسم الإنسان يلتزم بمقتضاه الطبيب بفحص المريض أو تشخيص علته أو علاجه بعد الحصول على رضاه الحر المستنير بمقابل أو دون مقابل وفقاً للأصول العلمية والمهنية. إن التعريف المقترح جاء بصيغة ملائمة وذلك للأسباب الآتية:
1. أنه حدد طرفي العقد الطبي بالأطباء المخولين قانوناً حصراً وبالمرضى.
2. أنه أدرج العقد الطبي ضمن العقود التي تقوم على الاعتبار الشخصي، فأضفى عليه خصوصية تميزه من غيره من العقود، بايراده على جسم الإنسان ولما لهذا الجسد من معصومية أقرتها الأديان السماوية والقوانين الوضعية.
3. حدد طبيعة التزام الطبيب، لأن الأصل في التزامه بموجب العقد الطبي هو ببذل عناية واستثناءً يكون بتحقيق غاية.
4. كما أشار إلى أطراف العقد الطبي الذي يجري في الغالب بين الطبيب والمريض، لكن في الأحوال التي يكون فيها المريض صغيراً، أو فاقداً لوعيه، أو مصاباً بعاهة تمنعه من التعبير عن إرادته، ففي هذه الفروض يبرم العقد بين الطبيب ومَنْ ينوب عن المريض كالولي أو الوصي أو الأقارب أو الأشخاص المقربين منه.
5. فرضَ التزاماً ضرورياً على عاتق الطبيب وهو الحصول على رضا المريض أو رضا مَنْ ينوب عنه رضاءاً حراً مستنيراً، هذا الرضا الذي هو بمثابة نزول المريض عن الحصانة التي يقررها القانون لسلامته فبموجبه تنتفي عن العمل الطبي صفة الاعتداء على حق يحميه القانون فيغدو بذلك فعلاً مباحاً.
6. مقابل التزامات الطبيب نحو مريضه، يفرض العقد الطبي التزامات أخرى على المريض نحو طبيبه وإحدى هذه الالتزامات هو المقابل الذي يحصل عليه الطبيب من مريضه، إلا أن هذا ليس مطلقاً فقد يقوم الطبيب بتنفيذ التزاماته نحو المريض دون مقابل(4).
________________________________
- تطلق على المرض ألفاظ أخرى كلفظ الاعتلال (Sickness) أو السقم (Disease) ، ينظر:
- د. هشام ابراهيم الخطيب و د. عماد ابراهيم الخطيب و د. العبد عبد القادر العكايلة، الطبيب المسلم وأخلاقيات المهنة، مكتب الجامعة الأردنية، عمان، 1989، ص35.
2- د. قيس بن محمد آل الشيخ مبارك، التداوي والمسؤولية الطبية في الشريعة الإسلامية، مكتبة الفارابي، ط1، سوريا- دمشق، 1991، ص44.
3- د. أحمد السعيد الزقرد، الروشيتة (التذكرة) الطبية بين المفهوم القانوني والمسؤولية المدنية للصيدلي- دراسة مقارنة، بدون مكان طبع، 1993، ص4.
وبالمعنى نفسه تقريباً: د. محمود نجيب حسني، أسباب الإباحة في التشريعات العربية، محاضرات لقسم الدراسات القانونية، دون مكان طبع، 1962، ص114؛ د. أسامة عبدالله قايد، المسؤولية الجنائية للأطباء، دار النهضة العربية، ط2، دون مكان طبع، 1990، ص259؛ د. محمود محمد عبد العزيز الزيني، مسؤولية الأطباء، دون مكان طبع، 1993، ص176.
4- لمزيد من التفصيل حول الأجرة، يراجع:
- د. أسعد عبيد عزيز الجميلي، الخطأ في المسؤولية الطبية المدنية- دراسة مقارنة، أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون، جامعة بغداد، 1991، ص52.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل شيوخ ووجهاء عشيرة البو بدري في مدينة سامراء
|
|
|