المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

قياس المعنى
2-9-2017
Mean-Value Property
24-5-2018
اغراض علم التصريف
17-02-2015
نظريات نشأة الدول- النظريات الحديثة عن الدول- النظرية الوظيفية
20-12-2021
اسماء الإشارة
23-12-2014
Urbanization in the South
2024-03-25


حجّة الوداع  
  
3497   06:01 مساءاً   التاريخ: 12-5-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسن دراسة وتحليل
الجزء والصفحة : ج2, ص71-74.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله بعد الهجرة /

لما أيقن النبيّ (صلى الله عليه واله) بقرب انتقاله إلى دار القدس رأى لزاما عليه أن يحجّ البيت الحرام ويضع الخطوط السليمة لنجاة امّته من الفتن وتطوير حياتها وسيادتها على بقيّة الامم وإنّ أضمن مكان لذلك هو البيت الحرام فحجّ لهذا الغرض حجّته الأخيرة الشهيرة بحجّة الوداع وذلك في السنة العاشرة من الهجرة. وأعلن بين الوافدين للحجّ أنّ التقاءه بهم في عامهم هذا هو آخر عهدهم به قائلا : إنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا .

وفزع الحجّاج وذهلوا فقد طاقت بهم موجات من الهموم وراحوا يقولون : النبيّ ينعي نفسه ومضى النبيّ يضع المناهج السليمة التي تضمن سعادتهم في الدارين قائلا : أيّها النّاس! إنّي تركت فيكم الثّقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي , التمسّك بكتاب الله والعمل بما فيه والولاء للعترة الطاهرة والأخذ بما أثر عنهم هما الضمان لنجاة هذه الامّة وسلامتها من الزيغ والانحراف.

ولمّا أنهى النبيّ (صلى الله عليه واله) مراسيم الحجّ وقف عند بئر زمزم وأمر ربيعة بن خلف فوقف تحت راحلته وأمره أن يبلّغ الحجّاج ما يقوله فقال : يا ربيعة قل : أيّها النّاس إنّ رسول الله يقول لكم : لعلّكم لا تلقوني على مثل حالي هذه أتدرون أيّ بلد هذا؟

أتدرون أيّ شهر هذا؟

أتدرون أيّ يوم هذا؟ فهتفوا جميعا : نعم هذا البلد الحرام والشهر الحرام واليوم الحرام .

وأخذ النبيّ (صلى الله عليه واله) يتلو عليهم المبادئ الكريمة والمثل القيّمة قائلا : إنّ الله حرّم عليكم دماءكم وأموالكم كحرمة بلدكم هذا وكحرمة شهركم هذا وكحرمة يومكم هذا , ألا هل بلّغت؟ فأجابوا جميعا : نعم ؛ ثمّ أخذ النبيّ (صلى الله عليه واله) يعرض على الحجّاج الأحكام التي يلزمون برعايتها وتنفيذها قائلا : اللهمّ اشهد واتّقوا الله ولا تبخسوا النّاس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين فمن كان عنده أمانة فليؤدّها , النّاس في الإسلام سواء طفّ الصّاع لآدم وحوّاء لا فضل لعربيّ على أعجميّ ولا لأعجميّ على عربيّ إلاّ بتقوى الله ؛ ألا هل بلّغت؟ .

وانبروا جميعا قائلين : نعم .

وأخذ النبيّ (صلى الله عليه واله) يتلو عليهم معالم دينه القويم قائلا : اللهمّ اشهد لا تأتوني بأنسابكم واتوني بأعمالكم فأقول للنّاس : هكذا ولكم هكذا ألا هل بلّغت؟ .

قال : نعم ؛ ثمّ واصل الرسول (صلى الله عليه واله) بيان الأحكام التي يجب الأخذ بها قائلا : اللهمّ اشهد كلّ دم كان في الجاهليّة موضوع تحت قدمي وأوّل دم أضعه دم آدم بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب ألا هل بلّغت؟.

قال : نعم ؛ فقال (صلى الله عليه واله) : اللهمّ اشهد وكلّ ربا كان في الجاهليّة موضوع تحت قدمي وأوّل ربا أضعه ربا العبّاس بن عبد المطّلب ألا هل بلّغت؟ .

قالوا : نعم .

فقال :اللهمّ اشهد , أيّها النّاس إنّما النسئ زيادة في الكفر يضلّ به الّذين كفروا يحلّونه عاما ويحرّمونه عاما ليواطئوا عدّة ما حرّم الله.

أوصيكم بالنّساء خيرا فإنّما هنّ عوار عندكم لا يملكن لأنفسهنّ شيئا وإنّما أخذتموهنّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنّ بكتاب الله ولكم عليهنّ حقّ ولهنّ عليكم حقّ : كسوتهنّ ورزقهنّ بالمعروف ولكم عليهنّ أن لا يوطئن فراشكم أحدا ولا يأذنّ في بيوتكم إلاّ بعلمكم وإذنكم  ألا هل بلّغت؟ .

قالوا : نعم ...

قال : اللهمّ اشهد فأوصيكم بمن ملكت أيمانكم فأطعموهم ممّا تأكلون ألا هل بلّغت؟.

قالوا : نعم .

قال : اللهمّ اشهد , إنّ المسلم أخو المسلم لا يغشّه ولا يخونه ولا يغتابه ولا يحلّ له دمه ولا شيء من ماله إلاّ بطيب منه ألا هل بلّغت؟.

قالوا  : نعم , ويستمرّ النبيّ (صلى الله عليه واله) في تأسيس المناهج التربوية والأخلاقية والاجتماعية وما يسعد به الإنسان في دنياه وآخرته ثمّ يختتم خطابه الرائع بقوله : لا ترجعوا بعدي كفّارا مضلّلين يملك بعضكم رقاب بعض إنّي خلّفت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ألا هل بلّغت؟ .

قالوا : نعم .

قال : اللهمّ اشهد , إنّكم مسئولون فليبلّغ الشّاهد منكم الغائب .

وانتهى هذا الخطاب الحافل بجميع القيم الاجتماعية والسياسية التي تسمو بها امّته وتتحقّق لها السيادة على شعوب العالم وامم الأرض , وقد ختم الرسول (صلى الله عليه واله) بأهمّ وصيّة له وهي لزوم التمسّك بكتاب الله العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه والتمسّك بالعترة الطاهرة لتكون لها القيادة العامّة لامّته على مسرح حياتها السياسية والاجتماعية .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.